|
| أمثال النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
د-محمد سالم صاحب المنتدى
الجنس : عدد المساهمات : 13395 العمر : 50 الموقع : https://noraleslam.own0.com/ الجنسيه : مصرى علم بلدك : تاريخ التسجيل : 14/10/2008 نقاط : 18761 الاوسمة :
| موضوع: أمثال النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء الأحد مايو 24, 2009 7:02 am | |
|
خلق الله عباده حنفاء موحدين ، ومنذ أن أهبط آدم عليه السلام إلى الأرض كان معه التوحيد والإيمان , واستمر التوحيد في ذريته عدة قرون حتى اجتالتهم الشياطين , وفسدت الفطر , وظهر الشرك في الناس , فاقتضت رحمة الله عز وجل بعباده إرسال الرسل إليهم لهدايتهم , وردهم إلى التوحيد والإيمان , وتخليصهم من الشرك وآثاره , قال سبحانه :{كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم } (البقرة 213) .
ففي هذه الآية يبين الله عز وجل أن الناس كانوا أمة واحدة أي على طريقة واحدة من الهدى والتوحيد , حتى وقع الانحراف , وطرأ الشرك على الناس , فاستلزم ذلك إرسال الرسل إليهم لردهم إلى الجادة وإلى أصل الفطرة التي فطروا عليها , فكان أول نداء يوجهه كل نبي إلى قومه" يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره" . ولما كانت الغاية التي بعث بها جميع الأنبياء ودعوا إليها واحدة , ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً لذلك في الحديث الذي في البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال عليه الصلاة والسلام : ( أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة , والأنبياء إخوةٌ لعلاّت , أمهاتهم شتى ودينهم واحد ) فهذا الحديث يوضح أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كالإخوة لأب , أمهاتهم مختلفة وأبوهم واحد , فقدمثل النبي صلى الله عليه وسلم اتفاقهم في التوحيد والإسلام وأصول الإيمان باشتراك الإخوة لأب في أب واحد , ومثل اختلافهم في فروع الشرائع باختلاف هؤلاء الإخوة في أمهاتهم , إذا فدين الأنبياء عليهم السلام واحد, ودعوتهم واحدة , وهي الإسلام بمعناه العام , الذي يعني الاستسلام لله عز وجل وتوحيده وإفراده بالعبادة دون ما سواه , قال تعالى :[size=12][size=12]{إن الدين عند الله الإسلام } [/size][/size](آل عمران: من الآية19) . كما أن هناك أموراً أخرى اتفقت عليها جميع الأديان والرسالات ودعت إليها , وهي الأخلاق والقيم التي فطر الله الناس عليها , فقد تضمنتها دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام , ولا يمكن أن يعتريها تبديل أو تغيير أو نسخ , مثلها مثل التوحيد وأصول الإيمان , ومن أمثلة تلك الأخلاق والقيم , بر الوالدين , وإقامة القسط بين الناس , وتحريم الفواحش والظلم وقتل النفس بغير حق, وغير ذلك من محاسن الأخلاق ,وماعدا ذلك فقد جعل الله لكل رسول شريعة خاصة به لقومه , قال سبحانه:{لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا }(المائدة: من الآية48) ، حتى ختم الله جميع الرسالات والشرائع بما أنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم , من الرسالة الخالدة , والشريعة الكاملة الشاملة , التي كتب الله لها البقاء والخلود والقيام بمصالح العباد في كل زمان ومكان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم الأمثال على كمال هذه الرسالة , وكيف أن الله ختم بها جميع الرسالات , روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة ؟ قال : فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين ) . ففي هذا الحديث مثل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الموكب الكريم موكب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وتعاقب إرسالهم إلى الناس بالبيت الذي أسست قواعده ، ورفع بنيانه , وقد اعتنى صاحبه عناية شديدة بعمارته وتزيينه حتى بلغ الغاية في الحسن والجمال , ولم يبق له إلا موضع حجر في زاوية به يتم هذا البناء ويكتمل حسنه وجماله , فشبه النبي صلى الله عليه وسلم نفسه وما بعث به من الرسالة الخاتمة , بهذا الحجر الذي اكتمل به هذا البنيان , فبمبعثه عليه الصلاة والسلام ختمت الرسالات , وتمت الشرائع , وقامت الحجة على العباد ,وجمع الله عز وجل في هذه الشريعة ما تفرق في الشرائع السابقة من الخير والهدى , فجاءت بجميع مصالح العباد الدنيوية والأخروية , منظمة لنواحي حياتهم المختلفة , مغنية لهم عما سواها في جميع شؤونهم , ولو طال بهم الأمد , واختلفت الأحوال والظروف , حضارة وثقافة , وقوة وضعفاً . _________________ ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين اماما نورالاسلام الطبى اقوى قسم لتطوير المنتديات ونشرها بمحركات البحث اقوى برنامج حقيقى لجلب الزوار منتدى طبى اسلامى منوع حصريات رياضيه تطوير مواقع برامج كمبيوتر [/center] | |
| | | د-محمد سالم صاحب المنتدى
الجنس : عدد المساهمات : 13395 العمر : 50 الموقع : https://noraleslam.own0.com/ الجنسيه : مصرى علم بلدك : تاريخ التسجيل : 14/10/2008 نقاط : 18761 الاوسمة :
| موضوع: رد: أمثال النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء الأحد مايو 24, 2009 7:03 am | |
| النفس البشرية تتطلع دائما إلى ما يحقق لها السعادة والنجاح , ويكفل لها الفوز والفلاح, ويعود عليها بالنفع والمصلحة , وهي تخشى وتضيق من كل ما يجلب لها الشقاء , ويعود عليها بالضرر والهم والحزن , ومن هنا كان الترغيب في بعض الأعمال وذكر فضائلها , والترهيب من أعمال أخرى وذكر مساوئها , له أثره البالغ في حث النفوس على الخير والفضيلة , وإبعادها عن الشر والرذيلة ، ففي الترغيب تشويق للعمل , وحث على البذل , وحفز للهمة , وشحذ للعزيمة, وفي الترهيب تخويف وردع , وتحذير من طول الأمل , ودفع إلى تطهير النفس من الأرجاس ، من أجل ذلك ضرب النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من الأمثال في أبواب فضائل الأعمال تحقيقا لهذا الغرض ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ثلاثة نماذج :
الأول في بيان حثه عليه الصلاة والسلام على الصدقة والإنفاق في سبيل الله, و تحذيره من البخل والإمساك، وذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جُبَّتان من حديد من ثُدَيِّهما إلى تراقيهما , فأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت أو ـ وفرت ـ على جلده حتى تخفىَ بنانه وتعفوَ أثره , وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزِقت كل حلقة مكانها , فهو يوسِّعها ولا تتسع ) رواه البخاري .
ففي هذا الحديث ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً للبخيل والمتصدق حيث شبههما برجلين أراد كل واحد منهما أن يلبس درعا ليستتر به من سلاح عدوه , وهما الجُبَّتان أو الجُنَّتان كما في بعض الروايات , فأدخل كل واحد من الرجلين درعه من جهة رأسه , وعالجها لتنزل على جسمه , والعادة في الدروع أنها تلبس في الصدر , لتغطي المساحة بين ثدي الإنسان وترقوته , من أجل كمال الوقاية والتحصن , فأما المنفق فهو كمن لبس درعا واسعة ساترة لجميع بدنه ,فهي من الوسع بحيث يستطيع معها صاحبها أن يمد يده ويتحرك بكل سهولة ويسر , وهي أيضاً من الطول والستر والحصانة بحيث تغطي جميع جلده وأطراف أصابعه وتخفي كل آثاره , وأما البخيل فهو كمن لبس درعاً ضيقة جداً قد استحكمت عليه حلقاتها , فلم تدع له مجالاً لكي يمد يده ويحركها بحريه ,ولايستطيع مع ذلك أن يوسعها أويتحكم فيها , ومقصود المثل أن الجواد والمنفق إذا همّ بالصدقة انفسح لها صدره , وطابت بها نفسه , فتوسعت في الإنفاق والبذل , بخلاف البخيل الذي كلما همّ بالصدقة شحت نفسه , فضاق صدره , وانقبضت يداه , والحديث يشير أيضاً إلى أن الإنسان إذا عود نفسه البذل والعطاء صار ذلك سجية له وعادة , وكذلك إذا عودها الشح والإمساك اعتاد ذلك فلا يستطيع بعدها التخلص منه ,ولذلك قيد عليه الصلاة والسلام هذا الدرع بكونه من حديد , إشارة إلى أن القبض والإمساك من جِبِلّة الإنسان وفطرته مما يحتاج معه إلى مدافعة ومغالبة .
