والذي نستفيده من هذا الاكتشاف أنه أصبح لدينا حجة تثبت أن القرآن لا يحوي أساطير كما يدعي الملحدون، بل هو كتاب الحقائق. فعندما يخبرنا الله عن كلام للسماء في بداية الخلق في قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) [فصلت: 11].
فكلمة (قَالَتَا) هي كلمة صحيحة والسماء تتكلم بالفعل، وعندما يأتي العلماء في القرن الحادي والعشرين ليقولوا إن السماء قد تكلمت وأصدرت ذبذبات صوتية، فهذا يعني أن القرآن كتاب الحقائق وليس كتاب الأساطير.
ولكن هل يعني أن الصوت المكتشف هو ذاته ما قالته السماء والأرض؟ بالطبع هذا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ولكن المؤمن تكفيه الإشارة، ونقول إن النجوم تطلق ذبذبات صوتية والثقوب السوداء تصدر مثل هذه الأصوات وكذلك النجوم النابضة وحتى النبات والخلايا وغير ذلك، ونقول إن هذه الأصوات التي لا نفقهها هي تسبيح لله تعالى القائل: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [الإسراء: 44].
هذا ما نعتقده لأن الله هو الذي أخبرنا عن ذلك، ولكن قال لنا (لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) أي أننا يمكن أن نسمع هذه الأصوات ولكن لن نفقهها ولن نفهمها، ومن هنا نقول إن المؤمن يرى عظمة الله في كل شيء من حوله، بينما تجد الملحد يرى الحقائق وينكرها.
وخلاصة القول: إن الكون تمدّد بسرعة في بداية خلقه وكانت مادته الدخان، ومن قوانين هندسة الموائع نجد أن أي غاز يتمدد بسرعة يصدر ذبذبات صوتية ناتجة عن احتكاك ذراته، فهذا أمر يقيني، أما الربط العلمي بين هذا الصوت وبين قوله تعالى: (أَتَيْنَا طَائِعِينَ) فهذا اجتهاد قد يصيب وقد يخطئ، ولكنني كمؤمن أرى في الصوت الذي أصدرته السماء والأرض تسبيحاً وامتثالاً لأمر الله، والله أعلم.
السماء تتكلم !
الأرض تتكلم!
وإن من شيء إلا يسبح بحمده