أول من ألف فيه
ذكر السيوطي(58) أن أول من ألف فيه هو قطرب(59) ، واسم
كتابه "الرد على الملحدين في متشابه القرآن"(60) ، وهذا غير صحيح ؛ فإن الإمام
سفيان بن عيينه(61) له فيه كتاب هو "جوابات القرآن"(62) وقد توفي قبل قطرب ، بل إن
هناك من هو قبل الإمام سفيان أيضا ، وهو الإمام مقاتل بن سليمان(63) فله كتاب "
الجوابات في القرآن "، ولكن هذه الكتب الثلاثة مفقودة .
ولعل أقدم الكتب التي
وصلت إلينا في هذا العلم مفردا ، هو كتاب ابن قتيبة(64) "مشكل القرآن" . وأما
الجواب عن بعض الإشكالات القرآنية في ثنايا الكتب ، من غير إفراد لهذا الموضوع ،
فكثير ؛ فقد رد الإمام مالك في موطأه على أهل القدر ، الذين احتجوا ببعض الآيات على
مذهبهم(65) ، وخصص الإمام أحمد القسم الأول من كتابه "الرد على الزنادقة والجهمية
"(66) في الرد على من زعم أن القرآن متناقض ، وأسماه باب بيان ما ضلت فيه الزنادقة
من متشابه القرآن وذكر فيه اثنتين وعشرين مسألة .
وكذلك أبو الحسين محمد بن أحمد
الملطي(67) المتوفى سنة 377هـ صنف كتابه " التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع "
أفرد فيه بابا لمتشابه القرآن ، وما يتوهم أنه من الاختلاف والتناقض ، نقل فيه ما
أخذه هو من الثقات عن مقاتل بن سليمان(68).
(58) في الإتقان في علوم القرآن (3/79) ، وانظر :
البرهان في علوم القرآن للزركشي (2/53) ، والفهرست لابن النديم (1/57) .
(59) هو
محمد بن المستنير أبو على البصري المعروف بقطرب ، أحد العلماء بالنحو واللغة ، أخذ
عن سيبويه وعن جماعة من العلماء البصريين ، ويقال : إن سيبويه لقبه قطربا لمباكرته
إياه في الاسحار قال له يوما : ما أنت إلا قطرب ليل . والقطرب : دويبة تدب ولا
تفتر . نزل قطرب بغداد وسُمع منه بها أشياء من تصانيفه ، وروى عنه محمد بن الجهم
السمري ، وكان موثقا فيما يحكيه ، وبلغني أنه مات في سنة ست ومائتين (انظر : تاريخ
بغداد(3/298) للخطيب البغدادي ، بيروت ، دار الكتب العلمية .
(60) ذكر هذا ابن
النديم في الفهرست (ص : 78) دار المعرفة ، بيروت ، 1398هـ ، الداوودي في طبقات
المفسرين (2/256) . دار الكتب العلمية ، بيروت .
(61) هو الإمام المجتهد الحافظ
الحجة شيخ الإسلام سفيان بن عيينه الهلالي الكوفي ، ولد سنة سبع ومائة (10) ، تتلمذ
على الأئمة كابن دينار والزهري وابن المعتمر وغيرهم ، وتلمذ عليه الأئمة كالشافعي
وأحمد بن حنبل وابن معين وغيرهم ، ومات سنة ثمان وتسعين ومائة ، انظر : ترجمته في
طبقات المفسرين للداوودي (1/196-198) ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
(62) ذكره
ابن النديم في الفهر ست (ص : 51) ، ، والداوودي في الطبقات (1/198) .
ولكن قال
ابن أبي حاتم في"الجرح والتعديل"في ترجمة محمد بن أيوب بن هشام المزني المعروف
بكاكا الرازي قال : روى عن الحميدي عن بن عيينة (جوابات القرآن ) وروى عن الأصمعي
نا عبد الرحمن ، قال : سألت أبى عنه فقال : هذا كذاب لم يكن عند الحميدي من هذا
شيء ، وهذا شيخ كذاب) انظر : كتاب الجرح والتعديل (7/198) ، دار إحياء التراث
العربي ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 1952 ، فالله أعلم .
(63) (كبير المفسرين أبو
الحسن مقاتل بن سليمان البلخي ، قال ابن المبارك : وأحسن ما أحسن تفسيره لو كان ثقة
قيل : إن المنصور ألح عليه ذباب : ، فطلب مقاتلا فسأله لم خلق الله الذباب . قال
ليذل به الجبارين . وقيل : إنه قال : سلوني عما دون العرش . فقالوا : أين أمعاء
النملة ؟ فسكت : وسألوه : لما حج آدم من حلق رأسه ؟ فقال لا أدري . قال وكيع كان
كذابا . مات مقاتل سنة نيف وخمسين ومائة قال البخاري : مقاتل لا شيء ألبتة .
قلت-القائل الذهبي- : أجمعوا على تركه) انظر : سير أعلام النبلاء (7/201-202)
بتصرف .
(64) ابن قتيبة : العلامة الكبير ذو الفنون أبو محمد عبد الله بن مسلم
بن قتيبة الدينوري ، وقيل : المروزي الكاتب ، صاحب التصانيف ، نزل بغداد وصنف وجمع
وبعد صيته ، وقد ولي قضاء الدينور ، وكان رأسا في علم اللسان العربي والأخبار وأيام
الناس ، ومات رحمه الله وذلك في شهر رجب سنة ست وسبعين ومئتين . انظر : سير أعلام
النبلاء (13/296-300) بتصرف ، طبعة مؤسسة الرسالة ، بيروت ، الطابعة التاسعة ،
1413 .
(65) في كتاب"الجامع في باب : النهي عن القول في القدر"، وباب : ما جاء
في أهل القدر .
(66) طبعته المطبعة السلفية في القاهرة سنة 1393 بتحقيق محمد حسن
راشد ، وعدد صفحاته ثلاث وأربعون صفحة .
(67) (محمد بن أحمد بن عبد الرحمن أبو
الحسين الملطي المقرئ الفقيه الشافعي نزيل عسقلان ، قال الداني : أخذ القراءة عرضا
عن أبي بكر بن مجاهد وأبي بكر ابن الأنباري وجماعة ، مشهور بالثقة والإتقان ، وسمعت
إسماعيل بن رجاء يقول : كان أبو الحسين كثير العلم كثير التصنيف في الفقه جيد
الشعر ، قلت : له قصيدة في وصف القراءة كالخاقانية أولها :
أقول لأهل اللب
والفضل والحجر مقال مريد للثواب وللأجر
وقد حدث عن عدي بن عبد الباقي وخيثمة
الأطرابلسي وأحمد بن مسعود الوزان ، وروى عنه إسماعيل بن رجاء وعمر بن أحمد الواسطي
وداود بن مصحح وعبيد الله بن سلمة المكتب وقرأ عليه الحسن بن ملاعب الحلبي . [معرفة
القراء الكبار ، للإمام الذهبي (1/343) ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، الطبعة الأولى ،
1404هـ] .
(68) انظر : رسالة"موهم الاختلاف والتناقض في القرآن"ص : 17
_________________
أخوكم في الله
فارس الاسلام
مدير منتدى فرسان التوحيد
http://www.forsanaltwhed.com/vb