منتديات نور الاسلام الطبية
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه معنا تجد كل ما تحب
منتديات نور الاسلام الطبية
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه معنا تجد كل ما تحب
منتديات نور الاسلام الطبية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى طبى اسلامى مختص بكل مجالات الحياة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولجالب المواضيع

 

 موسى وهارون عليهما السلام

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 4:21 pm

ملخص قصة موسى وهارون عليهما السلام
موسى عليه السلام
‏أرسله الله تعالى إلى فرعون وقومه، وأيده بمعجزتين، إحداهما هي العصا التي تلقف الثعابين، أما الأخرى فكانت يده التي يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء، دعا موسى إلى وحدانية الله فحاربه فرعون وجمع له السحرة ليكيدوا له ولكنه هزمهم بإذن الله تعالى، ثم أمره الله أن يخرج من مصر مع من اتبعه، فطارده فرعون بجيش عظيم، ووقت أن ظن أتباعه أنهم مدركون أمره الله أن يضرب البحر بعصاه لتكون نجاته وليكون هلاك فرعون الذي جعله الله عبرة للآخرين.
هارون عليه السلام
‏أخو موسى ورفيقه في دعوة فرعون إلى الإيمان بالله لأنه كان فصيحا ومتحدثا، استخلفه موسى على قومه عندما ذهب للقاء الله فوق جبل الطور، ولكن حدثت فتنة السامري الذي حول بني إسرائيل إلى عبادة عجل من الذهب له خوار ، فدعاهم هارون إلى الرجوع لعبادة الله بدلا من العجل ولكنهم استكبروا فلما رجع موسى ووجد ما آل إليه قومه عاتب هارون عتابا شديدا.

أرسل موسى وهارون عليهما السلام لأشد الشعود كرها للحق وابتعادا عنه.. لذك كانت حياتهما مليئة بالأحداث والمواقف.
ولكي نستطيع عرض هذه القصة بالشكل الصحيح.. تم تقسيمها إلى ثلاث أجزاء، كل جزء يتناول مرحلة من مراحل حياة هذين النبيين الكريمين.
أجزاء القصة:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 4:25 pm

موسى وهارون عليهما السلام
الجزء الأول

=====================
مكث يعقوب أو إسرائيل في مصر مذ جاءها ليلتقي بابنه يوسف.. حتى إذا حضرته الوفاة دفنوه حيث ولد في فلسطين.. وفضل أبناء إسرائيل أن يعيشوا في مصر في ظل يوسف.. شدهم إلى الحياة في مصر خيرها الكثير واستواء أرضها واعتدال المناخ.. عاش أبناء إسرائيل في مصر زمنا.. تزوجوا وتكاثروا وزاد عددهم.. ومرت سنوات.. ومات يوسف.
كان يوسف قد حول مصر إلى دين الإسلام أثناء حكمه. كان يوسف عليه السلام، وكل أنبياء الله تعالى على الإسلام، ابتداء من آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم. وينصرف الإسلام هنا إلى معنى توحيد الله بالعبادة والقصد والسؤال. وإسلام الوجه والعمل والنية لله. هذا ما نقصده من كلمة الإسلام إذا أطلقت، ولا نقصد النظام الاجتماعي الذي جاء به خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم. فقد كان هذا النظام متقدما عن الأنظمة الاجتماعية التي جاء بها الأنبياء، وان بقي جوهر العقيدة واحدا لا يختلف من آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
وحين صار يوسف عزيزا لمصر وكبيرا للوزراء فيها تحولت ديانة مصر إلى التوحيد والإسلام، لقد كان يدعو للإسلام في سجنه بقوله:
أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
ودعا يوم تحقيق رؤياه بقوله:
تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ
وحين مات يوسف هجرت مصر نظام التوحيد إلى تعدد الآلهة مرة أخرى. وأغلب الظن أن هذا تم بكيد الطبقة الحاكمة وتدبيرها، فقد كانت هذه الطبقة في ظل نظام التوحيد لا تكاد تتميز بشيء عن الجماهير العريضة.. وكان من مصلحتها إذن أن يعود نظام الأرباب المتفرقون.. ويعود نظام الفرعون الإله.. وهكذا توالت على مصر أسر من الفراعنة الذين زعموا أنهم آلهة أو يمثلون الآلهة أو ينطقون باسمها.
والأصل في الشعب المصري أنه شعب متحضر، يعنيه بناء الحضارة، ويملك وجدانا دينيا عميقا، وربما آمنت طبقات عديدة من الشعب المصري أن الفرعون ليس إلها، غير أن إيمان المصريين الكامن في أعماقهم لم يكن يعني الحاكم، طالما أنه لا يتحول إلى الظهور أو الثورة ويسفر عن وجهه. كان الفرعون لا يريد من قومه غير الطاعة. ليؤمنوا في قرارة أنفسهم بما يحبون من آلهة. الآلهة الوثنية المتعددة في مصر كثيرة. أهم شيء أن يكون مفهوما أن الفرعون يهيمن على جميع أنواع الآلهة ويرمز لها ويتكلم باسمها.. وكان هذا مفهوما في مصر..
وعلى حين تعددت آلهة الشعب المصري.. مع إيمانه بإله مركزي هو الفرعون.. كانت الطبقة الحاكمة تقتصر على عبادة الفرعون وإنفاذ أوامره وتصديق استبداده.. ومطاوعة أعظم نزواته جنونا.. ولسوف نحس ونحن نتصفح معا أوراق موسى عليه الصلاة والسلام، كيف كان الشعب المصري يعيش في عصره. كانت الجماهير مستذلة مستعبدة تطيع الفرعون، وتمضي خانعة تحت ظل وزرائه وقادة جنده وتسمع إلى ادعائه الألوهية دون أن تحرك ساكنا.
حكى الله تعالى في قرآنه الكريم عن فرعون موسى، قال في سورة النازعات:
فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى
وحنى الناس رؤوسهم للكلمة الكافرة وأطاعوا –ربما على كره- مقالة الفرعون. ودفع الشعب ثمن خنوعه لفرعون.. وقد كان ثمنا باهظا لو قيس بالثورة عليه. عادت مصر إلى نظام تعدد الآلهة بعد فترة التوحيد المضيئة القصيرة التي قضاها فيها يوسف.
أما أبناء يعقوب، أو أبناء إسرائيل، فقد انحرفوا عن التوحيد وقلدوا المصريين.. لولا بعض أسر ظلت على التوحيد وإن أخفت ذلك.. وقد جاء وقت على أبناء إسرائيل تزايدوا فيه وتكاثروا واشتغلوا في عديد من الحرف وملئوا أسواق مصر.
مرت أيام.. وحكم مصر ملك جبار كان المصريون يعبدونه.. ورأى هذا الملك بني إسرائيل يتكاثرون ويزيدون ويملكون.. سمعهم يتحدثون عن نبوءة غامضة تقول إن واحدا من أبناء إسرائيل سيسقط فرعون مصر عن عرشه، وربما كانت النبوءة حلما من أحلام اليقظة التي تجيش بها قلوب الأقلية المضطهدة، وربما كانت بشارة في صحفهم. مهما يكن من أمر، فقد بلغت هذه النبوءة أسماع الفرعون وأصدر الفرعون أمره العجيب ألا يلد أحد من بني إسرائيل.. كان معنى هذا الأمر ببساطة أن يقتل كل من يولد من الأولاد الذكور.
وبدأ تطبيق النظام، ثم قال خبراء الاقتصاد لفرعون إن الكبار من بني إسرائيل يموتون بآجالهم، والصغار يذبحون، وهذا سينتهي إلى إفناء بني إسرائيل فتضيع على الفرعون ثروة بشرية تعمل له ويستعبدها ويستحيي نساءها.. والأفضل أن تنظم العملية بالشكل التالي.. يذبحون الذكور في عام ويتركونهم في العام الذي يليه..
ووجد الفرعون أن هذا الحل اسلم من الناحية الاقتصادية. وحملت أم موسى بهارون في العام الذي لا يقتل فيه الغلمان، فولدته علانية آمنة. فلما جاء العام الذي يقتل فيه الغلمان ولد موسى. حمل ميلاده خوفا عظيما لأمه.. خافت عليه من القتل.. راحت ترضعه في السر.. ثم جاءت عليها ليلة مباركة أوحى الله إليها فيها..
وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ
لم يكد وحي الله ينتهي حتى أطاعت أم موسى هذا النداء الرحيم المقدس. أمرت بصنع صندوق صغير لموسى.. أرضعته ووضعته في الصندوق.. وذهبت إلى شاطئ النيل وألقته في المياه.. كان قلب الأم، وهو أرحم القلوب في الدنيا، يمتلئ بالألم وهي ترمي ابنها في النيل، لكنها كانت تعلم أن الله أرحم بموسى منها، إن الله يحبه أكثر منها، والله هو ربه ورب النيل.. لم يكد الصندوق يلمس مياه النيل حتى أصدر الخالق أمره إلى الأمواج أن تكون هادئة حانية وهي تحمل هذا الرضيع الذي سيكون نبيا فيما بعد، ومثلما أصدر الله تعالى أمره للنار أن تكون بردا وسلاما على إبراهيم، كذلك أصدر أمره للنيل أن يحمل موسى بهدوء ورفق حتى يسلمه إلى قصر فرعون.. وحملت مياه النيل هذا الصندوق العزيز إلى قصر فرعون.. وهناك أسلمه الموج للشاطئ وأوصى عليه الشاطئ..
وقالت الرياح للعشب الذي يرقد بجوار الصندوق: لا تتحرك كثيرا فإن موسى نائم.. وأطاع العشب أمر الرياح وظل موسى نائما.. أشرقت الشمس في ذلك الصباح وخرجت زوجة فرعون تتمشى في حديقة القصر كعادتها كل يوم.. لا نعرف ما الذي جعلها تمشي مسافة أطول مما تمشيه عادة كل يوم في الحديقة..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 4:26 pm

كانت زوجة فرعون تختلف كثيرا عن فرعون.. كان هو كافرا وكانت هي مؤمنة.. كان هو قاسيا وكانت هي رحيمة.. كان جبارا وكانت رقيقة وطيبة.. وأيضا كانت حزينة.. لم تكن تلد.. وكانت تتمنى أن يكون عندها ولد.. توقفت زوجة فرعون عند حديقة من أشجار الفل.. حملت الرائحة المعطرة إليها إحساسا محزنا بالوحدة.. في نفس هذا الوقت.. كان جواريها يملأن الجرار من النهر..
كان الصندوق يرقد عند أقدامهن.. حملن الصندوق كما هو إلى زوجة فرعون.. أمرتهن أن يفتحنه ففتحنه.. رأت موسى داخله فأحست أنها تحبه كابنها، ألقى الله في قلبها محبته فانهمرت دموعها وحملته من الصندوق، راحت تقبله وهي تبكي.. استيقظ موسى وبدأ يبكي هو الآخر.. كان جائعا يحتاج إلى رضعة الصباح فبكى..
جلس فرعون على مائدة الإفطار ينتظر زوجته فلم تحضر.. خرج غاضبا يبحث عنها.. فوجئ بها تحمل موسى وهي تغرقه بالقبلات والدموع.. سأل فرعون من أين جاء هذا الرضيع، فحدثوه أنهم وجدوه في صندوق بجوار الشاطئ.. قال فرعون بغباء: آه.. هذا أحد أطفال بني إسرائيل.. أليس المفروض أن يقتل أطفال هذه السنة؟
صرخت زوجته وهي تضم موسى إلى صدرها أكثر:
وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا
دهش فرعون كثيرا وهو يرى زوجته تضم لصدرها هذا الرضيع الذي وجدوه على الشاطئ. دهش أكثر لأن زوجته كانت تبكي من الفرح وهو لم يرها تبكي قبل ذلك من الفرح، وأحس فرعون أن زوجته تتمسك بهذا الطفل كما لو كان ابنها، قال في نفسه لعلها تذكرت أنها لا تنجب أطفالا وتريد هذا الطفل.. أخيرا وافق فرعون على ما تقوله زوجته.. استجاب لرغبتها وسمح لها أن تربي هذا الطفل في قصره.
لم يكد فرعون يستجيب لزوجته حتى شاهد وجهها يضيء من الفرح. لم ير فرعون زوجته فرحة قبل ذلك أبدا.. كان يحضر لها الهدايا والجواهر والعبيد فلا تبتسم ابتسامة واحدة، وظن فرعون أنها لا تعرف معنى الابتسام، وها هو إذا يراها الآن وكل وجهها ابتسامة مضيئة واحدة.. بكى موسى من الجوع فانتبهت زوجة فرعون إلى أنه جائع.. قالت لفرعون: ابني الصغير جائع..
قال فرعون: أحضروا له المراضع.. حضرت مرضعة من القصر وأخذت موسى لترضعه فرفض أن يرضع منها..
- أحضروا مرضعة ثانية!
حضرت مرضعة ثانية وثالثة وعاشرة وموسى يبكي ولا يريد أن يرضع.. وبدأت زوجة فرعون تبكي هي الأخرى بسبب بكائه، ولم تكن تعرف ماذا تفعل.
لم تكن زوجة فرعون هي وحدها الحزينة الباكية.. كانت أم موسى هي الأخرى حزينة باكية.. لم تكد ترمي موسى في النيل حتى أحست أنها ترمي قلبها في النيل. غاب الصندوق في مياه النيل واختفت أخباره.. وجاء الصباح على أم موسى فإذا قلبها فارغ يذوب حزنا على ابنها، وكادت تذهب إلى قصر فرعون لتبلغهم نبأ ابنها وليكن ما يكون.. لولا أن الله تعالى ربط على قلبها وملأ بالسلام نفسها فهدأت واستكانت وتركت أمر ابنها لله.. كل ما في الأمر أنها قالت لأخته: اذهبي بهدوء إلى جوار قصر فرعون وحاولي أن تعرفي ماذا حدث لموسى.. وإياك أن يشعروا بك..
وذهبت أخت موسى بهدوء ورفق فإذا بها تسمع القصة الكاملة.. رأت موسى من بعيد وسمعت بكاءه، ورأتهم حائرين لا يعرفون كيف يرضعونه، سمعت أنه يرفض كل المراضع.. وقالت أخت موسى لحرس فرعون: هل أدلكم على أهل بيت يرضعونه ويكفلونه ويهتمون بأمره ويخدمونه؟
قالت زوجة فرعون: لو أحضرت لنا مرضعة يقبل الرضاعة منها فسوف أمنحك جائزة عظيمة. أي شيء ستطلبينه ستحصلين عليه..
وعادت أخت موسى وأحضرت أمه.. وأرضعته أمه فرضع.. وتهللت زوجة فرعون وقالت: "خذيه حتى تنتهي فترة رضاعته وأعيديه إلينا بعدها، وسنعطيك أجرا عظيما على تربيتك له". وهكذا رد الله تعالى موسى لأمه كي تقر عينها ويهدأ قلبها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق وأن كلماته سبحانه تنفذ رغم أي شيء.. ورغم كل شيء..
قال تعالى في سورة القصص:
وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10) وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11) وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12) فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
أتمت أم موسى رضاعته وأسلمته لبيت فرعون.. كان موضع حب الجميع.. قال تعالى في سورة طه:
وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي
كان أحد لا يراه إلا أحبه.. وها هو ذا في أعظم قصور الدنيا يتربى بحفظ الله وعنايته.. بدأت تربية موسى في بيت فرعون.. وكان هذا البيت يضم اعظم المربين والمدرسين في ذلك الوقت.. كانت مصر أيامها أعظم دولة في الأرض.. وكان فرعون أقوى ملك في الأرض، ومن الطبيعي أن يضم قصره أعظم المدربين والمثقفين والمربين في الأرض.. وهكذا شاءت حكمة الله تعالى أن يتربى موسى اعظم تربية وأن يتعهده أعظم المدرسين، وان يتم هذا كله في بيت عدوه الذي سيصطدم به فيما بعد تنفيذا لمشيئة الخالق..

