البحث عن الذات:
- بعد أن افتتحت أمه المركز الإسلامي وأيقنت ما فيه ابنها من ضلال وأرادت أن تنتشل ابنها من مستنقع الغرق ودأبت في التحرك لضمه إليها، رغم أنه في المرحلة الجامعية، ولكنه يحتاج في هذا الوقت بالذات لكنف أمه، وخاصة أنها أمست قادرة على تغير حياته جذريا لما وصلت اليه من معرفة بالدين الإسلامي وممارسة العمل الديني.
- إلتقته أمه وكأنه طفل في المهد وضمته إليها بعد طول هذه السنوات مع إنها كانت تراه، ولكن هذه المرة تختلف عن غيرها من اللقاءات بعدما عرفت ما عليها من واجبات أمام ابنها الضائع، وأيقنت أنها شاركت في ما وصل إليه من ضلال بعيد عن حضنها، كانت تبكي بحرقة مريرة، وفؤاد أم غاب عنها ابنها سنوات عدة غيابا وجدانيا وليس فراقا، لأول مرة يشعر «لامان» بحنان الأم ودفء حضنها، وكأنه رضيع ومن هذه اللحظة بدأ البحث عن الذات، حيث إنه استفاق ولم يعد صغيرا ومل من الحياة بلا معنى.
- كان «لامان» في هذه المرحلة يعرف جيدا أنه لابد من تحقيق النجاح واجتياز كل الصعاب للوصول إليه، رحل مع والدته إلى «لندن» بعدما تقرب منها واطمأن على نفسه معها، ويبدو أن أمه ضمته بنصائح زوجها ووقوفه إلى جانبها وعلى أساس ان تكون ناجحة في العمل الإسلامي الذي سلكته مع زميلتها المسلمة.
- وللآن لم يعرف «لامان» حقيقة وجود الله تعالى في الكون أو طبيعة الدين إلا كلاما فقط من والدته دون إقناع.
- بعد أن أحضرت له أمه كتباً خاصة كانت تحتفظ بها منذ أن كانت متزوجة بأبيه، وهي كتب عن الفلسفة والطبيعة، وما يتعلق بالحقائق الكونية من اعجازات علمية وغيرها دينية على مر الدهر، بدأ عقله يستفيق وتنقشع من على قلبه الغشاوة والتيه والضلال، فكان يسأل نفسه كثيرا حتى يعرف الصواب من الخطأ، من بين هذه الاسئلة: أين أنا من نفسي؟ ما الذي أراه أمامي الآن وهل هذه حقائق بالفعل؟ ومن هو رب هذا الكون؟ وكيف خلق الله الكون؟ وآيات عديدة بدأ يسأل نفسه عنها بعدما تفتحت عينيه على كتب أبيه.
اتجاهه نحو القرآن الكريم:
- هذه التساؤلات وغيرها الكثير كانت جديرة بأن تفرض عليه قراءة القرآن الكريم وتفسيره والذي كان من بين كتب أبيه، حيث أنه الآن في كنف أمه المسلمة وحتى يعرف كل الحقائق دينية كانت أو علمية وكما يقول:
- بدأت أقارن الحقائق الدينية الموجودة في القرآن الكريم بالحقائق العلمية التي توصل إليها العلم في القديم والحديث، وكلما زاد بحثي وتطلعاتي اكتشف أحداثاً وحقائق مذهلة ومفاجئة مطابقة لما ينص عليه القرآن الكريم ويدل على صدقه، ولم يحدث أن واجهت خطأ أو مخالفة في القرآن لطبيعة الكون وما فيه.
- سبحان الله العظيم - نعم انه القرآن كتاب الله المنزل على رسوله الأمين محمد صلى الله عليه وسلم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، من حكم به عدل ومن اهتدى به هدي الى صراط مستقيم
"قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ {15} يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {16}" (سورة المائدة الآيات (15 - 16)
- بدأت الأفكار الإيمانية تدب الى عقل «لامان» باتجاه نحو الدين الإسلامي ورغبته أخذت طريق الاستقامة.
