سيرة حياة الشيخ عبدالله ابن جبرين رحمه الله
رحم الله
العلامة
الشيخ عبد الله ابن جبرين
الأسم والنسب
هو عبد الله بن عبد الرحمن بن
عبد
الله بن إبراهيم بن فهد بن حمد بن جبرين من آل رشيد وهم فخذ من عطية بن
زيد وبنو زيد قبيلة مشهورة بنجد كان أصل وطنهم مدينة شقراء ثم نزح بعضهم
إلى
بلدة القويعية في قلب نجد وتملكوا هناك.
أسرته
هذه
الأسرة منهم من له ذكر وأخبار على الألسن لكنها لم تدون في كتب التأريخ
لقلة
العناية بتلك الأخبار في زمنهم وقد اشتهر جده الرابع وهو حمد بن جبرين
وكان في أواسط القرن الثالث عشر حيث آل إليه أمر القضاء والولاية والإمارة
في مدينة القويعية وكان ذا منزلة ومكانة في قومه فهو خطيبهم وأميرهم
وقاضيهم
مع ما رزقه الله من السعة في العلم والمال وتملك الآبار وإحياء
الموات
كما تدل على ذلك وثائق الملكية التي تحمل اسمه وأسماء بنيه من بعده.
وقد
أورث علما جما حيث كان له كتاب وعمال ينسخون الكتب الجديدة
بالأجرة
ولا يزال الكثير منها موجودا موقوفا عند بعض أحفاده ثم اشتهر بعده
ابن
ابنه إبراهيم بن فهد فتعلم العلم وأدرك الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل
الشيخ
والشيخ عبد الله أبا بطين والشيخ حمد بن معمر وقرأ ونسخ وحفظ علما
جما
وأورث بعده مخطوطات تحمل اسمه منها ما نسخه بيده ومنها ما تملكه وقد
تولى
الإمامة والخطابة والإفتاء والتدريس وتعليم القرآن والحديث وتوفى في
آخر
القرن الثالث عشر وقام بعده ابنه عبد الله الذي حفظ القرآن وقرأ على
أبيه
وبعض علماء بلده وغيرهم وتولى الإمامة والخطابة والتعليم في قرية مزعل
التابعة للقويعية .
وقد نسخ كتبا بيده أوقفها بعده ومات سنة 1344هـ
وتولى
الإمامة والخطابة بعده ابنه محمد بن عبد الله وكان قد قرأ على أبيه
ورحل
في طلب العلم وحفظ الكثير من المتون ونسخ بيده كتبا ومات سنة 1355هـ
وأما
والد المترجم له فهو أحد طلبة العلم وحفظة القرآن ولد سنة 1321هـ
وتولى
الإمامة بعد أخيه ثم انتقل إلى بلدة الرين لطلب العلم على قاضيها عبد
العزيز الشثري المكنى بأبي حبيب وأقام هناك حتى ارتحل بعد وفاة الشيخ أبي
حبيب
إلى الرياض ومات سنة 1397هـ.
نشأته
ولد
الشيخ
عبد الله بن جبرين سنة 1352هـ في إحدى قرى القويعية ونشأ في بلدة
الرين
وابتدأ بالتعلم في عام 1359هـ وحيث لم يكن هناك مدارس مستمرة تأخر في
إكمال الدراسة ولكنه أتقن القرآن وسنه اثنا عشر عاما وتعلم الكتابة وقواعد
الإملاء البدائية ثم ابتدأ في الحفظ وأكمله في عام 1367هـ وكان قد قرأ قبل
ذلك في مبادئ العلوم ففي النحو على أبيه قرأ أول الآجرومية وكذا متن
الرحبية
في الفرائض وفي الحديث الأربعين النووية حفظا وعمدة الأحكام بحفظ
بعضها
.
وبعد أن أكمل حفظ القرآن ابتدأ في القراءة على شيخه الثاني بعد
أبيه وهو الشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري المعروف بأبي حبيب وكان جل
القراءة
عليه في كتب الحديث ابتداء بصحيح مسلم ثم بصحيح البخاري ثم مختصر
سنن
أبى داود وبعض سنن الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي .
وقرأ سبل السلام
شرح بلوغ المرام كله وقرأ شرح ابن رجب على الأربعين المسمى جامع العلوم
والحكم
في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم وقرأ بعض نيل الأوطار على منتقى
الأخبار
وقرأ تفسير ابن جرير وهو مليء بالأحاديث المسندة والآثار الموصولة
وكذا
تفسير ابن كثير وقرأ كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد وأتقن
حفظ
أحاديثه وآثاره وأدلته وقرأ بعض شروحه وقرأ في الفقه الحنبلي متن الزاد
حفظا وقرا معظم شرحه .
وكذا قرأ في كتب أخرى في الأدب والتأريخ
والتراجم واستمر إلى أول عام أربع وسبعين حيث انتقل مع شيخه أبي حبيب إلى
الرياض
وانتظم طالبا في معهد إمام الدعوة العلمي فدرس فيه القسم الثانوي في
أربع سنوات وحصل على الشهادة الثانوية عام 1377هـ وكان ترتيبه الثاني بين
الطلاب
الناجحين البالغ عددهم أربعة عشر طالبا ثم انتظم في القسم العالي في
المعهد المذكور ومدته أربع سنوات ومنح الشهادة الجامعية عام 1381هـ وكان
ترتيبه
الأول بين الطلاب الناجحين البالغ عددهم أحد عشر طالبا وعدلت هذه
الشهادة
بكلية الشريعة .
وفي عام 1388هـ انتظم في معهد القضاء العالي
ودرس
فيه ثلاث سنوات ومنح شهادة الماجستير عام 1390هـ بتقدير جيد جدا وبعد
عشر
سنين سجل في كلية الشريعة بالرياض للدكتوراه وحصل على الشهادة في عام
1407هـ
بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف وأثناء هذه المدة وقبلها كان يقرأ على
أكابر
العلماء ويحضر حلقاتهم ويناقشهم ويسأل ويستفيد من زملائه ومن مشائخهم
في المذاكرة والمجالس العادية والبحوث العلمية والرحلات والاجتماعات
المعتادة
التي لا تخلو من فائدة أو بحث في دليل وتصحيح قول ونحوه
الحالة
الإجتماعية
تزوج بابنة عمه الشقيق رحمها الله وذلك في آخر عام
1370هـ
ومع قرابتها كانت ذات دين وصلاح ونصح وإخلاص بذلت جهدها في الخدمة
والقيام
بحقوق ربها وبعلها وتوفيت عام 1414هـ .
