ما ورد في الأولاد وتأثيرهم على الآباء
يشاهد
أن الرجل متى رزق أولادا من ذكور أو إناث فإنه ينشغل بشأنهم ، ويهتم
بتحصيل الرزق ، ويسعى في جمع المال ، ويكدح ويشقى في الطلب والتكسب ،
وينشغل بذلك عن التعلم والتفقه ، ويؤثر البقاء والمقام معهم أو بقربهم ،
ولو فاتته الفضائل والأعمال الصالحة ، فقد روى الترمذي( ) عن عمر بن عبد
العزيز قال: زعمت المرأة الصالحة خولة بنت حكيم قالت: خرج رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- ذات يوم وهو محتضن أحد ابني ابنته وهو يقول: « إنكم
لتبخلون وتجبنون وتجهلون ، وإنكم لمن ريحان الله » قال الترمذي : " لا نعرف
لعمر بن عبد العزيز سماعا من خولة " أي: فهو منقطع ، لكن عمر جزم به ، وقد
لقي في المدينة من روى عن خولة يقينا ، ومعناه أن محبة الولد تحمل أباه
على البخل بالمال ، والحرص على جمعه؛ ليخلفه لولده ، أو لينفقه عليه في
حياته ، وكذا على الجبن الذي هو ضد الشجاعة ، فلا يخرج للجهاد خوفا من
القتل وضياع أولاده ، فإن خرج لم يكن معه الجرأة على الإقدام ، وكذا على
الجهل لإكبابه على التكسب ، والانشغال بالتجارات أو الحرف ، أو الأعمال
التي يتحصل منها على المال ، فيبقى على جهله ، ويفوته التعلم والتفقه في
الدين . وقوله: « وإنكم لمن ريحان الله » أي: كالريحان الذي هو طيب الريح؛
لأنهم يشمون ويقبلون ، فكأنهم من جملة الرياحين ، فقد روى الترمذي( ) عن
أنس « أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو الحسن والحسين فيشمهما
ويضمهما إليه » ، وروى الطبراني في الأوسط( ) عن أبي أيوب قال: « دخلت على
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحسن والحسين يلعبان بين يديه ، فقلت:
أتحبهما يا رسول الله؟ قال: وكيف لا وهما ريحانتاي من الدنيا أشمهما » ،
وروى البزار( ) عن أبي سعيد قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «
الولد ثمرة القلب ، وإنهم مجبنة مبخلة محزنة » ، وروى أيضا عن الأسود بن
خلف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخذ حسنا فقبله فقال: « إن الولد مبخلة
مجهلة مجبنة »( )، وروى الإمام أحمد( ) عن الأشعث بن قيس قال: قال لي رسول
الله -صلى الله عليه وسلم-: « هل لك من ولد؟ » قلت: غلام ولد لي في مخرجي
إليك ، ولوددت أن مكانه شبع القوم . قال: « لا تقولن ذلك ، فإن فيهم قرة
عين ، وأجرا إذا قبضوا ، ثم إنهم لمجبنة محزنة ، إنهم لمجبنة محزنة » ، وعن
يعلى بن مرة الثقفي قال: جاء الحسن والحسين يسعيان إلى النبي -صلى الله
عليه وسلم- فضمهما إليه ، وقال: « إن الولد مبخلة مجبنة »( ) فهذه
الأحاديث وما في معناها تدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد نبه
الأمة على ما هو أمر طبيعي واقعي من أن الآباء في الغالب يتصفون بالجبن
والبخل؛ لتأثير محبة الولد ، والشفقة عليه ، فإذا كانت محبة الولد ركيزة في
القلب ، وظهر أثرها في العمل ، بشدة الطلب والجمع والتكسب ، ثم الإمساك
والتقتير على النفس وعلى الأهل والضيف ، والتوقف عن الإنفاق في وجوه الخير ،
فإن من الواجب والمؤكد أن يعنى الوالد بولده في التهذيب والسعي في الإصلاح
، والتعهد في الصغر وبعد الكبر؛ ليكون قرة عين لأبويه ، وتثمر التربية
الصالحة بالاستقامة والبعد عن الانحراف والزيغ .
_________________
أخوكم في الله
فارس الاسلام
مدير منتدى فرسان التوحيد
http://www.forsanaltwhed.com/vb