وأما النموذج الثاني فهو ترغيبه عليه الصلاة السلام في الصلوات الخمس , وحثه على المحافظة عليها , فقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا لذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( أ رأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقي من درنه شيء قالوا : لايبقى من درنه شيء قال : فذلك مَثَل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا ) متفق عليه . ففي هذا الحديث شبه النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس في تطهيرها للمسلم من الذنوب بالنهر الجاري في تنظيفه للبدن من الأوساخ , وبدأ المثل بهذا الاستفهام الذي يدل على التأكيد والتقرير , فكما أنه لا يمكن أن يتصور وجود شيء من الأقذار والأوساخ في بدن الإنسان وصاحبه يغتسل كل يوم خمس مرات , فكذلك لا يتصور أن يبقى شيء من ذنوب العبد وخطاياه وهو يتطهر منها كل يوم خمس مرات بهذه الصلوات المفروضات , ولذلك كان جواب الصحابة رضي الله عنهم يحمل معنى التأكيد، فلم يكتف الصحابة بقولهم لا بل أعادوا اللفظ للتأكيد والمبالغة في نفي الدرن ، وفي الحديث أيضا تمثيل للذنوب والمعاصي بأنها أقذار وأوساخ يتدنس الإنسان بفعلها , ولذلك فهو يحتاج إلى أن يتطهر منها على الدوام .
والنموذج الثالث ترغيبه عليه الصلاة والسلام في الذكر , وبيان فضل الذاكر على غيره ، وذلك في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وفيه قال صلى الله عليه وسلم : ( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت ) رواه البخاري . فذكر الله تعالى حياة القلب , وغذاء الروح , وهو يصل العبد بربه , ويوثق الرابطة بينه وبين خالقه ، وهذه هي الحياة الحقيقية حياة القلوب والأرواح , لا حياة الأجساد والأشباح ، والذي لا يذكر الله هو في الحقيقة ميت وإن عاش بين الأحياء , كما قال الشاعر : فنسيان ذكر الله موت قلوبهم وأجسامهم قبل القبور قبور وأرواحهم في وحشة من جسومهم وليس لهم حتى النشور نشور .
هذه بعض النماذج التي حث النبي صلى الله عليه وسلم فيها على أعمال معينة عن طريق ضرب الأمثال وغيرها كثير مما لم يذكر .
_________________ ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين اماما نورالاسلام الطبى اقوى قسم لتطوير المنتديات ونشرها بمحركات البحث اقوى برنامج حقيقى لجلب الزوار منتدى طبى اسلامى منوع حصريات رياضيه تطوير مواقع برامج كمبيوتر [/center] | |
| | | د-محمد سالم صاحب المنتدى
الجنس : عدد المساهمات : 13395 العمر : 50 الموقع : https://noraleslam.own0.com/ الجنسيه : مصرى علم بلدك : تاريخ التسجيل : 14/10/2008 نقاط : 18761 الاوسمة :
| موضوع: رد: أمثال النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء الأحد مايو 24, 2009 7:04 am | |
|
قضية الإيمان بالله جل وعلا , هي القضية الأساس , التي من أجلها أرسل الله الرسل, وأنزل الكتب , وخلق الخلق , ولذلك عني النبي صلى الله عليه وسلم ببيان حقيقة هذا الإيمان , و نواقضه ,وثماره وآثاره على الإنسان في الدنيا والآخرة ,وضَرَبَ الأمثال التي تبين حال المؤمن والكافر في أحاديث كثيرة , من هذه الأحاديث الحديث الذي رواه الإمام مسلم في "صحيحه" عن كَعْب بن مالك رضي الله عنه قَال :َ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم :( مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح تصرعها مرة وتعدلها أخرى حتى تهيج ، ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذية على أصلها لا يفيئها شيء حتى يكون انجعافها مرة واحدة ) ففي هذا الحديث مثَّل النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن والكافر في تعرضهم لأنواع البلاء في هذه الحياة , فشبه المؤمن بالنبتة الرطبة اللينة التي تؤثر فيها الريح ,فتحركها يمنة ويسرة , وتخفضها تارة وترفعها أخرى , وتظل على هذه الحال حتى تيبس وتنتهي,وهي الخامة من الزرع , ومثّل الكافر أو المنافق ـ كما في بعض الروايات ـ بالشجرة العظيمة التي لا تحركها الريح ولا تزحزحها ولا تؤثر فيها ما دامت ثابتة منتصبة ,حتى إذا أذن الله بانتهائها وفنائها أرسل عليها ريحا عاصفة قوية ,فتقلعها من الأرض دفعة واحدة , وهي شجرة الصنوبر التي تتميز بعظمها وقوتها وتحملها للظروف المناخية السيئة , كما ذكر ذلك شُرَّاح الحديث .
ومعنى الحديث أن المؤمن معرض دائما لأنواع البلاء في هذه الدنيا ,في بدنه وأهله وماله , كما قال الله تعالى :[size=12][size=12]{ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين }[/size][/size](البقرة:155) . والله عز وجل قدر البلاء على المؤمن ليكفر عنه سيئاته ويرفع درجاته , فإنه لا يصيب المؤمن هم ولا حزن ولانصب ولا وصب , إلا كفر الله بها من خطاياه ,حتى الشوكة يشاكها , وإن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل , فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه تلك المنزلة , كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم, وأما الكافر فلا يصيبه شيء من البلاء , وإن أصابه لم يُكَفَّر عنه بسبب ذلك,حتى يموت على حاله , فيلقى الله بذنوبه كلها كاملة موفورة ,من غير أن ينقص منها شئ .
وفي تمثيل النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمن بالزرع وللكافر بالشجرة عدة لطائف منها: أن الزرع ضعيف مستضعف , والشجر قوي مستكبر متعاظم , وكذلك حال المؤمن وحال الكافر , وأهل الجنة وأهل النار , كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة .
ومنها أن المؤمن يمشي مع البلاء حيثما مشى به , فيلين له , ويقلِّبه يمنة ويسرة , وكلما أداره استدار معه , فلا يضره ذلك البلاء , كما أن الريح العاصفة القوية يسلم منها الزرع , لأنه يلين لها , ولا ينتصب لمواجهتها, وفيه إشارة إلى تسليم المؤمن ورضاه بأقدار الله التي تجري عليه , وأما الكافر فلكفره وتعاظمه , يتقاوى على هذه الأقدار , ويستعصي عليها , كشجر الصنوبر الذي يستعصي على الرياح , ولا يستسلم لها , حتى إذا أراد الله أن يهلكه , سلط عليه ريحا قوية جدا لا يستطيع مقاومتها , فتقلعه من أصله مرة واحدة .
ومنها أن الزرع ينتفع به الناس بعد حصاده, فإنه يحصده أصحابه ثم يبقى منه بعد حصاده ما يلتقطه المساكين , وترعاه البهائم , وهكذا المؤمن يموت ويخلف ما ينتفع به , من علم نافع , أو صدقة جارية , أو ولد صالح ينتفع به ويدعو له , أما الكافر فإذا اقتلع من الأرض لم يبق فيه نفع ,بل ربما خلف ما يضر , فهو كالشجرة المنجعفة المقلوعة من الأرض لا تصلح إلا لوقيد النار .
ومن لطائف التمثيل أيضا أن الزرع مبارك في حبه وما يخرج منه , كما ضرب الله مثلا للحبة التي أنبتت سبع سنابل , في كل سنبلة مائة حبة , خلافا للشجر , فإن كل حبة غرست منه لا تزيد على إنبات شجرة واحدة .
وكما أن هذا الحب الذي يخرج من الزرع , هو مؤونة الآدميين , وغذاء أبدانهم , وسبب حياتهم, فكذلك الإيمان, هو قوت القلوب ,وغذاء الأرواح , وسبب حياتها , ومتى ما فقدته القلوب ماتت , وموت القلوب لا يرجى معه حياة أبدا , بل هو هلاك الدنيا والآخرة .
ومن اللطائف التي أفادها التمثيل في هذا الحديث أن الزرع وإن كان ضعيفا في نفسه إلا أنه يتقوى بما حوله ويعتضد به , بخلاف الشجر العظام فإن بعضها لا يشد بعضا , وكذلك حال المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ,كالبنيان وكالجسد الواحد , إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر , ولذلك ضرب الله تعالى مثل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالزرع لهذا المعنى فقال سبحانه :{ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه }(الفتح: الآية29) فشبهت الآية النبي صلى الله عليه وسلم وبعثته بالزرع لكثرة عطائه وخيره ، وشبهت أصحابه بشطأ الزرع الذي يتقوى الزرع به ويستغلظ ،حتى يعتدل ويستقيم .