وقد رزق منها اثني عشر
مولودا
من الذكور والإناث مات بعضهم في الصغر والموجود ثلاثة ذكور وست إناث
وقد تزوج جميعهم وولد لأغلبهم أولاد من البنات والبنين ولا يزالون يغشون
أباهم
ويخدمونه ويقومون بالحقوق الشرعية والآداب الدينية، أما الوضع
المنزلي
فقد كان في أول الأمر تحت ولاية والده فكان يخدمه ويقوم بما قدر
عليه
من بره وأداء حقه في نفسه وماله ولا يستبد بكسب ولا يختص بمال.
ولما
انتقل إلى الرياض وانتظم في معهد إمام الدعوة العلمي وكان يدفع له مكافأة
شهرية
فكان يدفع ما فضل عن حاجته لوالده الذي ينفق على ولده وولد ولده وبعد
ثلاث سنين اضطر إلى إحضار زوجته وأولاده واستئجار منزل صغير وتأثيثه
والنفقة
عليهم فكانت المكافأة تكفي لذلك رغم قلتها لكن مع الاقتصار على
الحاجات
الضرورية وبقي يستأجر منزلا بعد منزل لمدة ثماني سنين فبعدها أعانه
الله على شراء بيت من الطين والخشب القوي فهناك استقر به النوى حيث قام
فيه
سبعة عشر عاما يعيش في وسط من الحال لا إسراف فيه ولا تقتير ولم يتوسع
في
الكماليات والمرفهات لقلة ذات اليد ثم في عام 1402هـ انتقل إلى منزله
الحالي
الذي أقامه بمساعدة بنك التنمية العقارية وعاش فيه كما يعيش أمثاله
في
هذه الأزمنة.
عقيدته
أما العقيدة والمذهب فقد نشأ
على معتقد سليم تلقاه عن الآباء والأجداد والمشايخ العلماء المخلصين فتعلم
عقيدة أهل السنة والجماعة والسلف الصالح، فقرأ وحفظ ما تيسر من كتب
العقائد
كالواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وتلقى شرحها من
مشائخه
الذين تعلم منهم العلوم الشرعية فكانوا يفسرون غريبها ويوضحون
المعاني
ويبينون الدلالات من النصوص.
وقد نهج والحمد لله منهج مشايخنا
في
تدريس كتب العقيدة السلفية فقرأ عليه التلاميذ الكثير من كتب العقائد
المختصرة
والمبسوطة كشروح الواسطية للهراس ولابن سلمان ولابن رشيد وشرح
الطحاوية
ولمعة الاعتقاد وشروح كتاب التوحيد وكذا الكتب المبسوطة لشيخ
الإسلام
وابن القيم وحافظ الحكمي وغيرهم ممن كتب في العقيدة وناقش الأدلة
وتوسع
في سردها
وكان في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في
قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة يدرس كتب العقيدة ويشرف على البحوث
والرسائل
التي تقدم للجامعة في هذا القسم ويشترك في مناقشة رسائل الماجستير
والدكتوراه ويرشد الطلاب إلى المراجع المفيدة في الموضوع ولا زال إلى الآن
يشرف على كثير من الرسائل وعلى اتصال بالجامعة زيادة على الطلاب الراغبين
في
هذه الدراسة .
أما المذهب في الفروع فإن مشايخه الذين درس عليهم
الفقه
كانوا متخصصين في مذهب أحمد بن حنبل، لا يخرجون عنه غالبا وقد اقتصر
عليه
وأكثر من قراءة كتب الحنابلة والتعليق عليها ومعلوم أن مذهب أحمد هو
أوسع
المذاهب لكثرة الروايات فيه التي توافق المذاهب الأخرى غالبا فمن قرأ
هذا
المذهب وتوغل فيه أحاط بأكثر المذاهب ما عدى الافتراضات ونوادر المسائل
التي يفترض الفقهاء وجودها فلا أهمية لدراستها فمتى وقعت أمكن معرفة حكمها
بإلحاقها بأقرب ما يشابهها.
شيوخه
أما الشيوخ
والعلماء
الذين تتلمذ عليهم فأولهم والده رحمه الله تعالى فقد بدأ بتعليمه
القراءة
والكتابة في عام 59 هـ وكان رحمه الله من طلبة العلم وأهل النصح
والإخلاص
والمحبة وقد أفاد كثيرا بحسن تربيته وتلقينه وحرصه على التلاميذ
ليجمعوا
بين العلم والعمل.
وقد توفي سنة 1397هـ ومن أكبر المشايخ الذين
تأثر بهم شيخه الكبير عبد العزيز بن محمد أبو حبيب الشثري الذي قرأ عليه
أكثر
الأمهات في الحديث وفي التفسير والتوحيد والعقيدة والفقه والأدب
والنحو
والفرائض وحفظ عليه الكثير من المتون وتلقى عنه شرحها والتعليق على
الشروح.
وكان
بدء الدراسة عليه عام 1367هـ حتى توفي عام 1397هـ
بالرياض رحمه الله
تعالى ولكن قلت القراءة عليه بعد التخرج للانشغال
والتدريس ونحوه.
ومن
العلماء الذين قرأ عليهم واستفاد من مجالستهم
فضيلة الشيخ صالح بن
مطلق الذي كان إماما وخطيبا في إحدى القرى بالرين ثم
قاضيا في حفر
الباطن ثم تقاعد وسكن الرياض ومات سنة 1381هـ وكان ضرير البصر
ولكن
وهبه الله الحفظ والفهم القوي فقل أن يجالسه كبير أو صغير إلا استفاد
منه وقد قرأ عليه بعض الكتب في العقيدة والحديث وحضر مجالسه التي يتعدى
فيها
الأكابر والعلماء ويأتي بالعجائب والغرائب.
وبالجملة فهو أعجوبة
زمانه
رحمه الله وأكرم مثواه، ومن أشهر المشايخ الذين قرأ عليهم وتابع
دروسهم
سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وهو غني عن التعريف به وقد
تلقى
عليه مع التلاميذ دروسا نظامية عندما افتتح معهد إمام الدعوة في شهر
صفر
عام 1374هـ وتولى تدريس القسم الذي كان المترجم معهم في أغلب المواد
الشرعية
كالتوحيد والفقه والحديث والعقيدة فدرس في الحديث بلوغ المرام
مرتين
في القسم الثانوي والقسم العالي وفي الفقه متن زاد المستقنع وشرحه
الروض
المربع مرتين أيضا بتوسع غالبا في شرح كل جملة وهم يتابعون ويكتبون
الفوائد
المهمة.