- من خلال تطلعاته وبحثه في القرآن الكريم عرف «لامان» من هو خالقه سبحانه وتعالى الذي لا إله إلا هو خالق كل شيء وهو على كل شيء قدير، خلق البحار فأجراها والسماء وما بناها والأرض وما طحاها والجبال كيف أرساها، وأنه هو الذي خلقه فسواه فعدله في أي صورة ما شاء ركبه أن جعل له عينين ولسانا وشفتين.
الإسلام دين ارتضاء:
- كلما أشرقت شمس الإسلام على أرض الكفر أنارتها وبدلت ظلماتها نورا وكفرها إيماناً، وبالتأكيد أن هذه الشمس أشرقت على قلب «لامان» لتذيب من عليه جليد الكفر وتنير له دروب الإيمان وتثنيه عن دروب الشك والضلال الذي أحاطته من جراء جديه وتربيتهم له، نعم وقد نشبت فيه روح التوحيد وأنارت فكره وجعلت أمامه الجو ربيعا صافيا لرؤية الحقيقة.
- ولأنه كان لا يتمسك بعقيدة معينة أو محددة وكانت العلمانية طاغية على عقله، ومن خلال المقارنة والوصول الى الحقائق التي تؤكد وجودية الله تعالى في الكون وكثرة الآيات الدالة على قدرته. فهذه الآيات والحقائق تجعل الإنسان في رضا تام مع نفسه من حيث يقين العقل وتصديق القلب ورؤية العين لما هو موجود أمامها.
لحظات الإيمان
- بينما هو جالس ذات ليلة من الليالي مع نفسه لا يوجد معه غير القرآن العظيم أنيساً، والله يشهد عليه أنه لصادق، وفي لحظة حولت مجرى حياته من الشك والأوهام ومحت صور الكنيسة والخزعبلات العالقة في ذهنه إلى إيمان صادق ويقين عقلي، لقد شهد على نفسه والله يشهد عليه من قبله «انه قد آمن بوجود الله وتوحيده بأن الله واحد لا شريك له في الكون سبحانه وتعالى».
- يقول لامان: كانت الحجرة التي أجلس بها مغلقة والليل أرسى سكونه وأنا وحيد لم يكن معي إلا الله، اتجه إحساسي في هذه اللحظة نحو الاعتراف بوجود الله سبحانه وتعالى مع نفسي وأخذ قلمي يتجه ناحية أوراقي وبه كلمات من نور وأخذ يكتب:
- «اشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمداً رسول الله»
- بعدها أخذت تنهيدة طويلة النفس، ثم استراحت جوارحي وهمدت أنفاسي، وقمت بالتوقيع أسفل الشهادتين على الورقة التي أضاءت لي طريق الهداية وكان الله شهيداً على ذلك.
"اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ "
(سورة البقرة الآية 257)
أثر ذلك على أصدقائه:
- من بين أصدقائه كان له صديق مسلم عربي من تونس، ولكن صداقته به جاءت متأخرة، وجاءت أثناء البحث عن الصراط المستقيم، فعندما علم هذا الصديق التونسي بما حدث من «لامان» مع نفسه ومع ربه أخذ يكبر ويهلل ويحمد الله أن مَنَّ على صديقه بالهداية واحتضنه، وبدأ يصطحبه الى المساجد بداية من أول صلاة جمعة وكانت أول صلاة له يصليها داخل المسجد هو وصديقه هذا، بعدها سرى الإيمان في قلبه، ولم يعد يترك صلاة داخل المسجد وربما كانت أغلب الأوقات يصليها مع هذا الصديق في البداية.
إشهار إسلامه علانية
- بعد أن مَنَّ الله عليه بالإسلام بينه وبين ربه، وبعد معرفة أصدقائه بما حدث منه، أراد ان يكون إشهار إسلامه علانية، وبمساعدة صديقه التونسي والذي جاء به الى مجموعة من أصدقائه واصطحبوه جميعا الى أحد المراكز الإسلامية وتم إشهار إسلامه رسمياً، ودون اسمه ضمن المهتدين الجدد للإسلام بهذا المركز بلندن. ومن ثم نال شهادة إشهار الإسلام.