الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
****************
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتكت النار إلى ربها فقالت رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فأشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير *
رواه البخاري. قال ابن عبدالبر رحمه الله هذه الشكوى بلسان المقال. وقال القاضي عياض رحمه الله: إنه الأظهر. وقال القرطبي رحمه الله: لا إحالة في حمل اللفظ على حقيقته. قال: وإذا أخبر الصادق بأمر جائز لم يحتج إلى تأويله فحمله على حقيقته أولى. وقال النووي رحمه الله نحو ذلك ثم قال: حمله على حقيقته هو الصواب. وتنفسها على الحقيقة.
والمراد بالزمهرير شدة البرد , ولا إشكال من وجوده في النار ففيها طبقة زمهريرية نسأل الله العافية.
فهذه النار عندما اشتكت إلى خالقها، والشكوى كانت من أنه قد أكل بعضها بعضاً، فكيف بالذي في داخلها؟ وكيف بمن يعذب فيها؟ وكيف بمن حكم الله عليه بالخلود فيها؟ فشفقةً من الله بهذه النار التي خلقها لإحراق الكفار والمنافقين والعصاة ومن يستحق دخولها، أذن لها بنفسين، نفس في كل موسم فأشد ما نجد أيها الأحبة من الحر ما هو إلاّ نفس من أنفاس جهنم، وأشد ما نجد من البرد أيضاً ما هو إلاّ نفس من أنفاس جهنم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اشتكت النار إلى ربها وقالت: أكل بعضي بعضا، فجعل لها نفسين: نفسا فى الشتاء، ونفسا فى الصيف، فأما نفسها فى الشتاء فزمهرير، وأما نفسها فى الصيف فسَمُوم)).
لبس الشتاء من الجليـد جلودا فالبس فقد بَرَد الزمان بُرودا
كم مؤمن قرصته أظفار الشتا فغدا لسكان الجحيـم حسودا
وترى طيور الماء في وكناتهـا تختـار حر النار والسّـفّودا
وإذا رميت بفضل كأسك في الهوا عادت عليك من العقيق عقودا
يا صاحب العودين لا تهملهمـا حـرك لنا عوداً وحرّق عودا
وهذا سؤال وجه لفضيلة الشيخ ابن عثيمين حفظه الله: هناك من ينسب شدة البرد أو الحر للعوامل المناخية أو لطبقة الأوزون أو لدوران الكرة الأرضية فهل يصح هذا التأويل؟ فكان الجواب: لاشك أن شدة الحر وشدة البرد لها أسباب طبيعية معلومة، ووجودها بأسبابها من تمام حكمة الله عز وجل، وبيان أنه سبحانه وتعالى خلق الخلق على أكمل نظام، وهناك أسباب مجهولة لا نعلمها نحن، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ)). وهذا سبب غير معلوم، لايُعلم إلا بطريق الوحي ولا حرج على الإنسان أن يضيف الشيء إلى سبب معلوم حساً أو شرعاً لكن بعد ثبوت أنه سبب حقيقي، وإن كان سبباً وهمياً أو كان سبباً مبنياً على نظريات لاأساس لها فإنه لايجوز اعتمادها لأن إثبات الوقائع أو الحوادث إلى أسباب غير معلومة لا عن طريق الشرع ولا عن طريق الحس يدخل في ما نهى الله عنه في قوله: ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً .
وقد ينزعج بعض الناس من برودة الشتاء كما يتضايق البعض من حر الصيف، وفي كلٍ منهما وفي تقلب الأحوال عموماً مصالح وحكم. قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ثم تأمل بعد ذلك أحوال هذه الشمس في انخفاضها وارتفاعها لإقامة هذه الأزمنة والفصول وما فيها من المصالح والحكم، إذ لو كان الزمان كله فصلا واحدا لفاتت مصالح الفصول الباقية فيه، فلو كان صيفا كله لفاتت منافع ومصالح الشتاء، ولو كان شتاء لفاتت مصالح الصيف، وكذلك لو كان ربيعا كله أو خريفا كله.