فهذا الحديث العظيم فيه تسلية للمؤمن عما يصيبه من محن وابتلاءات في هذه الحياة , فينبغي على العبد أن يستسلم لقضاء الله وقدره , وأن يعلم أن كل ما يصيبه في الدنيا ففيه الخير له , فإن أصابته سراء فشكر كان خيرا له وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له . _________________ ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين اماما نورالاسلام الطبى اقوى قسم لتطوير المنتديات ونشرها بمحركات البحث اقوى برنامج حقيقى لجلب الزوار منتدى طبى اسلامى منوع حصريات رياضيه تطوير مواقع برامج كمبيوتر [/center] | |
| | | د-محمد سالم صاحب المنتدى
الجنس : عدد المساهمات : 13395 العمر : 50 الموقع : https://noraleslam.own0.com/ الجنسيه : مصرى علم بلدك : تاريخ التسجيل : 14/10/2008 نقاط : 18761 الاوسمة :
| موضوع: رد: أمثال النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء الأحد مايو 24, 2009 7:05 am | |
|
الأمل هو حادي العمل ، ولا ينشط المرء للعمل إلا ولديه طموحات وأهداف يسعى إلى تحقيقها ، وهذا مما يميز الإنسان عن سائر الحيوان , وإذا فقد الإنسان الأمل بالكلية لم يستطع العيش , ولهذا قال الشاعر : أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
ولا يتصور أبدا أن يوجد إنسان سوي يعيش في هذه الحياة بدون أمل يتطلع إليه , ويسعى لتحقيقه , إن هذا ينافي فطرة الإنسان ونفسيته ,وطبيعة دوره على هذه الأرض, ولذلك قال صلى الله عليه وسلم كما في سنن أبي داود ( أصدق الأسماء حارث وهمام) لأن هذا الوصف هو الموافق لطبيعة الإنسان ,فكل إنسان لا يخلو من كسب وهم ,وأمان وآمال ,وهذه الأماني والآمال ,لا تنتهي ما دام المرء على قيد الحياة , لكن إذا استرسل العبد في آماله ,واستسلم لأحلامه , نسي الآخرة , وأحب البقاء والخلود في الدنيا , وكره كل ما من شأنه أن يحول بينه وبين تحقيق تلك الآمال ,و من أجل ذلك جاءت النصوص الشرعية ,وكلام السلف وعلماء السلوك ,محذرة من طول الأمل ونسيان الأجل, والركون إلى الدنيا ,قال الله عز وجل مخاطبا نبيه عليه الصلاة والسلام في شأن الكافرين : {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون }(الحجر:3) ، أي دعهم يشتغلوا بدنياهم ,ويتوقعوا طول الأعمار ,وتلهيهم الآمال والأماني ,عن الاستعداد للقاء الله ,والعمل لما بعد الموت ,فسوف يعلمون سوء صنيعهم إذا باغتهم الأجل ,وعاينوا الجزاء على أعمالهم ,وقد ضرب نبينا صلى الله عليه وسلم الأمثال لقضية الأمل والأجل في أحاديث كثيرة , منها ما جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: خط النبي - صلى الله عليه وسلم - خطا مربعا وخط خطا في الوسط خارجا منه وخط خططا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط وقال : ( هذا الإنسان وهذا أجله محيط به أو قد أحاط به ، وهذا الذي هو خارج أمله ، وهذه الخطط الصغار الأعراض فإن أخطأه هذا نهشه هذا ، وإن أخطأه هذا نهشه هذا ) رواه البخاري .
فقد أراد عليه الصلاة والسلام من خلال هذا المثل , أن يبين حقيقة هامة يغفل الناس عنها, ألا وهي أن آمال الإنسان لا تنتهي ولا تقف عند حد ,وأن أجله أقرب إليه من أمله, واستخدم صلى الله عليه وسلم الرسم التوضيحي لإيصال هذا المعنى ,وهو من الوسائل التعليمية المهمة ,ومن المسلمات لدى التربويين , أنه كلما زاد عدد الحواس التي تشترك في الموقف التعليمي، زادت فرص الإدراك والفهم، كما أن المتعلم يحتفظ بأثر التعليم فترة أطول , فرسم صلى الله عليه وسلم مربعا في الأرض ,يمثل أجل الإنسان الذي يحيط به من كل جانب ,ولا يستطيع أن يخرج عنه أو يتجاوزه , أو يقدم فيه أو يؤخر , ثم رسم في وسط هذا المربع خطا طويلا قد خرج خارج المربع وابتعد عنه ,وهذا الخط يمثل آمال الإنسان العريضة البعيدة , التي تُغفِل الأجل , ولا تحسب له أي حساب , فهو يؤمل ويؤمل , وأجله أقرب إليه من كل تلك الآمال كما قال الأول : نؤمل آمالا ونرجو نتاجها وعل الردى مما نرجيه أقرب
ثم رسم خطوطا صغارا على جانبي هذا الخط الذي في وسط المربع , وهذه الخطوط تمثل الآفات والعاهات التي يتعرض لها الإنسان حال حياته ,فإن سلم من واحدة لم يسلم من الأخرى , وإن سلم من الجميع ولم تصبه آفة , باغته الأجل فجأة , وعبّر صلى الله عليه وسلم عن طروء هذه الآفات بالنهش , وهو لدغ ذ وات السم , للمبالغة في الإصابة بهذه الآفات , وتألم الإنسان بها , وهكذا الأعراض في الدنيا , إن تجاوز هذا العرَض ,لدغه العرَض الآخر , والمقصود من الحديث ,التعجب من حال الإنسان , وكيف أن الأجل لا يفوته ,بل هو محيط به من جميع جوانبه , وهو معرض قبل ذلك للآفات والأخطار التي تهدد حياته ,وتكدر عيشه , ومع ذلك يؤمل أملا قد جاوز أجله .
ومن خلال هذا التمثيل في الحديث يتضح لنا أنه ينبغي على المسلم أن يكون قصير الأمل, مستعدا لحلول الأجل , وأن يكثر من ذكر الموت على الدوام , فإن ذلك هو الذي يدفع الإنسان إلى الاجتهاد في العمل الصالح , وانتهاز فرصة الحياة , قبل أن تطوى صحائف الأعمال . وإذا علم ذلك دفعه إلى الاجتهاد في العمل وانتهاز الفرص قبل أن تطوى صحائف الأعمال . _________________ ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين اماما نورالاسلام الطبى اقوى قسم لتطوير المنتديات ونشرها بمحركات البحث اقوى برنامج حقيقى لجلب الزوار منتدى طبى اسلامى منوع حصريات رياضيه تطوير مواقع برامج كمبيوتر [/center] | |
| | | د-محمد سالم صاحب المنتدى
الجنس : عدد المساهمات : 13395 العمر : 50 الموقع : https://noraleslam.own0.com/ الجنسيه : مصرى علم بلدك : تاريخ التسجيل : 14/10/2008 نقاط : 18761 الاوسمة :
| موضوع: رد: أمثال النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء الأحد مايو 24, 2009 7:06 am | |
|
ركّب الله عز وجل في الإنسان مجموعة من الغرائز , التي يهواها ويميل إليها بفطرته , وذلك لضرورة بقائه على هذه الأرض وعمارتها ،كميله إلى الطعام والشراب والنكاح , وحبه للمال والتملك , وغير ذلك مما هو مركوز في الفطر , فقال سبحانه :{زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب } (آل عمران 14) ، وليتحقق أيضاً معنى الابتلاء والامتحان , الذي من أجله أوجد الله الإنسان في هذه الحياة قال تعالى :{إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً } (الانسان 2) , وهذا الميل الذي ركب في الإنسان هو الذي يطلق عليه الهوى , وهو ميل النفس إلى ما تحبه وتهواه من الخير أو الشر ، فالهوى في الأصل ليس مذموماً بإطلاق , وإنما المذموم منه ما تجاوز الحد المشروع ، فإن مالت النفس إلى ما يخالف الشرع فهو الهوى المذموم , وإن مالت إلى ما يوافق الشرع فهو الممدوح .
ولما كان الغالب على متبع الهوى, أنه لا يقف عند الحد الشرعي الجائز , أطلق ذم اتباع الأهواء والشهوات في النصوص الشرعية ، وصار علامة على كل ما خالف الحق ، وللنفس فيه حظ ورغبة من الأقوال والأفعال والمقاصد ، ولذا قال ابن عباس رضي الله عنهما : " ما ذكر الهوى في موضع من كتاب الله إلا ذمه " .
