عندما يقع الطلاق بين الآباء ... ما هو رد فعل الأطفال : العدوانية، الحزن، الشعور بالذنب، تضارب الولاء، اللا مبالاة، الخوف من الهجر...
عندما ينعدم التفاهم بين الزوجان و تتعارض وجهات النظر، الأهداف، الطموحات، أساليب التفكير، عندما ينعدم الحب ويختفي التراحم، حين تندلع المشاجرات وتستعر المنازعات، حين يسود حب الذات وينعدم الأحترام، وتفشل كل محاولات الإصلاح والوساطة.
هنا تستحيل الحياة الزوجية وتصبح التفرقة رحمة لكلا الطرفين .
ربما يكون الطلاق في حد ذاته أمرا بغيضا لكثير من الناس الذين يرون فيه قطعا لأوصال علاقة بدأت وكان من المفترض أن تدوم وأن تقاوم كل العواصف التي تهب خلال مراحل الحياة، لكن حين تنتفي الشروط الأساسية للحياة الزوجية وهي الحب، الأحترام، المودة والتراحم، وتكون الحياة جحيما لايطاق.
من هنا يكون الأنفصال هو أفضل الحلول، فربما يكون التخلص من عضو فاسد في الجسم - وإن كان في ذلك البتر ألاما وافتقادا لدور ذلك العضو- هو أسلم وأضمن لعدم تفاقم وانتشار المرض أو التلف لباقي الجسم.
وقد يري البعض وخاصة في مجتمعانا الشرقي أن الطلاق يأتي بأضرار بالغة علي الأطفال الذين يكونون هم الضحايا الأوائل لهذا الأنفصال.
ونحن نتبني وجهة النظرهذه ونؤيداها فيما خلا أن تبرأ الحياة الزوجية مما ينغصها، فلربما يكون تأثير الأنفصال علي الأطفال من الناحية النفسية أهون من أن ينشأوا في جو من المشاحنات علي مختلف اشكالها .
من هنا سوف نستعرض التأثير النفسي والمعنوي والمادي لحدث الطلاق علي الأطفال وأفضل الأساليب للتعامل مع هذا الحدث، وسنستعرض أفضل الوسائل لكيفية إعلان ذلك الأمر للأطفال وكيفية إدارة الأزمة لكي نجعل منه حدثا عابرا في حياتهم لايدمرهم أو يقضي علي سلامتهم النفسية.
" في بعض الحالات قد يعكس الطلاق موقفا مسؤولا من جانب الزوجان. قد يكون الطلاق( في بعض الحالات) أفضل بدلا من إلقاء اللوم على الأطفال قائلا : أنا أبقي علي الزواج بسبب الأطفال."
في الواقع، قد يختار بعض الأزواج الحفاظ على الواجهة متظاهرا بتجاهل المشاكل الحقيقية قائلا "إن الأنفصال سيدمر الطفل، وسيحول دون نموه السليم ".
ويحذر الباحثين : لا ينبغي أن يكون وجود الأطفال هو الحجة لبقاء الزوجان معا، كما توضح دراسات مختلفة : قد يكون الطفل بأي حال من الأحوال أكثر سعادة مع أحد الوالدين مع قليل من الصراعات أكثر من البقاء مع أبوين لايكفان عن التشاجر!
نظرة عامة على المشاكل الناجمة عن الانفصال وعواقب الطلاق قصيرة المدي :
الانفصال أو الطلاق في حد ذاته خطوة صعبة للغاية، ولكن حين يكون للزوجان أطفالا، فإن الأمر يكون أشد إيلاما. فقد يتسبب الطلاق في انخفاض الشعور بالأمن والحماية اللذان يتوفران في جو الأسرة بوجود الوالدين .
وتشير الدراسات إلى أن الطلاق يمكن أن يكون مدمرا بالنسبة للأطفال تماما كوفاة أحد الوالدين. ولكن كل هذا يتوقف على الطريقة التي يدار بها هذا الوضع. فالصبيان هم أكثر عرضة من البنات.
أصعب الفترات بالنسبة للأطفال هي فترات السنوات الأولى في حياة الطفل، من ثلاث إلى ست سنوات والمراهقة.
ومع ذلك، فإن فترة المراهقة، هي الأكثر إيلاما لأنه في هذه السن، يكون الشباب بحاجة ماسة إلى علاقات تتسم بالأستقرارعلاوة علي قدرتهم في إدراك الأمور.
ما لا يجب فعله هو التقليل من هذه الظواهر كأن يقال لهم أن (الأمر عادي) ولكن يجبالأعتراف بالاحتياجات العاطفية المتزايدة للأطفال في هذه الأوقات العصيبة. إن تلبية هذه الاحتياجات هي مهمة صعبة بالنسبة للآباء لأنهم هم أنفسهم في فترة أزمة حادة تتسم بالحزن، الشعور بالذنب والاضطراب.
في أعقاب الأنفصال تنجم لدي الأطفال ظواهر نفسية وسلوكية متفاوتة تكون بسبب عدم قبول الطفل لوضع لم يعتاد عليه حين يري أبويه لم يعودا سويا امامه كسابق عهدهما فتعتريه ظواهر نفسية سلوكية غير إرادية لتعبيره لاشعوريا عن رفضه أو حزنه حيال تلك الصدمة التي ربما لايتفهم أبعادها جيدا :
الأرتداد : كلما كان الأطفال أصغر سنا، كلما طالت فترة الحرمان، كلما زادت المخاطر.
ويتطلب انفصال الآباء من الطفل أن يتكيف فجأة علي الوضع الجديد وإعادة تعريف كاملة لعالمه وهو ما يؤدي إلى حدوث تباطؤ في نموه، وحدوث فترة تراجع أو نكوص.
ويميل الأطفال من 3 إلى 5 سنوات إلي محاولة انكار الانفصال عبر انتهاج سلوك مرتبط بمرحلة سابقة: "التبول" في الفراش، صعوبة اللغة، الكوابيس الكثيرة.
العدوانية : في أي سن، يعبر الأطفال عن الغضب في بعض الأحيان محاولين بذلك التوصل الى الطرف المذنب. هذا الغضب يمكن أن يفسر كنوع من إخراج لشعورا مكبوتا بالرفض والعجز.
الأطفال لا يختارون هذا الأنفصال: فهم يعانون من قرار آبائهم، وبالتالي فهم يشعرون بالعزلة. الغضب الذي يحدث بعد صدمة الإعلان عن الأنفصال وهو رد فعل طبيعي، و يمكن اعتبار بناءة.
الحزن: في كثير من الأحيان يعيش الأطفال والمراهقون وحدهم. هذا الشعور العميق بخيبة الأمل حيث يزعزع الصورة التي لديهم عن أنفسهم وعن علاقتهم بالآخرين.
الشعور بالذنب: يتساءل الأطفال عن سلوكهم وتصرفاتهم السابقة، ويشعرون بالمسؤولية عن المنازعات التي حدثت بين والديهم أو عن قرارهما بالأنفصال. دون فهم "لماذا"، فهم يستنتجون أنهم هم المسؤلون، وخصوصا في سن 8-9 سنوات.