يبدو أن حملات دعم المرشحين لن تتوقف عند الأسماء التي تم طرحها على الساحتين السياسية والشعبية، والتي تمثلت في دعم جمال مبارك، البرادعي، وأيمن نور، وغيرهم، فالأمر سيزداد سخونة، بعد تدشين حملة في شوارع القاهرة لأول مرة تطالب اللواء عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية الحالي، بالترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة.
وكان عدد من النشطاء الشباب، أطلقوا حملتهم، بتعليق عدد من البوسترات التي حملت عنوان "البديل الحقيقي عمر سليمان رئيسًا للجمهورية".
البوسترات المؤيدة، لرجل "دبلوماسية الغرف المغلقة"، حسب وصف صحيفة "الفاينانشيال تايمز" البريطانية، انتشرت في العديد من الأماكن القاهرية، منها التجمع الخامس، ومنطقة إمبابة، وميدان لبنان، والمهندسين، والمعادي.
وتحدث بيان حمل توقيع الحملة الشعبية لدعم عمر سليمان رئيسا لمصر - حصل مصراوي على نسخة منه - عن اسباب وقوف مطلقو الحملة خلف عمر سليمان ومطالبتهم له بالرتشح لرئاسة مصر.
وقال في البيان الذي جاء تحت عنوان "عمر سليمان..البديل الحقيقي": تمر مصر الآن بمرحلة فارقة في تاريخها، قد يعقبها انطلاقا لركب التقدم والتطور في البلاد لتصعد مصر إلى مصاف الدول المتقدمة ممن سبقتهم هي بحضارتها وتاريخها، أو قد تنجرف إلى نفق مظلم يكرس تخلفها وتأخرها ويزيد من حدة التوترات الاقتصادية والاجتماعية بها، بما ينذر بكارثة داخلية علي المدى القريب مع وجود منافذ محتملة لتوتر داخلي قد ينفجر في أي لحظة نتيجة لأوضاع اقتصادية سيئة يعيشها قطاع واسع غير منظم مدنيا أو سياسيا من المصريين.
واضاف البيان "ونحن إذ ننظر لتلك المرحلة من تاريخنا بقلق بالغ، وما يشوبها من حالة حراك سياسي سلمي محمود - يطالب بمزيد من الحريات والديمقراطية - ويواجه علي الجانب الأخر بمحاولات منهجية ومستمرة من قبل جمال مبارك وأعوانه من رجال الأعمال وأتباعهم وجهاز امن الدولة من اجل السيطرة علي حكم مصر ومقدراتها في المستقبل القريب، واستعادة مساحة الحريات - والتي نجحت في انتزاعها حالة الحراك السياسي من خلال نشطائها الفاعلين في السنوات الأخيرة - بهدف تأمين وصول نجل الرئيس إلي السلطة".
وتابع "وإزاء ما تردد مؤخرا عن الحالة الصحية للرئيس مبارك، ومع قرب حلول الاستحقاق الرئاسي في 2011، في ظل معارضة مقيدة ومكبلة، وفي ظل تصاعد الحملة المدعومة امنيا والتي يقودها أنصار جمال مبارك من اجل تصعيده كبديل رئاسي في لحظة فارقة، فإننا نري أن السبيل الوحيد لمواجهة مشروع التوريث، هو جناح داخل النظام يحمل احد رجاله القدرة علي طرح نفسه كبديل إصلاحي انتقالي في الداخل، وكحامي للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط".
وأكد البيان ان سليمان هو الشخص المناسب لهذه المرحلة حيث قال "السيد اللواء عمر سليمان كان بسجله الوطني النظيف، ودوره الكبير الذي لعبه علي مستوي علاقة مصر بقضايا خارجية هامة وحساسة بمثابة بديل حقيقي مطروح بقوة من قبل أطراف عديدة باستمرار، ويحظى بقبول داخلي من قبل المعارضة، وبعض الأجنحة العاقلة من داخل النظام، وبقبول علي المستوي الخارجي لما يملكه من سمعة حسنة، وسجل مشرف، ودور بارز لعبه على مستوي السياسة الخارجية"
ودعا البيان من أسماهم بالمعارضة الحكيمة بدعم حملة ترشح عمر سليمان قائلا "ونحن الآن نعيد الدعوة مرة أخري كما طرحت في السابق من قبل أصوات معارضة حكيمة، ونوجهها اليوم إلي الأصوات العاقلة من داخل النظام، والي أطياف المعارضة المصرية الوطنية، وإلى جيش مصر الشريف الذي يأبى أن يلطخ شموخ الدولة المصرية بعار ومهانة مشروع التوريث الذي يسعى إلي تحقيقه نجل الرئيس، ونري أن السبيل الوحيد لإجراء تحول ديمقراطي حقيقي في مصر، هو أن يتولى مسؤولية الحكم في مصر لفترة انتقالية السيد اللواء عمر سليمان، يتم فيها إجراء إصلاحات داخلية سريعة، تكفل إطلاق الحريات كافة، وإطلاق حرية العمل الحزبي والسياسي المدني، وإجراء إصلاحات دستورية وتشريعية بما يكفل وجود تداول سلمي امن للسلطة، وان تتم تلك الإصلاحات في ظل ما يشبه مصالحة وطنية بين النظام الحاكم وأطياف المعارضة المصرية - بعيدا عن الحنجورية والثورية والتي فشلت في انتزاع أي إصلاحات سياسية حقيقية - حفاظا علي الاستقرار الداخلي وتحقيقا للتحول الديمقراطي الذي سبقتنا إليه دولا أخري من خلال تجارب تحول ديمقراطي مماثلة مازال يحفظ نجاحها التاريخ في سجلاته".
