الحج
الحديث
الأول: حديث الخثعمية:
عن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، قال:
"أردف رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، الفضل بن عباس، رضي الله عنهما، يوم النحر خلفه على
عَجُزِ راحلته، وكان الفضل رجلاً وضيئاً، فوقف النبي، صلى الله عليه وسلم، للناس
يُفتيهم، وأقبلت امرأة من خثعم (وضيئة) تستفتي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فطفق
الفضل ينظر إليها وأعجبه حسنها، فالتفت النبي، صلى الله عليه وسلم، والفضل ينظر
إليها، فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل، فعدل وجهه عن النظر إليها، فقالت:
يا
رسول الله، إن فريضة
الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يستوي على الراحلة،
فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟ قال: نعم) رواه البخاري ومسلم.
1- هذه واقعة
حال لا عموم لها:
قال
الشيخ صفي الرحمن المباركفوري، رحمه الله: هذا هو النص الذي كثيراً ما
يتوكأ عليه من يتصدى لشق ستور
النساء من في هذا الزمان، يقيم به الحجة على جواز السفور في جميع الأحوال، مع أن
هذا الاستدلال لا يتمشى على طريقة الفقهاء المحدثين، فإنها حسب قاعدتهم واقعة حال
لا عموم لها، يتطرق إليها من الاحتمالات ما لا يتركها صالحة للاستدلال فضلاً عن أن
تكون قاضية على النصوص والدلائل التي قدمناها من قبل.( إبراز الحق والصواب في
مسألة السفور والحجاب ص60)
ثم قال ، رحمه الله:
والحاصل أن كل ما قدمنا من النصوص الدالة على وجوب الحجاب من الكتاب والسنة هي
أصول وقوانين كلية، وواقعة هذه المرأة الخثعمية واقعة عين، وقد علمت ما فيها من
الاحتمالات،فلا يكون لها عموم وهي لا تصلح لمقاومة تلك النصوص، ولا يترك
القانون الكلي في مقابله مثل هذه الواقعة الخاصة.(إبراز الحق والصواب في مسألة
السفور والحجاب ص62)
2- التعليل بالحسن -وقد ثبت- أقوى من التعليل
بالشباب:
قال صلى الله عليه وسلم:"
رأيت شاباً وشابة فلم آمن الشيطان عليهما" رواه أحمد(1/75) رقم562,والبزار في
المسند(2/164)رقم 532, والضياء المقدسي في
المختارة(2/240)رقم619.
قال الشيخ حمود التويجري,
رحمه الله: وفي تعليله خوف الفتنة على (الفضل) بشباب المرأة إشعاراً بأنها لم تكشف
وجهها بمرأى من النبي صلى الله عليه وسلم, وأنه لم يرَ ما ذكر عنها من الحسن
وإلا فالحسن أدعى إلى الفتنة من الشباب, والتعليل به أقوى من التعليل بالشباب
, ولما لم يعلل النبي صلى الله عليه وسلم بذلك دل على أنها كانت ساترة لوجهها
والله أعلم.(الصارم المشهور ص225)
3- انفراد
رواية ابن عباس-رضي الله عنهما- بذكر حسن المرأة ووضاءتها:
قال الشيخ محمد أحمد إسماعيل المقدم, حفظه
الله:الذين شاهدوا قصة الفضل والخثعمية لم يذكروا حسن المرأة ووضاءتها, ولم يذكروا
أنها كانت كاشفة عن وجهها. كما في حديث علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-, وفيه قول
العباس "يا رسول الله لما لويت عنق ابن عمك؟", وكذا حديث جابر-رضي الله عنه- في
صحيح مسلم في الحج, وفيه "فلما رفع رسول الله الفضل, فحول الفضل وجهه إلى الشق
الآخر ينظر, فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل,
فصرف وجهه من الشق الآخر.(عودة الحجاب[3/384])
4- ظهر وجهها بغير قصد
منها:
قال الشيخ الشنقيطي، رحمه الله: ومعرفة
كونها وضيئة أو حسناء لا يستلزم أنها كانت كاشفة عن وجهها وأنه، صلى الله عليه
وسلم، أقرها على ذلك، بل قد ينكشف عنها خمارها من غير قصد، فيراها بعض الرجال
من غير قصد كشفها عن وجهها.(أضواء البيان[6/599-602])