وفي التوحيد والعقيدة قرأ كتاب التوحيد وشرحه
فتح
المجيد وكتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية ومتن العقيدة الحموية
والعقيدة
الواسطية له أيضا وشرح الطحاوية لابن أبي العز وغيرها وقد استمر
سماحته
في التدريس لهم حتى أنهوا القسم العالي في آخر سنة 1381هـ حيث توقف
عن
التدريس الرسمي وانشغل بالإفتاء ورئاسة القضاء حتى توفي عام 1389هـ في
رمضان
رحمة الله تعالى عليه.
وقرأ في الدراسة النظامية على جملة من
العلماء
كالشيخ إسماعيل الأنصاري في التفسير والحديث والنحو والصرف وأصول
الفقه
وذلك من عام 1375هـ حتى التخرج والشيخ عبد العزيز بن ناصر بن رشيد في
الفرائض لمدة ثلاث سنوات ودرس عليه أيضا في مرحلة الماجستير مادة الفقه
عام
1388هـ وكان رحمه الله من فقهاء البلد وله مؤلفات مشهورة منها عدة
الباحث
بأحكام التوارث ومنها التنبيهات السنية شرح العقيدة الواسطية وهو
أول
الشروح الوافية لهذه العقيدة.
وقرأ أيضا على الشيخ حماد بن
محمد
الأنصاري والشيخ محمد البيحاني والشيخ عبد الحميد عمار الجزائري في
علوم
وفنون متعددة وفي مرحلة الماجستير قرأ على الكثير من كبار العلماء
كسماحة
الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد المتوفى سنة 1402هـ في الفقه طرق
القضاء
وحضر مجالسه منذ أن قدم الرياض واستفاد منه كثيرا في الأحكام والقصص
والعبر والتأريخ والنصائح كما هو مشهور بذلك وقرأ على الشيخ عبد الرزاق
عفيفي
- رحمه الله - وهو مشهور ومن كبار العلماء .
وقد تتلمذ عليه
واستفاد
منه جمع غفير في هذه البلاد من القضاة والمدرسين والدعاة وغيرهم
وهو
ممن فتح الله عليه وألهمه من العلوم ما فاق به الكثير من علماء هذا
الزمان
وقد توغل في التفسير والاستنباط من الآيات وكذا في الحديث ومعرفة
الغريب
منه وكذا في العلوم الجديدة وأهلها.
وكذا الشيخ مناع
خليل
القطان - رحمه الله - الذي درسهم في تلك المرحلة في مادة التفسير
بتوسع
وإيضاح وقد استفادوا كثيرا من مجالسته ومحاضراته حيث يأتي بفوائد
كثيرة
مستنبطة من الآيات أو الأدلة وله مؤلفات عديدة في فنون متنوعة وكذا
الشيخ
عمر بن مترك رحمه الله تعالى وكان من أوائل حملة الدكتوراه من
السعوديين
وقد قرأ عليه في مادة الفقه والحديث والتفسير .
وكان شديد
العناية
بالأدلة والتعليلات وله معرفة تامة بالمعاملات المتجددة ويتوسع في
الكلام
حولها وقد استفاد منه كثيرا، ومنهم الشيخ محمد عبد الوهاب البحيري -
رحمه الله - مصري الجنسية تولى التدريس في الحديث وكان يتوسع في الشرح
وذكر
المسائل الخلافية ويحرص على الجمع والترجيح فأفاده في كثير من المواضع
المهمة ومنهم محمد الجندي - رحمه الله - مصري أيضا ولم يقم إلا بعض سنة
حتى
مرض فرجع إلى مصر وتوفي هناك رحمه الله ومنهم محمد حجازي - رحمه الله -
صاحب التفسير الواضح ومنهم طه الدسوقي العربي - رحمه الله - مصري أيضا
وكان
ذا معرفة واسعة واطلاع وحفظ مع فصاحة وبيان وآخرون سواهم.
وقد
استفاد أيضا من مشايخ آخرين دراسة غير نظامية وأشهرهم سماحة الشيخ عبد
العزيز
بن عبد الله بن باز -رحمه الله- الذي لازمه في أغلب الحلقات التي
يقيمها
في الجامع الكبير بالرياض بعد العصر وبعد الفجر والمغرب بحيث يحضره
العدد
الكثير ويدرس في فنون منوعة من المتون والشروح المؤلفات ويعلق على
الجمل
ويوضح المسائل وينبه على الأخطاء ومنهم الشيخ محمد بن إبراهيم
المهيزع
- رحمه الله - وهو من المدرسين والقضاة وكان يقيم دروسا في مسجده
وفي
منزله ويستفيد منه الكثير ومنهم الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن هويمل أحد
قضاة الرياض قرأ عليه في المسجد وغيره وإن كان قليل التعليق لكنه يفيد على
الأخطاء ويوضح بعض المسائل الخفية وفي آخر حياته ثقل سمعه واشتد مرضه ثم
توفي
رحمه الله تعالى في عام 1415هـ وقد استفاد أيضا من الزملاء والجلساء
الذين
سعد بالاقتران بهم وقت الدراسة ووفق بالقراءة معهم والمذاكرة في أغلب
الليالي وفي أيام الاختبارات ومنهم الشيخ فهد بن حمين الفهد والشيخ عبد
الرحمن
محمد المقرن رحمه الله والشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن فريان
والشيخ
محمد بن جابر - رحمه الله - وغيرهم ممن سبقوه بالقراءة على المشايخ
وتعلموا
كثيرا مما فاته فأدركه بواسطتهم فكان يقرأ عليهم الشرح ويتلقى
إصلاح
بعض الأخطاء اللغوية والبحث في المسائل الخلافية ومعرفة الكتب
المفيدة
في الموضوع وكيفية العثور على المسألة في الكتب المتقاربة في الفقه
الحنبلي وكذا معرفة طرق الاستفادة من كتب اللغة واختصاص كل كتاب بنوع من
المواضيع
ونحو ذلك مما يفوت من يقرأ بمفرده فلذلك ينصح المبتدئ أن يقترن في
المذاكرة والاستفادة بمن هم أقدم منه في الطلب ليضم ما عندهم إلى ما عنده.