وكبر موسى في بيت فرعون.. تعلم الحساب والهندسة والفلك والكيمياء والطبيعة واللغات.. كان ينام في حصة الدين، لهذا لم يكن يسمع الكلام الفارغ الذي يقوله المدرس عن ألوهية فرعون، وفي المرات القليلة التي سمع فيها أن فرعون إله، كان يسخر في نفسه من هذا الكلام، فهو يعيش مع فرعون في بيت واحد ويعرف أكثر من غيره أن فرعون مجرد إنسان ولكنه ظالم.
كان موسى يعلم أنه ليس ابنا لفرعون، إنما هو واحد من بني إسرائيل.. وكان يرى كيف يضطهد رجال فرعون واتباعه بني إسرائيل.. وكبر موسى وبلغ أشده..(وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا) وراح يتمشى فيها.
وجد موسى رجلا من اتباع فرعون وهو يقتتل مع رجل من بني إسرائيل، واستغاث به الرجل الضعيف فتدخل موسى وأزاح بيده الرجل الظالم فقتله.. كان موسى قويا إلى الحد الذي يكفي فيه أن يضرب بيده ضربة واحدة ليزيح خصمه فإذا هو يقتله.. ولم يكن موسى يقصد قتل الرجل الآخر.. وفوجئ به وقد مات.. قال موسى لنفسه: (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ)..
ودعا موسى ربه: (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي). وغفر الله تعالى له، (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)..
قال تعالى في سورة القصص:
وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ (15) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 4:27 pm

أصبح موسى (فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ) .. تعبير مصور لهيئة معروفة.. هيئة إنسان مطارد يتوقع الشر في كل خطوة، ويلتفت لأوهى الحركات وأخفاها.. ويبدو أن موسى كان نموذجا لمزاج عصبي مندفع. إن موسى يندفع لنجدة الإسرائيلي، يده تندفع بوكزة هدفها إبعاد المصري وتنحيته.. فإذا هو يقتله..
يعتبر هذا القتل في القوانين الوضعية أنه قتل خطأ.. لا يقصده من فعله ولا تنعقد عليه نيته، وبالتالي لا يكون الجزاء فيه عسيرا.. إنما ينظر القضاء بالتخفيف إلى الواقعة باعتبارها قتلا خطأ.. لا يمكن اعتبار الواقعة بالتكييف القانوني ضربا أفضى إلى الموت. لأن الضرب لم يكن مقصودا هو الآخر.. لم يكن موسى يضرب الرجل، كل ما فعله أنه وكزه (بمعنى دفعه بيده أو أزاحه بيده). ولسوف نلاحظ أن موسى يكاد يكون هو الوجه الآخر لإبراهيم.
كلاهما من أولي العزم الكبار. غير أن إبراهيم نموذج للحلم والرقة، وموسى نموذج للاندفاع والقوة.. هو تكوين نفسي خلقه الله تعالى عليه..
أصبح موسى (فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ) .. وعد بالأمس أنه لن يكون ظهيرا للمجرمين.. لن يتدخل في المشاجرات بين المجرمين والمشاغبين ليدفع عن أحد من شيعته.
وفوجئ موسى أثناء سيره بنفس الرجل الذي أنقذه موسى بالأمس وهو يناديه ويستصرخه اليوم.. كان الرجل مشتبكا في عراك مع أحد المصريين.. وأدرك موسى بأن هذا الإسرائيلي مشاغب.. أدرك أنه من هواة المشاجرات.. وصرخ موسى في الإسرائيلي يعنفه قائلا: (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ).
قال موسى كلمته واندفع نحوهما يريد البطش بالمصري.. واعتقد الإسرائيلي أن موسى سيبطش به هو.. دفعه الخوف من موسى إلى استرحامه صارخا.
لم تكد كلمات الإسرائيلي تقع من فمه أمام موسى حتى توقف موسى. سكت عنه الغضب وتذكر ما فعله بالأمس، وكيف استغفر وتاب ووعد ألا يكون ظهيرا للمجرمين.. استدار موسى عائدا ومضى وهو يستغفر ربه..
وأدرك المصري الذي كان يتشاجر مع الإسرائيلي أن موسى هو قاتل المصري الذي عثروا على جثته أمس.. وكانت سلطات الشرطة المصرية قد فشلت في معرفة قاتله.. وطار المصري عدوا إلى رجال الأمن.. وانكشف سر موسى.. ظهر أمره.. وجاء رجل مصري مؤمن من أقصى المدينة مسرعا.. همس في إذن موسى أن هناك اتجاها لقتله.. نصحه أن يخرج من مصر على عجل..
قال تعالى:
فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ (18) فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (19) وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ


يخفي الله عنا اسم الرجل الذي جاء يحذر موسى.. ونرجح أنه كان رجلا مصريا (من ذوي الأهمية) بنص الآيات، فقد اطلع على مؤامرة تحاك لموسى من مستويات عليا، ولو كان شخصية عادية لما عرف.. يعرف الرجل أن موسى لم يكن يستحق القتل على ذنبه بالأمس.. لقد قتل الرجل خطأ.. والجريمة في القانون المصري القديم عقوبتها السجن.. ما الذي أبرز فكرة قتل موسى إذن؟ إن هناك عبارة في نصيحة المصري لموسى تضع يدنا على الجواب..
هذه العبارة هي قوله: (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ)..
الملأ هم الرؤساء المسئولون عن الأمن.. وهم يعدون له مؤامرة.. إن الجريمة عادية، لا تقتضي غير عرض الأمر على القضاء والحكم بالسجن فيها. ما الذي أدخل الملأ هنا؟ وجعلهم طرفا شخصيا في النزاع، ودفعهم للتآمر على قتله؟ نحسب أن مدير الشرطة المصري لم يكن يحب موسى. كان يعلم أنه من بني إسرائيل. وكان يرى في وصول الصندوق إلى قصر فرعون مكيدة دبرها له أعداؤه الطامعون في منصبه.. كيف أفلت منه أحد أبناء إسرائيل في العام الذي لا ينبغي أن يفلت فيه أحد؟!
هذا يعني تراخيه وتراخي رجاله.. وكم نصح الرجل بقتل موسى، وكان الفرعون يحبذ الفكرة فإذا حان التنفيذ تقهقر أمام حب زوجته لموسى وحنوها عليه وتعلقها به.. أخيرا جاءت الفرصة.. قال له أحد رجاله إن موسى هو قاتل المصري الذي عثروا على جثته بالأمس.. انتهى الأمر وجاءته الفرصة لقتل موسى.. من يدافع الآن عنه؟ لقد جاء بموسى في جناية قتل عمد.. استخف الفرح كل من كانوا يكرهون موسى من رجال القصر.. وتقرر قتله.. ثم أرسل الله لموسى مصريا عاقلا يحذره وينصحه بالفرار من وجه الظالمين.

قال تعالى:
فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
صورة أخرى لموسى وهو مطارد.. خرج على الفور.. خائفا يتلفت ويتسمع ويترقب.. في قلبه دعاء لله..(رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) .. وكان القوم ظالمين حقا.. ألا يريدون تطبيق عقوبة القتل العمد عليه، وهو لم يفعل شيئا أكثر من أنه مد يده وأزاح رجلا فقتله خطأ؟
خرج موسى من مصر على عجل.. لم يذهب إلى قصر فرعون ولم يغير ملابسه ولم يأخذ طعاما للطريق ولم يعد للسفر عدته.. لم يكن معه من دواب الأرض دابة تحمله على ظهرها وتوصله.. ولم يكن في قافلة.. إنما خرج بمجرد أن جاءه الرجل المؤمن وحذره من فرعون ونصحه أن يخرج. أختار طريقا غير مطروق وسلكه.. دخل في الصحراء مباشرة واتجه إلى حيث قدرت له العناية الإلهية أن يتجه.. لم يكن موسى يسير قاصدا مكانا معينا.. هذه أول مرة يخرج فيها ويعبر الصحراء وحده..
ظل يسير بنفسية المطارد حتى وصل إلى مكان.. كان هذا المكان هو مدين.. جلس يرتاح عند بئر عظيمة يسقي الناس منها دوابهم..
لم يكن له طعام سوى ورق الشجر، وكان يشرب من الآبار التي يجدها في الطريق.. وكان خائفا طوال الوقت أن يرسل فرعون من وراءه من يقبض عليه.
لم يكد موسى يصل إلى مدين حتى ألقى بنفسه تحت شجرة واستراح. نال منه الجوع والتعب، وسقطت نعله بعد أن ذابت من مشقة السير على الرمال والصخور والتراب.. لم تكن معه نقود لشراء نعل جديدة.. ولم تكن معه نقود لشراء طعام أو شراب. لاحظ موسى جماعة من الرعاة يسقون غنمهم، وتذكر أنه جائع وعطش، قال لنفسه: املأ بطني من الماء ما دمت لا أملك ثمن الطعام.. سار موسى إلى مكان الماء.. قبل أن يصل وجد امرأتين تكفان غنمهما أن يختلطا بغنم القوم، أحس موسى بما يشبه الإلهام أن الفتاتين في حاجة إلى المساعدة.. نسي عطشه وتقدم منهما وسأل هل يستطيع أن يساعدهما في شيء.. قالت الفتاة الكبرى: نحن ننتظر أن ينتهي الرعاة من سقي غنمهم لنسقي.
سأل موسى: ولماذا لا تسقيان؟
قالت الصغرى: لا نستطيع أن نزاحم الرجال.
اندهش موسى لأنهما ترعيان الغنم.. المفروض أن يرعى الرجال الأغنام. هذه مهمة شاقة ومتعبة وتحتاج إلى اليقظة.
سأل موسى: لماذا ترعيان الغنم..؟
قالت الصغرى: أبونا شيخ كبير لا تساعده صحته على الخروج كل يوم للرعي.
قال موسى: سأسقي لكما.
سار موسى نحو الماء.. اكتشف أن الرعاة قد وضعوا على فم البئر صخرة ضخمة لا يستطيع أن يحركها غير عشرة رجال. احتضن موسى الصخرة ورفعها من فم البئر.. نفرت عروق رقبته ويديه وهو يرفع الصخرة.. كان موسى قويا.. سقى لهما الغنم وأعاد الصخرة إلى مكانها، وتركهما وعاد يجلس تحت ظل الشجرة.
وتذكر لحظتها أنه نسي أن يشرب.. وكان بطنه ملتصقا بظهره من الجوع. تذكر الله وناداه في قلبه:
رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 4:28 pm

وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ
ندع موسى جالسا تحت ظل الشجرة.. لنرى ماذا كان من أمر الفتاتين اللتين سقى لهما.
عادت الفتاتان إلى أبيهما الشيخ. سأل الأب: عدتما اليوم سريعا على غير العادة؟!
قالت الكبرى: كان حظنا اليوم عظيما يا أبي.. تقابلنا مع رجل كريم سقى لنا الغنم قبل أن يسقي الرعاة.
قال الأب: الحمد لله.
قالت البنت الصغرى: أعتقد يا أبي أنه قادم من سفر بعيد.. وجائع! رأيت وجهه مجهدا رغم قوته.
قال الأب لابنته: اذهبي إليه وقولي له: (إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ) ليعطيك (أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا). وطارت البنت تجري لموسى وقلبها يخفق.
وقفت أمام موسى وأبلغته رسالة أبيها، ونهض موسى وبصره في الأرض. إنه لم يسق لهما الغنم وهو ينتظر منهما أجرا، وإنما ساعدهما لوجه الله، غير أنه أحس في داخله أن الله هو الذي يوجه قدميه فنهض.. سارت البنت أمامه.. هبت الرياح فضربت ثوبها فخفض موسى بصره حياء وقال لها: سأسير أنا أمامك ونبهيني أنت إلى الطريق.
وصلا إلى الشيخ. قال بعض المفسرين إن هذا الشيخ هو النبي شعيب. عمر طويلا بعد موت قومه. وقيل إنه ابن أخي شعيب. وقيل ابن عمه، وقيل رجل مؤمن من قوم شعيب الذين آمنوا به.
لا نعرف أكثر من كونه شيخا صالحا.
قدم له الشيخ طعام الغداء وسأله: من أين هو قادم والى أين هو ذاهب؟ حدثه موسى عن قصته. قال الشيخ: (لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) . هذه البلاد لا تتبع مصر، ولن يصلوا إليك هنا. اطمأن موسى ونهض لينصرف.
قالت ابنة الشيخ لأبيها همسا: (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)

سألها الأب: كيف عرفت أنه قوي؟
قالت: رفع وحده صخرة لا يرفعها غير عشرة رجال.
سألها: وكيف عرفت أنه أمين؟
قالت: رفض أن يسير خلفي وسار أمامي حتى لا ينظر إلي وأنا أمشي.. وطوال الوقت الذي كنت أكلمه فيه كان يضع عينيه في الأرض حياء وأدبا.
وعاد الشيخ لموسى وقال له: أريد يا موسى أن أزوجك إحدى ابنتي على أن تعمل في رعي الغنم عندي ثماني سنوات، فإن أتممت عشر سنوات، فمن كرمك، لا أريد أن أتعبك، (سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ).
قال موسى: هذا اتفاق بيني وبينك.. والله شاهد على اتفاقنا.. سواء قضيت الثماني السنوات، أو العشر سنوات فأنا حر بعدها في الذهاب..
قال تعالى في سورة القصص:
فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ
تنصرف كثير من الأقلام حين تجيء إلى هذا الموضع، إلى أسئلة لا تنم إلا عن الفضول. يتساءلون: أي ابنتي الشيخ تزوج موسى: أهي الكبرى أم الصغرى؟ وأي الأجلين قضى موسى عشر سنوات أم ثماني سنوات؟ وهم يضربون في تيه من الأقاصيص والروايات، والثابت أن موسى تزوج إحدى ابنتي الشيخ. لا نعرف من كانت، ولا ماذا كان اسمها. نعتقد أنه تزوج التي ذهبت إليه تدعوه لأبيها، ثم حثت أباها على استئجاره بعد ذلك. يكشف السياق القرآني عن لون من ألوان الإعجاب الراقي الذي يجيش بنفسها تجاهه..
ولعل الشيخ أدرك بحكمته أن ابنته قد اختارت بقلبها وانتهى الأمر، ولعله حين حدث موسى عن تزويجه ترك له حرية الاختيار حياء، ولعل موسى اختار من اختارته، ولعل هذا تم بنفس اندفاع موسى وسرعته. أما من كانت هذه البنت: أكانت الكبرى أم الصغرى. فهذه مسألة سكت عنها السياق القرآني، وإن كان قد أشار إليها إشارة موحية معجزة بقوله:
فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء
أيضا يسكت السياق القرآني عن الأجل الذي قضاه موسى، هل قضى السنوات العشر أم اقتصر على ثماني سنوات؟ وان كنا نعتقد.. استنادا إلى طبيعة موسى وكرمه ونبوته وكونه من أولي العزم.. أنه قضى الأجل الأكبر. وهذا ما يؤكده حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وهكذا عاش موسى يخدم الشيخ عشر سنوات كاملة.
وكان عمل موسى ينحصر في الخروج مع الفجر كل يوم لرعي الأغنام والسقاية لها..


ونحسب أن فترة السنوات العشر التي قضاها موسى في مدين كانت تدبيرا إلهيا من الله له..
إن موسى على دين يعقوب.. أبوه البعيد هو يعقوب.
ويعقوب هو حفيد إبراهيم.. وموسى إذن هو من أحفاد إبراهيم.. وكل نبي بعد إبراهيم جاء من صلبه.
نفهم من هنا أن موسى كان على دين آبائه وأجداده.. كان على الإسلام والتوحيد.
وها هو ذا الوقت يجيء عليه فيعتزل عشر سنوات بعيدا عن أهله وقومه.. وفترة السنوات العشر هذه كانت فترة مهمة في حياته.. كانت فترة من فترات التأهيل الكبرى.
قطعا كان ذهن موسى يدور مع النجوم كل ليلة.. وكان يتبع شروق الشمس وغروبها كل نهار.. وكان يتأمل النبات كيف يشق التربة ويظهر، وينظر للماء كيف يحي الأرض بعد موتها فتزدهر.. قطعا كان يسبح بذهنه في كتاب الله المفتوح للأبصار والأفئدة.. كان يسبح بذهنه في كون الله، وتدركه الدهشة ويتركه العجب.. غير أن هذا كله ظل كامنا في نفسه مستقرا بها.. لقد تربى موسى في قصر الفرعون المصري.
هذا معناه أنه كان مصريا بثقافته، مصريا بطعامه وشرابه، مصريا بجسده وقوته. هذا الوعاء المصري بالميلاد والتربية.. كان يهيأ ليتلقى وحيا إلهيا من لون جديد.. وحيا إلهيا مباشرا يجيء بغير رسول من الملائكة.. إنما يكلمه الله تكليما بغير واسطة.. لا بد إذن من فترة إعداد عقلي ونفسي.. انتهت فترة الإعداد الجسماني في مصر، وتربى موسى في قصر أعظم ملوك الأرض، في دولة هي أغنى دولة في الأرض. وشب عملاقا قويا يكفي أن يمد يده ليزيح أحدا حتى يقتله. بقي إذن أن يضاف إلى الإعداد البدني إعداد روحي مماثل.. إعداد يتم في عزلة تامة، وسط صحراء ومراع لا يعرفها موسى قبل ذلك.. وسط أناس غرباء لم يرهم من قبل.. وذلك ما وقع. كان الصمت طريقه.. وكانت العزلة مركبه.. وكان الله يستكمل لنبيه وكليمه أدواته ليتحمل موسى بعد ذلك أمانة الأمر بالحق.
جاء على موسى يوم.. انتهت الفترة المحددة.. واستيقظ في قلب موسى حنين غامض إلى مصر.. يريد أن يعود إلى مصر.. لقد سقطت عقوبته بمضي المدة.. يعلم ذلك.. لكنه يعلم أيضا أن القانون المصري رهن إشارة الحاكم، إن شاء إدخاله في العقوبة فعل، ولو لم يكن مستوجبا لها، وان شاء العفو عنه رغم استحقاقه للعقوبة فعل.. كان موسى يعلم ذلك، ولم يكن واثقا من نجاته في مصر مثل ثقته من نجاته هنا..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 4:29 pm

رغم ذلك، حركته الأقدار العليا وزينت له الرحيل.. كان موسى سريعا وحاسما في اتخاذ القرارات..
قال لزوجته: غدا نبدأ سفرنا إلى مصر..
قالت زوجته لنفسها: في الرحيل ألف خطر لم يسفر عن وجهه بعد.. غير أنها أطاعت.
لم يكن موسى نفسه يعرف السر في قراره السريع المفاجئ بالعودة إلى مصر.. منذ عشر سنوات خرج هاربا.. رأسه مطلوب في مصر.. فلماذا يعود إليها اليوم.. هل اشتاق إلى أمه وأخيه؟ هل فكر في زيارة زوجة الفرعون التي ربته كأم وأحبته كأم؟ لا أحد يعرف ماذا دار في نفس موسى وهو عائد إلى مصر.. كل ما نعرفه أن طاعة صامتة لأقدار الله دفعته لاتخاذ القرار فاتخذه. وها هي ذي الأقدار العليا توجه خطواته لأمر شديد الأهمية عظيم الخطر.
خرج موسى مع أهله وسار.. اختفى القمر وراء أسراب من السحاب الكثيف وساد الظلام. اشتد البرق والرعد وأمطرت السماء وزادت حدة البرد والظلام.. وتاه موسى أثناء سيره.. التقط قطعتين من الصخر وراح يضرب إحداهما بالأخرى ليشعل نارا يرى في ضوئها أين يسير، ولكنه لم يستطع.. كانت الرياح القوية تطفئ الشرارة الضعيفة..ووقف موسى حائرا يرتعش من البرد وسط أهله.. ثم رفع رأسه فشاهدها عن بعد.
شاهد نارا عظيمة تشتعل عن بعد.. امتلأ قلبه بالفرح فجأة.. قال لأهله: أني رأيت نارا هناك.. أمرهم أن يجلسوا مكانهم حتى يذهب إلى النار لعله يأتيهم منها بخبر، أو يجد أحدا يسأله عن الطريق فيهتدي إليه، أو يحضر إليهم بعض أخشابها المشتعلة لتدفئتهم.
ونظر أهله إلى النار التي يشير إليها موسى فلم يروا شيئا.. أطاعوه وجلسوا ينتظرونه.. وتحرك موسى نحو النار.. سار موسى مسرعا ليدفئ نفسه.. يده اليمنى تمسك عصاه.. جسده مبلل من المطر.. ظل يسير حتى وصل إلى واد يسمونه طوى.. لاحظ شيئا غريبا في هذا الوادي. لم يكن هناك برد ولا رياح.. ثمة صمت عظيم ساكن.. واقترب موسى من النار.. لم يكد يقترب منها حتى نودي:
أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
توقف موسى فجأة.. وارتعش.. كان الصوت يجيء من كل مكان ولا يجئ من مكان محدد.. نظر موسى في النار وعاد يرتعش.. وجد شجرة خضراء من الشوك وكلما زاد تأجج النار زادت خضرة الشجرة.. المفروض أن تتحول الشجرة إلى اللون الأسود وهي تحترق.. لكن النار تزيد واللون الأخضر يزيد.. راح موسى يرتجف رغم الدفء والعرق.. كانت الشجرة في جبل غربي عن يمينه، وكان الوادي الذي يقف فيه هو وادي طوى.. ووضع موسى يديه على عينيه من شدة النور مهابة وخوفا على بصره..
وتساءل في نفسه.. نار أم نور؟!
ثم ارتجت الأرض بالخشوع والرهبة والله عز وجل ينادي: يَا مُوسَى
رفع موسى رأسه وقال: نعم.
قال الله عز وجل: إِنِّي أَنَا رَبُّكَ
ازداد ارتعاش موسى وقال: نعم يا رب.
قال الله عز وجل: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى
انحنى موسى راكعا وجسده كله ينتفض وخلع نعليه.

عاد الحق سبحانه وتعالى يقول: وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى
زاد انتفاض جسد موسى وهو يتلقى الوحي الإلهي ويستمع إلى ربه وهو يخاطبه.. قال الرحمن الرحيم: وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى
ازدادت دهشة موسى.. إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يخاطبه، والله يعرف أكثر منه أنه يمسك عصاه.. لماذا يسأله الله إذن إذا كان يعرف أكثر منه..؟ لا شك أن هناك حكمة عليا لذلك.
أجاب موسى وصوته يرتعش: قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى
قال الله عز وجل: أَلْقِهَا يَا مُوسَى
رمى موسى العصا من يده وقد زادت دهشته.. وفوجئ بأن العصا تتحول فجأة إلى ثعبان عظيم الحجم هائل الجسم.. وراح الثعبان يتحرك بسرعة.. ولم يستطع موسى أن يقاوم خوفه.. أحس أن بدنه يتزلزل من الخوف.. فاستدار موسى فزعا وبدأ يجري.. لم يكد يجري خطوتين حتى ناداه الله!
(يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ )
(أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ)
عاد موسى يستدير ويقف.. لم تزل العصا تتحرك.. لم تزل الحية تتحرك..
قال الله سبحانه وتعالى لموسى: خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى
مد موسى يده للحية وهو يرتعش.. لم يكد يلمسها حتى تحولت في يده إلى عصا.. عاد الأمر الإلهي يصدر له: اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ
وضع موسى يده في جيبه وأخرجها فإذا هي تتلألأ كالقمر.. زاد انفعال موسى بما يحدث، وضع يده على قلبه كما أمره الله فذهب خوفه تماما..
اطمأن موسى وسكت.. وأصدر الله إليه أمرا بعد هاتين المعجزتين –معجزة العصا ومعجزة اليد- أن يذهب إلى فرعون ليدعوه إلى الله برفق ولين، ويأمره أن يخرج بني إسرائيل من مصر.. وأبدى موسى خوفه من فرعون. قال إنه قتل منهم نفسا ويخاف أن يقتلوه.. توسل إلى الله أن يرسل معه أخاه هارون.. طمأن الله موسى أنه سيكون معهما يسمع ويرى، وأن فرعون رغم قسوته وتجبره لن يمسهما بسوء. أفهم الله موسى أنه هو الغالب.. ودعا موسى وابتهل إلى الله أن يشرح له صدره وييسر أمره ويمنحه القدرة على الدعوة إليه..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 4:30 pm

قال تعالى في سورة طه:
وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (22) لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (23) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24) قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا (35) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي
لا نعرف ماذا نقول تعليقا على قول الله تعالى لعبد من عباده..
يَا مُوسَى (40) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي

اختار الله موسى واصطنعه لنفسه.. سبحانه.. وتلك قمة من قمم التشريف لا نعرف أحدا بلغها في ذلك الزمان البعيد غير موسى عليه الصلاة والسلام.. قفل موسى راجعا لأهله بعد اصطفاء الله واختياره رسولا إلى فرعون.. انحدر موسى بأهله قاصدا مصر.
يعلم الله وحده أي أفكار عبرت ذهن موسى وهو يحث خطاه قاصدا مصر. انتهى زمان التأمل، وانطوت أيام الراحة، وجاءت الأوقات الصعبة أخيرا، وها هو ذا موسى يحمل أمانة الحق ويمضي ليواجه بها بطش أعظم جبابرة عصره وأعتاهم. يعلم موسى أن فرعون مصر طاغية. يعلم أنه لن يسلمه بني إسرائيل بغير صراع. يعلم أنه سيقف من دعوته موقف الإنكار والكبرياء والتجاهل.. لقد أمره الله تعالى أن يذهب إلى فرعون.. أن يدعوه بلين ورفق إلى الله. أوحى الله لموسى أن فرعون لن يؤمن. ليدعه موسى وشأنه.. وليركز على إطلاق سراح بني إسرائيل والكف عن تعذيبهم. قال تعالى لموسى وهارون:
فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ
هذه هي المهمة المحددة. وهي مهمة سوف تصطدم بآلاف العقبات. إن فرعون يعذب بني إسرائيل ويستعبدهم ويكلفهم من الأعمال ما لا طاقة لهم به، ويستحيي نسائهم، ويذبح أبنائهم، ويتصرف فيهم كما لو كانوا ملكا خاصا ورثه مع ملك مصر.
يعلم موسى أن النظام المصري يقوم في بنيانه الأساسي على استعباد بني إسرائيل واستغلال عملهم وجهدهم وطاقاتهم في الدولة، فهل يفرط الفرعون في بناء الدولة الأساسي ببساطة ويسر؟ ذهبت الأفكار وجاءت، فاختصرت مشقة الطريق.. ورفع الستار عن مشهد المواجهة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 4:39 pm

واجه موسى فرعون بلين ورفق كما أمره الله.
اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى
حدثه عن الله.. عن رحمته وجنته.. عن وجوب توحيده وعبادته..
حاول إيقاظ جوانبه الإنسانية في الحديث. ألمح إليه أنه يملك مصر، ويستطيع لو أراد أن يملك الجنة. وما عليه لذلك إلا أن يتقي الله.. استمع فرعون إلى حديث موسى ضجرا شبه هازئ وقد تصوره مجنونا تجرأ على مقامه السامي.. ثم رفع يده وتحدث. ماذا تريد؟ قل: ماذا تريد واختصر.
قال موسى: أريد أن ترسل معنا بني إسرائيل.
سأل فرعون: بأي صفة أرسلهم معك وهم عبادي؟
قال موسى: إنهم عباد الله رب العالمين.
تساءل فرعون ـ هازئاـ: ألم تقل إن اسمك موسى؟
قال موسى : بلى .
قال فرعون: ألست موسى الذي التقطناه من النيل طفلا لا حول له ولا قوة؟!
ألست موسى الذي ربيناه في هذا القصر وأكل من طعامنا وشرب من مائنا وأغرقه خيرنا وأحسنا إليه؟! ألست موسى القاتل فيما بعد.. الفار فيما بعد.. قاتل الرجل المصري لو لم تخني الذاكرة؟! ألا يقولون إن القتل كفر؟! كنت كافرا وأنت تقتل إذن.. أنت موسى إذن.. الفار من القانون المصري.. الهارب من وجه العدالة.. ثم تجيء إلي وتحدثني.. فيم كنت تحدثني يا موسى.. لقد نسيت.
فهم موسى أن فرعون يذكره بماضيه ويمن عليه أنه رباه وأحسن إليه، فهم أيضا أن الفرعون يهدده بحادث القتل القديم.. وتجاوز موسى سخرية فرعون وأفهمه أنه لم يكن كافرا حين قتل المصري.. وإنما كان ضالا لم يوح الله إليه. أفهمه أنه فر من مصر لأنه خاف انتقامهم منه رغم أن القتل كان خطأ ولم يكن يقصده. أفهمه أن الله وهبه حكما وجعله من المرسلين.
حكى الله تعالى في سورة الشعراء جزءا من الحوار بين موسى وفرعون. قال تعالى:
وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (11) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ (14) قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ (15) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (17) قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ
وتغلبت طبيعة موسى المندفعة عليه.. إن منّ الفرعون عليه وتذكيره بإحسانه عليه يثيران طبيعته المندفعة.. فإذا هو يخاطب فرعون قائلا:
وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ
يريد موسى أن يقول له.. هل تظن أن النعمة التي تمنها علي.. من أنك أحسنت إلي وأنا رجل واحد من بني إسرائيل.. هل تظن هذه النعمة تقابل ما استخدمت هذا الشعب الكبير بأكمله، واستعبدتهم في أعمالك وخدمتك وأشغالك؟ إن كان هذا بذاك وطاوعك المنطق على ذلك فنحن متعادلون إذن.. ليس فينا دائن ومدين، وإن لم يكن هذا بذاك فأيهما أكبر؟ وعلى أي الحالات فالأمر أمر دعوة إلى الله.
أمر لم آتك به من تلقاء نفسي.. لست موفدا من شعب بني إسرائيل.. لست موفدا من قبل نفسي.. إنما أنا موفد من الله تعالى.. أنا رسول رب العالمين.


عند هذا الحد تدخل الفرعون في الحديث.. قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ
قال موسى: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ
التفت فرعون لمن حوله وقال هازئا: أَلَا تَسْتَمِعُونَ
قال موسى متجاوزا سخرية الفرعون: رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ
قال فرعون مخاطبا من جاءوا مع موسى من بني إسرائيل: إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ
عاد موسى يتجاوز اتهام الفرعون وسخريته ويكمل: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ

حكى الله تعالى في سورة الشعراء جزءا من حوار فرعون وموسى.. قال تعالى:
قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ
قال تعالى:
فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى (48) قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51) قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى
نلاحظ أن فرعون لم يكن يسأل موسى عن رب العالمين أو رب موسى وهارون بقصد السؤال البريء والمعرفة. إنما كان يهزأ. ولقد أجابه موسى إجابة جامعة مانعة محكمة.
قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى
هو الخالق. خالق الأجناس جميعا والذوات جميعا. وهو هاديها بما ركب في فطرتها وجبلتها من خواص تهديها لأسباب عيشها. وهو الموجه لها على أي حال. وهو القابض على ناصيتها في كل حال..وهو العليم بها والشاهد عليها في جميع الأحوال.
توحي العبارة القرآنية بهذا كله وأكثر. فتأمل إيجازها المعجز.
رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى

انزلقت العبارة على ذهن فرعون السميك مثلما تنزلق قطرة من الزئبق على سطح من الزجاج. لم تترك أثرا أو علامة. وها هو ذا فرعون يسأل: فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى لم تعبد ربك هذا؟
لم يزل فرعون ماضيا في استكباره واستهزائه. ويرد موسى ردا يستلفته إلى أن القرون الأولى التي لم تعبد الله، والتي عبدته معا، لن تترك بغير مساءلة وجزاء. كل شيء معلوم عند الله تعالى.. هذه القرون الأولى (عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ). أحصى الله ما عملوه في كتاب. (لَّا يَضِلُّ رَبِّي).. أي لا يغيب عنه شيء. (وَلَا يَنسَى). أي لا يغيب عن شيء. ليطمئن الفرعون بالا من ناحية القرون الأولى والأخيرة وما بينهما.. إن الله يعرف كل شيء ويسجل عليهما ما عملته ولا يضيع شيئا من أجورهم.
عاد موسى يكمل حديثه عن ربه.
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى (53) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى (54) مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى
استلفت موسى نظر فرعون إلى آيات الله في الكون. ودار به مع حركة الرياح والمطر والنبات وأوصله مرة ثانية إلى الأرض، وهناك افهمه أن الله خلق الإنسان من الأرض، وسيعيده إليها بالموت، ويخرجه منها بالبعث، إن هناك بعثا إذن.. وسيقف كل إنسان يوم القيامة أمام الله تعالى.. لا استثناء لأحد.. سيقف كل عباد الله وخلقه أمامه يوم القيامة. بما في ذلك الفرعون.. بهذا جاء موسى مبشرا ومنذرا.
لم يعجب فرعون هذا النذير، وتصاعد الحوار بينه وبين موسى..
كان الحوار يعبر عن الصراع بينهما.. سخنت حدة الصراع فتغيرت لهجة الحوار.. أقام موسى الحجة الدامغة على فرعون، أقام عليه الحجة العقلية.. ولكن فرعون ينفلت خارجا من دائرة الحوار الذي بنى على المنطق، ويبدأ حوارا من نوع جديد. نوع لا يطيق موسى مجاراته فيه. إنه يهاجم موسى ويهدده ويحتقره ويسبه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 4:40 pm

أعطى فرعون ظهره للحق الذي جاء به موسى. وتجاهل دعوته. وبدأ يهاجمه في شخصه وملابسه وطريقة نطقه للكلمات.. أشار لمن حوله إلى فقر موسى.. وملابسه الصوفية الخشنة. وهذا التردد الذي يجتاح لسانه عند نطق بعض الكلمات.. بعد هذا التحقير لموسى.. عمد الفرعون إلى أسلوب الحكم المطلق..
سأل موسى: كيف يجرؤ على عبادة غيره..؟ ألا يعرف موسى أن فرعون إله؟ كيف يجهل موسى هذه الحقيقة رغم أنه تربى في قصر الفرعون ويعرف؟!
بعد أن أعلن فرعون عن ألوهيته بصفة مبدئية. سأل موسى كيف تجرأ على عبادة غيره.. إن هذا معناه السجن.. ليس عندنا لمن يتخذ إلها غير الفرعون.. سوى السجن..
قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ
أدرك موسى أن الحجج العقلية لم تفلح. إن الحوار الهادئ ينقلب من السخرية إلى المن إلى التحقير إلى التهديد بالسجن. أدرك موسى أن وقت إظهار المعجزة قد جاء.
قال للفرعون بعد تهديده له بالسجن..
قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ
إنه يتحدى الفرعون.. وها هو ذا يقبل تحديه.. ويعلق صدقه على أن يأتيه بهذا الشيء المبين.
قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ
ألقى موسى عصاه في ردهة القصر العظيمة. في البداية، خيل إلى فرعون أن العصا سقطت من موسى بسبب ارتباكه بعد أن طالبه بإظهار الدليل على صدقه.
تحولت أنظار الواقفين جميعا إلى العصا وهي ترتطم بأرض الردهة الرخامية.

لم تكد العصا تلمس الأرض حتى تحولت إلى ثعبان هائل يتحرك بسرعة. اتجه الثعبان الهائل نحو فرعون. شحب وجه فرعون من الخوف، وانكمش في كرسيه، وصرخ أن يبعدوا عنه الثعبان. مد موسى يده إلى الثعبان فعاد في يده إلى عصا كما كان. سقط الصمت بعد هذه الآية..
عاد موسى يكشف أمام الواقفين معجزته الثانية. أدخل يده في جيبه وأخرجها فإذا هي بيضاء كالقمر. شحبت كل أضواء القصر وشموعه أمام هذا النور الجديد. وظهر وجه فرعون أخضر من الخوف. قال تعالى:
فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ
صمتت الأصوات في القصر. وانغرس تأثير المعجزتين في النفوس يحمل تيارا من الخوف أول ما يحمل.. ثم أعاد موسى يده إلى جيبه فعادت كما كانت.
ذاب النور المدهش الذي حملته الآية الثانية إلى المكان، قال فرعون ممتقع الوجه: اذهبا الآن.. نتحدث فيما بعد.
استدار موسى وخرج من القصر. كان فرعون ذاهلا. جال تفكيره فيما يمكن أن يقع في المملكة لو انتشر فيها خبر المعجزتين وتحدث الناس عن موسى وهارون. أصدر الفرعون أمره بإسدال الصمت على الموضوع، ولكن خدم القصر وجواريه وجزءا من بني إسرائيل شهدوا المعجزتين. وملئوا الدنيا حديثا عنهما. بهت فرعون مصر تماما حين واجه المعجزتين. فلما خرج موسى من قصره تحول من الذهول والخوف إلى الغضب العنيف. انفجرت ثورته في وزرائه ورجاله وراح يعنفهم بلا سبب.. أمرهم بالخروج من مجلسه وخلا بنفسه.. حاول أن يفكر في الموضوع بهدوء أكثر.
شرب عدة كئوس من الخمر فلم يذهب غيضه.. ثم أصدر أمره باجتماع خطير يدعى إليه كل وزراء مصر وقادتها ومسئوليها.. وأصدر الفرعون أمره لهامان، كبير وزرائه، أن يشرف بنفسه على عقد الاجتماع.. واجتمع الملأ من قوم فرعون..
دخل فرعون الاجتماع ووجهه متصلب.. كان واضحا أنه لن يستسلم بسهولة، إنه يقيم ملكه على أساس أنه إله يعبده المصريون. وهو يستبد بهم ويتحكم فيهم ويستغلهم طبقا لهذه الفكرة.. وها هو ذا موسى يجيء ليهدم كل ما بناه. أبسط شيء أن موسى يقول إن هناك إلها واحدا لا إله غيره في الكون. معنى هذا أن فرعون كاذب.
لم تكد هذه الفكرة تستقر في رأس فرعون.. حتى التفت إلى كبير وزرائه هامان.. كانت الجلسة التاريخية منعقدة.. ولم يكن هناك من تجرأ على فتح فمه بعد.. افتتح فرعون الجلسة بأن ألقى على هامان سؤاله المفاجئ: هل أنا كاذب يا هامان؟
ركع هامان مندهشا وتساءل: من الذي تجرأ على الكفر بالفرعون؟!
قال فرعون مقطبا: موسى.. ألم يقل إن هناك إلها في السماء؟
قال هامان مؤكدا: موسى يكذب يا مولاي.