واختتم البيان بالتحذير من كارثة تهدد مستقبل مصر حيث قال "ونحن نؤكد أخيرا أن عدم إمكانية ترشح اللواء عمر سليمان لرئاسة مصر من خلال مواد الدستور الحالي ما هو إلا عقبة يسيرة يمكن التغلب عليها بحلول عملية كثيرة وذلك إذا أدرك العاقلون في هذا النظام مدي خطورة المرحلة الحالية، واهمية حماية مصر من مخاطر التوريث والذي قد ينذر بكارثة تهدد مستقبل هذا الوطن ولا يمكن تحمل عواقبها الوخيمة".
وسبق حملة البوسترات، إطلاق مدونة على شبكة الانترنت، وصفحة على الموقع الاجتماعي الشهير الفيس بوك، بعنوان "لا جمال ولا الإخوان .. عايزين عمر سليمان".
كانت أسهم رئيس جهاز المخابرات العامة، قد تزايدت في الفترة الأخيرة في مواجهة ما يعرف بسيناريو التوريث، حسبما تقرير نشرته صحيفة - القدس العربي - والتي أوردت فيه، أن تزايد التحديات المتعلقة بالأمن القومي وأخرها الأزمة مع دول منابع النيل وتصاعد حركة الاحتجاجات الشعبية والعمالية تقف وراء تقوية فرص اللواء عمر سليمان.
وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من الأوساط الإقليمية والدولية تنظر إلى اللواء سليمان باعتباره نائب الرئيس الفعلي نظرًا لدوره الفاعل بالملفات الرئيسية في السياسة الخارجية.
يذكر أن اللواء سليمان، تعرض إلى انتقادات في الصحافة الاسرائيلية، التي دعت إلى رفض استقباله بعد سحب القاهرة لسفيرها من تل ابيب قبل سنوات، إلا أنه يحظى بمعاملة واحترام شديدين من قبل المسؤولين هناك.
لم يكن ذلك الموقف الوحيد، بل أن سليمان، ألغى قبل ذلك زيارة لتل أبيب، احتجاجًا على التصعيد العسكري ضد المدنيين في غزة.
وكان نجم اللواء سليمان، قد صعد بعد حادثة محاولة اغتيال الرئيس مبارك في اديس ابابا في العام 1995.
التصريحات الصحفية الخارجية، عن عمر سليمان لم تتوقف في الفتر ة الأخيرة، فالصحفية الأمريكية المشهورة "ماري ويفر" قالت قبل حين:" إن أحد المسئولين الأمريكيين عمل مع عمر سليمان لسنوات وقال عنه: إنه معتدل ومهذب وله خبرة طويلة ومقبول من رجال الأعمال ، لكن عددا قليلا للغاية يعرف آراءه السياسية، وأنهم سيشعرون بالراحة في التعامل معه ".
فيما نقلت صحف اسرائيلية عن مسئول لم تسمه نفي اللواء سليمان أنه سيكون الرئيس المقبل، كما وصفه "يوسي ميليمان"، المحلل السياسي، بصحيفة "هاآرتس الاسرائيلية"، في تقرير مطول بأنه الرجل الأقوى في مصر.
لم يتوقف الأمر عند التصريحات الخارجية فقط، فقد حظي عمر سليمان باحترام داخل كبير، أبرزه العديد من الشخصيات العامة المصرية، منها المستشار محمود الخضيري، رئيس نادي قضاة الإسكندرية السابق، الذي قال عن اللواء سليمان أنه من الشخصيات التي تتمتع بحسن سير وسلوك طاغ وبالطبع فإن وجوده على رأس المؤسسة الرئاسية، خلال المرحلة المقبلة قد يسفر في نهاية الأمر عن الحيلولة دون السقوط في دوامة المجهول.
حمدين صباحي، وكيل مؤسسي حزب الكرامة والنائب بالبرلمان، قال أيضًا، "لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة اللواء سليمان بتاريخه الطويل بجمال مبارك، فالأول خدم مصر وله سجله العسكري المشرف"، فيما قال الكاتب الكبير فهمي هويدي، قال عنه " ظل اللواء عمر سليمان من الشخصيات القليلة التي تحظى بالثقة والاحترام بين المتربعين على قمة هرم السلطة في مصر. وهذه المواصفات تجعلنا نزن كلامه بميزان مختلف عن غيره من المسؤولين".
يذكر أن اللواء عمر سليمان، ولد في 2 يوليو 1936، في محافظة قنا، التحق بالكلية الحربية وعمره 19 عاما وأرسله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى الاتحاد السوفيتي السابق لاستكمال دراسته العسكرية في أكاديمية فرونز العسكرية بموسكو، وانضم إلى الجيش عام 1954، ولدى اللواء سليمان مؤهلات علمية وعسكرية، فهو حاصل على ماجستير في العلوم العسكرية، إضافة إلى ماجستير في العلوم السياسية من جامعة القاهرة.
وشغل سليمان مناصب سابقة، مثل رئيس فرع التخطيط العام في هيئة عمليات القوات المسلحة، مدير المخابرات العسكرية، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية بدءا من 1991 حتى الآن.
كما أنه شارك في حرب اليمن، وحرب يونيو 1967، وحرب أكتوبر 1973.