الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فيتساءل البعض أحيانا: لماذا يحمل المسلمون هذا الحنقَ ضد اليهود؟ هل هذا بسبب التعصب أم له ما يبرره؟
يتحدث بهذا بعض الأوروبيين الذين يعيشون في عالم وَهْمِيٍّ من الحضارة، بينما يغفلون عن الحقائق التي غيبهم عنها الإعلامُ والسياسةُ الموجَّهة بكل خبث واقتدار؛ لتجعل منهم قطيعا مسوقا؛ بينما هم في غفلة عن ذلك الإطار المرسوم الذي لا يملكون الخروج عنه.
أقول: يردد تلك المقولة أناس منهم؛ لأنهم لم يطلعوا على الواقع، ولم يُخبَروا حقائقَ التاريخ، ولم يستضيئوا بهدي الدين؛ ولأن لدينا بعض الببغاوات، فإن جهلتهم إلى وقت قريب ظلوا يرددون ذلك الاستغراب بكل سذاجة -أو قل عَمَالة- لذا قلتُ: فلأُجَلِّي شيئا من أسباب لعن اليهود، ولأُجِيبَ على هذا السؤال: لماذا ننقم على اليهود بهذه الطريقة؟
وأقول أولا: إننا لا نفعل ذلك لمجرد كونهم أتباع دين؛ فنحن نعلم بأن الله -تعالى- لم يكلفنا بإجبار غيرنا على اتباع ديننا أو ترك دينه، وإنما نحن هنا نتحدث عن واقع مادي، وواقع فكري هو الذي حدا بنا إلى النظر إليهم -أو إلى من يقر منهم بهذا وهم الأكثرية- بهذه الطريقة.
ولا يحتاج المرء إلى كثير استدلال بالواقع المادي ليرد على هذا التساؤل واصفا ما يفعلونه من ظلم غشوم، وقتل بلا مبرر، وغرور حقير يدعمه دائما الاستتار بالأقوياء والتقوي بهم، وهذا الأذى يـُعجل لهم بعقوبة الله ولا بد؛ مما يحدث في فلسطين ولبنان، لكن دعونا نتناول الأمر أيضا من الناحية الشرعية -أي الواقع الفكري-، فقد فعل اليهود أشياء كثيرة متجرأة على الدين نفسه -دينهم هم-، وأفسدوا في الأرض أيضا فسادا عظيما؛ فاستحقوا بذلك عقاب الله -تعالى- ولعنته.
ولك أن تتخيل أي فساد فيهم، وأي ظلم منهم يجعل ربهم -وهو أرحم الراحمين ورب العالمين ورحمته وسعت كل شيء- يلعنهم ويغضب عليهم، بل ويمسخ بعضا منهم؛ فقد ورد لعن اليهود في القران الكريم في آيات كثيرة منها قول الله -تعالى-: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)(المائدة:78)، وقوله -تعالى-: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ)(المائدة:60).
والآن دعنا نذكر تحديدا بعض تلك الأسباب التي استحقوا بها هذا العقاب:
1- كفروا بآيات الله وتبع ذلك جرأتهم على الأنبياء واعتدائهم عليهم؛ قال -تعالى-: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)(البقرة:61).
2- آمنوا بالجبت والطاغوت، وكفروا بالله -تعالى-؛ حتى إنهم -وبكل حقد وحسد- زينوا لكفار قريش الاستمرارَ على رفضهم وكفرَهم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما استشارتهم قريش، فقالوا لهم: أنتم أهدى من محمد -صلى الله عليه وسلم- سبيلا، بينما هم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وكانوا يتوعدون سكان المدينة ببعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبأنهم سيتبعونه، فلما جاءهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كفروا به؛ قال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلا . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا)(النساء:51-52).
3- عبدوا العجل من دون الله بعد أن أنجاهم الله -تعالى- من الغرق وعاينوا بأنفسهم النجاة؛ قال -تعالى-: (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ)(الأعراف:148).
4- نبذوا كتابَ اللهِ وراء ظهورهم، وصدوا عن سبيله، واتبعوا الشياطين، قال -تعالى-: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ)(البقرة: 101).
5- رفضوا التحاكم إلى كتاب الله، قال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ)(آل عمران:23).
وذكر النقاش أن هذه الآية نزلت لأن جماعة من اليهود أنكروا نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ فقال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: هلموا إلى التوراة ففيها صفتي فأبوا.
_________________
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين اماما
نورالاسلام الطبى
اقوى قسم لتطوير المنتديات ونشرها بمحركات البحث
اقوى برنامج حقيقى لجلب الزوار
منتدى طبى اسلامى منوع حصريات رياضيه تطوير مواقع برامج كمبيوتر
[/center]