قال فرعون نافد الصبر وهو يدير وجهه إلى الجهة الأخرى: أعرف أنه يكذب.
ثم ملتفتا إلى هامان:
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا
أصدر الفرعون أمره الملكي ببناء صرح شاهق يفترض في ارتفاعه أن يصل إلى السماء. استند الأمر الفرعوني إلى حضارة مصر وولعها بالبناء، غير أنه تجاهل القوانين الهندسية الحاكمة، ورغم ذلك رد هامان منافقا وهو يعرف باستحالة بناء مثل هذا الصرح:
- سأصدر أمرا ببنائه على الفور.. لكنك يا مولاي.. واسمح لي بالاعتراض للمرة الأولى على الفرعون.. لن تجد شيئا في السماء.. ليس هناك إله غيرك..
استمع فرعون إلى اعتراض رئيس وزرائه راضيا كأنه يستمع إلى حقيقة مقررة.. ثم أعلن في اجتماعه الشهير كلمته التاريخية:
يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي
حنى الجميع رءوسهم موافقين. كان بينهم اثنان و ثلاثة. لم يزل في رءوسهم عقل. وكان هؤلاء الثلاثة يعرفون أن فرعون هو الذي يكذب. ورغم ذلك سكتوا على الكذب ووافقوه. وقد كلفت هذه الموافقة الشعب المصري غاليا. دفع الجنود المصريون من دمهم فيما بعد ثمن نفاق قادتهم وموافقة وزرائهم وخضوع كهنتهم لجنون الفرعون.
قال فرعون وهو يسأل مستشاريه: ماذا قلتم في موسى؟
قال هامان: هو كاذب. وقال وزير آخر: أعتقد أنه مجنون.
وقال كاهن أشيب خشي أن يضيع بينهم لو لم يقل شيئا: أتصور أن مسا أصابه..

قاطع الفرعون: أنتم تصفون موسى، ولكنكم لم تجيبوا عن سؤالي بعد. ما هي حقيقة موسى..؟ ما هي المؤامرة التي يخفيها وراء ظهره؟
سكت المستشارون خوفا ونفاقا من فرعون. وانتظروا أن يضع هو الكلمات في أفواههم ليرددوها بعده كالببغاوات.
قال فرعون بعد لحظة صمت فلسفي مضحك: اعتقد أن موسى
لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ
من المعروف في أنظمة الحكم المطلق أن اجتماع وجوه القوم وكبارهم لإبداء الرأي أمام الحاكم الطلق لا يعني أكثر من اجتماعهم لتلقي الرأي وترديده بعد ذلك.
قال المستشارون بعد أن أعطاهم فرعون حبل الكلمات:
- صدق فرعون. إن موسى ساحر، لقد انحلت المشكلة، سترجئ موسى وأخاه ونبعث بأمر الفرعون في مصر كلها ليحضر السحرة، فإذا حضر السحرة وقفوا أمام موسى واثبتوا أنه ساحر وهزموه.. وبذلك نكشفه أمام المصريين وأبناء إسرائيل..
تم الاتفاق في هذه الجلسة التاريخية على ذلك. وخرج من قصر الفرعون عشرة رجال ركبوا مركباتهم وأسرعوا يتفرقون في مصر. ونودي ثاني يوم في أسواق مصر كلها: إن على جميع السحرة الماهرين التوجه إلى قصر فرعون لأمر مهم. واستدعى فرعون نبي الله موسى وحاول تهديده وإخافته، ولكن موسى ظل على هدوئه.
قال فرعون لموسى: أنت ساحر يا موسى. ولقد قررت أن أكشفك أمام الجميع وبعد أيام قليلة يحضر السحرة.
سأل موسى: متى ألتقي بالسحرة؟
قال فرعون: هناك مناسبة قريبة لحشد الناس واجتماعهم.. هي يوم الزينة.. يوم شم النسيم.. يوم تتزين الأرض لقدوم الربيع.. سيكون الاجتماع هائلا.. وسوف تهزم.. وأنا أعطيك حق التراجع من الآن.. إنني أمنحك فرصة أخيرة لإنقاذ ماء وجهك.
وقال موسى متجاهلا كلام الفرعون الأخير: اتفقنا على الموعد (مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى)..
سأل فرعون: أي وقت ستحضر؟
قال موسى: سأحضر أن شاء الله تعالى قبل الضحى.. في بداية النهار..
قال تعالى في سورة طه:
وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (56) قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَانًا سُوًى (58) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 4:43 pm

انصرف موسى مطمئنا..
وبدت وفود السحرة تصل إلى قصر فرعون. وحين اجتمعوا جميعا أمر فرعون بإدخالهم عليه. سجد السحرة لفرعون حين دخلوا عليه. أمرهم فرعون بالوقوف، وراح يتمشى بينهم ويتأمل وجوههم وملابسهم وهو صامت يفكر، ثم وقف فجأة وقال: أيها السحرة.. نحن نواجه مشكلة صغيرة، وقد أمرت بإحضاركم لحلها..
حنى السحرة رءوسهم واستمعوا.. عاد الفرعون يتحدث: جاءنا رجل يدعي أنه رسول من الله، رجل اسمه موسى، ومعه أخوه هارون.. وموسى هذا ساحر أمهر منه وأقدر.. يجب أن تهزموه هزيمة مطلقة لا يستطيع رفع رأسه بعدها..
حنى السحرة رءوسهم وظلوا صامتين. قال فرعون: لماذا لم يسألني أحدكم عن سحر موسى؟!
رد أحد السحرة بهدوء: نحن ننتظر من فرعون العظيم أن يحدثنا بنفسه.. لا نريد أن نقاطعك يا مولانا.
قال فرعون بغضب: ألقى عصاه فإذا هي ثعبان كبير، ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين.
لمعت الابتسامة في وجوه السحرة وقال أحدهم: ليطمئن قلب الفرعون.. هذه لعبة قديمة، لعبة العصا التي تتحول إلى ثعبان.. إنها لا تتحول إلى ثعبان.. إنما يخيل إلى الناس إنها تتحرك وهي ثابتة..
قال فرعون: لا أريد أن أدخل في نقاش حول أصول صنعة السحر.. أريد أن تهزموا موسى.. لقد اتفقنا على اللقاء يوم الزينة.. سيجتمع الشعب المصري كله ويشاهدكم وأنتم تهزمونه.. يجب أن تغلبوه..
انتهى كلام الفرعون وانتظر أن ينصرف السحرة وظلوا واقفين.. تساءل أحدهم: لم يحدثنا مولانا الفرعون عن أهم شيء لو غلبنا له موسى.
سأل فرعون مندهشا: ما هو أهم شيء هذا؟!
قال أحد السحرة: أجرنا (إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ)..
قال فرعون ضاحكا: سأرضى عنكم، وستكونون من المقربين.. سننشئ وظائف جديدة في القصر للسحرة.. اطمئنوا تماما للأجر..
ابتسم فرعون وهو يرى وثوق السحرة من أنفسهم، وأمرهم بالانصراف وانصرف هو إلى مائدة الغداء.. انفتحت نفسه فجلس يأكل.. قال وهو يلتهم فخذ خروف سمين: انسدت نفسي عن الأكل من يوم أن جاء موسى.. اقتربت نهايته على أي حال..


قال تعالى في سورة الأعراف:
وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) وَجَاء السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْواْ إِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإَنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ
وجاء يوم الزينة.. وخرج الناس من بيوتهم وهم يتحدثون عن اللقاء بين موسى وفرعون.
بدأ الناس يتوجهون إلى مكان الاحتفال منذ الصباح المبكر.. لم يكن هناك أحد في مصر لم يعرف قصة التحدي واللقاء.. وهلل الناس حين وصل السحرة.. كما هللوا حين وصل فرعون.. ثم ساد صمت ثقيل حين وصل موسى وهارون.
كان مكان الاحتفال مكشوفا إلا من مظلة فرعونية لتقي رأس فرعون من حرارة الشمس.. ووقف فرعون وسط أبهته وجنوده وقواده وهو يرتدي الذهب والجواهر، ووقف موسى مطأطئ الرأس يذكر الله في نفسه.. صمتت الأصوات تماما وتقدم السحرة إلى موسى..
قال السحرة لموسى: إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى
قال موسى: بَلْ أَلْقُوا
قال السحرة: بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ
قال موسى: وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ
قال بعض أهل الحقائق.. التفت موسى فإذا جبريل على يمينه يقول له: يا موسى.. ترفق بأولياء الله.. قال موسى لنفسه: هؤلاء سحرة جاءوا ينصرون دين فرعون.. عاد جبريل يقول: ترفق بأولياء الله.. هم من الساعة إلى صلاة العصر عندك، وبعد صلاة العصر في الجنة.

رمى السحرة بعصيهم وحبالهم فإذا المكان يمتلئ بالثعابين فجأة..
سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ
وهلل المصريون.. وابتسم الفرعون ابتسامة واسعة وقال في نفسه: لقد تم القضاء على موسى الآن.. إن معجزته أن العصا تتحول في يده إلى حية.. ها هو ذا فرعون يحضر له عشرات السحرة الذين تتحول العصي والحبال في أيديهم إلى حيات..
زادت ابتسامة فرعون..
ونظر موسى عليه السلام إلى حبال السحرة وعصيهم وشعر بالخوف..
فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى
تذكر ما قاله له جبريل وأحس بالخوف.. كيف يمكن أن يدخل هؤلاء السحرة الجنة ويكونوا أولياء الله.. مثلما يطفأ النور ثانية أو ثانيتين ويسود الظلام.. شعر موسى بذلك.. ولا أحد يعرف حقيقة الأفكار التي عبرت ذهن موسى وهو يقف في ملابسه الفقيرة مع أخيه أمام كل هذا الحشد العظيم من حرس الفرعون وجنوده.. لم يستمر إحساس موسى بالخوف، عاد النور يضيء داخله والله سبحانه وتعالى يقول له:
لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى


اطمأن موسى حين سمع رب العالمين يطمئنه.. كفت يده عن ارتعاشها الخفيفة، ورفع موسى عصاه وألقاها فجأة.. لم تكد عصا موسى تلامس الأرض حتى وقعت المعجزة..
شاهد الناس والسحرة وفرعون وجنوده شيئا لم يشاهده أحد من قبل في العالم.. المعروف أن الساحر يستطيع أن يخدع أعين الناس ويوهمهم أن الثعبان يتحرك وهو ثابت، أن العصا تتحرك وهي ثابتة..
لكن ما حدث ساعتها كان شيئا مختلفا تماما..
لم تكد عصا موسى تلمس الأرض حتى تحولت إلى ثعبان جبار سريع الحركة، وتقدم هذا الثعبان فجأة نحو حبال السحرة وعصيهم التي كانت تتحرك وبدأ يأكلها واحدا بعد آخر.. راحت عصا موسى تأكل حبال السحرة وعصيهم بسرعة مخيفة..
لم تكد تمضي دقائق حتى كانت الساحة خالية تماما من كل حبال السحرة وعصيهم.. اختفت الحبال والعصي في بطن عصا موسى.. وتحرك الثعبان العظيم نحو موسى.. ومد موسى يده فتحول الثعبان إلى عصا..
وأدرك السحرة أنهم ليسوا أمام ساحر.. إنهم سادة السحر وأعظم العلماء في زمانهم.. وما رأوه منذ لحظات لا يدخل في باب السحر أو العلم.. إنما هذه معجزة من الله.. وألقى السحرة أنفسهم على الأرض ساجدين..
قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 4:44 pm

شهد المصريون وأبناء إسرائيل هذه المعجزة المفاجئة.. شهدوا سجود السحرة لموسى وهارون.. وأحس فرعون أن الأمر يفلت من يده فنهض واقفا وصاح في السحرة: كيف تؤمنون به قبل أن أعطيكم إذنا بذلك؟
قال السحرة: لا يحتاج الإيمان إلى إذن.
قال فرعون: إنها مؤامرة واضحة..
إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ
ستقطع أيديكم وأرجلكم.. ستصلبون في جذوع النخل، إنها مؤامرة واضحة..
قال السحرة: افعل ما تريد أن تفعله يا فرعون.. لن نفضلك على هذه المعجزة الإلهية.. (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا) وما أجبرتنا..
عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى
ولو عذبتنا وقتلتنا وصلبتنا فإنك تعذبنا في هذه الحياة.. وهي لا شيء بجانب الآخرة.. ونحن نطمع في مغفرة الله ودخول الجنة..
وأصدر الفرعون أمره بصلب السحرة جميعا..
ووقف الناس يتفرجون على ما يحدث.. لم تكن شهادة السحرة لموسى شيئا يستهان به.. إن هؤلاء هم صفوة المجتمع المصري.. هم علماؤه.. وقد سجد علماء مصر للحق، فخذلهم الناس وتركوهم لمصيرهم. كان الحق واضحا ورغم ذلك اكتفى الناس بالفرجة، ولو أن كل واحد من المصريين انحنى على الأرض وتناول قطعة من الطوب وقذف بها فرعون لسقط فرعون وتغير تاريخ مصر.. ولكن الذي حدث أن أحدا لم يتحرك من مكانه، اكتفى الناس بالفرجة، ودفع الناس فيما بعد ثمن هذه الفرجة..
غرق الناس فيما بعد ثمنا لجبن يوم واحد.. وأسدل الستار على هذا اليوم العظيم.. وانصرف موسى وهارون.. وعاد الفرعون لقصره..
حكى الله تعالى في سورة الأعراف ما كان من أمر السحرة وموسى.. قال تعالى:
قَالُواْ يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَـذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) قَالُواْ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ (125) وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ
انقلب السحرة المصريون إلى الإسلام الذي جاء به موسى.. آمنوا بالله.. وصعدوا بهم إلى جذوع النخل لصلبهم وتقطيع أيديهم وأرجلهم، وهم يسألون الله أن يتوفاهم مسلمين. وفهم موسى معنى كلمات جبريل عليه السلام: "هم من الساعة إلى صلاة العصر عندك.. وبعدها في الجنة". لم يكد العصر يدخل حتى كانت أجسام السحرة.. علماء مصر وخيرة عقولها.. كانت أجسادهم تشخب دماء وهي مصلوبة يثبتها جنود الفرعون بالسهام القوية..


انكفأ فرعون على مشكلته الجديدة..
بدأت سلسة اجتماعات خطيرة في قصره.. استدعى المسئول عن الجيش والشرطة.. واستدعى -ما نسميه اليوم- مدير الاستخبارات، واستدعى الوزراء والأمراء والكهنة.. وراح يستدعي كل من يملك قوة للتأثير في سير الحوادث، أو يتصور أنه يملك هذه القوة.
سأل الفرعون مدير استخباراته: ماذا يقول الناس؟
قال: نشر رجالي بينهم أن كسب موسى للمباراة كان مؤامرة دبرها معه كبير السحرة. وقد تم كشف المؤامرة التي يعتقد أن جهات مجهولة تمولها.
سأل الفرعون مدير الشرطة: ماذا تم في جثث السحرة؟
قال: علقها رجالي في الميادين العامة والأسواق لإرهاب الناس، ونحن نشيع أن الفرعون يقتل كل من له علاقة بالمؤامرة.
سأل الفرعون قائد الجيش: ماذا يقول الجيش؟
قال: يتمنى أن تصدر له الأوامر للحركة في أي اتجاه يحدده الفرعون.
قال فرعون: لم يأت دور الجيش بعد.. سيأتي دوره.
سكت فرعون.. وتحرك هامان كبير الوزراء ورفع يده يطلب الكلمة.
سمح له فرعون فقال هامان: هل سنترك موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويتركوا عبادتك؟
قال فرعون: أنت تقرأ أفكاري يا هامان. سنقتل أبنائهم ونستحيي نسائهم وإنا فوقهم قاهرون.

أصدروا التعليمات بذلك. وانطلق رجال الفرعون يقتلون الأبناء وينتهكون النساء ويسجنون من يعترض. ووقف موسى يشهد ما يحدث دون أن يملك التدخل أو يقوى على دفعه.. كل ما فعله أنه أمر قومه بالصبر.. أمرهم أن يستعينوا بالله ويصبروا على المحنة.. ضرب لهم مثلا بالسحرة المصريين الذين احتملوا في الله ما احتملوه بغير شكاة. أفهمهم أن جنود فرعون يتصرفون في الأرض كما لو كانت الأرض ملكا خاصا لهم، غير أن هذا ليس صحيحا.. سيرث هذه الأرض من يتقي الله..
وأشاع إرهاب الفرعون في نفوس بني إسرائيل روحا من الانهزام والتشاؤم. وقالوا لموسى: أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا.. كانت الأنبياء تقتل قبل مجيئك وبعد مجيئك إلينا. كأنهم يقولون له إن وجودك لا يؤثر في شيء.. نحن وحدنا تماما. ورد موسى جهلهم وأفهمهم أن الله سيهلك عدوهم ثم يستخلفهم في الأرض فيرى كيف يعملون.. غير أنهم استمروا على شكايتهم وتأذيهم.
وبدا موقف موسى صعبا.. إنه يواجه غضب الفرعون ومؤامرته، وتذمر قومه في الوقت نفسه.. ووسط هذه الظروف تحرك قارون.. كان قارون من أبناء إسرائيل.. (كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ) إن ثرائه وظروفه جعلاه أقرب طبقيا وعاطفيا إلى نظام فرعون.
يحدثنا الله عن كنوز قارون فيقول سبحانه وتعالى إن مفاتيح الحجرات التي تضم الكنوز، كان يصعب حملها على مجموعة من الرجال الأشداء. ولو عرفنا عن مفاتيح الكنوز هذه الحال، فكيف كانت الكنوز ذاتها؟! كان لقارون عدد عظيم من الخيل والمركبات والرجال والحرس، وكانت مركباته مطعمة بالذهب والفضة. وكانت سروج خيله المطهمة مصنوعة من الجلد المزين بالذهب والفضة وبالبرونز والنحاس. وكان قارون إذا خرج في زينته، تلألأ الذهب والنحاس تحت أشعة الشمس، وخطف الوهج أبصار أهل الدنيا..
وكان طبيعيا أن يملك قارون مع أمواله كبرياء لا يفلح معها نصح. ويبدو أن ثراءه وكبرياءه أسلماه معا لإحساس متصل بالفرح. صارت ضحكته أشهر ضحكة في بني إسرائيل، وصار موكبه أشهر المواكب بعد موكب فرعون وموكب هامان. كان الاثنان يملكان مصر كلها، ولم يكن قارون يملك غير جزء من مصر على أي حال..
ويبدو أن العقلاء من قومه نصحوه أن يفكر قليلا في آخرته، ولعلهم قالوا له: إن أحدا لا ينصحك بترك الدنيا كلها والانخراط في سلك الزاهدين. إنما نصحوه ألا ينسى نصيبه من الدنيا، وكان هذا النصح مأخوذا به ولا حاجة إليه، كما نصحوه ألا ينسى نصيبه من الآخرة.. ويبدو أن قارون اكتفى بنصيبه من الدنيا، وأوهمه عقله أن هذا الثراء جاء بسبب علمه، كما أوهمه ثراؤه أن الله يحبه.. وذهبت به الظنون إلى أنه أفضل من موسى.. إن موسى فقير وقارون شديد الثراء. كيف يكون الفقير الذي لا يرتدي أسورة واحدة من الذهب، أفضل عند الله من الغني الذي يصنع سروج خيله من الذهب؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 4:44 pm

هكذا اتفق قارون مع فرعون في نظرته إلى موسى.. وكان فرعون يحكم على الأفراد من واقع ثرائهم المادي، كدأب الجاهلين.
هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ
كانت هذه كلمة فرعون عن موسى.. اتفق رأيا فرعون وقارون بالنسبة لموسى.. وكان قارون بحكم مركزه وثرائه صديقا لفرعون ونظام حكمه. ويبدو أن قارون وفرعون وهامان لم يكونوا وحدهم سجناء هذا الوهم. كان قوم فرعون.. أي المصريون ينظرون إلى موسى نظرتهم إلى ساحر هزم سحرتهم.. ولا يعني هذا أن مصر أجدبت أو خلت من الفضل، كان في المصريين من يؤمن بموسى، ويخفي إيمانه خشية بطش الفرعون. وكان في قوم موسى من ينظر إلى موسى وقارون ويقارن بينهما، وكان هناك من يتساءل ببلادة: إذا كان الله يحب موسى حقا فلماذا جعله فقيرا؟!
ويبدو أن قارون كان فتنة لقومه، وللمصريين على السواء. كان إذا خرج في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا:
يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ

وكان العقلاء رغم قلتهم يرون أن ثراء قارون العظيم لا يعني شيئا في ميزان الله، لا يرى الله الفضل في الذهب والكنوز واللآلئ والدرر والماشية، إذا كانت النفوس قد أظلمت من الداخل. وكان موقف موسى صعبا وسط هذه الظروف كلها.
وفي هذه اللحظات الحرجة، تحرك قارون ضد موسى. كان موسى كنبي، رجلا يتصف بالنقاء العظيم. ويبدو أن قارون اتفق مع فرعون على محاولة إسقاط موسى في عيون اتباعه، عن طريق اتهامه بتهمة تخل بالنقاء. وهكذا فوجئ موسى يوما وهو يقف وسط قومه، ويدعوهم إلى الله، فوجئ بامرأة بغي تقذفه بتهمة مؤداها أنه كان في فراشها أمس.
ونحسب أن موسى فوجئ بهذه التهمة، ولم يعرف ماذا يقول فيها، أو كيف يدفع عن نفسه اتهام البغي.. وأغلب الظن أنه صلى لله ثم أقبل عليها فسألها: لماذا تتهمه بما لم يحدث؟ وانهارت المرأة باكية مستغفرة تحدثه أن قارون أعطاها نقودا مقابل إلصاق هذا الإفك بموسى.. ودعا موسى على قارون..
وشاء الله تعالى أن تقع معجزة تضع الأمور في أماكنها الصحيحة وتبين للناس أن الله هو القادر القاهر، وأن المال فتنة وليس فضلا تقاس به أقدار الناس.
وكانت هذه المعجزة هي خسف الله لقارون وداره وكنوزه..
خرج قارون على قومه في زينته.. فانشقت الأرض تحت قدميه وهوى في الأرض.. لا نعرف أكان ذلك زلزالا ينتظر منذ خلق الأرض لحظة ميلاده ليقع، أم كان ذلك زلزالا أمره الله أن يقع في هذه اللحظة.. كل ما نعرفه أن الأرض انشقت وابتلعت معها أرضه وقصوره وماشيته وذهبه وفضته وكنوزه ورجاله.. وتقول بعض الأساطير إن ذلك كان في الفيوم.. وان بحيرة قارون التي يعرفها المصريون بهذا الاسم.. كانت هي موضع أرض قارون وقصوره وكنوزه.. وعلى أي حال.. إن النص القرآني لا يحدد مكان هذا الخسف، ولا يحدد زمانه.. إنما يحكي ما وقع فحسب.. وليس تحديد المكان أو الزمان يعني شيئا إلى جوار العبرة المستخلصة مما حدث.


قال تعالى في سورة القصص:
إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ
وقف كثير من القدماء أمام هذا العلم الذي أدعى قارون أنه قد أوتيه. قال بعضهم إن هذا هو علم الكيمياء الذي يتحول بسببه النحاس إلى ذهب، وقال بعضهم إنه كان يعرف اسم الله الأعظم، فاستخدمه في تحويل المواد إلى ذهب. وأنكر عليه العقلاء من القدماء أن يعرف اسم الله الأعظم، وهو منافق، كما أنكروا عليه صنعة الكيمياء..
ونحسب أن هذا كله أساطير لا تصلح لتفسير أسباب ثرائه، نعتقد أنه كان رجلا ظالما، ورث ضياعا واسعة فاستغلها في تنمية ثروته، ولا بأس بعمل غير مشروع هنا ولا بأس من صداقة الفرعون والتسهيلات التي تتيحها مثل هذه الصداقة. ولا بأس من الوقوف ضد موسى، إذا كان ذلك يتفق مع المصلحة. ولا بأس من ظلم هنا وهناك.. بعدها يكون من المنطقي أن يقول إنه أوتي أمواله على علم عنده.. لقد أجهد الرجل نفسه في الكذب والظلم حتى صنع ثروته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 4:45 pm

اواصل بعد الصلاه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 5:15 pm

إن الانحراف عن الإيمان بالله.. ولو شعرة واحدة.. ينتهي بالإنسان إلى كبرياء تضطرب معها الحقائق، وتختلط الأمور، ويصبح الادعاء الكاذب شيئا منطقيا ومفهوما ولا حاجة لتحليله.. لم يكد خسف قارون يتم، حتى ارتفعت رءوس المؤمنين بموسى وانقشع غمهم بعد طول استياء. عاين المصريون وأبناء إسرائيل هذه المعجزة. وعاد الصراع بين موسى وفرعون يصل إلى ذروته.. وأيقن فرعون أن موسى يهدده في ملكه..
كان موسى مثل كل الأنبياء يحمل برسالته حكما بالإعدام على شرور عصره ومراكز القوة الظالمة.. واتحدت شرور العصر في قصر الفرعون.. هناك طرح فرعون مصر فكرة قتل موسى.. كان فرعون قد صار إلى اقتناع بأن قتل موسى هو الكفيل بحل مشكلاته..
وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ
سنلاحظ أن فرعون يرتدي مسوح الداعين إلى الحق، إنه يختلس لنفسه مهام الأنبياء، ويخاف على الناس أن يضلهم موسى.. وهو يقترح على وزرائه وكبار رجاله أن يتركوه يقتل موسى.. والمفهوم الطبيعي أنه لن يقتل موسى بيديه وإنما هو يطرح فكرة قتله أمامهم، لتقوم السلطات بتنفيذها.. ونتعقد أن هامان حبذ الفكر، وتكونت جبهة من المنافقين الذين يؤيدون فكرة الفرعون..
كادت الفكرة تحصل على التصديق، لولا رجل من آل فرعون.. رجل من رجال الدولة الكبار، لا يذكر القرآن اسمه، لأن اسمه لا يهم، لم يذكر صفته أيضا لأن صفته لا تعني شيئا، إنما ذكر القرآن أنه رجل مؤمن.. ذكره بالصفة التي لا قيمة صفة بعدها.
تحدث هذا الرجل المؤمن، وكان (يَكْتُمُ إِيمَانَهُ)، تحدث في الاجتماع الذي طرحت فيه فكرة قتل موسى وأثبت عقم الفكرة وسطحيتها. قال إن موسى لم يقل أكثر من أن الله ربه، وجاء بعد ذلك بالأدلة الواضحة على كونه رسولا، وهناك احتمالان لا ثالث لهما: أن يكون موسى كاذبا، أو يكون صادقا، فإذا كان كاذبا (فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ)، وهو لم يقل ولم يفعل ما يستوجب قتله. وإذا كان صادقا وقتلناه، فما هو الضمان من نجاتنا من العذاب الذي يعدنا به؟
تحدث المؤمن الذي يكتم إيمانه فقال لقومه: إننا اليوم في مراكز الحكم والقوة، مثلما كان قارون بالأمس في مركز الثراء والقوة، ثم أصابه ما أصابه.. من ينصرنا من بأس الله إذا جاء؟ ومن ينقذنا من عقوبته إذا حلت؟ إن إسرافنا وكذبنا قد يضيعاننا..

وبدت كلماته مقنعة.. إنه رجل ليس متهما في ولائه لفرعون.. وهو ليس من اتباع موسى.. والمفروض أنه يتكلم بدافع الحرص على عرش الفرعون.. ولا شيء يسقط العروش كالكذب والإسراف وقتل الأبرياء..
ومن هذا الموضع استمدت كلمات الرجل المؤمن قوتها.. بالنسبة إلى فرعون ووزرائه ورجاله.. ورغم أن فرعون وجد فكرته في قتل موسى، صريعة على المائدة. رغم تخويف الرجل المؤمن لفرعون.. رغم ذلك قال الفرعون كلمته التاريخية التي ذهبت مثلا بعده لكل الطغاة..
قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ
هذه كلمة الطغاة دائما حين يواجهون شعوبهم.. (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى).. هذا رأينا الخاص.. وهو رأي يهديكم سبيل الرشاد. وكل رأي غيره خاطئ.. وينبغي الوقوف ضده واستئصاله.. حدثنا الله عن هذا الموقف في سورة غافر.
وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ
لم تتوقف المناقشة عند هذا الحد.. قال فرعون كلمته ولكنه لم يقنع بها الرجل المؤمن.. وعاد الرجل المؤمن يتحدث:
وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ (34) الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ


سنلاحظ في هذا الحديث اختلافا عن الحديث.. إن الرجل المؤمن يغوص في حديثه الأخير في أعماق التاريخ وهو يقدم لفرعون وقومه أدلة كافية على صدق موسى.. وهو يحذرهم من المساس به.. لقد سبقتهم أمم كفرت برسلها، فأهلكها الله: قوم نوح، قوم عاد، قوم ثمود..
لماذا نذهب بعيدا؟ إن تاريخ مصر فيه الدليل على صحة قوله، لقد جاء يوسف بالبينات فشك فيه الناس ثم آمنوا به بعد أن كادت النجاة تفلت منهم، ما الغرابة في إرسال الله للرسل؟ إن التاريخ القديم ينبغي أن يكون موضع نظر.. لقد انتصرت القلة المؤمنة حين أصبحت مؤمنة على الكثرة الكافرة.. وسحق الله تعالى الكافرين.. أغرقهم بالطوفان، وصعقهم بالصرخة.. أو خسف بهم الأرض.. ماذا ننتظر إذن؟ ومن أين نعلم أن وقوفنا وراء الفرعون لن يضيعنا ويهلكنا جميعا؟
كان حديث الرجل المؤمن المثقف ينطوي على عديد من التحذيرات المخيفة.. ويبدو أنه اقنع الحاضرين بأن فكرة قتل موسى فكرة غير مأمونة العواقب.. وبالتالي فلا داعي لها..
بعدها حاول أن يستلفتهم إلى الحق الذي جاء به موسى.. إنه ينتقل من التلميح إلى التصريح.. إلى الجهر بالحق:
وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ

انتهى الأمر وانكشف إيمان الرجل المؤمن.. انكشف أنه مؤمن لم يعد يكتم إيمانه.. أعلن إيمانه في نهاية الحديث صراحة.. قال:
وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ
أنهى الرجل المؤمن حديثه بهذه الكلمات الشجاعة.. بعدها انصرف.. انصرف فتحول الجالسون من موسى إليه.. بدءوا يمكرون له. بدءوا يتحدثون عما صدر منه.. أيندرج هذا تحت الخيانة العظمى للنظام أم لا يندرج..؟ لقد اتهم فرعون ووزرائه بأنهم سيهلكون في النار.
نحسب أن الله أرسل هذا الرجل المؤمن من رجال فرعون، ليشغل فرعون عن موسى.. يكشف سياق النص القرآني أن هذا الرجل يمثل المثقفين المصريين الذين كانوا يعرفون التاريخ ويحللونه، ويملكون قدرة على ربط الأحداث ومعرفة الأسباب واستخلاص النتائج.. ثم تهديهم عقولهم إلى الحق.. وقد انشغل فرعون بهذا الرجل عن موسى فترة. كان الرجل المؤمن من أهل فرعون. قريبه وأحد رجال دولته، وإيمانه يجعل قصر الفرعون يبدو منقسما بالنسبة لموسى.. وهو يعني انتصارا عظيما لموسى.. وقتله قد يثير طبقة المثقفين المصريين بوصفه واحدا منهم وهكذا واجه فرعون مشكلته المستحيلة الحل.. إن قتل الرجل المؤمن غير مأمون العاقبة.. والإبقاء عليه غير مأمون العاقبة.. وراحوا يمكرون له ويدبرون.. وتدخلت عناية الله تعالى:
فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ
انشغل فرعون بهذه القضية الجديدة.. غير أنه لم يتنازل عن كبريائه ويرسل بني إسرائيل مع موسى. ظل على عذابه وتسخيره لهم واستحيائه للنساء وقتله للأبناء.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 5:16 pm

وشاء الله تعالى أن يشدد على آل فرعون.. ابتلاء لهم وتخويفا، ولكي يصرفهم عن الكيد لموسى والرجل المؤمن، وإثباتا لنبوة موسى وصدقه في الوقت نفسه.
وهكذا سلط على المصريين أعوام الجدب.. أجدبت الأرض وشح النيل ونقصت الثمار وارتفعت الأسعار وجاع الناس، واشتد القحط وأخذ بخناق الأمة المصرية.. ومن المعروف أن هذه العقوبة تصيب الناس دائما حين ينصرفون عن الإيمان والتقوى.. يقول الله تعالى في محكم كتابه في سورة الأعراف:
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ
انطبق القانون القديم على أهل مصر لسببين: وقوفهم موقف المتفرج من قتل السحرة.. ووقوفهم موقف المتفرج من طغيان حاكمهم..
ومن المدهش أن قوم فرعون أرجعوا هذه الجدب والقحط والجوع إلى سبب غريب. قالوا إنهم تشاءموا من موسى.. إن ما أصابهم من جوع وفقر ونقص في الثمرات أصابهم بسبب وجود موسى بينهم.. واشتد فقرهم واشتد بعدهم عن إدراك الحق، فاعتقدوا أن سحر موسى هو المسئول عما أصابهم من قحط. وصور لهم حمقهم أن هذا الجدب الذي أصاب أرضهم، آية جاء بها موسى ليسحرهم بها، وهي آية لن يؤمنوا بها.
ومن المفهوم ضمنا أن هذه لم تكن أفكار العامة من الناس، إنما هي أفكار الطبقة الحاكمة التي أشاعت هذا الرأي، وروجت له، فردده الناس بعد ذلك.. ولقد استتبع بقاء الصراع وامتداده، أن يعاقبهم الله تعالى ويشدد عليهم أكثر وأكثر..

قال تعالى:
وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (131) وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ
شدد الله عليهم مع اختلاف الأساليب لعلهم يرجعون إلى الله، ويطلقون بني إسرائيل ويرسلونهم معه.
أرسل عليهم الطوفان، بعد سنوات الجدب العديدة.. جاءت سنة فاض فيها النيل وأغرق الأرض فاستحالت الزراعة.. وبعد أن كان عذابهم وجوعهم ينبعان من قلة المياه، نبع عذابهم وجوعهم هذه المرة من زيادة المياه.. وهرعوا إلى موسى..
كانت المشكلة تستدعي تدخله..
قَالُواْ يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ
ودعا موسى ربه فكشف عنهم عذاب إغراق الأرض.. توقف تدفق المياه وشربت الأرض ماءها وعادت صالحة للزراعة.. وطالبهم موسى بتحقيق وعدهم له بإطلاق سراح بني إسرائيل، فلم يجيبوه.
ووقعت آية الجراد.. أرسل الله أسرابا من الجراد حطت على الزروع والثمار، فلما طارت عنها كانت الزروع والثمار قد اختفت. أكل الجراد طعام المصريين فهرعوا إلى موسى يسألونه أن يدعو ربه ليكشف عنهم هذا العذاب.. وسوف يرسلون معه بني إسرائيل هذه المرة.. ودعا موسى ربه فكشف عنهم العذاب ورحل الجراد عائدا من حيث جاء.. وعادوا يزرعون الأرض.. وطالبهم موسى بإطلاق سراح بني إسرائيل فراحوا يماطلونه.. حتى تأكد أنهم ليسوا جادين في وعودهم له.
ووقعت آية القمل.. انتشر القمل بما يحمله من أمراض.. وتكرر لجوءهم إلى موسى وتكررت وعودهم له وتكرر دعاؤه لله.. وتكرر إخلافهم لوعدهم.
ثم وقعت آية الضفادع.. امتلأت الأرض بالضفادع فجأة.. كانت تتواثب في أطعمة المصريين وتشاركهم بيوتهم وتزعجهم أعظم الإزعاج.. وذهبوا إلى موسى ووعدوه فسأل ربه فكشف عنهم فأخلفوا وعدهم.


