ويُذكرني هذا ما قاله فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز التميمي في إحدى خطبه :
إن عداوة اليهود لدين الله قديمة ببداية تاريخهم، فهم عبدة العجل وقتلة الأنبياء والمصلحين، قلوبهم أقسى من الحجر، لا يعرفون الشفقة ولا الرحمة، يوقدون نيران الحروب، ويسعون في الأرض فسادًا، ومع ذلك فهم أجبن خلق الله وأشدهم خوفًا، ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله، فبأسهم شديد بينهم، ولا تكاد تجتمع لهم كلمة، لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى [الحشر: 14].
قوم عجاب، جمعوا الرذائل الأخلاقية والمفاسد السلوكية كلها، وهو ما عجزت عنه الأمم الأخرى. والعجيب أن هذا الفساد وتلك الوقاحة لم تتمثل في جيل يهودي واحد، إذن لهان الأمر، لكنها تحقّقت في الإنسان اليهوديّ حيث كان، إن صحت تسميته بالإنسان، فإن الإنسان مشتق من الأنس ولا أنس في يهودي، فلا يكاد يخلو جيل من أجيالهم من هذه الرذائل، كأنما هي جينات وراثية يتناقلونها ويتوارثونها بالفطرة. وإذا أردت أن تعرف اليهودي على حقيقته فاستحضر في مخيلتك وذهنك أكبر قدر من الأخلاق الذميمة تجلّي لك صورة الشخص اليهودي قائمة بين يديك.
بل وأقبح من هذا وأشد جرمًا أن يهود ـ قاتلهم الله ـ تجرؤوا فقالوا: إن الله فقير ويد الله مغلولة، غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا [المائدة: 64]. فكيف يرجو المسلمون بل كيف يرجو الناس كلهم أن ينصف المخلوقَ قوم تعدّوا على حقوق الخالق جل وعلا؟!
لقد عاثوا ـ عليهم لعائن الله ـ في الأرض فسادًا، وازدادوا لما رأوا من هوان المسلمين طغيانًا وعنادًا. فهل عجزت أمة الإسلام أمة المليار أن تخمد شرذمة جبانة حقيرة، لو نفخت فيهم لطاروا كالفقاعة من هوائها، ولو بصقت عليهم لغرقوا في مياهها؟! لكن:
تسعة الأصفـار تبقى أمة تلهو وتلعب
أَدُمى نحن؟! رجـال من عجين نتقولب
أم ظهور ومطايا كل من يرغب يركب؟!
دمُنا يرخص كالماء ولا كالْمـاء يُشرب
إن تكن تعجب من كثرتنا فالجبن أعجب
قد يخيف الذئب من أنيـابه مليار أرنب
إن ما يحدث على الأرض المباركة بل في غزة خطير خطير، والعالم كلّ العالم يتفرّج على الطغيان الصهيوني وهو يجوس خلال الديار، ويهلك الحرث والنسل، لا يرقب في مؤمن إلاً ولا ذمة.
المسلمون في الأرض المقدسة في دائرة الخطر، بدأت الطائرات تقصف، والتحرّك البري البربري محتمَل في أيّ لحظة، ودول العالم والمنظمات الدولية تتربص وتترقب! وأمريكا راعية السلام ـ زعموا ـ تتبجّح فتقرّ ما تقوم به يهود بزعم أن لإسرائيل حقَ الدفاع عن نفسها!
أين نفس إسرائيل هذه؟! ومتى جاءت؟! ومن الذي منحها هذا الحق؟! أَمِن أجل خنزير من خنازير يهود اختُطف جاء حقّ الدفاع لدولة كاملة؟! وهل من حقّ الدفاع عن النفس أن تقتّل الأنفس وتهدم الدور وتدمّر البنية التحتية لدولة كاملة، فتقصف محطة الكهرباء ليعيش الناس في ظلام دامس، وتُرجم الطرق والجسور؟! أكُلّ هذا الحق وما قد يلحقه من أجل شخص واحد؟! فمن يهب الفلسطينيين حقّ الدفاع والانتقام لما أُتلف؟! لقد صدق من قال:
قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفـر *** وقتل شعب كامل مسألة فيها نظر!
أين كانت العدالة الأمريكية والتحركات العالمية حينما قُتلت عائلة الطفلة هدى أمامها على شاطئ غزة؟! بل أين كان العدل الدولي عن الاختراقات التي يحدِثها اليهود في حدود محادثات السلام المزعومة التي يرعاها ويشرف عليها المجتمع الدولي؟!
لقد زال القناع وتكشّف الوجه القبيح لأمريكا ومن معها لمن لم يتكشّف له من قبل وكان مغترًا بطنطنتها حول العدل والسلام وحقوق الإنسان، وأيديها الملطخة بدماء إخواننا الزكية في العراق وأفغانستان خير شاهد على هذا.
