يبدو أن القيام بعمل عسكري أصبح امرأ لا مفر منه وضرورة ملحة يجب ان تقوم بها مصر للقضاء علي أعمال القرصنة التي تتم ضد السفن التجارية والصيد في سواحل البحر الأحمر قرابة الصومال والذي أدي إلي إعلان عدد من شركات شحن النفط تحويل مسار سفنها إلى رأس الرجاء الصالح تجنبا للمرور في خليج عدن والتعرض لأخطار القرصنة الصومالية.
وعلي الرغم من رفض كل من الكويت والسعودية وإيران تحويل مسار أسطولهم البحري الذي ينقل النفط إلى أوروبا عن قناة السويس إلا أن التحرك المصري والعربي أصبح ضروريا في الوقت الحالي خاصة وان تقرير مؤسسة (شاثام هاوس) البريطانية إحدى كبرى المؤسسات البحثية البريطانية المختصة في السياسة الخارجية قد حذر من تنامي أعمال القرصنة البحرية في خليج عدن وما لها من تأثير مباشر على حركة التجارة الدولية عبر قناة السويس، بالإضافة إلى ما قد تجلبه معها من كوارث إنسانية وبيئية في القرن الأفريقي ويؤثر بالسلب علي إحدى أهم المصالح المصرية على الإطلاق ويعرضها لخطر لا يعادله خطر آخر.
خاصة وأن تأثر قناة السويس بتلك النشاطات الإجرامية أمر من شأنه أن يدمر مصالح مصر في تأمين عائدات المرور في القناة، مما يعني ضرب الأمن القومي المصري والعربي بوجه عام في طول البحر الأحمر.
ويري الدكتور نبيل عبدالفتاح– الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية- أن استمرار القرصنة سيؤدي إلى زيادة تكاليف التشغيل والشحن الإجمالية في وقت يمثل فيه سعر النفط مبعث قلق رئيسيا، مؤكدا أنه يجب التفكير بجدية في العمل على منع أي شيء من شأنه أن يسهم في ارتفاع الأسعار بشكل أكبر، وهنا سيتزايد دور الامم المتحدة من خلال تشكيل قوة دولية لكي تضع حداً لهذه الأزمة، لا سيما أن هناك تخوفا كبيرا من تأثيرها – أي القرصنة – على وصول المعونات الإنسانية التي يقدمهابرنامج الغذاء العالمي للصومال، وعلى نشاط الصيد في المنطقة.
وطالب عبدالفتاح باتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون تفاقم الأزمة على أن تتولي الامم المتحدة عمليات تنسيق مباشر مع جامعة الدول العربية أو الدول العربية المعنية بالأزمة والمطلة على البحر الاحمر خصوصاً أن المشكلة امتدت إلى ما هو أكبر من ذلك متمثلا في أن يصبح القراصنة عملاء الإرهاب الدولي، ومن ثم تستخدم الأموال التي تدفع فدية لهم لتأجيج الحرب الأهلية.
بينما يري الدكتور محمد سعد أبو عمور أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان أن أعمال القرصنة التي تتم ضد السفن التجارية والصيد في سواحل البحر الأحمر قرابة الصومال لن تستطيع أي جهة الوقوف ضدها بمفردها فهي ظاهرة ينبغي أن يتم مقاومتها من خلال التصدي الجماعي لعدد من الدول سواء من خلال رعاية دولية للأمم المتحدة أو تحت أي شعار آخر، إلا أنه لابد من أن تشارك الدول العربية في عمليات تطهير هذه المنطقة من الخلايا الفاسدة التي تعكر صفو أعالي البحار في منطقة الأفريقي.
ويشدد أبو عمور على أهمية أن يكون هناك سعي الدول العربية ودور معين في العملية العسكرية المحتملة على اعتبار أن تلك المنطقة أصبحت إحدى البقاع السحرية البحرية في العالم ومطمعا للعديد من الدول في محاولة فرض سيطرة وهيمنة الدول التي كان لها باع كبير في احتلال أجزاء عديدة من العالم القديم، وهو التخوف المطروح أمام أعين الدول العربية من أن تكون العمليات العسكرية التي تنوي الدول الأوروبية القيام بها مدخلا للسيطرة على المدخل الرئيسي للبحر الأحمر، ومن ثم تنبهت الدول العربية لذلك، وعقدت العديد من اللجان التابعة للجامعة العربية عدة اجتماعات موسعة لمناقشة كيفية مواجهة الأزمة بشتى الطرق.
وأكد أبو عمور أن الدول المطلة على تلك المنطقة هي الأكثر تضررا من وجود القراصنة على تلك السواحل، خصوصاً في ظل تفكير بعض الدول إلى الاعتماد على طريق رأس الرجاء الصالح كمسار بديل للتجارة العالمية، إلا أن ذلك يحمل في طياته الكثير من الأبعاد أهمها ارتفاع تكاليف النقل البحري وبالتالي المساهمة بصورة أكبر في ارتفاع الأسعار العالمية على شتى المستويات وفي جميع السلع والمواد الخام.
ويذهب أبو عمور إلى أن القانون الدولي يحمل بين طياته العلاج لهذه الأزمة لكل الدول حيث إنه يتيح لأي دولة أن تقوم بما تراه مناسبا للقضاء على أي خطر يهدد مصالحها وأمنها وأراضيها وهو ما يعني أن هناك تشريعا وتفويضا رسميا من جانب القانون الدولي للقيام بأي تحرك عسكري للقضاء على هؤلاء القراصنة، وعلى الرغم من ذلك فلا ينبغي أن يكون هناك تحركات فردية، حيث من المفترض أن يتم التنسيق الدولي بين الدول التي يمثل استمرار تلك العمليات العديد من الأضرار على تجارتها ومصالحها