فرق
الإباضية:
انقسمت الإباضية إلى فرق، منها ما يعترف به
سائر الإباضية، ومنها ما ينكرونها ويشنعون على من ينسبها إليهم، ومن تلك الفرق:
1-الحفصية: أتباع حفص بن أبي المقدام.
2-اليزيدية: أتباع يزيد بن أنيسة.
3-الحارثية: أتباع حارث بن يزيد الإباضي.
4-أصحاب طاعة لا يراد بها الله(45).
ولهذه الفرق من الأقوال والاعتقادات ما لا يشك
مسلم في كفرهم وخروجهم عن الشريعة الإسلامية.
ورغم أن علماء الفرق قد أثبتوا نسبتها إلى
الإباضية إلا أن عليّ معمر-في كتابه الإباضية بين الفرق الإسلامية- أخذ يصول ويجول
وينفي وجود هذه الطوائف عند الإباضية أشد النفي، ويزعم أن علماء الفرق نسبوها إلى
الإباضية ظلماً وخطأ(46) وهذا الرد منه لا يسلم
له على إطلاقه، لأن انحراف هذه الفرق في آرائهم لا يقوم دليل قاطع على عدم
انتسابهم إلى الإباضية؛ إذ يجوز أن يكون هؤلاء الزعماء كانوا في صفوف الإباضية ثم
انفصلوا عنهم بآرائهم الشاذة، وتظل نسبتهم إلى الإباضية ثابتة في الأصل، كما أنه
لا يمنع أن يخرج بعض أفراد المذهب عن عامة أهل المذهب وتبقى نسبتهم إليهم لو مجرد
التسمية –ثابتة- وإضافة إلى تلك الفرق السابقة فإنه يوجد ست فرق أخرى للإباضية في
المغرب هي:
1-فرقة النكار: زعيمهم رجل يسمى أبا
قدامة يزيد بن فندين الذي ثار في وجه إمام الإباضية بالمغرب عبد الوهاب بن رستم.
وسميت هذه الفرقة بالنكارية لإنكارهم إمامة ابن رستم.
وقد سميت الفرقة الموافقة لعبد الوهاب بن
رستم ((بالوهابية
أو الوهبية)).
2-النفاثية: نسبة إلى رجل يسمى
فرج النفوسي المعروف بالنفاث، ونفوسة قرية تقع في ليبيا.
3-الخلفية: نسبة إلى خلف بن السمح
بن أبي الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري الذي كانت له مناوشات مع الدولة
الرستمية.
4-الحسينية: وزعيمهم رجل يسمى أبا
زياد أحمد بن الحسين الطرابلسي.
5-السكاكية: نسبة إلى زعيمهم عبد
الله السكاك اللواتي من سكان قنطرار، تميز بأقوال تخرجه عن الإسلام، وقد تبرأت من
الإباضية.
6-الفرثية: زعيمهم أبو سليمان بن
يعقوب بن أفلح.
ونفس الموقف السابق لعليّ يحيى بن معمر من
الفرق السابقة وقفه أيضاً ضد هذه الفرق وأنكر أن تكون من الإباضية وشكك في وجود
بعض هذه الفرق، فضلاً عن نسبتها إلى الإباضية(47)
إلا أن كثيراً من العلماء يذكرون أن هذه الفرق هي ضمن الإباضية بالمغرب.
5-دولة
الإباضية:
قامت للإباضية دولتان: إحداهما في المغرب
والأخرى في المشرق –عمان- تمتع المذهب الإباضي فيهما بالنفوذ والقوة.
وساعد انتشار المذهب الإباضي في عمان بُعْدُها
عن مقر الخلافة، ثم مسالكها الوعرة.
ويرجع دخول المذهب الإباضي عمان إلى فرار بعض
الخوارج بعد معركة النهروان إلى هذا البلد؛ كما يرى بعض العلماء.
ولكن السالمي من علماء الإباضية يرى أن دخول
المذهب إلى عمان يرجع إلى قدوم عبد الله بن إباض.
وعلى أي حال فقد قوي المذهب وأراد أهل عمان
الاستقلال عن الخلافة العباسية عهد السفاح والمنصور، وانتخبوا لهم خليفة هو
الجلندي بن مسعود ابن جيفر الأزدي، إلا أن جيوش الخلافة العباسية قضت على حلم أهل
عمان وظلت جزءاً من الدولة العباسية إلى سنة 177هـ، حيث بدأت نزعة الاستقلال وولوا
عليهم سنة 179هـ إماماً منهم، واستمر ولا تهم في الحكم في عمان ابتداءً بأول خليفة
وهو محمد بن أبي عفان الأزدي، ثم الوارث بن كعب الخروصي، ثم غسان بن عبد الله، ثم
عبد الملك بن حميد، ثم المهنا بن جيفر اليحمدي، ثم الصلت بن مالك الخروصي، ثم راشد
بن النظر اليحمدي الخروصي، ثم عزام بن تميم الخروصي، ثم سعيد بن عبد الله بن محمد
بن محبوب، ثم راشد بن الوليد، ثم الخليل بن شاذان، ثم محمد علي، ثم راشد بن سعيد،
ثم عامر بن راشد بن الوليد(48).
