حدثت عدة حالات من التسمم نتيجة أكل مكسرات عين الجمل والبندق واللوز فى شهر رمضان الماضي/1421هـ فقد قمت بإجراء اختبارات صحة البذور على عدة عينات من أجود الثمار المقشورة المعروضة بالأسواق لتُظهر الاختبارات أن هذه الثمار تحتوى على فطريات كامنة بها منتجة لأشد انواع السموم الفطرية فتكاً بالإنسان والحيوان وهذه السموم معروفة جيداً لدى المتخصصين وهى أنواع من الافلاتوكسين والاوكراتوكسين والبتيولين وتنتجها الفطريات أسبرجليس وبنسيليوم وتختبئ فى داخل لب الثمار. ومن المعروف ان وصول كميات قليلة للغاية لا تتعدى أجزاء فى البليون من هذه السموم إلى دم الإنسان أو الحيوان تسبب له أمراضا متعددة حتى مع أكل ثمرة واحدة حيث يكون ذلك كافياُ لإحداث العديد من المشاكل المرضية ونستعرض سوياً بعض اللقطات المصورة لثمار من الجوز واللوز والبندق من أجود الأنواع المعروضة بالأسواق إلا انه بعد تحضينها فى رطوبة عالية لعدة أيام أظهرت ما بداخلها من الفطريات المنتجة للسموم الفتاكة وأهمها فطر الاسبرجليس وفطر البنسيليوم.
وباستعراض هذه السموم نجد أن سموم الافلاتوكسين الشهيرة لا يتوقف تأثيرها المباشر على الإنسان أو الحيوان بل أنها تفرز أيضا فى لبن الام لتسبب أمراضاً بالغة الخطورة للاطفال الرضع كما أنها تفرز فى ألبان الابقار. ويعتبر الفطر أسبراجليس المختبئ فى هذه الثمار أكثر منتج لها.
أما الاكراتوكسين وهو أيضا ناتج من نمو الفطريات السابقة فإن مجرد وصوله إلى جسم الإنسان يسبب حدوث قصور شديد فى وظائف الكلى والكبد مع زيادة التبول المصحوب بتشنجات ويؤدى ذلك في النهاية إلى حدوث شلل للجهاز العصبي.
وعن السم الثالث وهو الباتيولين المنتج من الفطريات السابقة فإنه يسبب حدوث نزيف داخلي في الرئتين والمخ مع إضطراب فى وظائف الكلى ثم عجز جزئي للجهاز العصبي متبوعا بأورام سرطانية. ومن الملاحظ أيضا أن هذا السم ينتشر فى العصائر الناتجة عن ثمار مصابة مثل التفاح والمشمش والخوخ ولذلك فأنه يعتبر واحداً من أخطر السموم الفتاكة بالإنسان والحيوان.
أما عن كيفية إصابة الثمار والبذور بهذه الفطريات فإن ذلك يحدث قبل أو بعد الحصاد حيثما تتوافر الرطوبة لتنتشر هذه الفطريات فى هذه البيئة المثالية لنموها.
كما أن جمع الثمار قبل إكتمال نضجها وتمام جفافها من اجل المحافظة على ظهور محتوياتها كبيرة الحجم ممتلئة يساعد على غزو هذه الفطريات لها. وهذا ما يلجأ إليه المصدرين فى معظم الدول المنتجة لهذه الثمار بهدف الحصول على عائد مادي كبير. ومن ناحية أخرى فأنه لايمكن للمستهلك العادي التعرف على مدى إصابة هذه الثمار بمثل هذه الفطريات حيث تظهر الثمار طبيعية ممتلئة حسنه المذاق خالية من التزنخ.
ومن ناحية أخرى يلجأ بعض المصدرين للتغلب على هذه المخاطر بحفظ الثمار المقشورة في عبوات يتم تفريغها من الهواء وذلك لمنع التزنخ ونمو الفطريات عليها وإن كانت هذه الطريقة تساعد على الحد من نمو الفطريات خاصة أثناء الشحن إلا انه بمجرد فتح العبوة وفى خلال أيام معدودة تكون الفطريات قد اخذت في إفراز سمومها الفتاكة.
وللتعرف على درجة التلوث بهذه الفطريات الفتاكة تغذى بعض انواع الطيور على هذه المواد الغذائية والحبوب ومن أشهر الطيور حساسية لهذه السموم هي الدجاج الرومي حيث تموت بعد أيام قليلة عند تغذيتها على هذه الحبوب أو الثمار الملوثة.
ومن المعروف أيضا أن هذه السموم تحدث أمراضا متعددة للدواجن التي تتغذى على أعلافاً ملوثة بهذه الفطريات المنتجة لها حتى لو كانت نسبة السموم مسموح بها وهى 20 جزء في البليون حيث تصاب الطيور بالهزال والنزيف الداخلي بالأمعاء ثم تتوقف عن النمو و'تظهر الصفات التشريحية لها تضاعف حجم الكبد بدرجة ملحوظة والتي يتصور بعض المستهلكين ان هذه صفة وراثية مرغوبة ولكنها في الحقيقة نموات سرطانية تشير إلى أن هذه الطيور قد تم تغذيتها على أعلاف ملوثة بهذه الفطريات وعليه يجب إعدام هده الأكباد فوراً.
ومرة أخرى قد يأكل الإنسان بعض ثمار الجوز او البندق أو اللوز وفى غضون ساعات قليلة يصاب بأعراض يقظة غير عادية مع عدم القدرة على النوم ثم ضيق في التنفس وغثيان مع حدوث إجهاد شديد وطنين بالاذن ثم حدوث إسهال عجيني متبوع بغازات كريهة. وهذه كلها أعراض التسمم الفطري بهذه السموم السابقة.
وقد تفيد المعاملة الحرارية مثل التحميص لهذه الثمار إلى حد ما فى التخلص من السموم ولكن ليست كل أنواعها حساسة للحرارة ويظل تأثيرها فتاكاً بعد المعاملة الحرارية.
وأوصى لعلاج هذه المشكلة عدم السماح للأفراد بالاستيراد العشوائي لهذه الثمار وأن يقتصر إستيرادها على شركات متخصصة ذات إمكانات معملية وخبرة عالية تسمح لها بفحص هذه الثمار بتأني في موقع إنتاجها وقبل دخولها البلاد وذلك للتأكد من خلوها من الإصابات الفطرية. علماً بأن هذه الاختبارات تستغرق عدة أيام وقد تصل إلى أسبوع. أما الفحص العشوائي الحادث حالياً ليس له أي مدلول سوى إهدار الوقت والجهد وعدم الوصول إلى الحقيقة. كما أوصى أن يكون لمعامل السموم الحكومية دورا رقابيا ويتم من خلالها السماح بطرح الشحنات من هذه النقل في الأسواق من عدمه حيث أن أي تهاون في ذلك يؤدى إلى تدمير بطئ لجسم الإنسان بدرجة لا تقل عن أشد المخدرات سمية.