بسم الله الرحمن الرحيم *
" إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون "
صدق الله العظيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبائى وأخوتى فى الله اليوم سأقص عليكم قصة مرت بحياتى وعشت دقائقها وتفاصيلها
فقد أثارتنى قصة الصغيرة سلمى فى موضوع أختنا فى الله نور الله وأثارت بى كثير من
المواجع والشجون التى أنستنا إياها مرور الأيام والسنين وأعادتنى لحكاية وان كانت فى الحقيقة لم انساها أبدا وقلت أنستنا ولم أنساها طيلة عمرى وكلما جائت مناسبة كتلك
أومرت بى ذكراها تأخذنى الشجون والذكريات الحزينة وأغرق بين دموعى بل أجهش بالبكاء أحيانا حتى لأن من حولى من أسرتى يستغربون الموقف ويسكتوننى بعد جهد
وحتى لا أطيل عليكم فقد كانت لى أخت صغيرة وأنا فى المرحلة الإعدادية من الدراسة وأنا أكبر أخوتى و اليوم وكما تعلمون شيخ كبير تجاوزت الستين من العمر وما سأسرده لكم فالله شاهدا عليه - كانت أختى الملاك الصغير أم كلثوم وهذا أسمها حينئذ فى نهاية عامها الثالث أو فى بداية عامها الرابع على ما أتذكر كانت هذا الملاك الطاهر وكما يطلقون عليه فى المثل المصرى ( بنت موت ) كانت أختى تقول أحيانا ما سيحدث مِنْ
أو لأى واحد منا فى الأسرة ثم نفاجئ والله بأنه قد حدث فعلا كانت تميز طرقات كل منا على باب البيت وخاصة طرقاتى
ولأننى كنت أحبها جدا جدا وأعاملها معاملة خاصة فقد كنت أأخذها معى الى الشارع لتلعب معنا وإلى دكان البقالة أو السوق لأشترى الطلبات التى تريدها أمى رحمها الله وأشترى لها من مصروفى الشخصى الذى أعطانى إياه والدى المِلبَسْ والحلوى والشيكولاتة وأأخذها الى الحديقة والمتنزهات
فكانت تميز طرقى على الباب وأنا عائد من المدرسة أو كنت بالخارج وتجرى نحو الباب ناطقة بأسمى _ نسيت أن أقول لكم أن أختى تكلمت بطلاقة قبل أن تكمل عامها الثانى بكثيروكانت تحفظ بعض قصار السور من القرآن الكريم كالفاتحة والإخلاص والمعوذتين والنصروالكوثر والعصر وتحب الإستماع للقرآن ولأن والدى زمان قبل إنتشارالراديو كان مرتب لنا شيخ يجيئ ليقرأ القرآن فى المنزل ثلاثة أيام فى الأسبوع وعندما يجيئنا ضيف أو شخص غريب لاتجرى الى الباب وتقول لى أو لغيرى (شوف مين بالباب )
ما عدا هذا الشيخ وأيضا كان لى صديق عزيز يذاكر معى كانت تعرفه ايضا عندما يطرق بابنا حتى اطلق عليها الجيران والأقارب لقب ( الشيخة أم كلثوم ) وفجأة أختى مرضت بمرض غريب لم نستطع أن نجد له دواء
ووالدى رحمه الله طاف بها على الكثير من الأطباء وذاق الأمرين منهم وحتى صرف عليها آخر مليم ( تلك كانت عملة مصرية قديمة وكانت لها قيمة فى هذا الوقت ولم يعد لها وجود الآن ) المهم والدتى لجأت للشيوخ وماشابه ذلك والكل أجمع انه لا حل بيده وأتركوها لرحمة الله
عاشت أختى مع هذا المرض وتعاملت معه وهى صابرة مدة ثلاثة أشهر وأنا اعتصر من الألم وأنا أرى تلك الزهرة الجميلة تذبل أمام أعيننا يوما بعد يوم وفجأة فى صباح يوم من الأيام وكان يوم جمعة صحت أختى من النوم وهى بكامل عافيتها وصحتها وأكلت ولعبت معنا أنا وأخواتها كما لم تأكل وتلعب من قبل وفى المساء طلبت منى ما تعودت عليه قبل مرضها وهو أن تنزل معى الى الشارع وتذهب لدكان البقالة لأنها تريد حاجة حلوة
و لبيت طلبها بعد شد وجذب مع أمى وأخذتها ونزلت وذهبت بها الى الحانوت وأشتريت لها كل ما أرادت وعندما أردت العودة بها لم ترضى وطلبت منى أن أحملها
وأطوف بها الشارع ( أى أفسحها بلغتنا ) وطفت بها ليس شارعنا فقط بل معظم شوارع الحى الذى كنا نقطنه فى مدينتنا بورسعيد ثم طلبت منى طلب غريب فى هذه الساعة ان تزور بيت عمنا وكان فى نفس شارعنا ورغم تعبى ولأنى كنت أحبها وسعيد بشفائها وعودتها للحياة فلبيت لها طلبها راضيا وذهبت بها إليهم وقبْلها عمى وأمرأة عمى وكانوا فرحانين وغير مصدقين لتلك المعجزة ولعِبتْ مع أولاد عمى وأرادوا أن يحضروا لنا وجبة العشاء فأعتذرت لهم متحججا بأن أمى فى منتهى القلق علينا وقد تأخرنا عليها وفعلا وأنا عائد بها لمحت أمى
تقف فى نافذة المنزل ويبدو عليها القلق والضيق وقلت : أبشر يا محمود بعلقة ساخنة منها
وعندما دخلنا المنزل وقبل أن تنطق أمى بشئ قالت لها أختى: لا تضربى أخويا محمود لأننى سبب التأخير ..!! وكالعادة ذهُلت أمى من كلامها و قالت : طيب سماح المرة دى
يا أم كلثوم وكويس أن أبوكم بره - وهى لا تدرى أنها أول وآخر مرة - وبعد أن وضعت لنا العشاء مع باقى أخوتى وأكلنا سويا ( لأن لظروف عمل والدى حتمت عليه المبيت فى العمل ) , فجأة طلبت من أمى النوم على حجرها وكنت وأخوتى من شدة الفرح