فبسبب قدرتها الانقسامية اللامحدودة تلك، وتعدد خياراتها.. تعتبر الخلايا الجذعية الجنينية مصدرا هاما لفهم الخطوات التفصيلية الدقيقة والمعقدة التي تحدث خلال نمو وخلق الإنسان. وذلك مثل التعرف على العوامل التي تهيمن على عملية وديناميكية "اتخاذ القرارات" في الخلية، والتي تؤدي إلى تخصص الخلية. كما تشكل ـ بالإضافة إلي ذلك ـ جانبا حيوياً للعديد من الأفكار حول "الطب الاستبدالي" وتغيير الأعضاء بعد أذيتها أو مرضها.
وتشير الدراسات إلي ان المشيمة (المسئولة عن الأمداد الدموي والغذائي للجنين فترة الحمل) تمد الجنين أيضا بمصدر من هذه الخلايا الجذعية. وهي تسلم وظيفتها تلك ـ فور الولادة ـ للغدد الثديية المكونة للبن الرضاعة.
ومن تقدير الله تعالي وحكمته البالغة، أن جعل الوليد/ الرضيع مُهيأ بجهازه الهضمي ليسمح بمرور هذه الخلايا الجذعية قبل انغلاق ما يسمي بالحاجز المعوي الدموي Intestinal Blood Barrier مما يعمل علي نمو وبناء وتوجيه وتطوير جسمه في أن معاً.
الخلايا الجذعية، ودورها الحيوي
ولعل في أكتشاف تواجد هذه الخلايا في لبن الأمهات، وما يمثله دورها الخلوي في نظام "بناء وإصلاح وتجديد وتطور" والصفات المظهرية Phenotype للمولود حتي يصل لمرحلة البلوغ تلمس بعض الحكمة من التشابه الخلوي/ النسجي/ العضوي/ النفسي الحادث بين من يجتمعون علي مرضعة واحدة (الرضاع يغير الطباع، ومع" كل مصة من ثدي الأم عاطفة جديدة").
كما يتبين لنا مدلولات الحديث النبوي الشريف: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"(3)، كذلك ما أفاض به الفقهاء من من تفسير الحكمة من التحريم بالرضاع، وجعلها من رحمة الله تعالي أن:"وسع دائرة القرابة بإلحاق الرضاع بها، فبعض بدن الرضيع يتكون من لبن المرضع، وانه يرث منها من طباعها وأخلاقها كما يرث ولدها الذي ولدته"(4)، يقول الله تعالي:"حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة، وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم، وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم، وان تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف، إن الله كان غفورا رحيماً" (النساء: 23).
أنه اكتشاف مذهل يبين سذاجة التصور بأنه من الممكن محاكاة أو إستبدال لبن الأمهات بألبان صناعية اخري (إن لم تستدع الضرورة ذلك)، وفداحة "قطع السبيل" علي الرضاعة الطبيعية، وأهميتها الحيوية، تحت دعاوي واهية داحضة. إنه ما من أمر في مصلحة الناس إلا وقد حضت عليه تعاليم الإسلام وتوجيهاته، وضبطتها تشريعاته، ومن ذلك أمر الرضاعة الطبيعية، يقول جل شأنه:"والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة.." (البقرة:233).
إن لم تتول أمهاتهم أمر الرضاعة الطبيعية .. رفعة أو ثراء أو مكانة أو مرضاً، كان من شأن العرب ـ قديما وحديثاًـ أن يعهدوا أولادهم إلي مرضعات ليقوموا بإرضاع أبنائهم. مع أهمية الأحتياط لذلك وعدم التساهل فيه بل معرفته بدقه كي لا تختلط الأنساب فيزوج المرء ممن شاركته الرضاع، فهي كبعض أعضائه، وقد أكدت "الخلايا الجذعية ذلك".
الأهمية الصحية والنفسية والبدنية والاجتماعية والاقتصادية للرضاعة الطبيعية
إن الدراسات العلمية الحديثة تتوالي في سلسلة متصلة دالة علي الأهمية الصحية والنفسية والبدنية والاجتماعية والاقتصادية البالغة للرضاعة الطبيعية والتواصل الممتد بين الأم المرضعة ووليدها :"يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ" (البقرة: 185). حتي تنامت في الغرب ـ الذي كان قد ابتعد كثيرا عن ذلك الأمر وحاول نقل عدواه تلك إلينا ـ الجمعيات المتعددة وأصدقاء الطفولة والمؤتمرات الداعية إلي العودة للرضاعة الطبيعية، و"تدعيم النساء في أخذ قرار بأن الرضاعة الطبيعية هي الأفضل لهن".
فالرضاعة الطبيعية تشكل عاملا حيويا وصحياً هاما يقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي، وتعيد الرحم إلي حالته الطبيعية، وكذلك تساهم في التخلص من مخزون الطاقة الزائد، والشحم المتراكم أثناء الحمل، والسمنة المفرطة لدي الأمهات المرضعات. حيث وجد فريق من الباحثين بالمركز الطبي لمستشفى أطفال "سينسيناتي وجامعة سينسيناتي" بأوهايو بالولايات المتحدة أن هناك علاقة بين احتواء حليب الأم على مستويات عالية من البروتينات التي تنتجها الخلايا الدهنية والمسئولة عن تنظيم عمليات الأيض في الجسم والمعروفة باسم "اديبونيكتين" وبين الإصابة بالسمنة. حيث تقوم الخلايا الدهنية بإفراز هذا النوع من البروتينات التي تؤثر على كيفية معالجة الجسم للمواد السكرية والدهنية في الدم. كما أن هناك علاقة بين انخفاض مستوى هذا البروتين والإصابة بالسمنة المفرطة إضافة إلى النوع الثاني من مرض السكري ومقاومة الأنسولين وأمراض الشرايين التاجية.
_________________
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين اماما
نورالاسلام الطبى
اقوى قسم لتطوير المنتديات ونشرها بمحركات البحث
اقوى برنامج حقيقى لجلب الزوار
منتدى طبى اسلامى منوع حصريات رياضيه تطوير مواقع برامج كمبيوتر
[/center]