وهو فهم أعوج لوجهين:
الوجه الأول: أن "مِن" هنا ليست للتبعيض، كما بين ذلك علماء التفسير، بل هي للبيان، كما قال المفسر فخر الدين الرازي رحمه الله:
"المسألة الأولى "مِن الأولى للبيان" لأن الذين كفروا جنس تحته نوعان أهل الكتاب والمشركون، والدليل عليه قوله تعالى: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ﴾ البينة (1) ، والثانية مزبده لاستغراق الخير ، والثالثة لابتداء الغاية"
[التفسير الكبير(3/204) وراجع تفسير أبي السعود (1/142) وتفسير الجلالين (1/22) وغيرها من كتب التفسير]
ولو سلمنا لهم هذا الفهم ، لكان تركيب الآية هكذا: "إن الذين كفروا بعض أهل الكتاب والمشركين" وهو كما ترى يتنزه عنه كلام الله ، لأن من الكافرين من ليس من أهل الكتاب، كمشركي قريش وغيرهم من عبدة الأصنام، بل ممن يخرج من الإسلام بعد الدخول فيه.
الوجه الثاني: اعتقادهم – بناء على فهمهم الأعوج لمعنى "مِن" – أن بعض أهل الكتاب ليسوا كفارا، ولو لم يدخلوا في الإسلام، وهو اعتقاد يخالف القرآن والسنة وجماهير علماء الأمة، بل وسائر من له أدنى علم بكتاب الله تعالى...
ونحن نقول بصرف النظر عن هذا الفهم الأعوج: نعم أهل الكتاب قسمان: قسم كافر بالإسلام كما مضى. وقسم مؤمن به وليس بكافر، وهم الذين دخلوا في الإسلام.
وكل من أثنى الله تعالى عليهم من أهل الكتاب بعد نزول القرآن، فهو ممن آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم واتبع دينه الذي جاء به من عند الله.كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ﴾ (110) آل عمران
وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا
إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (54)﴾ [القصص]
وقد دل على معنى الآية حديث أبي موسى رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه، وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم، فآمن به واتبعه وصدقه فله أجران...) الحديث
[صحيح البخاري (3/1096) وصحيح مسلم (1/134) واللفظ له]
وقال تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [آل عمران (199)]
ومنهم على سبيل المثال ، عبد الله بن سلام الذي كان يهوديا فأسلم ، والنجاشي ملك النصارى في الحبشة، أسلم على يد المهاجرين إلى بلاده من المسلمين وصلى عليه الرسول بعد موته صلاة الغائب ، وغيرهما ممن اتبع دين الإسلام في أي عصر من العصور، ومنهم محمد أسد وكان يهوديا ، و يوسف إسلام وكان من النصارى ، وغيرهم كثير في غالب البلدان
_________________
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين اماما
نورالاسلام الطبى
اقوى قسم لتطوير المنتديات ونشرها بمحركات البحث
اقوى برنامج حقيقى لجلب الزوار
منتدى طبى اسلامى منوع حصريات رياضيه تطوير مواقع برامج كمبيوتر
[/center]