وقد
ذكرنا أن أقدم هؤلاء المشايخ هو الشيخ عبد العزيز الشثري رحمه الله وقد
بالغ
في الثناء عليه ولما انتقل إلى الرياض عام 1374هـ استصحبه معه وذكر
لسماحة
الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى بعض ما قرأ عليه وما وصل
إليه
مما جعل الشيخ يجعله مع أعلى التلاميذ عند تقسيمهم إلى سنوات في معهد
إمام
الدعوة العلمي وكان من آثار إعجابه أن طلبه ذلك العام لتولي القضاء
ولكنه
اعتذر بالدراسة والشوق إليها فعذره.
الأعمال التي تقلدها
أولها
أن بعث مع هيئة الدعاة إلى الحدود الشمالية في أول عام 1380هـ بأمر الملك
سعود
وإشارة لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ورئاسة الشيخ عبد العزيز الشثري
رحمهم
الله تعالى مع بعض المشائخ ولمدة أربعة أشهر ابتداء من حدود الكويت
على
امتداد حدود العراق وحدود الأردن وحدود المملكة شمالا وغربا وكثير من
مناطق
المملكة وقاموا بالدعوة والتعليم وتوزيع النسخ المفيدة في العقيدة
وأركان
الإسلام حيث إن أغلب السكان من البوادي عاشوا في جهل عميق فهم لا
يعرفون
إلا اسم الإسلام والصلاة والصيام ونحو ذلك ويجهلون الواجبات وما تصح
به الصلاة ويقعون في الكثير من وسائل الشرك وأنواعه وقد بذلت الهيئة جهدا
في
تعليمهم ونفع الله الكثير ممن أراد به خيرا .
ثم تعين مدرسا
في
معهد إمام الدعوة في شعبان عام 1381هـ إلى عام 1395هـ قام فيه بتدريس
الكثير
من المواد كالحديث والفقه والتوحيد والتفسير والمصطلح والنحو
والتأريخ
وكتب مذكرات على أحاديث عمدة الأحكام بذكر الموضوع والمعنى
الإجمالي
وشرح الغريب وذكر الفوائد وكذا مذكرات على مواد الفقه والتوحيد
والمصطلح
لا يزال الكثير منها محفوظا عند الطلاب أو في المعاهد العلمية ثم
في
عام 1395هـ انتقل إلى كلية الشريعة بالرياض وتولى تدريس التوحيد للسنة
الأولى
وهو متن التدمرية وكتب عليه تعليقات كفهرس للمواضيع وعنوان للبحوث
وكذا
درس أول شرح الطحاوية.
ثم في عام 1402هـ انتقل إلى رئاسة البحوث
العلمية
والإفتاء والدعوة والإرشاد باسم عضو إفتاء وتولى الفتاوى الشفهية
والهاتفية
والكتابة على بعض الفتاوى السريعة وقسمة المسائل الفرضية وبحث
فتاوى
اللجنة الدائمة التي يناسب نشرها وقراءة البحوث المقدمة للمجلة فيما
يصلح
للنشر وما لا يصلح ومازال هكذا حتى الآن وقد انتهت مدة خدمته في دار
الإفتاء.
أما الأعمال الأخرى فقد تعين إماما في مسجد آل حماد بالرياض
في
شهر شوال عام 1389هـ حتى هدم المسجد وهدم الحي كله في عام 1397هـ وبعد
عامين
عين خطيبا احتياطيا يتولى الخطبة عند الحاجة ومازال كذلك إلى الآن
حيث
يقوم بخطبة الجمعة وصلاتها في الكثير من الجوامع عند تخلف الخطيب أو
قبل
تعيينه وقد يستمر في أحد الجوامع أشهرا أو سنوات ويتولى صلاة العيد في
بعض
المناسبات.
ويقوم أيضا متبرعا بالتدريس في المساجد ابتداء بدرس
الفرائض
في عام 1387هـ لعدد قليل ثم بتدريس التوحيد والأصول الثلاثة وكشف
الشبهات
والعقيدة الواسطية ونحوها لعدد كثير في مسجد آل حماد في آخر عام
1389هـ.
وقد
حصل إقبال شديد على تلك الحلقات وكان أغلب الطلاب
من مدرسة تحفيظ
القرآن الذين توافدوا من جنوب المملكة ومن اليمانيين
الوافدين لأجل
التعلم وقد أقام تلك الدروس بعد الفجر أكثر من ساعة أو
ساعتين وبعد
الظهر كذلك وبعد العصر غالبا وبعد المغرب إلى العشاء واستمر
ذلك حتى
هدم المسجد المذكور حيث نقلت الدروس إلى مسجد الحمادي حيث توافد
إليه
الطلاب كثرة في أغلب الأوقات للدراسة في العلوم الشرعية كالحديث
والتوحيد
والفقه وأصوله والمصطلح وغيرها.
ثم في عام 1398هـ رغب إليه
سماحة
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز أن يقوم في غيبته بالصلاة في
الجامع
الكبير كإمام للصلوات الخمس فقام بذلك وكان يتولى الصلاة بهم إماما
كل
وقت ماعدا خطبة الجمعة وصلاتها ومن ثم نقلت الدروس إلى مسجد الجامع
الكبير
والذي عرف بعد ذلك بجامع الإمام تركي بن عبد الله رحمه الله وفي
حالة
حضور سماحة الشيخ يقوم بصلاة العشائين هناك وإلقاء الدروس بينهما
وبقية
الأوقات ويلقي الدروس في مسجد الحمادي بعد العصر والمغرب وبعد الفجر
غالبا
.
ثم في عام 1398هـ رغب إليه بعض الشباب في درس بعد العشاء في
المنزل
يتعلق بالعقيدة فلبى طلبهم وابتدأ بالعقيدة التي كتبها الشيخ ابن
سعدي
وطبعت في مقدمة كتابه القول السديد وقد كثر عدد الطلاب وتوافدوا من
بعيد
ولم يزالوا إلى الآن.
وقد انتقل عام 1402هـ إلى منزله
الحالي
في السويدي فنقل الدرس هناك في ليلتين من كل أسبوع وقد قرأوا في هذه
المدة نظم سلم الوصول وشرحه معارج القبول في مجلدين ورسالة الشفاعة
للوادعي
وكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب وشرح ثلاثة الأصول له كما
قرأوا
في الفقه نظم الرحبية في المواريث ومنار السبيل شرح الدليل لابن
ضويان
حتى كمل والحمد لله.
