قال : سأزوركم أنا والأولاد ، أعندكم مانع؟ قلت : أهلاً وسهلاً ، تشرفـُنا والله زيارتـُكم لنا .. ثم سألته متعجباً : وأين زوجتكم لم لا تشارككم الزيارة كذلك ؟ إن أم حسان حين زرناكم رأت فيها أختاً طيبة واعية ورغبت أن تصادقها فلماذا لا تكون معكم ؟ أهي لا سمح الله مريضة أو مشغولة ؟ فلم لا تؤجلون الزيارة إلى وقت آخر تكون فيه زوجتكم معكم ؟ .
قال مبتسماً : ألم أقل : إنني والأولاد سنزوركم ؟ قلت : بلى ، ولم تذكر أم الأولاد . قال : نعني – معشر المصريين - بالأولاد أمهم . قلت : ولكن زوجتك أم الأولاد ، فقل سنزوركم أنا وزوجتي . فالزوجة ليست الأولاد ، إنما هي أم الأولاد .
وعشت وما أزال في عمان الأردنية وأسمع من جيراني إذا سألت أحدهم عن أهل بيته من الزوجات أو البنات إجابة غريبة عجيبة مثل : أخذت المرأة – تكرم – إلى المستشفى ، أو البنت –تكرم – أخذت التوجيهي وسنقيم لها حفلة فاحتفلوا معنا . أقول وماذا تقصد بكلمة – تكرم – كلما ذكرت المرأة ؟ فيقول متعجباً من سؤالي المستنكر ، ويجيبني : ذكر المرأة لا يليق في حضرتكم !. فأتعجب لهذا وأقول : وهل هي أقل مكانة من الرجل أو ليست إنساناً ، أو إنسان من الصنف المتدني ؟! فيسكت متعجباً أو يقول : هكذا تعودنا . فأردف قائلاً : هل من العيب ذكر المراة ، وهي الأم والزوجة والبنت والعمة والخالة والأخت ووو .. إلا إذا حقرناها ؟! ألسنا نحقر أنفسنا حين نقلل من شأنهنّ فهن نصف المجتمع اللطيف الذي مدحه المصطفى عليه الصلاة والسلام ، فقال : " الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ؟! ألم يقل : إنهن شقائق الرجال ؟ ألم يقرنهن المولى سبحانه بالرجال دون كلمة – تكرم – في الآية الخامسة والثلاثين من سورة الأحزاب حين قال :" إن المسلمين والمسلمات ، والمؤمنين والمؤمنات ، والقانتين والقانتات ، والصادقين والصادقات ، والصابرين والصابرات ، والخاشعين والخاشعات ، والمتصدقين والمتصدقات ، والصائمين والصائمات ، والحافظين فروجهم والحافظات ، والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً" . ألم يكرم الرجال والنساء معاً في سورة التوبة الآيتين الحادية والسبعين " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض.." فجعلهم أنداداً وأولياء ؟ ثم وعدهم جميعاً برضاء الله والجنة ؟ " وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار ...."
ولو استطردنا قليلاً فخرجنا عن الموضوع إلى أمر آخر لسمعت أحدهم يقول : اشترينا – وأنت محشوم – حماراً قوياً . أو أو ذهبنا لنادي الخيول – حاشاك- وتدربنا على ركوبها . فأقول ممازحاً : مادخلي أنا في شرائك حماراً أو ركوبك خيلاً ؟ أتراني – وأنت تتحدث عنهما - أظن نفسي واحداً من هذين الصنفين ؟ فأنت تنفي التهمة سلفاً بذكرك أمثال هاتين الكلمتين – محشوم ، وحاشاك – فيبلس الرجل ثم يستدرك : بل أظن أني أبدي الاحترام لك حين أحاشيك أن تسمع مثل هذا الكلام .... فأقول منبهاً : ولكن الله تعالى قال دون حشر كلمتي – محشوم وحاشاك – وأضرابهما " إن أنكر الأصوات لصوت الحمير " وقال كذلك عن الكافرين : " إنْ هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً " وقال واصفاً اليهود الذين يجمعون التوراة ولا يعملون بها " كمثل الحمار يحمل أسفاراً " فلم يذكر بعضاً مما تقول . أتراك أكثر أدباً من القرآن في مخاطبة الناس ، وأشد احتراماً لهم منه ؟ . .. أمر الناس والله عجيب عجيب .
بل إن بعضهم حين يحدثك عن زوجته يتعمد إغفال اسمها تحرجاً ، وكذلك حين يعطيك أحدهم اسمه واسم أبيه يتناسى أن يذكر اسم أمه – حين ينبغي أن يذكره وإذا اضطر تململ وخجل - جهلاً منه بآداب الإسلام ، وبسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام .