الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،فإن من أخطر الأمراض القلبية التي يُصاب بها العبدُ أن يرضى عن نفسه، ويرى كمالات نفسه، ويغفل عن عيوبه، مع أنه لا يخلو إنسان من نقص وعيب وذنب وخطيئة (خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ)(الأنبياء:37)، (إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا . إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا . وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا . إِلا الْمُصَلِّينَ)(المعارج:19-22)، (وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا)(الأحزاب:72).فإذا أراد الله بعبده خيراً صرفه إلى الاعتناء بعيوب نفسه، والإزراء عليها، ومحاولة إصلاحها، فتجده دائماً منشغلاً بنفسه، حريصاً على تزكيتها، وقد نوه بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه وينسى الجذع في عينه) رواه ابن حبان، وصححه الألباني.فالإنسان -لنقصه وحب نفسه- يتوفر على تدقيق النظر في عيب أخيه، فيدركه مع خفائه، فيعمى به عن عيبٍ في نفسه ظاهر، ولو أنه اشتغل بعيب نفسه عن التفرغ لتتبع عيوب الناس، لكف عن أعراض الناس وسد الباب إلى الغيبة.عجبت لمن يبكي على مــــــوت غيره | دمـــوعاً ولا يبكي على موته دما |
وأعجب من ذا أن يرى عــــــيب غيره | عظيماً وفي عينيه عن عيبه عمى |
قال الإمام أبو حاتم بن حبان -رحمه الله-:"الواجبُ على العاقل لزومُ السلامة بترك التجسس عن عيوب الناس، ومع الاشتغال بإصلاح عيوب نفسه، فإن من اشتغل بعيوبه عن عيوب غيره، أراح بدنه ولم يتعب قلبه، فكلما اطلع على عيب لنفسه هان عليه ما يرى مثله من أخيه. وإن اشتغل بعيوب الناس عن عيوب نفسه عمي قلبه وتعب بدنه، وتعذر عليه ترك عيوب نفسه، وإن من أعجز الناس من عاب الناس بما فيهم، وأعجز منه من عابهم بما فيه، ومن عاب الناس عابوه".المرء إن كان عاقلاً ورعا أشغله عن عيوب غيره ورعه
كما العليل السقيم أشغــله عن وجـع الناس كـلـهم وجعه
عن مجاهد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "ذكروا رجلاً، فقال: إذا أردتَ أن تذكر عيوب صاحبك فاذكر عيوبك".قيل للربيع بن خثيم -رحمه الله-: ما نراك تغتاب أحداً، فقال: لستُ عن حالي راضياً حتى أتفرغ لذم الناس، ثم أنشد:لنفسي أبكي لست أبكي لغيرها لنفسي من نفسي عن الناس شاغلُ
وقال الشاعر:قبيح من الإنسان أن ينسى عيوبه ويذكرَ عيبا في أخيه قد اختفى
ولو كـان ذا عقـل لما عـاب غـيرَه وفيه عيوب لو رآهـا قد اكتفى
وعن عون بن عبد الله قال: "لا أحسب الرجل ينظر في عيوب الناس إلا من غفلة غفلها عن نفسه".وعن ابن سيرين قال: "كنا نحدَّث أن أكثرَ الناس خطايا أفرغُهم لذكر خطايا الناس".وقال الفضيل: "ما من أحد أحب الرياسة إلا حسد وبغى، وتتبع عيوب الناس، وكره أن يُذكَر أحدٌ بخير".وقال مالك بن دينار: "كفى بالمرء خيانة أن يكون أمينا للخونة، وكفى المرء شراً ألا يكونَ صالحا ويقعَ في الصالحين".وقال أبو عاصم النبيل: "لا يذكر الناسَ بما يكرهون إلا سفلةٌ لا دينَ لهم".لا تكشفن مساوي الناس ما ستروا فيهتك الله سترا عن مساويكا
واذكر مـحـاسـن ما فـيهم إذا ذُكِروا ولا تَعِـبْ أحـدا منهم بما فيكا
_________________
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين اماما
نورالاسلام الطبى
اقوى قسم لتطوير المنتديات ونشرها بمحركات البحث
اقوى برنامج حقيقى لجلب الزوار
منتدى طبى اسلامى منوع حصريات رياضيه تطوير مواقع برامج كمبيوتر
[/center]