ذات يوم وقف العالم يدعو لحقوق الكائنات
كل إنسان هنا أو حيوان أو نبات
"كل مخلوق له كل الحقوق"
هكذا النص صريحًا جاء في كلّ اللغات
قلت للعالم: شكرًا أعطني بعض حقوقي
حقّ أرضي وقراري والحياة
فتداعى العالم من كل الجهات
وأتى التقرير: لا مانع من إعطائه حق الممات. اهـ
وأقول ياشيخ وما يحدث في غزة اليوم هو مخطط أمريكي بتنفيذ صهيوني والدليل التصريح فالتهديد كان قبل الحرب من (( ليفني )) وتخرج (( رايس )) في يوم الهجوم وتقول أنها تحمل حماس ما حدث من انهيار الهدنة قبحهما الله من شمطاوتين تظنان أننا من الغباء بقدر أن نسمع لهما ولتحليلهما وأننا لا نفهم أنهما يتحدثان من خندق واحد بل نقول والله وبالله وتالله، لو حدث ربع أو عشر ما يحدث في غزة في أي مكان أو دولة في العالم يقطنها غير مسلمين لاعتبرت هذه الدولة وذلك المكان منطقة ودولة منكوبة تغاث من كل العالم وتمدّ بكافة الاحتياجات الإنسانية، ولا أدري والله كيف يحكم على مليون ونصف مليون مواطن في غزة بالإعدام ولا يحرك العالم ساكنا! أين العدل؟! وأين الانصاف؟! أين هيئات حقوق الإنسان؟! أين مجلس أمنهم؟! وأين هيئة أممهم؟! بل أين أنتم أيها المسلمون؟!
يا أهل الجزيرة، ويا أحفاد الصحابة، ويا كلَّ مسلم في قاصي الدنيا ودانيها إني أناشدكم باسم الإيمان وأدعوكم باسم الإسلام وأستصرخكم بأخلاقكم الأصيلة التي تأبى الظلم والضيم أن تقدّموا ما تجود به أنفسكم لإخوانكم في غزة المحاصرة بل الجريحة. تذكروا ـ أيها الكرام ـ وأنتم تنعمون وتمروحون بين أهليكم وأموالكم، تذكروا بكاء اليتامى وصراخ الثكالى وأنين الأرامل والأيامي، تذكروا أننا جسد واحد وإن فرَّقَتنا الحدود وحالت بيننا وبينهم السدود.
يا مسلمون، سينقشع الحصار طال أو قصر عن غزة، وسيتوقف القتال ، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل سيخلدنا التاريخ وتذكرنا الأجيال القادمة مع الشرفاء أم مع غيرهم؟! هل ستبقي أسماؤنا وآثارنا خالدة كما خلّد التاريخ أسماء الخمسة الذي نقضوا صحيفة الحصار عن نبيكم صلى الله عليه وسلم ؟! فإن هيّج ذلك المروءة في نفوسكم فاعلموا بالأحرى ومن باب أولى أنه ليس من عذر لأحد اليوم يرى حرماته ومقدساته تنتهك ويرى أطفالاً يقتلون ونساءً يرملون وشيوخًا يعتقلون ثم لا ينتصر لإخوانه ولا يحزن لمصابهم، ولا يقدم لقمة عيش ، أو قيمة دواء أو كساء، فقدموا ـ عباد الله ـ لأنفسكم معذرة عند ربكم.
يا مسلمون :
من أين يهنؤنـا عيـش وعافيـة *** وفي فلسطيـن آلام تعـاينهـا
و الله لو كان فينا مثـل معتصـم *** لعبأ الجيـش يرعاه ويَحميهـا
ولو رآنـا صلاح الديـن في خور *** لَجرد السيف يفري من يعاديها
بشراك يا أيهـا الأقصـى بموعدة *** قد قـالها المصطفى والله مجريها
لـن تستمر يهـود في غوايتهـا *** وسوف يَجتث قاصيها ودانيها
اللهم اجعل فرجاً عاجلاً لإخواننا في غزة ، ضمِّد اللهم الجراح ، وارحم الموتى والشهداء ونعوذ بك يارب أن نخذل إخواننا في وقت هم أحوج ما يكونون للنصرة ولو بدعوة صادقة ، اللهم أرنا في يهود والأمريكان وكل من يقف يبرر عدوانهم يوماً أسوداً كيوم فرعون وهامان وجنودهما وأرنا فيهم مثل أرونا في إخواننا يارب العالمين، اللهم اجعلهم يستجدون جرعة الماء فلا يجدوها ، والكساء فلا يروه بعزتك ياعظيم.