ثم وقعت آخر الآيات وهي الدم. تحولت مياه النيل إلى دم لا يستطيع أن يسيغه أحد.
ونلاحظ أن الآيات السابقة كانت آيات من النوع المتوقع في بيئة زراعية تقوم حياتها على النهر.. فيضا أو إمساكا.
إن نقص مياه النيل أو زيادته أو هجوم الجراد أو القمل أو الضفادع.. هذه كلها أمور ليست جديدة على المصريين.. الجديد هو وقوعها بهذا العنف المفاجئ واختفاؤها بنفس العنف المفاجئ.. أما آخر الآيات فكانت من لون لم تألفه البيئة المصرية.. كانت آية أكبر من كل ما سبقها من الآيات.. تحولت مياه النيل إلى دم.. وتم هذا التحول بالنسبة للمصريين وحدهم، فكان موسى وقومه يشربون مياها عادية وكان أي مصري يملأ كأسه ليشرب، يكتشف أن كأسه مملوءة بالدم.
واهتز المصريون كما اهتز قصر الفرعون أمام هذه الآية الرهيبة الجديدة. وهرعوا إلى موسى يتوسلون إليه أن يدعو ربه وسوف يطلقون سراح الإسرائيليين هذه المرة. ودعا موسى ربه فانكشف العذاب عن المصريين، ورغم ذلك رفض قصر الفرعون أن يسمح له باصطحاب قومه والرحيل.
على العكس من ذلك.. اشتد الفرعون صلابة وقحة.. وأعلن فرعون في قومه أنه إله.. أليس له ملك مصر، وهذه الأنهار تجري من تحته، أعلن أن موسى ساحر كذاب.. ورجل فقير لا يرتدي أسورة واحدة من الذهب.
قال تعالى في سورة الزخرف:
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (46) فَلَمَّا جَاءهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ (47) وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (49) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ (50) وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ
انظر إلى التعبير القرآني: (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ). استخف بعقولهم.. واستخف بحريتهم.. واستخف بمستقبلهم.. واستخف بآدميتهم.. فأطاعوه.. أليست هذه طاعة غريبة.. تنمحي الغرابة حين نعلم أنهم كانوا قوما فاسقين. إن الفسق يصرف الإنسان عن الالتفات لمستقبله ومصالحه وأموره، ويورده الهلاك. وذلك ما وقع لقوم فرعون.
يقول تعالى:
فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ

بدا واضحا أن فرعون لن يؤمن لموسى. ولن يكف عن تعذيبه لبني إسرائيل، ولن يكف عن استخفافه بقومه.. هنالك دعا موسى وهارون على فرعون.
وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ (88) قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ
وجاء الإذن لموسى بالخروج من مصر واصطحاب قومه معه.
وكان موقف قومه غريبا.. لم يؤمن كل قومه بعد.. قال تعالى في سورة يونس:
فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ
انتهى الأمر وقرر الله وضع حد لجرائم فرعون بعد أن أملى له. صدر الأمر لموسى بالخروج. واستأذن بنو إسرائيل فرعون في الخروج إلى عيد لهم، فأذن لهم وهو كاره. وتجهزوا للخروج وتأهبوا له، وحملوا معهم حليهم واستعاروا من حلي المصريين شيئا كثيرا.. وجاء الليل عليهم، فتقدمهم موسى وسار بهم نحو البحر الأحمر قاصدا بلاد الشام. وتحركت رسل فرعون ومخابراته، وبلغت الأخبار فرعون أن موسى قد صحب قومه وخرج.
وأرسل فرعون أوامره في مدن المملكة لحشد جيش عظيم.. وساق فرعون في أسباب جمع الجيش هذه الحجة الغريبة.. قال بالنص.. كما قال عز وجل في كتابه:
وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ

لقد غاظني موسى.. غاظني شخصيا.. وعددهم قليل.. وغيظنا عليهم كبير.. وهي الحرب إذن. كان فرعون طاغية صريحا.. لم يحاول إخفاء نياته وراء كلمات كبيرة فيقول مثلا إن أمن المملكة مهدد، أو إن النظام الاقتصادي يمكن أن يتعرض للانهيار لو خرجت كل هذه الأيدي العاملة الرخيصة.. أبدا.. لم يقل ذلك واكتفى بالتصريح بأنه مغتاظ.. لقد غاظه موسى.. وهذا سبب كاف لحشد الجيش.
وصدق الناس فرعون للمرة الألف بعد كذبه.. لم يعارضه أحد، ولم يستلفت نظره أحد إلى تفاهة السبب الذي جمع له الجيش.. كان كبرياء فرعون الشخصي هو الأمر الوارد.. وكان يكفي تماما.
تحرك جيش فرعون في أبهته وعظمته وسلاحه وخرج وراء موسى.. جلس فرعون في مركبته الحربية يتأمل الجنود ويبتسم.. ماذا لو أنه فعل ذلك من أول لحظة وانتهى من موسى وقتله..؟ على أي حال.. ها هو ذا في طريقه لقتل موسى وإنهاء المشكلة كلها..
وقف موسى أمام البحر الأحمر.. من بعيد.. ثار غبار قوي يشي بأن جيش الفرعون يقترب.. بعدها ظهرت أعلام الجيش.. وامتلأ قوم موسى بالرعب. كان الموقف حرجا وخطيرا.. إن البحر أمامهم والعدو ورائهم وليست أمامهم فرصة واحدة للقتال.. إنهم مجموعة من النساء والأطفال والرجال غير المسلحين.. سيذبحهم فرعون عن آخرهم..
صرخت بعض الأصوات من قوم موسى: سيدركنا فرعون.
قال موسى: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 5:17 pm

لا نعرف كيف كان موسى يحس أو يفكر ساعتها.. غير أنه لم يكد يلجأ إلى الله بهذه الثقة، حتى أوحى الله تعالى إليه أن يضرب بعصاه البحر.. لاحظ انعدام الصلة المنطقية بين ظهور جيش فرعون، وضرب البحر بالعصا.. غير أن مشيئة الله تنفذ لأغرب الأسباب المتعارضة مع المنطق البشري.. لقد أراد الله تعالى أن تقع المعجزة.. فأوحى إلى موسى أن يضرب بعصاه البحر.. كان ضرب البحر بالعصا مجرد "سبب" رتب عليه الحق انشقاق البحر.. لم يكد موسى يرفع عصاه حتى نزل جبريل عليه السلام إلى الأرض.. ضرب موسى البحر بعصاه فانفلق البحر نصفين.. انشق عن طريق صلب يابس عن يمينه الأمواج وعن يساره الأمواج.
وتقدم موسى قومه وسار بهم حتى عبر البحر.. كانت المعجزة هائلة.. إن الأمواج كانت تصطرع وتعلو وتهبط حتى إذا جاءت إلى الطريق بدت كأن يدا خفية تمنعها من أن تغرقه أو حتى تبلله.. انتهى عبور موسى البحر مع قومه..
ووصل فرعون إلى البحر.. شاهد هذه المعجزة.. شاهد في البحر طريقا يابسا يشقه نصفين.. أحس فرعون بالخوف ولكنه زاد في عناده وأمر عربته الحربية بالتقدم فتقدم الجيش وراءه.. حين انتهى موسى من عبور البحر.. التفت إلى البحر وأراد أن يضربه بعصاه ليعود كما كان.. ولكن الله أوحى إليه أن يترك البحر على حاله. كان موسى يريد أن يفصل البحر بينه وبين فرعون لينجو قومه.. ولو أنه ضرب البحر بعصاه فعاد كما كان لنجا موسى ونجا فرعون.. وكان الله تعالى قد شاء إغراق الفرعون.. ولهذا أمر موسى أن يترك البحر على حاله.. أوحى إليه سبحانه:
وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ


وصل فرعون بجيشه إلى منتصف البحر.. تعدى منتصفه وكاد يصل إلى الضفة الأخرى.. وأصدر الله تعالى أمره إلى جبريل فحرك جبريل الموج.. انطبقت الأمواج على فرعون وجيشه.. وغرق فرعون وجيشه.. غرق العناد ونجا الإيمان بالله..
ورأى فرعون وهو يغرق مقعده من النار.. أدرك وقد انكشف عنه الحجاب، ودخل في سكرات الموت، أن موسى كان صادقا وأنه ضيع نفسه بمعاداته وحربه.. وآمن فرعون.
قال تعالى:
حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
وقد كانت توبته غير مقبولة ولا صحيحة. فهي توبة تجيء بعد معاينة العذاب والدخول في الموت. قال له جبريل: (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ). بمعنى لا توبة..
انتهى وقت التوبة المحدد لك وهلكت. انتهى الأمر ولا نجاة لك.. سينجو جسدك وحده.. ستموت وتقذف الأمواج جثتك إلى الشاطئ.. لتكون آية لمن خلفك.
فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ
كان ما وقع لفرعون تحقيقا لسنة أزلية خلت في عباد الله.. لا ينفع الإيمان بعد العذاب.. قال تعالى في سورة غافر:
فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ
قص الله تعالى موقف المواجهة بين فرعون وموسى في قوله تعالى في سورة الشعراء:
وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ (60) فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
أسدل الستار على طغيان الفرعون. ولفظت الأمواج جثته إلى الشاطئ. لا نعرف على أي شاطئ لفظت الأمواج جثة الرجل الذي يدعي الألوهية. الرجل الذي لم يعارضه أحد! أغلب الظن أن الأمواج لفظت جثته على الشاطئ الغربي.. فرآه المصريون وأدركوا أن إلههم الذي عبدوه وأطاعوه كان عبدا لا يقدر على دفع الموت عن رقبته.
بعد ذلك.. نزل الستار تماما عن المصريين.. لا يحدثنا القرآن الكريم عما فعلوه بعد سقوط نظام الفرعون وغرقه مع جيشه.. لا يحدثنا عن ردود فعلهم بعد أن دمر الله ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون ويشيدون.
يسكت السياق القرآني عنهم.. ويستبعدهم تماما من التاريخ والأحداث.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 5:18 pm

ويلتفت السياق إلى موسى وهارون.. وماذا كان من أمر بني إسرائيل معهما.. لقد مات فرعون مصر.. غرق أمام عيون المصريين وبني إسرائيل.. ورغم موته، فقد ظل أثره باقيا في نفوس المصريين وبني إسرائيل. من الصعب على سنوات القهر الطويلة والذل المكثف أن تمر على نفوس الناس مر الكرام.
لقد صنع فرعون في نفوس بني إسرائيل شيئا سندركه من الآيات بعد قليل.. لقد عودهم الذل لغير الله.. كسر في نفوسهم شيئا من الداخل.
هزم أرواحهم، فانطووا شأن المهزومين على الإعجاب بمن هزمهم.. أفسد فطرتهم فعذبوا موسى عذابا شديدا بالعناد والجهل.. كانت معجزة شق البحر لم تزل طرية في أذهانهم.
كانت رمال البحر رطبة لم تزل عالقة بنعال بني إسرائيل، حين مروا على قوم يعبدون الأصنام.. وبدلا من أن يظهروا استيائهم لهذا الظلم للعقل، ويحمدوا الله أن هداهم للإيمان.. بدلا من ذلك التفتوا إلى موسى وطلبوا منه أن يجعل لهم إلها يعبدونه مثل هؤلاء الناس.. وليس هناك أحد أحسن من أحد..
أدركتهم الغيرة لمرأى الأصنام، ورغبوا في مثلها، وعاودهم الحنين لأيام الشرك القديمة التي عاشوها في ظل فرعون. واستلفتهم موسى إلى جهلهم هذا.

قال تعالى:
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَآئِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَـؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (139) قَالَ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَـهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140) وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ
سار موسى بقومه في سيناء.. وهي صحراء ليس فيها شجر يقي من الشمس، وليس فيها طعام ولا ماء.. وأدركتهم رحمة الله فساق إليهم المن والسلوى وظللهم الغمام.. والمن مادة يميل طعمها إلى الحلاوة وتفرزها بعض أشجار الفاكهة، حملت الرياح إليهم هذه المادة مغلفة في أوراق الشجر. وساق الله إليهم السلوى، وهو نوع من أنواع الطيور يقال إنه (السمان). وحين اشتد بهم الظمأ إلى الماء، وسيناء مكان يخلو من الماء، ضرب لهم موسى بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا من المياه.. وكان بنو إسرائيل ينقسمون إلى 12 سبطا. فأرسل الله المياه لكل مجموعة. ورغم هذا الإكرام والحفاوة، تحركت في النفوس التواءاتها المريضة.. واحتج قوم موسى بأنهم سئموا من هذا الطعام، واشتاقت نفوسهم إلى البصل والثوم والفول والعدس، وكانت هذه الأطعمة أطعمة مصرية تقليدية.. وهكذا سأل بنو إسرائيل نبيهم موسى أن يدعو الله ليخرج لهم من الأرض هذه الأطعمة.
وعاد موسى يستلفتهم إلى ظلمهم لأنفسهم، وحنينهم لأيام هوانهم في مصر، وكيف أنهم يتبطرون على خير الطعام وأكرمه، ويريدون بدله أدنى الطعام وأسوأه.
قال تعالى في سورة البقرة:
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ
سار موسى بقومه في اتجاه البيت المقدس. أمر موسى قومه بدخولها وقتال من فيها والاستيلاء عليها.
ها قد جاء امتحانهم الأخير.. بعد كل ما وقع لهم من المعجزات والآيات والخوارق.. جاء دورهم ليحاربوا –بوصفهم مؤمنين- قوما من عبدة الأصنام.
ورفض قوم موسى دخول الأراضي المقدسة. وحدثهم موسى عن نعمة الله عليهم. كيف جعل فيهم أنبياء، وجعلهم ملوكا يرثون ملك فرعون، وآتاهم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ.
وكان رد قومه عليه أنهم يخافون من القتال. قالوا: إن فيها قوما جبارين، ولن يدخلوا الأرض المقدسة حتى يخرج منها هؤلاء.

وانضم لموسى وهارون اثنان من القوم. تقول كتب القدماء إنهم خرجوا في ستمائة ألف.. لم يجد موسى من بينهم غير رجلين على استعداد للقتال.. وراح هذان الرجلان يحاولان إقناع القوم بدخول الأرض والقتال.. قالا: إن مجرد دخولهم من الباب سيجعل لهم النصر.. ولكن بني إسرائيل جميعا كانوا يتدثرون بالجبن ويرتعشون في أعماقهم..
مرة أخرى تعاودهم طبيعتهم التي عاودتهم قبل ذلك حين رأوا قوما يعكفون على أصنامهم.. فسدت فطرتهم، وانهزموا من الداخل، واعتادوا الذل، فلم يعد في استطاعتهم أن يحاربوا.. وإن بقي في استطاعتهم أن يتوقحوا على نبي الله موسى وربه..
وقال قوم موسى له كلمتهم الشهيرة:
فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ
هكذا بصراحة وبلا التواء.
أدرك موسى أن قومه ما عادوا يصلحون لشيء. مات الفرعون ولكن آثاره في النفوس باقية يحتاج شفاؤها لفترة طويلة. عاد موسى إلى ربه يحدثه أنه لا يملك إلا نفسه وأخاه.. دعا موسى على قومه أن يفرق الله بينه وبينهم..
وأصدر الله تعالى حكمه على هذا الجيل الذي فسدت فطرته من بني إسرائيل.. كان الحكم هو التيه أربعين عاما.. حتى يموت هذا الجيل أو يصل إلى الشيخوخة.. ويولد بدلا منه جيل آخر، جيل لم يهزمه أحد من الداخل، ويستطيع ساعتها أن يقاتل وأن ينتصر. قال تعالى في سورة المائدة:
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ (20) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (23) قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ
بدأت أيام التيه.. بدأ السير في دائرة مغلقة.. تنتهي من حيث تبدأ، وتبدأ من حيث تنتهي، بدأ السير إلى غير مقصد.. ليلا ونهارا وصباحا ومساء. دخلوا البرية عند سيناء..
عاد موسى إلى نفس المكان الذي التقى فيه بكلمات الله أول مرة.. نزل بنو إسرائيل حول الطور وصعد موسى الجبل وحده.. وهناك أنزلت عليه التوراة.. وكلمه ربه تعالى.. قبل أن يصعد موسى إلى ميقات ربه، استخلف أخاه هارون في قومه. تركه مسئولا عنهم ومضى إلى ربه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 5:18 pm

قال تعالى في سورة الأعراف:
وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ
قال القدماء إن موسى صام ثلاثين يوما ليلا ونهارا بغير أن يذوق طعاما قط، ثم كره أن يكلم ربه وريح فمه ريح فم الصائم، فتناول من نبات الأرض فمضغه، فقال له ربه: لماذا أفطرت؟ وهو أعلم بما كان. قال: أي رب، كرهت أن أكلمك إلا وفمي طيب الريح. قال أو ما علمت يا موسى أن ريح فم الصائم عندي أطيب من ريح المسك؟ ارجع فصم عشرة أيام ثم ائتني. ففعل عليه السلام ما أمره ربه به.
ونحن لا نعرف –معرفة يقينية- لماذا صام موسى أربعين ليلة بدلا من ثلاثين.
كل ما نعرفه أن الله تعالى قد زاد على الثلاثين ليلة عشر ليال أخرى من الصوم وأنزلت التوراة على موسى. أنزلت عليه الوصايا العشر. وكانت هذه الوصايا العشر هي:
1- الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له.
2- النهي عن الحلف بالله كذبا.
3- الأمر بالمحافظة على السبت (بمعنى تفريغ يوم من أيام الأسبوع للعبادة).
4- الأمر بإكرام الأب والأم.
5- معرفة أن الله وحده هو الذي يعطي ويمنح.
6- لا تقتل.
7- لا تزن.
8- لا تسرق.
9- لا تشهد شهادة زور.
10- لا تمدن عينيك إلى بيت صاحبك أو امرأته أو عبده أو ثوره أو حماره.
قال علماء السلف إن مضمون هذه الوصايا العشر قد تضمنته آيتان من القرآن، هما قوله تعالى في سورة الأنعام:
قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ

يقص الله تبارك وتعالى علينا ماذا كان من أمر موسى حين ذهب لميقات ربه. كان موسى بصومه –أربعين ليلة- يقترب من ربه أكثر.. وكان موسى بتكليم الله له يزداد حبا في ربه أكثر.. ونحن لا نعرف أي مشاعر كانت تجيش في قلب موسى عليه الصلاة والسلام حين سأل ربه الرؤية. أحيانا كثيرة يدفع الحب البشري الناس إلى طلب المستحيل.. فما بالك بالحب الإلهي، وهو أصل الحب..؟ إن عمق إحساس موسى بربه، وحبه لخالقه، واندفاعه الذي لم يزل يميز شخصيته.. دفعه هذا كله إلى أن يسأل الله الرؤية. قال تعالى في سورة الأعراف:
وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ
هكذا باندفاع العاشقين الكبار سأل موسى ربه ما سأل. وجاءه رد الحق عز وجل:
قَالَ لَن تَرَانِي
ولو أن الله تبارك وتعالى قالها ولم يزد عليها شيئا، لكان هذا عدلا منه سبحانه، غير أن الموقف هنا موقف حب الهي من جانب موسى. موقف اندفاع يبرره الحب ولهذا أدركت رحمة الله تعالى موسى. أفهمه أنه لن يراه، لأن أحدا من الخلق لا يصمد لنور الله.. أمره أن ينظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه فسوف يراه.
قال تعالى:
وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا
لا يصمد لنور الله أحد. أدرك موسى هذه الحقيقة وعاينها بنفسه. والصعق هو الموت أو الإغماء. ونحن لا نعرف الفترة التي قضاها موسى غائبا عن حياته أو وعيه.. غير أنه حين أفاق..
فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
وقف المفسرون القدماء كثيرا أمام هذه الآيات. تساءلوا مثلا: كيف يطلب موسى رؤية الله مع علمه بأنها غير ممكنة؟
وتنازعوا في ذلك فذهب المعتزلة إلى رأي، وذهب أهل السنة إلى رأي، وكان مدار الحديث كله كيف لا يعلم النبي وهو أقرب خلق الله إليه أن رؤية الله مستحيلة.. وهكذا انصرفنا عن عمق الآيات البعيد، ورحنا نبحث حول جزئيات لا تغني ولا تسمن..
أعتقد أن هذا الموقف موقف موسى يمثل قمة من قمم الحب، وعمقا من أعماق الوجد –لا مثيل له في كل سيرة موسى. نحن أمام ذروة الحب لله..
والمحب لا يريد غير الرؤية، ورؤية الله عز وجل مستحيلة، هذا هو منطق العقل والأعصاب، لكن.. متى كان الحب يعبأ بالمنطق أو يستمع للأعصاب..؟! وهكذا يندفع موسى إلى التجربة وهي تجربة قام بها بدلا عنا جميعا.. كان أجرأنا في الطلب، وكان أسبقنا إلى الصعق، وأثبت لنا بجسده الكريم وروحه الطاهر أن أحدا لا يصمد لنور الله..
ها هو ذا يفيق فيمجد الله ويتوب إليه ويستغفره..
قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ
من أي شيء كان موسى يتوب..؟ قال الصوفية كان يتوب من اندفاعة عاشق عظيم سأل المحال وهو يعلم أنه محال..
وذلك تفسير مقنع.. يؤيد ذلك سياق الآيات.. انظر إلى آيات الله وكيف يستلفته إلى ما أنعم عليه من نعم، قال تعالى لموسى:
قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ (144) وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ
وقف كثير من المفسرين أمام قوله تعالى لموسى:
إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي
وأجريت مقارنات بينه وبين غيره من الأنبياء. فقيل إن هذا الاصطفاء كان خاصا بعصره وحده، ولا ينسحب على العصر الذي سبقه لوجود إبراهيم فيه، وإبراهيم خير من موسى، أيضا لا ينطبق هذا الاصطفاء على العصر الذي يأتي بعده، لوجود محمد بن عبد الله فيه، وهو أفضل منهما.
ونحب أن نبتعد عن هذا الجدال كله. لا لأننا نعتقد أن كل الأنبياء سواء.. إذا إن الله سبحانه وتعالى يحدثنا أنه فضل بعض النبيين على بعض، ورفع درجات بعضهم على البعض. غير أن هذا التفضيل ينبغي أن يكون منطقة محرمة علينا، ولنقف نحن في موقع الإيمان بجميع الأنبياء لا نتعداه. ولنؤد نحوهم فروض الاحترام على حد سواء. لا ينبغي أن يخوض الخاطئون في درجات المعصومين المختارين من الله.. ليس من الأدب أن نفاضل نحن بين الأنبياء.. الأولى أن نؤمن بهم جميعا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 5:21 pm

انتهى ميقات موسى مع ربه تعالى.. وعاد غضبان أسفا إلى قومه.. لم يكن في الوجود كله إنسان في مثل رضاه.. لكنه يعلم من ربه أنباء تسوءه فينقلب إلى قومه غضبان أسفا..
قال تعالى في سورة طه:
وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا
انحدر موسى من قمة الجبل وهو يحمل ألواح التوراة، قلبه يغلي بالغضب والأسف. نستطيع أن نتخيل انفعال موسى وثورته وهو يحث خطاه نحو قومه.
لم يكد موسى يغادر قومه إلى ميقات ربه.. حتى وقعت فتنة السامري. وتفصيل هذه الفتنة أن بني إسرائيل حين خرجوا من مصر، صحبوا معهم كثيرا من حلي المصريين وذهبهم، أخذوه للتمتع به في احتفالهم الذي ادعوه، ثم نجوا بعد معجزة شق البحر، وانطبق البحر على فرعون وجنوده فغرقوا، وصار ما معهم من الذهب ملكا لهم.. ويبدو أن هارون عليه السلام، أدرك أن هذا الذهب ليس من حقهم، فأخذه ودفنه في الأرض.. لم يكن القوم في حاجة إليه.. كانوا يعيشون في التيه.. يسيرون وسط صحراء لا ينفعهم فيها الذهب. حفر هارون شقيق موسى حفرة وألقى فيها الذهب وأهال عليه التراب. ورآه السامري وهو يدفن الذهب فاستخرجه بعد ذلك وصهره، وصنع منه تمثالا لعجل يشبه العجل أبيس، معبود المصريين، وكان السامري فيما يبدو نحاتا محترفا أو صائغا سابقا، فصنع العجل مجوفا من الداخل، ووضعه في اتجاه الريح، بحيث يدخل الهواء من فتحته الخلفية ويخرج من أنفه فيحدث صوتا يشبه خوار العجول الحقيقية..
ويقال إن سر هذا الخوار، أن السامري كان قد أخذ قبضة من تراب سار عليه جبريل عليه السلام حين نزل إلى الأرض في معجزة شق البحر.. أي أن السامري أبصر بما لم يبصروا به، فقبض قبضة من أثر الرسول –جبريل عليه السلام- فوضعها مع الذهب وهو يصنع منه العجل.. وكان جبريل لا يسير على شيء إلا دبت فيه الحياة.. فلما أضاف السامري التراب إلى الذهب، ثم صنع منه العجل، خار العجل كالعجول الحقيقية..
هذه قصة السامري التي ألقاها لموسى، ونعتقد أنه كاذب.. إن كفره يرجح عندنا كذبه. نعلم الآن أن التراب إذا أضيف إلى الذهب وصهر، انفصل التراب من الذهب وترك تجويفا في مكان انفصاله. وأغلب الظن أن السامري استخدم هذا التراب، كأي تراب آخر، في صنع تجويف داخل العجل، بحيث تحول التمثال إلى تمثال له صوت..
بعد ذلك، خرج السامري على بني إسرائيل بما صنعه..
سألوه: ما هذا يا سامري؟
قال: هذا إلهكم واله موسى!
قالوا: لكن موسى ذهب لميقات إلهه.
قال السامري: لقد نسي موسى. ذهب للقاء ربه هناك، بينما ربه هنا.
وهبت موجة من الرياح فدخلت من دبر العجل الذهب وخرجت من فمه فخار العجل. وعبد بنو إسرائيل هذا العجل.. لعل دهشة القارئ تثور لهذه الفتنة.. كيف يمكن الاستخفاف بعقول القوم لهذه الدرجة..؟! لقد وقعت لهم معجزات هائلة.. فكيف ينقلبون إلى عبادة الأصنام في لحظة..؟ تزول هذه الدهشة لو نظرنا في نفسية القوم الذين عبدوا العجل. لقد تربوا في مصر، أيام كانت مصر تعبد الأصنام وتقدس فيما تقدس العجل أبيس، وتربوا على الذل والعبودية، وانكسر داخل أنفسهم شيء، التوى في فطرتهم شيء، ومرت عليهم معجزات الله فصادفت نفوسا تالفة الأمل. لم يعد هناك ما يمكن أن يصنعه لهم أحد. إن كلمات الله لم تعدهم إلى الحق، كما أن المعجزات الحسية لم تقنعهم بصدق الكلمات، ظلوا داخل أعماقهم من عبدة الأوثان. كانوا وثنيين مثل سادتهم المصريين القدماء. ولهذا السبب انقلبوا إلى عبادة العجل..
ولم يكن انقلابهم هذا مفاجأة لنا نحن أهل هذا الزمان، فإنهم بعد خروجهم من معجزة شق البحر شاهدوا قوما يعبدون الأصنام فسألوا موسى أن يجعل لهم آلهة يعبدونها مثل هؤلاء القوم. المسألة إذن قديمة ومزمنة.. والرغبة في عبادة الأصنام، هي نفسها عبادة الأصنام، ولقد كان ككل ما فعله السامري، أنه استغل حنين القوم إلى عبادة الأوثان، استغل حاجة نفسية شبه عامة وحققها لهم حين قدم إليهم عجله.
وأختار أن يكون العجل ذهبا لأنه يعلم ضعف بني إسرائيل إزاء الذهب عموما. وهكذا انتشرت فتنة السامري، وفوجئ هارون عليه الصلاة والسلام يوما بأن بني إسرائيل يعبدون عجلا من الذهب. انقسموا إلى قسمين: الأقلية المؤمنة أدركت أن هذا هراء. والأغلبية الكافرة طاوعت حنينها لعبادة الأوثان. ووقف هارون وسط قومه وراح يعظهم. قال لهم: إنكم فتنتم به، هذه فتنة، استغل السامري جهلكم وفتنكم بعجله.. ليس هذا ربكم ولا رب موسى.
وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي
ورفض عبدة العجل موعظة هارون. كانوا مجموعة الذين مرت عليهم الكلمات مرور النسيم بالحجارة. لم تفعل فيها شيئا .. وعاد هارون يعظهم ويذكرهم بمعجزات الله التي أنقذهم بها، وتكريمه ورعايته لهم، فأصموا آذانهم ورفضوا كلماته، واستضعفوه وكادوا يقتلونه، وأنهوا مناقشة الموضوع بتأجيله حتى عودة موسى.. كان واضحا أن هارون أكثر لينا من موسى، لم يكن يهابه القوم للينه وشفقته. وخشي هارون أن يلجأ إلى القوة ويحطم لهم صنمهم الذي يعبدونه فتثور فتنة بين القوم. ويحدث ما يشبه الحرب الأهلية. آثر هارون تأجيل الموضوع إلى أن يحضر موسى.
كان يعرف أن موسى بشخصيته القوية، يستطيع أن يضع حدا لهذه الفتنة دون إراقة دماء.
واستمر القوم يرقصون حول العجل..

كان السامري –لعنه الله تعالى- هو صاحب هذه الفتنة القديمة.. فتنة الرقص والتواجد حول الأوثان، وهي فتنة لم تزل مظاهرها حية إلى اليوم رغم اندثار عبادة الأوثان، يقوم بها الناس في زماننا بحسن نية دون أن يدركوا أصلها القديم وكونها ديانة الكفار وعباد العجل.
أورد القرطبي في الجزء الحادي عشر في تفسيره لفتنة السامري.. هذه المسألة..
قال: "سئل الإمام أبو بكر الطرطوشي: ما يقول سيدنا الفقيه في جماعة من رجال، يكثرون من ذكر الله تعالى، وذكر محمد صلى الله عليه وسلم، ثم إنهم يوقعون بالقضيب على شيء من الأديم.. ويقوم بعضهم يرقص ويتواجد حتى يقع مغشيا عليه.. ويحضرون شيئا يأكلونه.. هل الحضور معهم جائز أم لا.. أفتونا مأجورين".
أجاب القرطبي عن هذه المسألة نقلا عن أستاذه قال: "مذهب الصوفية (يقصد الراقصين) بطالة وجهالة وضلالة. وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله. وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثهما فأصحاب السامري. لما اتخذ لهم عجلا جسدا له خوار قاموا يرقصون حواليه ويتواجدون. فهو دين الكفار وعباد العجل.
وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس مع أصحابه وكأنما على رءوسهم الطير من الوقار. فينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعوهم من الحضور في المساجد وغيرها. ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم. ولا أن يعينهم على باطلهم. هذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي واحمد بن حنبل وغيرهم من أئمة المسلمين.. وبالله التوفيق".
انتهى كلام القرطبي المتصل بهذه المسألة. فتأمل مضاء ذهنه وتقواه، وربطه لبدعة الرقص الصوفي الحديث بعبادة العجل القديم والرقص حوله.
انحدر موسى عائدا لقومه فسمع صياح القوم وجلبتهم وهم يرقصون حول العجل.. توقف القوم حين ظهر موسى وساد صمت. صرخ موسى يقول:
بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ
اتجه موسى نحو هارون وألقى ألواح التوراة من يده على الأرض. كان إعصار الغضب داخل موسى يتحكم فيه الآن تماما.
مد موسى يديه وأمسك هارون من شعر رأسه وشعر لحيته وشده نحوه وهو يرتعش. قال موسى:
يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي
إن موسى يتساءل هل عصى هارون أمره. كيف سكت على هذه الفتنة؟ كيف طاوعهم على البقاء معهم ولم يخرج ويتركهم ويتبرأ منهم؟ كيف سكت عن مقاومتهم أصلا؟ إن الساكت عن الخطأ مشترك فيه بشكل ما. زاد الصمت عمقا بعد جملة موسى الغاضبة. وتحدث هارون إلى موسى. رجا منه أن يترك رأسه ولحيته. بحق انتمائهما لأم واحدة.. وهو يذكره بالأم ولا يذكره بالأب ليكون ذلك أدعى لاستثارة مشاعر الحنو في نفسه.
قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي
أفهمه أن الأمر ليس فيه عصيان له. وليس فيه رضاء بموقف عبدة العجل. إنما خشي أن يتركهم ويمضي، فيسأله موسى كيف لم يبق فيهم وقد تركه موسى مسؤولا عنهم، وخشي لو قاومهم بعنف أن يثير بينهم قتالا فيسأله موسى كيف فرق بينهم ولم ينتظر عودته.
إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي


أفهم هارون أخاه موسى برفق ولين أن القوم استضعفوه، وكادوا يقتلونه حين قاومهم. رجا منه أن يترك رأسه ولحيته حتى لا يشمت به الأعداء، ويستخف به القوم زيادة على استخفافهم به. أفهمه أنه ليس ظالما مثلهم عندما سكت عن ظلمهم.
قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
أدرك موسى أنه ظلم هارون في غضبه الذي أشعلته غيرته على الله تعالى وحرصه على الحق.. أدرك أن هارون تصرف أفضل تصرف ممكن في هذه الظروف.. ترك رأسه ولحيته واستغفر الله له ولأخيه.. التفت موسى لقومه وتساءل بصوت لم يزل يضطرب غضبا:
يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي
إنه يعنفهم ويوبخهم ويلفتهم بإشارة سريعة إلى غباء ما عملوه.
عاد موسى يقول غاضبا أشد الغضب:
إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ
لم تكد الجبال تبتلع أصداء الصوت الغاضب حتى نكس القوم رءوسهم وأدركوا خطأهم.. كان افتراؤهم واضحا على الحق الذي جاء به موسى.
أبعد كل ما فعله الله تعالى لهم، ينكفئون على عبادة الأصنام..؟! أيغيب موسى أربعين يوما ثم يعود ليجدهم يعبدون عجلا من الذهب..
أهذا تصرف قوم، عهد الله إليهم بأمانة التوحيد في الأرض؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 5:22 pm

التفت موسى إلى السامري بعد حديثه القصير مع هارون.. لقد أثبت له هارون براءته كمسئول عن قومه في غيبته، كما سكت القوم ونكسوا رءوسهم أمام ثورة موسى، لم يبق إلا المسئول الأول عن الفتنة.. لم يبق إلا السامري.
تحدث موسى إلى السامري وغضبه لم يهدأ بعد: قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ
إنه يسأله عن قصته، ويريد أن يعرف منه ما الذي حمله على ما صنع.. قال السامري: بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ
رأيت جبريل وهو يركب فرسه فلا تضع قدمها على شيء إلا دبت فيه الحياة..
فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ
أخذت حفنة من التراب الذي سار عليه جبريل وألقيتها على الذهب.. فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي
هذا ما ساقتني نفسي إليه..
لم يناقش موسى، عليه السلام السامري في ادعائه.. إنما قذف في وجهه حكم الحق.. ليس المهم أن يكون السامري قد رأى جبريل، عليه السلام، فقبض قبضة من أثره.. ليس المهم أن يكون خوار العجل بسبب هذا التراب الذي سار عليه فرس جبريل، أو يكون الخوار بسبب ثقب اصطنعه السامري ليخور العجل.. المهم في الأمر كله جريمة السامري، وفتنته لقوم موسى، واستغلاله إعجاب القوم الدفين بسادتهم المصريين، وتقليدهم لهم في عبادة الأوثان.. هذه هي الجريمة التي حكم فيها موسى، عليه السلام، بحكمه المزدوج:
قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا
حكم موسى على السامري بالوحدة في الدنيا.. يقول بعض المفسرين: إن موسى دعا على السامري بأن لا يمس أحدا، معاقبة له على مسه ما لم يكن ينبغي له مسه..
ونعتقد أن الأمر أخطر كثيرا من هذه النظرة السريعة.. إن السامري أراد بفتنته ضلال بني إسرائيل وجمعهم حول عجله الوثني والسيادة عليهم، وقد جاءت عقوبته مساوية لجرمه، لقد حكم عليه بالنبذ والوحدة. هل مرض السامري مرضا جلديا بشعا صار الناس يأنفون من لمسه أو مجرد الاقتراب منه؟ هل جاءه النبذ من خارج جسده؟ لا نعرف ماذا كان من أمر الأسلوب الذي تمت به وحدة السامري ونبذ المجتمع له.. كل ما نعرفه أن موسى أوقع عليه عقوبة رهيبة، كان أهون منها القتل، فقد عاش السامري منبوذا محتقرا لا يلمس شيئا ولا يمس أحدا ولا يقترب منه مخلوق.. هذه هي عقوبته في الدنيا، ويوم القيامة له عقوبة ثانية، يبهمها السياق لتجيء ظلالها في النفس أخطر وأرعب.
نهض موسى بعد فراغه من السامري إلى العجل الذهب وألقاه في النار.. لم يكتف بصهره أمام عيون القوم المبهوتين، وإنما نسفه في البحر نسفا.. تحول الإله المعبود أمام عيون المفتونين به إلى رماد يتطاير في البحر.. ارتفع صوت موسى:
إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا
هذا هو إلهكم، وليس ذلك الصنم الذي لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا..


