- يواجه أخطاءه بكل شجاعة :
الواثق لا يهرب من أخطاءه بل يواجهها بكل شجاعة وإقدام ، فهو ابتداء يحرص كل الحرص على إذلال نفسه بأن يوردها المهالك ، ويضعها كل يوم مواضع الاعتذار وقد حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك ، فقال في بعض وصاياه : " وإياك مما يعتذر منه " رواه الحاكم والبيهقى . ، ولكن الإنسان بطبعه ناسٍ خطاء ، ولكن صاحب النفس القوية الشجاعة ، والهمة العالية لا يرى الاعتذار عن خطأه منقصة له ، ولا إقلالاً من شأنه ولا آخذا من مكانته .
ولقد علمنا القرآن الكريم الشجاعة في الاعتذار عن الخطأ ، ففي غزوة أحد حينما أصاب المسلمين ما أصابهم بسبب مخالفتهم أوامر النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن ذلك كله من عند الله ولكن الله تعالى قال لهم { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } سورة آل عمران آية : 165 . .
8- يصبر على المصائب ويتحمل الشدائد : وصف الله تعالى المؤمنين الصالحين في كتابه الكريم بأنهم يصبرون في البأساء والضراء وأنهم يواجهون المصائب بالصبر الجميل قال تعالى : { الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } سورة البقرة آيات : 156-157 فالعاقل المؤمن لابد أن يدرك جيداً أن الله تعالى خلقه لحكمه ومنها اختباره ، حتى يمحصه ويقوى إيمانه فما يصيبه من شئ فهو داخل في مجال الاختبار والابتلاء وعليه أن يصبر ويتجمل بالصبر ، وفى الحديث الذي رواه الشيخان " إنما الصبر عند الصدمة الأولى " .
فماذا يجدي العاقل إذا سخط وتبرم على قدره وإنها لحماقة كبرى تلك التي يقترفها من لا يتجملون بالصبر والإيمان حين تحل بهم الشدائد والنكبات ، وأية حماقة أكبر من أن يثور المنكوب ويفقد رشده فيحاول في جنون أن يضرب الأرض بقدميه ، وأن ينطح الجدران برأسه ، إن هذا المسكين لن يخفف ذلك من نكبته بل هو على عكس ذلك يضعف من قدرته على مواجهتها فيضاعفها من حيث لا يدرى.
9- يتواضع في غير ذل ، ويلين في غير ضعف : حرم الله تعالى الكبر والإعجاب ، فالعزة والكبرياء من صفاته تعالى وحده قال تعالى في حديثه القدسي " العزة إزاري والكبرياء ردائي فمن ينازعني في واحد منهما فقد عذبته رواه مسلم . ، وقد جعل الله تعالى الآخرة للمتواضعين ، قال تعالى : { تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } سورة القصص آية : 83 . .
وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - " المؤمنون هينون لينون كالجمل الآنف ( الذلول ) إن قدته إنقاد وإن أنخته أناخ "
وليس التواضع أن يذل الإنسان لغيره ، فالمؤمن عزيز النفس في كل شئ ، وكما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - " والذي نفس محمد بيده لن تموت نفس قبل أن تستكمل رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بغير طاعته فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته ".
فالتواضع الحقيقي هو اللين في غير ذل ولا ضعف وعدم التفاخر والتكبر على عباد الله ، فالمتكبر المغرور إنسان ناقص الإرادة فاقد الثقة بنفسه وبمن حوله .
قال الشاعر : تواضع تكن كالنجم لاح لناظر* * * على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تكن كالدخان يعلو بنفسه* * * فوق طبقات الجو وهو وضيع
قال رجاء بن حيوة : سمرت ليلة عند أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز فعشى السراج ، فقلت : يا أمير المؤمنين ألا أنبه هذا الغلام يصلحه ؟ قال : لا دعه ينام لا أحب أن أجمع عليه عملين ، فقلت : أفلا أقوم أنا فأصلحه ؟ قال : لا فليس من المروءة استخدام الضيف ، ثم قام بنفسه فأصلحه ووضع فيه الزيت ثم جاء وقال : قمت وأنا عمر ورجعت وأنا عمر .
10- واثق في مظهره وفى تصرفاته :
الثقة بالنفس يظهر أثرها على صاحبها في سلوكه ومظهره ، في شكله وفى مخبره ، بل وفى جميع تصرفاته .فتجده نظيف الثياب ، حسن الهيئة ، طيب الرائحة مصداقا لقول الله – عز وجل – { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } سورة البقرة آية : 222 .
ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله جميل يحب الجمال نظيف يحب النظافة." رواه مسلم ..
ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - المثل والقدوة في ذلك ، قال أنس في وصفه صلى الله عليه وسلم " ما شممت مسكا قط ولا عطرا أطيب من عرق النبي صلى الله عليه وسلم " الحكيم الترمذي : الشمائل المحمدية ، صـ182 . ، بل كان من خلقه أنه إذا خرج إلى أصحابه أن يصلح من شعره وهندامه ويتطيب لهم .
والواثق من نفسه تجده أيضاً تعلو البسمة وجهه ، فلا تراه إلا مبتسما متفائلاً . وفى الحديث " تبسمك في وجه أخيك صدقة " وفى الحديث المرفوع " اطلبوا الخير من حسان الوجوه " .