ولما ضاق المنزل نقلوا الدرس إلى المسجد
المجاوره
ويعرف بمسجد البرغش كما نقل فيه الدروس الأسبوعية بعد الفجر وبعد
المغرب
أي بعد هدم المسجد الكبير عام 1408هـ وقد قرأوا في هذه الأوقات
كثيرا
من الأمهات كالصحيحين وشرح الطحاوية وشرح الواسطية لابن سلمان ولابن
رشيد
وبعض زاد المعاد وجميع بلوغ المرام وزاد المستقنع وبعض سنن أبي داود
والترمذي
وموطأ مالك ورياض الصالحين وبعض نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار
وبعض
سنن الدارمي وترتيب مسند الطيالسي وشرح كامل منتقى الأخبار لأبي
البركات
وكتاب الدين الخالص لصديق حسن خان وفي المصطلح متن نخبة الفكر ومتن
البيقونية وفي النحو متن الآجرومية وبعض ألفية ابن مالك وفي أصول الفقه
متن
الورقات لإمام الحرمين وغير ذلك من المتون والشروح الكثيرة.
وفي
عام
1382هـ أسس بعض المحسنين مدرسة خيرية أسموها (دار العلم) فأقبل إليها
العدد
الكثير من الطلاب صغارا وكبارا وتولى المترجم له فيها التدريس في
المواد
الدينية كالحديث والتوحيد والفقه حسب مدارك الطلاب وأقام الشباب
فيها
ناديا أسبوعيا يستمر بعد العشاء ليلة كل جمعة لمدة ساعتين يحضره غالبا
ويلقى فيه بعض الكلمات ويجيب على الأسئلة الدينية والاجتماعية.
وفي
عام
1398هـ قام فيها بدرس أسبوعي يحضره العدد الكثير واستمر حتى هذا العام
حيث
نقل إلى أقرب مسجد هناك حولها ولا يزال وقد أكملوا فيه قراءة الصحيحين
وابتدأوا
في سنن الترمذي وتولى القراءة عليه فضيلة الشيخ إبراهيم بن عبد
الله
بن غيث وشاركه في أول الأمر الشيخ الدكتور محمد بن ناصر السحيباني حتى
انتقل إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة.
ثم خلفه الشيخ الدكتور فهد
السلمة
حتى انشغل بالتدريس في كلية الملك فهد الأمنية والطريقة أن يقرأ
الباب
ثم يشرحه بإيضاح مقصد المؤلف وبيان ما تدل عليه الأحاديث وفي حدود
عام
1403هـ رغب إليه بعض الشباب من سكان حي العليا أن يلقى عندهم درسا
أسبوعيا
في العقيدة ودرسا في الحديث فابتدأ الدرس في مسجد متوسط في الحي
أشهرا
ثم انتقلوا إلى مسجد الملوحي مدة طويلة ثم إلى مسجد السالم حيث استمر
الدرس فيه سنوات ثم انتقل بهم إلى مسجد الملك عبد العزيز ثم إلى جامع
الملك
خالد وقد أكملوا في هذه المدة متن لمعة الاعتقاد والعقيدة الواسطية
وكتاب
التوحيد ومتن التدمرية وبعض بلوغ المرام وشرح عمدة الفقه قسم
العبادات
وبعض الروض المربع قراءة وشرحا .
وفي عام 1409هـ رغب
إليه
بعض الأخوان أن يقرر درسا أسبوعيا في مسجد سليمان الراجحي بحي الربوة
قراءة
وشرحا وذلك أن المسجد مشهور ويحيط به أحياء واسعة مكتظة بالسكان
المحبين
للعلم فلبى طلبهم وابتدأ في شرح الطحاوية فأكمله وفي عمدة الأحكام
في
الحديث فأكملها وفي كتاب السنة للخلال ثم كتاب السنة لعبد الله بن أحمد
ولا
يزال يقرأ فيه ويتولى القراءة غالبا إمام المسجد صالح بن سليمان
الهبدان
أو مؤذن المسجد ويختم الدرس قرب الإقامة بالإجابة على أسئلة مقدمة
من
الحاضرين ويتكاثر العدد في هذا الدرس فربما زادوا على الخمسمائة ولا
يتوقف
إلا في أيام الاختبارات ثم يستأنف بعدها .
وفي عام 1409هـ رغب
إليه
سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله- أن يلقي درسا في مسجد سوق الخضار
بعتيقة
لكثرة من يصلي فيه فلبى رغبته وأقام فيه درسا أسبوعيا لكن إنما
يحضره
القليل من الطلاب لانشغال أهل الأسواق بتجارتهم واستمر هذا الدرس في
الفقه
والتوحيد كما أنه في هذه السنين يقوم غالب الأسابيع بإلقاء محاضرات
في
مساجد الرياض النائية التي يكثر فيهاالمصلون ولا يلقى فيها دروس فيتواجد
العدد الكثير غالبا في المحاضرة التي تتعلق بالعبادات والمعاملات وما
يحتاج
إليه الناس ويشترك أيضا في الندوات التي تقام أسبوعيا في المسجد
الجامع
الكبير المعروف بجامع الإمام تركي والتي ابتدأت من أكثر من عشرين
عاما
ويعلق عليها غالبا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- والآن
يعلق
عليها سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله.
ولما أقيم مسجد
عبد الله الراجحي في شبرا بالسويدي ناسب أن تجمع فيه الدروس التي كانت
متفرقة
في المساجد بعد الفجر وبعد المغرب وبعد العشاء أغلب الأيام وأقيم
حوله
سكن للطلاب المتغربين.
وهناك أعمال أخرى قام بها منها التدريس في
المعهد
العالي للقضاء التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وذلك في
عام 1408هـ حيث أسند إليه درس الفقه للسنة الأولى ويسمى السياسة الشرعية
وهو
ما يتعلق بالمعاملات وأحكام التبادل بمعدل درسين في الأسبوع وفي نهاية
العام
وضع أسئلة الاختبار وصحح الأجوبة كالمعتاد .
ثم في العام بعده
قام
بهذا الدرس ومعه درس آخر للسنة الثانية ويعرف بالأحوال الشخصية وله
ثلاث
حصص كل أسبوع وطريقة الإلقاء اختيار جمل من الكتاب المقرر وذكر ما
فيها
من الخلاف وسرد أدلة الأقوال مع الجمع والترجيح ووجه الاختيار .