ثم بدأ رحمه الله يذكر بعض فوائد البرد ودخول فصل الشتاء فقال: ففي الشتاء تغور الحرارة في الأجواف وبطون الأرض والجبال، فتتولد مواد الثمار وغيرها، وتبرد الظواهر ويستكثف فيه الهواء، فيحصل السحاب والمطر والثلج والبرَد الذي به حياة الارض وأهلها واشتداد أبدان الحيوان وقوتها، وتزايد القوى الطبيعية واستخلاف ما حللته حرارة الصيف من الأبدان، وفي الربيع تتحرك الطبائع وتظهر المواد المتولدة في الشتاء، فيظهر النبات ويتنور الشجر بالزهر، ويتحرك الحيوان للتناسل، وفي الصيف يحتد الهواء ويسخن جدا فتنضج الثمار وتنحل فضلات الأبدان والاخلاط التي انعقدت في الشتاء، وتغور البرودة وتهرب إلى الأجواف، ولهذا تبرد العيون والآبار ولا تهضم المعدة الطعام التي كانت تهضمه في الشتاء من الأطعمة الغليظة لأنها كانت تهضمها بالحرارة التي سكنت في البطون، فلما جاء الصيف خرجت الحرارة إلى ظاهر الجسد وغارت البرودة فيه، فإذا جاء الخريف اعتدل الزمان وصفا الهواء وبرد فانكسر ذلك السموم، وجعله الله بحكمته برزخا بين سموم الصيف وبرد الشتاء. انتهى كلامه رحمه الله.
ولشيخ ابن القيم، وهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كلام نفيس كان يتحدث فيه رحمه الله على هروب الشيء من ضده، وأن كثيراً من الأشياء يمكن أن تقاوم بأضدادها، وهذه قاعدة مهمة يحتاجها الجميع عامة والمصلحون خاصة، فمَثّل لقاعدته بكلام يناسب موضوعنا فقال رحمه الله: ويسخن جوف الإنسان في الشتاء، ويبرد في الصيف، لأنه في الشتاء يكون الهواء باردا فيبرد ظاهر البدن فتهرب الحرارة الى باطن البدن، لان الضد يهرب من الضد، والشبيه ينجذب إلى شبيهه، فتظهر البرودة إلى الظاهر، ولهذا يسخن جوف الأرض في الشتاء وجوف الحيوان كله، وتبرد الأجواف في الصيف لسخونة الظواهر فتهرب البرودة الى الاجواف. انتهى كلامه رحمه الله. فإذا عرفت بأن الضد يهرب من الضد، والشبيه ينجذب إلى شبيهه، أدركت وعرفت بأنه لاطريق للتخلص من رقّ المعصية إلاّ بضدها وهي الطاعة، وأنه إذا ارتاحت نفسك بالجلوس مع العصاة، فهذا من انجذاب الشبيه إلى شبيهه، والله المستعان.
ونرى الناس يتجهون الى خلاف المقصود من هده الايات الكونية من التعري واحياء السهرات والحفلات الى اوقات متاخرة من الليل من الاشياء المدموة شرعا وعقلا خصوصا الجالية المحترمة التي جاءت بالتقاليد العمياء مع ان الاصل في هده الظواهر هو تخويف الناس وتدكيرهم بالله تعالى وليس بالتمادي بالمجاهرة بالمعاصي على رؤوس الخلائق ومن هده الجالية من يستعرض على ضعفاء الناس قلة حيائه وغشمه ناسيا مكانته عند النصارى انه مجرد خادم او موظف في البلدية وياتي ليتبجح على المساكين والفقراء في بلده .
لمادا لانجعل الصيف الحار ايام قربة الى الله تعالى مقابل ان نجعلها ايام لهو ولعب ??????????