بعد أن نسف موسى الصنم، وفرغ من الجاني الأصلي، التفت إلى قومه، وحكم في القضية كلها فأفهمهم أنهم ظلموا أنفسهم وترك لعبدة العجل مجالا واحدا للتوبة.. وكان هذا المجال أن يقتل من اتبعوا العجل أنفسهم..
قال تعالى:
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيم
كانت العقوبة التي قررها موسى على عبدة العجل مهولة، وتتفق مع الجرم الأصلي. إن عبادة الأوثان إهدار لحياة العقل وصحوته، وهي الصحوة التي تميز الإنسان عن غيره من البهائم والجمادات، وإزاء هذا الإزهاق لصحوة العقل، تجيء العقوبة إزهاقا لحياة الجسد نفسه، فليس بعد العقل للإنسان حياة يتميز بها.. ومن نوع الجرم جاءت العقوبة..
جاءت قاسية ثم رحم الله تعالى وتاب.. إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيم .. أخيرا.. سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ. تأمل تعبير القرآن الكريم الذي يصور الغضب في صورة كائن يقود تصرفات موسى، ابتداء من إلقائه لألواح التوراة، وشده للحية أخيه ورأسه. وانتهاء بنسف العجل في البحر، وحكمه بالقتل على من اتخذوه ربا. أخيرا سكت عن موسى الغضب. زايله غضبه في الله، وذلك أرفع أنواع الغضب وأجدرها بالاحترام والتوقير.. التفت موسى إلى مهمته الأصلية حين زايله غضبه فتذكر أنه ألقى ألواح التوراة.. وعاد موسى يأخذ الألواح ويعاود دعوته إلى الله.


قال تعالى:
وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ
وقد استدل بعضهم بقوله: وَفِي نُسْخَتِهَا. على أنها تكسرت، ونحن لا نعرف أكانت الألواح من مادة يجوز عليها الكسر أم لا.. كما ينفي ابن كثير هذا الاستدلال، ويرى أنها بقيت على حالها، ومهما يكن من أمر فقد عاد موسى إلى هدوئه، واستأنف جهاده في الله، وقرأ ألواح التوراة على قومه. أمرهم في البداية أن يأخذوا بأحكامها بقوة وعزم.
ومن المدهش أن قومه ساوموه على الحق. قالوا: انشر علينا الألواح فان كانت أوامرها ونواهيها سهلة قبلناها. فقال موسى: بل اقبلوها بما فيها. فراجعوا مرارا، فأمر الله تعالى ملائكته فرفعت الجبل على رءوسهم حتى صار كأنه غمامة فوقهم، وقيل لهم: إن لم تقبلوها بما فيها سقط ذلك الجبل عليكم، فقبلوا بذلك، وأمروا بالسجود فسجدوا.. وضعوا خدودهم على الأرض وراحوا ينظرون إلى الجبل فوقهم هلعا ورعبا..
قال تعالى:
وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
وهكذا أثبت قوم موسى أنهم لا يسلمون وجوههم لله إلا إذا لويت أعناقهم بمعجزة حسية باهرة تلقي الرعب في القلوب وتنثني الأقدام نحو سجود قاهر يدفع الخوف إليه دفعا.. وهكذا يساق الناس بالعصا الإلهية إلى الإيمان.. يقع هذا في طفولة الجنس البشري، وغياب الوعي والنضج الكافيين لقيام الاقتناع العقلي. ولعلنا هنا نشير مرة أخرى إلى نفسية قوم موسى، وهي المسئول الأول عن عدم اقتناعهم إلا بالقوة الحسية والمعجزات الباهرة.. لقد تربى قوم موسى ونشئوا وسط هوان وعسف، أهدرت فيهما إنسانيتهم والتوت فطرته.. ولم يعد ممكنا بعد ازدهار الذل في نفوسهم واعتيادهم إياه، لم يعد ممكنا أن يساقوا إلى الخير إلا بالقوة. لقد اعتادوا أن تسيرهم القوة القاهرة لسادتهم القدامى، ولا بد لسيدهم الجديد (وهو الإيمان) من أن يقاسي الأهوال لتسييرهم، وأن يلجأ مضطرا إلى أسلوب القوة لينقذهم من الهلاك. لم تمر جريمة عبادة العجل دون آثار..

أمر موسى علماء بني إسرائيل وخيارهم أن يستغفروا الله ويتوبوا إليه.. اختار منهم سبعين رجلا، الخير فالخير، وقال انطلقوا إلى الله فتوبوا إليه مما صنعتم وسلوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم. صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم..
خرج موسى بهؤلاء السبعين المختارين لميقات حدده له الله تعالى.. دنا موسى من الجبل، فإذا عمود من الغمام يتغشى الجبل كله.. دخل موسى في الغمام، وقال للقوم ادنوا فدنوا.. وكلم الله تعالى موسى، وكان موسى إذا كلم الله وقع على جبهته نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه أو يطيق احتماله، وضرب الحجاب على موسى وهو يكلم ربه، وسمع السبعون الذين اختارهم موسى.. سمعوا موسى وهو يكلم ربه..
ولعل معجزة كهذه المعجزة تكون الأخير، وتكون كافية لحمل الإيمان إلى القلوب مدى الحياة.. غير أن السبعين المختارين لم يكتفوا بما استمعوا إليه من المعجزة.. إنما طلبوا رؤية الله تعالى..
قالوا سمعنا ونريد أن نرى..
قالوا لموسى ببساطة:
يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً
هي مأساة تثير أشد الدهشة.. وهي مأساة تشير إلى صلابة القلوب واستمساكها بالحسيات والماديات.. كوفئ الطلب المتعنت بعقوبة صاعقة.. أخذتهم رجفة مدمرة صعقت أرواحهم وأجسادهم على الفور.. ماتوا..
أدرك موسى ما أحدثه السبعون المختارون فملأه الأسى وقام يدعو ربه ويناشده أن يعفو عنهم ويرحمهم، وألا يؤاخذهم بما فعل السفهاء منهم، وليس طلبهم رؤية الله تبارك وتعالى وهم على ما هم فيه من البشرية الناقصة وقسوة القلب غير سفاهة كبرى.. سفاهة لا يكفر عنها إلا الموت..


قد يطلب النبي رؤية ربه، كما فعل موسى، ورغم انطلاق الطلب من واقع الحب العظيم والهوى المسيطر، الذي يبرر بما له من منطق خاص هذا الطلب، رغم هذا كله يعتبر طلب الرؤية تجاوزا للحدود، يجازى عليه النبي بالصعق، فما بالنا بصدور هذا الطلب من بشر خاطئين، بشر يحددون للرؤية مكانا وزمانا، بعد كل ما لقوه من معجزات وآيات..؟ أليس هذا سفاهة كبرى..؟ وهكذا صعق من طلب الرؤية.. ووقف موسى يدعو ربه ويستعطفه ويترضاه.. قال تعالى:
وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِين (155) وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا
هذه كانت كلمات موسى لربه وهو يدعوه ويترضاه.. ورضي الله تعالى عنه وغفر لقومه فأحياهم بعد موتهم، واستمع المختارون في هذه اللحظات الباهرة من تاريخ الحياة إلى النبوءة بمجيء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروه
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : انثى
عدد المساهمات : 741
العمر : 40
الجنسيه : مصريه
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female31
تاريخ التسجيل : 19/12/2008
نقاط : 943
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Empty

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 5:28 pm

قال تعالى:
قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
سنلاحظ طريقة الربط بين الحاضر والماضي في الآية، إن الله تعالى يتجاوز زمن مخاطبة الرسول في الآيات إلى زمنين سابقين، هما نزول التوراة ونزول الإنجيل، ليقرر أنه (تعالى) بشر بمحمد في هذين الكتابين الكريمين.. نعتقد أن إيراد هذه البشرى جاء يوم صحب موسى من قومه سبعين رجلا هم علماء بني إسرائيل وأفضل من فيهم، لميقات ربه..
في هذا اليوم الخطير بمعجزاته الكبرى، تم إيراد البشرى بآخر أنبياء الله عز وجل..
يقول ابن كثير في كتابه قصص الأنبياء، نقلا عن قتادة.. إن موسى قال لربه: يا رب إني أجد في الألواح أمة هي خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.. رب اجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: ربي إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرءونها.. وكان من قبلهم يقرءون كتابهم نظرا، حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئا ولم يعرفوه.. وإن الله أعطاهم من الحفظ شيئا لم يعطه أحدا من الأمم.. رب اجعلهم أمتي..
قال: تلك أمة أحمد..
قال: رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر، ويقاتلون فضول الضلالة.. فاجعلهم أمتي..
قال: تلك أمة أحمد..
قال: رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم، ويؤجرون عليها، وكان من قبلهم من الأمم إذا تصدق أحدهم بصدقة فقبلت منه بعث الله عليها نارا فأكلتها، وإن ردت عليه تركت فتأكلها السباع والطير.. وإن الله أخذ صدقاتهم من غنيهم لفقيرهم.. رب فاجعلهم أمتي..
قال: تلك أمة أحمد..
قال: رب فإني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم عملها كتبت له عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف.. رب اجعلهم أمتي..
قال: تلك أمة أحمد..

مكث موسى في قومه يدعوهم إلى الله.. ويبدو أن نفوسهم كانت ملتوية بشكل لا تخطئه عين الملاحظة، وتبدو لجاجتهم وعنادهم فيما يعرف بقصة البقرة.. فإن الموضوع لم يكن يقتضي كل هذه المفاوضات بينهم وبين موسى، كما أنه لم يكن يستوجب كل هذا التعنت.. وأصل قصة البقرة أن قتيلا ثريا وجد يوما في بني إسرائيل، واختصم أهله ولم يعرفوا قاتله، وحين أعياهم الأمر لجئوا لموسى، ويبدو أن هذا القتيل كان رجلا له مركزه في بني إسرائيل، ويبدو أن خفاء قتله كان دافعا لشيء يشبه الفتنة، ولجأ بنو إسرائيل لموسى ليلجأ لربه.. ولجأ موسى لربه فأمره أن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة.. وكان المفروض هنا أن يذبح القوم أول بقرة تصادفهم.. غير أنهم بدءوا مفاوضتهم باللجاجة.. اتهموا موسى بأنه يسخر منهم ويتخذهم هزوا، واستعاذ موسى بالله أن يكون من الجاهلين ويسخر منهم.. أفهمهم أن حل القضية يكمن في ذبح بقرة..
إن الأمر هنا أمر معجزة، لا علاقة لها بالمألوف في الحياة، أو المعتاد بين الناس.. ليست هناك علاقة بين ذبح البقرة ومعرفة القاتل في الجريمة الغامضة التي وقعت، لكن متى كانت الأسباب المنطقية هي التي تحكم حياة بني إسرائيل؟ إن المعجزات الخارقة هي القانون السائد في حياتهم، وليس استمرارها في حادث البقرة أمرا يوحي بالعجب أو يثير الدهشة..
لكن بني إسرائيل هم بنو إسرائيل.. مجرد التعامل معهم عنت.. تستوي في ذلك الأمور الدنيوية المعتادة، وشؤون العقيدة المهمة.. لا بد أن يعاني من يتصدى لأمر من أمور بني إسرائيل.. وهكذا يعاني موسى من إيذائهم له واتهامه بالسخرية منهم، ثم ينبئهم أنه جاد فيما يحدثهم به، ويعاود أمره أن يذبحوا بقرة، وتعود الطبيعة المراوغة لبني إسرائيل إلى الظهور، تعود اللجاجة والالتواء، فيتساءلون: أهي بقرة عادية كما عهدنا من هذا الجنس من الحيوان؟ أم أنها خلق تفرد بمزية، فليدع موسى ربه ليبين ما هي.. ويدعو موسى ربه فيزداد التشديد عليهم، وتحدد البقرة أكثر من ذي قبل، بأنها بقرة وسط.. ليست بقرة مسنة، وليست بقرة فتية.. بقرة متوسطة..
إلى هنا كان ينبغي أن ينتهي الأمر، غير أن المفاوضات لم تزل مستمرة، ومراوغة بني إسرائيل لم تزل هي التي تحكم مائدة المفاوضات.. والأسئلة الغريبة لم تزل تترى.. ما هو لون البقرة؟ لماذا يدعو موسى ربه ليسأله عن لون هذا البقرة؟ لا يراعون مقتضيات الأدب والوقار اللازمين في حق الله تعالى وحق نبيه الكريم، وكيف أنهم ينبغي أن يخجلوا من تكليف موسى بهذا الاتصال المتكرر حول موضوع بسيط لا يستحق كل هذه اللجاجة والمراوغة.. ويسأل موسى ربه ثم يحدثهم عن لون البقرة المطلوبة.. فيقول أنها بقرة صفراء، فاقع لونها تسر الناظرين..

وهكذا حددت البقرة بأنها صفراء، لونها مشرب بالحمرة، ورغم وضوح الأمر، فقد عادوا إلى اللجاجة والمراوغة.. فشدد الله عليهم كما شددوا على نبيه وآذوه.. عادوا يسألون موسى أن يدعو الله ليبين ما هي، فإن البقر تشابه عليهم، وحدثهم موسى عن بقرة ليست معدة لحرث ولا لسقي، سلمت من العيوب، صفراء لا شية فيها، بمعنى خالصة الصفرة.. انتهت بهم اللجاجة إلى التشديد.. وبدءوا بحثهم عن بقرة بهذه الصفات الخاصة.. أخيرا وجدوها عند يتيم فاشتروها وذبحوها..
وأمسك موسى ذيل البقرة وضرب به القتيل فنهض من موته.. سأله موسى عن قاتله فحدثهم عنه ثم عاد إلى الموت.. وشاهد بنو إسرائيل معجزة إحياء الموتى أمام أعينهم، استمعوا بآذانهم إلى اسم القاتل.. انكشف غموض القضية التي حيرتهم زمنا طال بسبب لجاجتهم وتعنتهم.. قال تعالى:
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ (68) قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ (71) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
نود أن نستلفت انتباه القارئ إلى سوء أدب القوم مع نبيهم وربهم، ولعل السياق القرآني يورد ذلك عن طريق تكرارهم لكلمة "ربك" التي يخاطبون بها موسى.. وكان الأولى بهم أن يقولوا لموسى، تأدبا، لو كان لا بد أن يقولوا: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ) ادع لنا ربنا.. أما أن يقولوا له: . فكأنهم يقصرون ربوبية الله تعالى على موسى.. ويخرجون أنفسهم من شرف العبودية لله.. انظر إلى الآيات كيف توحي بهذا كله.. ثم تأمل سخرية السياق منهم لمجرد إيراده لقولهم:
الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ
بعد أن أرهقوا نبيهم ذهابا وجيئة بينهم وبين الله عز وجل، بعد أن أرهقوا نبيهم بسؤاله عن صفة البقرة ولونها وسنها وعلاماتها المميزة، بعد تعنتهم وتشديد الله عليهم، يقولون لنبيهم حين جاءهم بما يندر وجوده ويندر العثور عليه في البقر عادة..
ساعتها قالوا له: "الآن جئت بالحق".. كأنه كان يلعب قبلها معهم، ولم يكن ما جاء هو الحق من أول كلمة لآخر كلمة.. ثم انظر إلى ظلال السياق وما تشي به من ظلمهم:
فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ
ألا توحي لك ظلال الآيات بتعنتهم وتسويفهم ومماراتهم ولجاجتهم في الحق..؟ هذه اللوحة الرائعة تشي بموقف بني إسرائيل على موائد المفاوضات.. هي صورتهم على مائدة المفاوضات مع نبيهم الكريم موسى..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
د-احمد
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 1195
العمر : 40
الجنسيه : 0
تاريخ التسجيل : 21/11/2008
نقاط : 2303

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 8:51 pm

جزاكم الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منار الرياض
عضو متميز متقدم
عضو متميز متقدم



عدد المساهمات : 621
الجنسيه : 0
علم بلدك : موسى وهارون عليهما السلام Female62
تاريخ التسجيل : 28/10/2008
نقاط : 491
الاوسمة : موسى وهارون عليهما السلام Mod

موسى وهارون عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون عليهما السلام   موسى وهارون عليهما السلام I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 10, 2009 10:19 pm

موسى وهارون عليهما السلام Thu98066
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
موسى وهارون عليهما السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة موسى والخضر عليهما السلام
» في قصة موسى : تارة حية ،، وتارة ثعبان !!
» قصة قارون مع موسى عليه السلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات نور الاسلام الطبية :: منتديات اسلاميه :: على خطى الحبيب-
انتقل الى:  
اعلانات نصيه
عقارات 2014 عماله منزليه سماع القران الكريم سوق فرصة الالكترونى حراج
مواضيع مماثلة
feed
Preview on Feedage: %D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%87 Add to My Yahoo! منتديات نور الاسلام الطبيه Add to Google! منتديات نور الاسلام الطبيه Add to AOL! منتديات نور الاسلام الطبيه Add to MSN منتديات نور الاسلام الطبيه Subscribe in NewsGator Online منتديات نور الاسلام الطبيه
Add to Netvibes منتديات نور الاسلام الطبيه Subscribe in Pakeflakes منتديات نور الاسلام الطبيه Subscribe in Bloglines منتديات نور الاسلام الطبيه Add to Alesti RSS Reader منتديات نور الاسلام الطبيه Add to Windows Live منتديات نور الاسلام الطبيه iPing-it منتديات نور الاسلام الطبيه
Add to Feedage RSS Alerts منتديات نور الاسلام الطبيه