وقال الشيخ حمود التويجري، رحمه الله:
وكثيراً ما ينكشف وجه المتحجبة بغير قصد منها، إما بسبب اشتغال بشيء أو بسبب ريح
شديد أو لغير ذلك من الأسباب، فيرى وجهها من كان حاضراً عندها.(الصارم المشهور
ص139-140)
5- يعرفها قبل الإحرام:
قال الشيخ الشنقيطي، رحمه الله: ويحتمل أن
يكون يعرف حسنها قبل ذلك الوقت لجواز أن يكون قد رآها قبل ذلك وعرفها، ومما يوضح
هذا أن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، الذي روى عنه هذا الحديث لم يكن حاضراً
وقت نظر أخيه إلى المرأة، وهو الراوي للحديث.(أضواء البيان[6/599-602]
6- الجمال
والوضاءة لا ينحصران
في الوجه:
قال الشيخ الشنقيطي، رحمه الله: مع أن جمال
المرأة قد يعرف وينظر إليها لجمالها وهي مختمرة، وذلك لحسن قدها وقوامها، وقد تعرف
وضاءتها وحسنها من رؤية بنانها فقط كما هو معلوم؛ ولذلك فسر ابن مسعود، رضي الله
عنه {وَلاَ يُبْدِينَ زَينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} بالملاءة فوق
الثياب، كما تقدم، ومما يوضح أن الحسن يعرف من تحت الثياب قول الشاعر:
طافت أمامة بالركبان آونة يا
حسنها
من قوام ما ومنتقباً
فقد بالغ في حسن قوامها مع أن العادة كونه
مستوراً بالثياب لا منكشفاً. (أضواء البيان[6/599-602])
7- حديثة عهد بإسلام:
قال الشيخ عبدالعزيز بن راشد النجدي، رحمه
الله: ولم يُنكر عليها، أي النبي صلى الله عليه وسلم، لحداثة عهدها بالإسلام، كما
سكت عن المرأة التي بايعت على الإسلام وشرط عليها ألا تنوح على ميت، فقالت: فلانة
أسعدتني، وأنا أريد أن أجزيها، فما قال لها شيئاً، ولا أنكر عليها ولا أبى عن
مبايعتها لعلمه أنها إذا تمكن الإيمان من قلبها لابد أن تنقاد لأوامره، وتنتهي عن
نواهيه وتحرم النياحة.(أصول السيرة المحمدية ص165-166)
8- الفعل
أبلغ من القول:
قال الشيخ عبدالقادر السندي، حفظه الله: لا
حجة في الحديث للذين يقولون بجواز كشف الوجه والكفين؛ لأنه، صلى الله عليه وسلم،
أنكر على الفضل بن عباس إنكاراً باتاً بأن لوى عنقه وصرفه إلى جهة أخرى، وكان في
هذا الصنيع من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إنكار واضح لأنه أنكر باليد.(رسالة
الحجاب ص35)
وقال الإمام النووي، رحمه
الله،
عند
ذكره لفوائد هذا الحديث: ومنها تحريم النظر إلى الأجنبية، ومنها إزالة المنكر باليد
لمن أمكنه.(شرح النووي لصحيح مسلم[9/98])
وقال الإمام ابن القيم، رحمه الله: وهذا منع
وإنكار بالفعل، فلو كان النظر جائزاً لأقره عليه.(روضة المحبين ص102)
وقال الحافظ: وفي الحديث: منع النظر إلى
الأجنبيات وغض البصر.(فتح الباري[4/88])
وقال عياض: وزعم بعضهم أنه غير واجب إلا عند
خشية الفتنة، قال: وعندي أن فعله، صلى الله عليه وسلم، إذ غطى وجه الفضل أبلغ من
القول.( فتح الباري[4/88])
9- نصيحة لله:
قال الشيخ الشنقيطي، رحمه الله: وبالجملة فإن
المنصف يعلم أنه يبعد كل البعد أن يأذن الشارع للنساء في الكشف عن الوجه أمام
الرجال الأجانب مع أن الوجه هو أصل الجمال، والنظر إليه من الشابة الجميلة هو أعظم
مثير للغرائز البشرية وداعٍ إلى الفتنة والوقوع فيما لا ينبغي، ألم تسمع بعضهم
يقول:
قلت اسمحوا لي أن أفوز
بنظرةٍ ودعوا القيامة بعد ذاك تقوم
أترضى أيها الإنسان أن تسمح له بهذه النظر
إلى نسائك وبناتك وأخواتك؟(أضواء البيان[6/599-602])
ولقد صدق من قال:
وما
عجب أن النساء ترجلت ولكن تأنيث الرجال
عجيبُ
_________________
أخوكم في الله
فارس الاسلام
مدير منتدى فرسان التوحيد
http://www.forsanaltwhed.com/vb