وفي
السنة بعدها اقتصر على الدرس الأول وهو السياسة الشرعية ثم توقف بعدها عن
هذا
التدريس (ومنها) الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه التابعة
للجامعة
المذكورة وذلك طوال هذه السنين أي بعد الانتقال من الجامعة إلى
رئاسة
البحوث العلمية كما سبق لم يتخل عن أعمال الجامعة وذلك في كل عام
يلتزم
بالإشراف على ثلاث رسائل أو أربع يقوم بتوجيه الطالب وإرشاده إلى
مراجع
البحث في الأمهات حسب علمه ويقرأ ما يقدمه كل شهر من بحثه ويبين ما
فيه
من خطأ ونقص ويجتمع به غالبا كل أسبوع أو نحوه ويرفع عنه للجامعة
تقريرا
عن سيره وما يعوقه وفي النهاية يكتب عن رسالته ومدى صلاحيتها
للتقديم
ويحضر عند المناقشة وتقويم الرسالة .
كما يقوم أيضا
بمناقشة
بعض الرسائل المقدمة للجامعة كعضو فيها ويبدى ما لديه من الملاحظات
ويحضر تقويم الرسالة كالمعتاد (ومنها) القيام بالدعوة داخل المملكة بإلقاء
محاضرات أو خطب أو إجابة على الأسئلة وذلك كل شهر أو شهرين حيث يزور
البلاد
القريبة من الرياض فيلقي محاضرة في معهد أو مركز صيفي وفي مسجد جامع
ويجتمع بالأهالي ويبحث معهم في مشاكل البلاد وعلاجها وقد تستمر الرحلة
أسبوعا
أو أكثر للتجول في البلاد النائية وزيارة بعض الدوائر الحكومية
للمناصحة
والإرشاد فيلقى تقبلا وتشجيعا وترغيبا في الاستمرار وقد تكون
الزيارة
رسمية وتحدد المدة من مركز الدعوة أو إدارة الدعوة في الداخل
(ومنها)
الاشتراك في التوعية في الحج وذلك زمن أن كان تبع الجامعة حتى عام
1403
هـ وذكر منافع الحج والعمرة وإيضاح الأهداف من هذه الأعمال وتفقد
آثارها
بعد انقضائها والإجابة على الأسئلة التي تتعلق بالمقام وذلك لمدة
شهر
كامل.
وقد تعذر عليه الاشتراك في هذا بعد الالتحاق بالرئاسة بسبب
الإقامة
في المكتب للحاجة الماسة إليه هناك وقام في السنوات الأخيرة بالحج
مع
بعض الحملات الداخلية التي تجمع حجاجا من الرياض وكان يتولى معهم
الإجابة
على الأسئلة وإلقاء كلمات توجيهية كل يوم مرة أو مرتين ويقوم
بزيارة
بعض الحملات الأخرى في الموسم فيفرحون بذلك العمل.
مؤلفاته
أولها
البحث المقدم لنيل درجة الماجستير في عام 1390هـ (أخبار الآحاد في الحديث
النبوي)
وقد حصل على درجة الامتياز رغم إنه كتبه في مدة قصيرة ولم تتوفر
لديه
المراجع المطلوبة وقد طبع عام 1408هـ في مطابع دار طيبة ثم أعيد طبعه
مرة
أخرى وهو موجود مشهور ولم يتيسر له التوسع فيه قبل طبعه لاحتياجه إلى
مراجعة
وتكملة
وقد حمله على الكتابة فيه محبة الحديث وفضله
وما
رآه في كتب المتكلمين والأصوليين من عدم الثقة بخبر الواحد سيما إذا
كان
متعلقا بعلم العقيدة وقد رجح قبوله في الأصول كالفروع.
وفي عام
1398هـ
كلف بكتابة تتعلق بالمسكرات والمخدرات لتقديمها للمؤتمر الذي عقدته
الجامعة
الإسلامية في ذلك العام فكتب بحثا بعنوان (التدخين مادته وحكمه في
الإسلام)
وهو بحث متوسط وفيه فوائد وأحكام زائدة على ما كتبه الآخرون وقد
أعجب
به المشايخ المشاركون في موضوع الدخان وقد طبعته مطابع دار طيبة عدة
طبعات
وهو مشهور متداول وإن كان مختصرا لكن حصل به فائدة لمن أراد الله به
خيرا
.
وفي عام 1402هـ رفع إليه كلام لبعض علماء مصر ينكر فيه إثبات
الصفات
ويرد الأدلة ويتوهم إنها توقع في التشبيه وكذا يميل إلى الشرك
بالقبور
ويمدح الصوفية وقد لخص كلامه بعض الأخوان في أربع صفحات وأرسلها
لمناقشتها
فكتب عليه جوابا واضحا وتتبع شبهاته وبين ما وقع فيه من الأخطاء
بعبارة
واضحة ومناقشة هادئة وطبع ذلك البحث في مجلة البحوث الإسلامية العدد
التاسع ثم أفرده بعض الشباب بالطبع في رسالة مستقلة بعنوان (الجواب الفائق
في الرد على مبدل الحقائق) وهو موجود متداول طبعته مؤسسة آسام للنشر وكتب
أيضا
مقالا يتعلق بمعنى الشهادتين وما تستلزمه كل منهما وطبع في مجلة
البحوث
العدد السابع عشر ثم أفرده بعض التلاميذ بالطبع بعنوان (الشهادتان
معناهما
وما تستلزمه كل منهما) وطبع في عام 1410هـ في مطابع دار طيبة في
90صفحة
من القطع الصغير وقد التزم فيه وفي غيره العناية بالأحاديث
للاستدلال
بها وتخريجها مع ذكر درجتها باختصار
.
وفي عام 1391هـ
قام
بتدريس متن لمعة الاعتقاد لابن قدامة لطلاب معهد إمام الدعوة العلمي
وكتب
عليها أسئلة وأجوبة مختصرة تتلاءم مع مقدرة أولئك الطلاب في المرحلة
المتوسطة
ومع ذلك فإنها مفيدة لذلك رغب بعض الشباب القيام بطبعها فطبعت
بعنوان
(التعليقات على متن اللمعة) عام 1412هـ في مطبعة سفير والناشر دار
الصميعي
للنشر والتوزيع وقد وقع فيها أخطاء تبع فيها ظاهر المتن والأدلة
وقد
أعيد طبعها مع إصلاح بعض الأخطاء
وقد قام فيها بتخريج
الأحاديث
التي استشهد بها ابن قدامة تخريجا متوسطا حسب مدارك التلاميذ وفي
عام
1399هـ سجل في كلية الشريعة لدرجة الدكتوراه واختار (تحقيق شرح الزركشي
على مختصر الخرقي) وهو أشهر شروحه التي تبلغ الثلاثمائة بعد المغني لابن
قدامة
واقتصر في الرسالة على أول الشرح إلى النكاح دراسة وتحقيقا ونوقشت
الرسالة
كما تقدم ثم كمل تحقيق الكتاب وطبع في مطابع شركة العبيكان للنشر
والتوزيع
في سبعة مجلدات كبار وتم توزيعه وبيعه في أغلب المكتبات الداخلية
وهو
موجود متداول والحمد لله.
