)يدعي الذين يستعملون دم الحيوان، شربا أو أكلا، أنه مفيد في معالجة عوز الدم (فقر الدم أو الأنيميا)، وهم مخطئون، لأن الحديد هنا حديد عضوي، أي أنه أقل وأبطأ امتصاصا في الأمعاء من الحديد اللاعضوي... فلا ضرورة إذن لاستعمال الدم كمصدر للحديد في حالات عوز الدم عند الإنسان، خصوصا وأن الحديد اللاعضوي ليس عسيرا على أن يحصل عليه، بل توجد مواد صيدلانية توفر له ما يريد. هذا، إضافة إلى أن بروتينات المصل توجد بنسبة ضئيلة إذ تبلغ نسبة الألبومين والجلوبين والفيبرينوجين ( وهو مولد الفيبرين أي اللفين)، 7 جرام/100 مللي ليتر من الدم في المتوسط... ثم إن خضاب الدم، أي هيموجلوبينه أو يحموره، يعد بروتينا عسر الهضم، وقد أشرنا إليه فيما سبق... (3)إذا تناول الإنسان كمية متوسطة من الدم، فإنها قد تؤدي إلى حدوث اختلال ومرض دماغي يحدث على إثره سبات أو إغماء يعقبه الموت...تجري هذه الأحداث نتيجة ارتفاع نسبة البولة الدموية، وذلك بعد ما يتم حدوثه أيضا للبروتينات الموجودة في الدم. وتتفاعل الجراثيم والميكروبات الموجودة في معدة الإنسان مع الدم المشروب (أو المأكول) وتنتج عن ذلك أحماض أمينية ضارة ومركبات نشادرية سامة. تدخل هذه الأحماض والمواد إلى الدورة الدموية، ثم عن طريق الوريد البابي تدخل إلى الكبد، فتؤدي إلى انخفاض أدائه الوظيفي. كما تدخل هذه الأحماض إلى الدماغ (المخ) فتؤثر في خلاياه تأثيرات ضارة، تتدرج من الخمول وفقدان الوعي، إلى الذهول، والغيبوبة، ثم الموت.
|
صور لأبقار تم قتلها بالصعق الكهربائي في إحدى المسالخ |
|
صورة لبقرة يتم قتلها بالصعق الكهرباء |
(4)إذا تناول الإنسان دم حيوان، فإن يحموره (هيموجلوبينه) يخضع لعملية هضم، فيتحلل إلى جلوبين وهيماتين، ويتحد هذا الأخير مع مركب، أو يتحول إلى مركب جديد، وهو المركب الذي يتحد مع بروتينات دم الإنسان فيوقف عملها، فلا تؤدي وظائفها الحيوية الضرورية للجسم...!! وقد يدخل جزء من يحمور الدم المشروب كما هو على هيئته الأصلية إلى الدورة الدموية للإنسان، ويصل إلى الكلى ويتحول فيها إلى مركب يؤدي إلى حدوث هبوط في وظائف الكلى..!!
(5)أشرنا في بدايات كلامنا عن الدم إلى صلاحيته كوسط لنمو أنواع كثيرة من الجراثيم والميكروبات، لدرجة أنه يستخدم في المعامل (المختبرات) لصنع المزارع الدموية والحصول على "مستعمرات" ، أي جماعات جرثومية. ونضيف هنا أن العديد من السموم وثاني أكسيد الكربون والكرياتينين واليوريا، وحمض اليوريا (البول)، والمواد الضارة الناتجة عن الأيض (الاستقلاب) وغيرها، يتناولها الإنسان في الدم الذي يشربه أو يأكله، فتمتص هذه المواد ، وترتفع مستوياتها في الجسم... فتصور كم من الأمراض يمكن أن تصيب الإنسان...!! ومن المصادر العديدة للجراثيم التي تنمو في الدم كوسط غذائي ملائم لها: السكين (أو أداة الذبح)، والإنسان نفسه (الجزّار أو القصّاب) ، والآنية التي يوضع فيها الدم، والحشرات المترممة أو الماصة للدم، والهواء، وقد يكون الحيوان ذاته مصابا بمرض جرثومي...
(6)يحتوي دم الحيوان مضادات، يتفاعل معها الجسم ليولد الأجسام المضادة (أو الأجسام الضدية)، وقد يؤدي شرب الدم، وخصوصا إذا تكرر، إلى تفاعل هذه المضادات مع الأجسام الضدية، فيؤدي هذا إلى حدوث حساسية شديدة.
(7)هناك عامل نفسي، إضافة إلى كل ما أسلفناه، يجب أن يدركه الإنسان العاقل جيدا في تحريم الإسلام لتناول دم الحيوان، ذلك هو التشبه بالوحوش في شرب الدماء، فكيف بالإنسان يتصور نفسه وهو يشرب كوبا من الدم على المقهى مثلا... إن هذا يتنافى مع الفطرة السليمة والنفس السوية.... وبالرجوع إلى الآية القرآنية الكريمة : ( قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (145) ) [سورة الأنعام] ، يتضح أن المحرّم هو الدم المسفوح، أما القليل من الدم الذي يظل عالقا باللحم، فغير داخل في التحريم، لعدم إمكانية التحرز منه، وعدم تحقق الضرر فيه...
هذا، وإن كنا قد تحدثنا عن المخاطر الصحية والأضرار الطبية لشرب أو تناول الدم سائل، فإن الإنسان قد يتناوله في شكل غير سائل حين يأكل لحما ذبح بطريقة تؤدي إلى احتباس الدم بشعيراته الدموية، فإن هذا الدم يتجمد وينقل إلى الإنسان ما شرحناه مختصرا في الفقرات السابقة... والدول غير الإسلامية لا تبغي من وراء ذلك - غالبا – سوى تحقيق أكبر عائد وأرباح تجارية، إذ يزن دم كل ذبيحة عدة كيلوجرامات، إذ تمثل كمية الدم 1/13 من وزن الحيوان ، تقريبا، فلو كان وزن الحيوان 400 كيلوجراما مثلا، فإن الجهة المصدرة ستربح (400 × 1/13) 30 كيلوجراما، تقريبا، إذا صدرت الذبيحة بدمها، وإذا ذبح الحيوان بالطريقة الإسلامية فإنه يفقد 2/3 دمه ،، تقريبا، ويتبقى الثلث الأخير، وهو في الغالب غير ضار.
والذبح غير الإسلامي يؤدي إلى استنزاف 8 كيلوجرامات على الأكثر من كل ذبيحة، فالذبح الإسلامي إذن سيؤدي إلى خسارة تجارية قدرها 12 كيلوجرامات للمتعهد، فإذا احتوى الطن الواحد ثماني حيوانات بعظامها، فإن المتعهد سيخسر (8 ×12) 96 كيلوجراما، وإذا صدّر صفقة قوامها 500 طنا مثلا، فإنه سيخسر (5000 × 96) 480000 كيلوجراما ، ولك بعد ذلك أن تتصور حجم الخسارة بالدولار، حسب سعر اللحوم العالمي، إذا طبق النظام الإسلامي في المذابح والمسالخ في الدول المصدرة للحوم، وكثير منها دول غير إسلامية ، لا يهم المصدرون فيها سوى تحقيق الأرباح التجارية، ولذلك فإنهم يتعمدون حبس الدم في الذبائح، وذلك دون اعتبار لأية أضرار ستلحق بالناس، المهم هو المكاسب المالية، وليمرض المستهلكون، أو يموتوا، لا يهم...!!