د-ايناس عضو متميز متقدم
الجنس : عدد المساهمات : 255 العمر : 34 الجنسيه : 0 تاريخ التسجيل : 23/12/2008 نقاط : 473
| موضوع: ما الحكمة من اشتراط وجود المحرم مع المرأة في السفر ؟ الإثنين مارس 29, 2010 1:04 pm | |
| السؤال : لقد تم إسداء النصح لي بأن النساء يكن في حاجة إلى رجل لا يمكنهن الزواج به عند ذهابهن لأداء الحج أو العمرة . وعندما ذهبت لأداء العمرة العام الماضي كنت لا أكاد أرى والدي الذي ذهبت معه ، وكنت أتساءل عن سبب فرض هذا الحكم؟ وأنا لا أشكك في تعاليم ديني بل هو محض فضول .
الجواب :الحمد لله أولاً : لا يشك المسلم في أن كل ما أمر الله به أو رسوله صلى الله عليه وسلم فهو مشتمل على مصالح وحِكَم كثيرة .وهذه الحِكَم والمصالح قد تخفى على بعض الناس ، وقد تظهر لآخرين .والواجب على المسلم أن ينقاد لأمر الله تعالى فور سماعه به وإن لم يعلم حكمته ولا المصلحة المقصودة من ورائه ، مع يقينه التام بأنَّ الشريعـة لا تأمر إلا بما فيه مصـالح العباد ، ولا تنهى إلا عما فيه فسـادهم وضررهم .قال الله تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) الأحزاب/36 . فحال المؤمن مع أمر الله تعالى وخبره كما يقول ابن القيم : "كمالُ التسليم والانقياد لأمره ، وتلقي خبره بالقَبول والتصديق ، دون أن يعارضه بخيال يسميه معقولاً ، أو بشبهة ، أو شك ، أو يقدم عليه آراء الرجال" انتهى "مدارج السالكين" (2/387) .قَالَ الزُّهْرِيُّ : "مِنْ اللَّهِ الرِّسَالَةُ ، وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَلَاغُ ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ" . رواه البخاري معلقاً.ولا يخفى أن من حِكم الأحكام الشرعية : اختبار العبد وابتلاؤه ليتبين المطيع من العاصي ، مع ما فيها من مصالح ، ودفعٍ للمضار .ثانياً : لا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع محرم لها من الرجال ، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) رواه البخاري (1862) .ولا يشترط أن يلزمها المحرم في المدينة التي وصلت إليها ، بل متى وصلا فلها أن تذهب داخل المدينة بمفردها ، إذا كانت تأمن على نفسها . وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (114272) .وقد ذكر العلماء أن من حِكَم اشتراط وجود المحرم في السفر : حفظ المرأة وصيانتها ، كما قال ابن مفلح رحمه الله في "المبدع" (3/101) : "المقصود بالمحرَم : حفظ المرأة" انتهى .وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "والحكمة في منع المرأة من السفر بدون محرم : صونُ المرأة عن الشر والفساد ، وحمايتها من أهل الفجور والفسق" انتهى "مجموع الفتاوى والرسائل" (24/258) .فالمحرم في السفر يحوط المرأة ويحميها ، ويرعاها ويقوم على شؤونها ، فالسفر مظنة التعب والمشقة ، والمرأة لضعفها تحتاج لمن يؤازرها ويقف إلى جوارها .فلو مرضت المرأة في السفر ، وليس عندها أحد من محارمها ، فمن الذي يحملها ، ومن الذي يبيت بجوارها ، ومن الذي يعتني بها؟فالمحرم صيانة للمرأة ، لأن المرأة بطبيعتها ضعيفة لا تقوى على مقاومة ضعاف النفوس الذين يستغلون انفرادها فيتعرضون لها بالمضايقات والمعاكسات ، وخاصة إذا جلس بجوارها في الطائرة أو الحافلة أو القطار من لا يخاف الله ، ولا يتقيه .فإذا كان مع المرأة محرمها (زوجها أو غيره) لم يجرؤ أحد من أهل الفساد على التعرض لها ، ولا يخفى عليك تعرض النساء للتحرش في شتى الأماكن والبلاد ، فلو كان معها محرمها ، فهل تظنين أنه سيقع بها ما وقع؟قال الهيثم بن عدي : قدمت امرأة مكة وكانت من أجمل النساء ، فبينا عمر بن أبي ربيعة يطوف إذ نظر إليها فوقعت في قلبه ، فدنا منها فكلمها ، فلم تلتفت إليه .فلما كان في الليلة الثانية جعل يطلبها حتى أصابها ، فقالت له : إليك عني يا هذا ، فإنك في حرم الله وفي أيام عظيمة الحُرمة .فألح عليها يكلمها حتى خافت أن يُشهرها .فلما كان في الليلة الأخرى قالت لأخيها : اخرج معي يا أخي فأرني المناسك فإني لست أعرفها ، فأقبلت وهو معها .فلما رآها عمرو أراد أن يعرض لها ، فنظر إلى أخيها معها فعدل عنها .فتمثلت المرأة بقول الشاعر : تَعْدُو الذئابُ على مَنْ لا كِلاَبَ له ... وتَتّقي صَوْلَةَ المُسْتأسِدِ الحاميوقد حُدث أمير المؤمنين المنصور العباسي بهذا الخبر فقال : وددت أنه لم تبق فتاة من قريش في خدرها إلا سمعت بهذا الحديث . ينظر : "عيون الأخبار" (1/404) .بل حتى عند دخول المرأة على الطبيب إذا اضطرت لذلك ، يخبر أحد الأطباء الصادقين عن نفسه فيقول : إن كلامه مع المرأة التي تدخل عليه وليس معها محرم يختلف عن كلامه مع التي تدخل عليه ومعها محرمها .فنأمل أن تكون الحكمة من وجود محرم مع المرأة في السفر ليحفظها ويرعاها قد اتضحت لك.وتقصير بعض الرجال في القيام بواجبهم ، أو وجود بعض الحالات التي لا يتبين فيها وجه المصلحة من وجود المحرم بشكل ظاهر ، لا يغير من الحكم شيئاً ؛ لأن العبرة بالغالب العام من أحوال الناس لا القليل النادر .والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب | |
|