وقد اعتنى في هذا الشرح بتخريج الأحاديث
والآثار
الكثيرة التي يوردها الشارح وقام بترقيمها فبلغ عددها كما في آخر
المجلد
السابع 3936 وإن كان فيه بعض التكرار القليل وقد بذل جهدا في هذا
التخريج
بمراجعة الأمهات وكتب الأسانيد التي تيسرت له للرجوع إليها وهي
أغلب
المطبوعات وذكر رقم الحديث إن كان الكتاب مرقما أو الجزء والصفحة وذكر
اختلاف لفظ الحديث إن كان مغايرا لما ذكر الشارح وذكر من صحح الحديث من
المتقدمين
أو ضعفه كالترمذي والحاكم والذهبي وابن حجر والهيثمي وإن كان في
أحد
الصحيحين لم يذكر ما قيل فيه للثقة بهما
.
وحيث إنه بدأ
دراسته
في الصغر بكتب الحديث كما تقدم فقد أورث ذلك له شوقا إلى كتابة
الحديث
فحرص على اقتناء الكتب القديمة التي يهتم مؤلفوها بالأحاديث النبوية
ويوردونها بأسانيدها المتصلة كما أحب كل ما يتعلق بالحديث من كتب المصطلح
وعلل
الحديث وكتب الجرح والتعديل ونحوها وذلك أن هذا النوع هو الدليل
الثاني
للشريعة أي بعد كتاب الله تعالى ولأن علماء الأمة أولوه عناية تامة
حتى
قال بعضهم إن علم الحديث من العلوم التي طبخت حتى نضجت ولأن هناك من
أدخل
فيه ما ليس منه برواية أحاديث لا أصل لها من الصحة فقد قيض الله لها
نقادها
من العلماء الذين وهبهم الله من المعرفة بالصحيح والضعيف ما تميزوا
به
على غيرهم وقد عرفنا بذلك جهدهم وجلدهم وصبرهم على المشقة والسفر الطويل
والتعب والنفقات الكثيرة مما حملهم عليه الحرص على حفظ سنة النبي -صلى
الله
عليه وسلم- وتنقيتها مما ليس منها.
وقد يسر الله في زماننا هذا
طبع
هذه الكتب وفهرستها وتقريبها بحيث تخف المؤنة ويسهل تناول الكتاب
ومعرفة
مواضع البحوث بدون تكلفة والحمد لله، هذا وقد كان ألقى عدة محاضرات
في
مواضيع متعددة وتم تسجيلها في أشرطة ثم إن بعض التلاميذ اهتم بنسخها
وإعدادها
للطبع وقد تم طبع رسالتين الأولى بعنوان (الإسلام بين الإفراط
والتفريط)
في 59 صفحة والثانية بعنوان (طلب العلم وفضل العلماء) في 51 صفحة
وكلاهما طبع عام 1313هـ في مطبعة سفير والناشر دار الصميعي للنشر والتوزيع
وأما التسجيل فإن التلاميذ قد أولوه عناية شديدة وذلك بتتبع الدروس
والمحاضرات
وتسجيلها في أشرطة ثم الاحتفاظ بها ومن ثم نسخ ما تيسر منها
للتداول
وللطبع وقد سجل شرح زاد المستقنع وشرح بلوغ المرام وشرح الورقات في
الأصول وشرح البيقونية في المصطلح وشرح منار السبيل في الفقه وشرح الترمذي
وثلاثة الأصول ومتن التدمرية وغيرها كثير، ويباع كثير من الأشرطة في
التسجيلات
الإسلامية في الرياض وغيرها. وقد فرغ كثير منها وطبع بعناوين
متعددة
تتعلق بالصيام والحج والصلاة والزكاة وغيرها
.
أما
الكتابات
السريعة فكثيرة فإن هناك العديد من الطلاب يحرصون على تحصيل جواب
مسألة
أو فتوى في مشكلة ويرفعونها إليه وبعد كتابة الجواب وتوقيعه ينشرونه
في
المساجد والمكاتب والمدارس فيتداول ويحصل له تقبل وفائدة محسوسة لثقتهم
بالكاتب
كما أن الكثيرين من الشباب الذين أعطوا موهبة في العلم إذا كتب
أحدهم
رسالة أو كتيبا رغب إليه أن يكتب له مقدمة أو تقريظا فيصرح باسمه في
عنوان
الرسالة ويكون ذلك أدعى لروجانه والإقبال عليه والاستفادة وهناك من
العلماء
من يساهم في بث تلك النشرات التي لها مسيس ببعض الأوقات كالمخالفات
في
الصلاة وأحوال الاقتداء بالإمام والمخالفات في الصيام وفي الحج وأعمال
عشر
ذي الحجة والمقال في التيمم ومتى يرخص فيه ونحوها فتطبع في مواسمها
ويوزع
منها ألوف كثيرة رجاء الانتفاع بها
.
وهناك من العلماء من
أخذ تلك النشرات وأودعها بعض مؤلفاته كالشيخ عبد الله بن جار الله -رحمه
الله-
وغيره ممن كتبوا في تلك المواضيع وضمنوها بعض ما كتبه المترجم له
للاستفادة،
وأما العلماء الأكابر فإن المناقشين لرسالة أخبار الآحاد بعد
إقرارها
كتبوا عنها تقريرا مفيدا يمكن الحصول عليه من المعهد المذكور حيث
كتبوه
عام 1390هـ وهكذا الذين ناقشوا كتاب شرح الزركشي وهم الشيخ صالح بن
محمد
اللحيدان والشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مع المشرف الدكتور
عبد
الله بن علي الركبان فقد قرروا الكتاب الذي ناقشوه من أول الشرح إلى
النكاح
وكتبوا عنه صلاحيته للنشر وحرص الأكثر على الحصول عليه قبل طبعه
وتقبله
أكابر العلماء وأقروا العمل الذي قام به تجاهه ومنهم سماحة الشيخ
عبد
العزيز بن عبد الله بن باز وسائر هيئة كبار العلماء ويمكن مراجعتهم
لتقييمها
وما لوحظ عليها وما تميزت به ولم يعرف أحد أبدى انتقادا لما نهجه
في
هذه الكتب المتعلقة بالحديث والمصطلح
.