وبعده محمد بن غسان بن عبد الله الخروصي،
والخليل بن عبد الله ومحمد بن أبي غسان وموسى بن أبي المعالي وخنبش بن محمد
والحواري بن مالك، وأبو الحسن بن خميس وعمر بن الخطاب ومحمد بن محمد بن إسماعيل
الماضري وبركات بن محمد بن إسماعيل. ثم جاءت أئمة اليعارية الذين قوي نفوذهم جداً
واستمروا إلى أن حدثت الانشقاقات والتفرق بينهم، فتدخلت الدول الاستعمارية وقضت
على الإمامة(49).
أما بالنسبة لدولة الإباضية في المغرب فإن قيام
هذه الدولة كان نتيجة لانتشار المذهب الإباضي هناك بين قبائل البربر.
ولقد كانت البصرة هي إحدى القواعد الأساسية
لدعاة المذهب الإباضي، حيث يتخرج منها دعاة هذا المذهب وينتشرون في أماكن كثيرة،
وتعتبر المرجع لجميع الإباضية في كل مكان، إذ يأتون إليها ويتزودون منها علماً
وخططاً لنشر مذهبهم وإقامة حكمهم، في ذلك الوقت وفد إليها رجال هذا المذهب ثم
خرجوا إلى المغرب وأسسوا دولتهم إلى جانب دولة الصفرية الخارجية.
وطريقة قيام المذهب الإباضي تمت بوضع خطة للقبض
على زمام السلطة شيئاً فشيئاً، وكان أول زعيم لهم هو أبو الخطاب عبد الأعلى بن
السمح المعافري، فاستولوا على طرابلس ثم عيَّن عبد الرحمن الرستمي قاضياً عليها
وواصل أبو الخطاب انتصاراته، ولكن جيش الخلافة العباسية دحرهم في معركة قتل فيها
أبو الخطاب وتفرقت الإباضية.
ثم قام عبد الرحمن الرستمي الذي يعتبر مؤسس
الدولة الرستمية الإباضية في المغرب بمحاولات الاستقلال، وتمت له السيطرة على
أماكن كثيرة وسلموا عليه بالخلافة سنة 160هـ وهو فارسي الأصل.
وقد توفي سنة 171هـ فاختاروا ابنه عبد الوهاب
الذي واصل تنمية المذهب واجتمعت عليه الكلمة إلى أن مات، فخلفه ابنه أفلح بن عبد
الوهاب وسار على طريقة والده وأحبه الناس، وبعد وفاته تولى ابنه أبو اليقظان محمد
ابن أفلح، فأحب الناس سيرته إلى أن توفي فخلفه ابنه أبو حاتم يوسف بن محمد بن أفلح
إلا أن العلاقة ساءت بينه وبين عمه يعقوب بن أفلح ودارت بينهم معارك هائلة، ومن
هنا بدأت الدولة الرستمية في الأفول وداهمتهم الشيعة بقيادة أبي عبيد الله الشيعي
وانتهت أسرتهم في سنة 296هـ فرثاهم علماء الإباضية كثيراً(50).
(45)
انظر مقالات الأشعرى : 1/ 183 ، الفرق بين
الفرق للبغدادي : ص 105 ، 279 .
(46)
الأباضية بين الفرق الإسلامية ص 23 .
(47)
انظر كتاب الأباضية بين الفرق الإسلامية ص
258، 278 .
(48)
مخطوطة المازغينني في افتراق فرق الأباضية
الست بالمغرب ص 1-7 وانظر تعليق أبي إسحاق على كتاب الوضع للجناوني وانظر كذلك
كتاب الأزهار الرياضية في أئمة وملوك الأباضية : 2/ 148ر 152 ، 167، 174 ، 102 ،
112 ، 206 .
(49)
انظر كتاب (( عمان تاريخ يتكلم )) ص 131
للسالمي ، وكتاب (( الأزهار الرياضية للباروني )) : 2/ 2 والكامل لابن الأثير : 5/
192 – 194 .
(50)
انظر الأزهار الرياضية في أئمة وملوك
الأباضية . الجزء الثاني في عدة صفحات منه .
_________________
أخوكم في الله
فارس الاسلام
مدير منتدى فرسان التوحيد
http://www.forsanaltwhed.com/vb