فالمعلوم أن تعبيرات الوجه تتكلم بصوت أعمق أثراً من صوت اللسان ، فكأني بالابتسامة تقول لك عن صاحبها : إني أحبك ، إني سعيد برؤيتك " .
والإنسان حينما يبتسم فإنه يستخدم ثلاث عشرة عضلة من عضلات وجهه ، في حين أنه يستخدم أربعا وسبعين عضلة عندما يعبس أو يتجهم .
والواثق من نفسه إذا قابل أحداً فإنه يبدأه بالسلام ويحيه بتحية أحسن من تحيته له ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - " ألق السلام على من عرفت ومن لم تعرف " ، وقال : " ألا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم أفشو السلام بينكم " وقال : " إذا لقى أحدكم أخاه فليسلم عليه ، فإن حالت بينهما شجرة أو حائط ثم لقيه فليسلم عليه " العجلونى : كشف الخفاء ، جـ1 ، صـ 104 . .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لقى رجلا يكون : " أول من يبدأ بالسلام والمصافحة وهو آخر من ينزع يده " رواه أبو داود ..
وقد حببنا في ذلك فقال فيما يرويه عنه حذيفة بن اليمان " إن المؤمن إذا لقى المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهم كما يتناثر ورق الشجر " الهيثمى : مجمع الزوائد جـ8 ، صـ36 .
ومن الثقة أن تنادى أخاك بأحب الأسماء والكنى إليه فهذا مما يغرس بينكما الثقة والألفة والمحبة ، قال حنظلة بن جذيم : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعجبه أن يدعو الرجل بأحب أسمائه إليه وأحب كناه " الهيثمى : مجمع الزوائد ، جـ8 ، صـ56 . .
والثقة بالنفس تظهر – كذلك – في الحديث ، فالواثق من نفسه يرتب كلامه قبل أن يخرجه من فيه ، ولا يتكلم إلا بالحق ، قالوا في وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - " كان دائم الفكرة ... طويل السكون لا يتكلم في غير حاجة ، يفتتح كلامه ويختمه باسم الله تعالى ، ويتكلم بجوامع الكلام ، كلامه فصل ، لا فضول ولا تقصير " الترمذي : الشمائل المحمدية ، صـ20 . ، وجاء في وصف كلامه كذلك منطقا ، حتى أن كلامه يأخذ بالقلوب ، ويسبى الأرواح " ابن القيم : زاد المعاد ، جـ1 ، صـ46 ..
فالإنسان مخبوء تحت لسانه فإذا تكلم ظهر.
جاء عمر بن الخطاب رجل يشهد لرجل فقال له : هل تعرفه ؟ قال : نعم قال : هلى صاحبته في السفر الذي تعرف به مكارم الأخلاق ؟ قال : لا , قال : هل عاملته بالدينار والدرهم الذي يعرف به ورع الرجل ؟ قال : لا ، قال هل أنت جاره الأدنى الذي يعرف مدخله ومخرجه ؟ قال لا : قال : لعلك رأيته قاعداً وقائما يصلى في المسجد ؟ قال : نعم ، قال : إذن فأنت لا تعرفه .
فانظر إلى هذا الرجل حينما تكلم ظهر من كلامه عدم الثقة فيما يقول ويدعى .
ومن الثقة أن يستمع المرء للناس كما يستمعون إليه ، حينما جاء عتبة بن الوليد يكلم الرسول في أمر الإسلام ويعرض عليه المال والملك والجاه والرسول - صلى الله عليه وسلم - ساكت حتى انتهى عتبة من كلامه فهذا تصرف الواثق الذكي .
تظهر الثقة – كذلك – في مشية الإنسان " فواثق الخطوة يمشى ملكاً " ، وقد وصف الله في قرآنه مشية عباد الرحمن فقال { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } سورة الفرقان آية : 63 . ، قال السلف في تفسير هذه الآية : المشى بسكينه ووقار من غير تكبر ولا تماوت وهى مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم " وفى وصف مشية الرسول صلى الله عليه وسلم أنه " كان أسرع الناس مشية وأحسنها وأسكنها " .
قال أبو هريرة " ما رأيت أحداً أسرع في مشيته من رسول الله ، كأنما الأرض تطوى له ، وإنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث " ابن القيم : زاد المعاد ، جـ1 ، صـ42.
كما أنه كان إذا مشى لا يلتفت وراءه . وهذا يدل على الشخصية المتكاملة .
من صفات الواثق – أيضاً – أنه ذكى لماح لبق في كل تصرفاته يحاول أن يروى للآخرين ما يلذ لهم ، ولا يفشى أسرارهم أو يتحدث عنهم بما يثيرهم ، ولا يسخر من أحد ويكتسب مهارة القول المناسب في الوقت المناسب ، ولا يكن ثرثاراً ، بل يستمع أكثر مما يتكلم .
قال أبو الدرداء : " لقد أعطانا الله أذنان ولسانا واحداً لنسمع أكثر مما تتكلم " . إن الكلام لفي الفؤاد وإنما * * * جعل اللسان على الفؤاد دليلا
اللهم جنبنا الزلل في القول والعمل .
_________________
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين اماما
نورالاسلام الطبى
اقوى قسم لتطوير المنتديات ونشرها بمحركات البحث
اقوى برنامج حقيقى لجلب الزوار
منتدى طبى اسلامى منوع حصريات رياضيه تطوير مواقع برامج كمبيوتر
[/center]