أما المنهج فقد سلك
في
تحقيق الزركشي الخطة التي رسمت في المخطط والموجود في المقدمة وقد حرص
على
البحث عن الأحاديث وأنها التي يستدل بها وقابلها على أصولها كما حرص
على
التعليق على ما يحتاج إلى تعليق من نقل أو مخالفة أو خلاف في مسألة
وأما
الشروح الأخرى كشرح اللمعة القديم والبيقونية والورقات والتوحيد
والبلوغ
والمنتقى...إلخ فإنه يرتجلها ارتجالا ويوضح العبارة التي في المتن
بالأمثلة
ويذكر الخلاف المشهور ويبين المختار عنده حتى لا يقع الطالب في
حيرة
ويتوسع أحيانا في الشرح بذكر ماله صلة بذلك الحديث أو تلك المسألة.
وقد
تميزت هذه الكتب والشروح بوضوح العبارة وبذكر الأدلة ومناقشتها وبالتعليل
إن
وجد والحكمة من شرعية هذا الحكم والتوسع في ذكر الأمثلة فلا جرم صار
عليها
إقبال شديد حيث نسخ كثير من الطلاب بعض تلك الأشرطة بشرح منار السبيل
وقد بلغ ما نسخوه عدة مجلدات وحرص الكثير على تصويره واقتنائه حيث وجدوا
فيه
مسائل واقعية ومعالجة لبعض المشاكل المتمكنة في المجتمع وتحذير من بعض
الحيل
والمكائد التي يستغلها بعض الناس ونحو ذلك من المميزات الكثيرة
.
أما استقصاء المعلومات عند الكتابة فهذا يكون في الشرح الارتجالي كشرح
أحاديث مسلم والترمذي ومنتقى الأخبار وأما الكتابة فالغالب الاقتصار على
القدر
المطلوب في السؤال دون استقصاء وتوسع في الجواب وكذا الإملاء إذا كان
الجواب ارتجاليا كما وقع في الأسئلة التي طبعت بعنوان (حوار رمضاني) الذي
طبعته
مؤسسة آسام للنشر عام 1312هـ في 28 صفحة بقطع صغير وكذا في أسئلة
متعلقة
برمضان وقيامه والقراءة في القيام ودعاء الختم ونحوه حيث ألقى بعض
الشباب
36 سؤالا وقد كتب عليها جوابا متوسطا ثم قام السائل وهو سعد بن عبد
الله
السعدان بتحقيقها وتخريج أحاديثها وطبعت بعنوان (الإجابات البهية في
المسائل
الرمضانية) نشر دار العاصمة مطابع الجمعة الإلكترونية عام 1413هـ
103
صفحة .
وبكل حال فإنها تختلف الدوافع إلى الكتابة وحال المستفيد
فأما
الصعوبات فإن الرسالة الأولى وهي (أخبار الآحاد) كتبها في زمن قصير
وكانت
المراجع قليلة أو مفقودة عنده فلا جرم لقي مشقة في البحث عن مواضع
المسائل
واضطر إلى الاختصار رغم سؤال المشرف وغيره فأما شرح الزركشي فقد
لقي
أيضا فيه صعوبة لسعة الكتاب وكثرة نقوله وندرة الكتب التي نقل عنها
وعدم
بعض المراجع للأحاديث التي يستشهد بها معتمدا على كتب الفقهاء التي لا
تعزو الأحاديث إلى مخرجها فيحتاج إلى صعوبة في البحث في كتب الفهارس
والتخريج
التي تذكر المشاهير من الأدلة دون النادر منها ولكن الله أعان على
الكثير وحصل التوقف في البعض الذي لم يعثر على أصوله كأول سنن سعيد بن
منصور
وكسنن الأثرم ومسند إسحاق ونحو ذلك ولو وجد من ينقلها لكن مع قصور
واختصار
وأما علم المصطلح فإن مراجعه كثيرة وكتبه متوفرة والغالب إنها
متوافقة
فيه وإن وجد في بعضها زيادة خاصة فلذلك يمكن الاختصار فيها ويمكن
التوسع
بذكر الأمثلة ولم يكتب فيها سوى شرح البيقونية وهو الآن يحقق ويعد
للطبع
وهو مجرد إيضاح للتعاريف المذكورة في النظم وقد تم طبعه ونشره
.
وأما المشكلات التي تواجه من كتب في علم المصطلح فهي كثرة الكتب في
الموضوع
التي يلزم منها كثرة التعريف ووجود الفرق بينها حتى يحتار الكاتب
في
اختيار ما يناسب المقام ولكن الأجلاء من المحدثين قد ناقشوا التعريفات
الاصطلاحية
وذكروا ما يرد عليها والجواب عنه لكن قراءة ذلك كله تستدعي وقتا
طويلا
فالطالب إذا اقتصر على المختصرات التي كتبها أئمة هذا الفن كالنخبة
والبيقونية
وألفية العراقي والسيوطي رأى في ذلك كفاية ومقنعا
.
وحيث
إن هذا النص قد أكثر فيه العلماء من الكتب فإن أشهر كتبه التي تحتوي على
ما
يوضحه ويجلى معانيه هي الكتب الواسعة مثل تدريب الراوي شرح تقريب
النواوي
للسيوطي ومثل توجيه النظر لبعض علماء الجزائر ومثل توضيح الأفكار
للأمير
الصنعاني وإن كان بعضها ينقل من بعض ومن المعاصرين الشيخ صبحي
الصالح
فقد كتب مؤلفا في علوم الحديث ومصطلحه وذكر أشياء زائدة على ما كتبه
الأولون لوجود كثير من المراجع التي توفرت له والأدلة التي أمكنه أن يستدل
بها وبكل حال فالباحث في الموضوع يحسن أن يلم بكتب المتقدمين الذين وضعوا
هذا
الاصطلاح ثم من بعدهم.
انتقل إلى رحمة الله تعالى،
فضيلة
الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، عضو الإفتاء بالمملكة
العربية السعودية سابقًا، وأحد أبرز كبار العلماء في العالم الإسلامي.