واتباع الهوى المذموم قد يكون في أمور الدين والمعتقد وهي الشبهات, وقد يكون في أمور المنهيات والمحرمات وهي الشهوات, فهوى الشبهة يوصل صاحبه إلى البدعة والإحداث في الدين, وهوى الشهوة يوصل صاحبه إلى المعصية والخطيئة .
وقد تظافرت النصوص الشرعية والآثار عن السلف على ذم الأهواء , والتحذير من اتباعها , وضرب النبي - صلى الله عليه وسلم – في عدد من الأحاديث الأمثال , التي تبين خطورة اتباع الهوى , وعاقبة ذلك .
ومن هذه الأحاديث ما رواه الإمام مسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : ( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء ، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء ، حتى تصير على قلبين ، على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود مرباداً ، كالكوز مجخياً لا يعرف معروفا ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه ) .
فقد مثل النبي - صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث الأهواء ومواقف القلوب منها, وهو يشمل أهواء الشبهات والشهوات , فشبه تتابع الفتن وتكررها على القلوب بأعواد الحصير التي ينسجها الناسج , وكلما صنع عوداً أخذ آخر ونسجه, وكذلك تعرض الفتن على القلوب واحدة بعد الأخرى , فمن القلوب من تتأثر بهذه الفتن والأهواء وتتشربها , وكلما قبل القلب فتنة نقط فيه نقطة سوداء , ولا يزال كذلك يقبل هذه الفتن فتنة بعد أخرى , ويزداد سواده يوما بعد يوم حتى يسود بالكلية , فإذا وصل إلى هذه المرحلة صار كالكوز الذي يستعمل في شرب الماء إذا قلب ونكس خرج منه جميع الماء , ولم يثبت فيه فيه شيء , وهي إشارة إلى أن الإنسان لا يزال يستمرئ ارتكاب المعاصي واتباع الأهواء حتى ينتكس قلبه والعياذ بالله , فلا يعلق به خير , ولا ينفع فيه نصح , ولا ترجى له توبة , ويصبح صاحب هذا القلب أسيراً للهوى ، هو الذي يقعده ويقيمه ، ويحركه ويسكنه ، فإن تكلم فبهوى , وإذا صمت فلهوى , وإذا فعل فلهوى , وإذا ترك فلهوى , قد أصمه الهوى وأعماه ,فلا يعرف معروفاً , ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه .
ومن القلوب من لا تتأثر بهذه الفتن والأهواء ,فتنكرها ولا تقبلها , وكلما أنكر القلب فتنة منها نقط فيه نقطة بيضاء , ولا يزال كذلك يرفض هذه الفتن , ويزداد بياضه يوما بعد يوم حتى يبيض بالكلية , فإذا وصل إلى هذه الدرجة صار كالحجر الأملس الذي لا يعلق به شيء , فلا تؤثر فيه الفتن حينئذ , ولا تضره ما دامت السماوات والأرض .
كما بين الحديث أن الهوى لا بد من مجاهدته ومدافعته في أول الأمر , قبل أن يقوى الداعي إليه في نفس العبد , فيعسر عليه أن يقاومه بعد ذلك , فصاحب القلب الأول ربما كان من الأسهل له أن يدفع الفتن في بداية أمرها , أما بعد أن يسود القلب , ويستحكم الهوى , فلن يقاوم أي فتنة تعرض عليه إلا أن يشاء الله ، وفي المقابل فإن صاحب القلب الثاني الذي جاهد الفتن ودافعها في أول أمرها ، ووجد في ذلك مشقة وعناء ، قد جنى ثمرة هذه المشقة والمجاهدة في النهاية حيث قوي قلبه وازداد نوره , وأصبح عنده مناعة ضد الفتن ولم يعد يجد من العناء والمكابدة ما كان يجده في أول أمره .
ومن الأحاديث التي ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم- فيها المثل لاتباع أهواء الشبهات ما جاء عن معاوية رضي الله عنه أنه قال : قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال : ( ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة ، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة ، وإنه سيخرج من أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله ) رواه أبو داود .
فقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث افتراق الأمم الكتابية قبلنا إلى فرق كثيرة , على الرغم من إرسال الرسل إليهم , وإنزال الكتب عليهم , ومع ذلك حصل بينهم الافتراق والتنازع ، ثم بين أن هذه الأمة ستقع فيما وقع فيه أهل الكتاب من قبل , وستفترق فيما بينها الافتراق المذموم في المعتقد وأصول الدين , مشيراً إلى أن السبب في الحالتين واحد , وهو اتباع الأهواء , وعدم الاستسلام التام للنصوص الشرعية , والاحتكام للعقول القاصرة والآراء الفاسدة .
وأنه لن ينجو من هذه الفرق كلها , إلا فرقة واحدة , تمسكت بما كان عليه صلى الله عليه وسلم وأصحابه , قولا وعملاً واعتقاداً .
ثم شبه - صلى الله عليه وسلم - خطر أهواء الشبهات بداء الكَلَب , وهو داء يصيب الإنسان إذا عضه الكلب , فيصبح كالمجنون , وتظهر عليه مجموعة من الأعراض الخطيرة , ويمتنع المصاب بهذا الداء من شرب الماء حتى يموت عطشا ، ومناسبة التمثيل والتشبيه أن صاحب البدعة والهوى يصعب عليه أن يتخلص منهما إلا أن يشاء الله , فإن البدعة تخالط قلبه كما يخالط داء الكَلَب صاحبه ,حتى لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله , كما أنه يؤثر في غيره بما يلقيه من الشبه والشكوك , كما يؤثر المصاب بهذا الداء على غيره إذا عضه ، ولذلك عبر - صلى الله عليه وسلم – بقوله : ( تتجارى بهم تلك الأهواء ) , أي أنها تنتشر بينهم بسرعة كانتشار النار في الهشيم , فيتلقفونها , ويتأثرون بها , وهي سمة مشتركة بين أهل البدع والأهواء , نسأل الله العافية .
ومن الأحاديث التي ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم- فيها مثلاً لاتباع أهواء الشهوات , ما رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه , أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول : ( إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها فأنا آخذ بحجزكم عن النار وهم يقتحمون فيها ) .
وفيه يبين صلى الله عليه وسلم خطر اتباع الشهوات, والانسياق وراء اللذات المحرمة ممثلاً حاله في ذلك مع أمته برجل أوقد ناراً للإضاءة وطلب الدفء , فلما أضاءت ما حوله تهافت الفراش والحشرات على مصدر هذا الضوء , لجهلها وعدم تقديرها لمصالحها , وهي لا تعلم أن فيه حتفها وهلاكها , فجعل الرجل يذودها ويذبها عن النار لئلا تحرقها ، ومع ذلك تأبى إلا أن تتقحم هذه النار .
واستخدم - صلى الله عليه وسلم- لفظ الاقتحام , الذي يعبر به عن إلقاء النفس في الهلاك من غير بصر وروية ، والمقصود من المثل تشبيه أصحاب المعاصي والشهوات , الذين يندفعون وراء أهوائهم - من غير تفكير في العاقبة أو نظر في المآلات - بهذه الحشرات التي بهرها ضوء النار , فسعت إلى ما فيه هلاكها .
وتشبيه حاله -صلى الله عليه وسم- مع أمته وما بعث به من الهداية والنور ، بالممسك بحُجَزِهِم - وهي معاقد الإزار من وسط الإنسان- لئلا يقعوا في نار جهنم المحفوفة بالشهوات، ومع ذلك يأبى كثير منهم إلا أن يغلبوا أهواءهم ، ويسعوا وراء شهواتهم ، فيتفلتون من يده , ويتقحمون هذه النار.
إن هذه الأحاديث والأمثال تبين لنا خطورة اتباع أهواء الشهوات والشبهات وعاقبة ذلك ، وهي تحث المسلم على أن يجاهد هواه ، وأن يكون متيقظا لنفسه حتى لا تقوده إلى مواطن الهلاك , فإن الفتن متلاطمة , والنفوس ضعيفة , وهي كثيرا ما تنساق وراء الأهواء من حيث تشعر أو لا تشعر {فأما من طغى * وآثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هي المأوى * وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى } (النازعـات37-41) .
_________________ ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين اماما نورالاسلام الطبى اقوى قسم لتطوير المنتديات ونشرها بمحركات البحث اقوى برنامج حقيقى لجلب الزوار منتدى طبى اسلامى منوع حصريات رياضيه تطوير مواقع برامج كمبيوتر [/center] | |
| | | | أمثال النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |