الإنابة قبل انقطاع الإجابة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
فقد آن الأوان.. نعم آن الأوان.. ليقف كل منا مع نفسه وقفة صادقة.. وقفة جادة.. وقفة محاسبة.. نعم إنها وقفة للمحاسبة.. إلى متى أيتها النفس عن شرع وأنت غافلة عن طاعة الله؟
إلى متى الإعراض عن شرع الله؟
إلى متى البعد عن الطريق المستقيم؟
إلى متى الوقوع في المعاصي؟
أخي الحبيب: كل إنسان مقصر، وكل إنسان يخطئ ويذنب، كما قال عليه الصلاة والسلام: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون».
وقال عليه الصلاة والسلام: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم».
فمن ذا الذي لا يقع في الذنوب والمعاصي؟!
ومن منا لا يقترف الخطايا؟!
ولكن المؤمن التقي هو الذي يستغفر كلما أذنب، وكلما وقع في وحل المعاصي تذكر ورجع إلى ربه نادماً منكسراً مستغفراً، {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135]
أخي الحبيب: تأمل في هذا الحديث العظيم حيث قال عليه الصلاة والسلام : «أتاني جبريل فقال يا محمد: عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزى به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس».
قتأمل أخي كيف أن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يقول له جبريل عليه السلام: «اعمل ما شئت فإنك مجزى به».
وانظر أخي إلى حال الصحابة رضي الله عنهم كيف كانوا يحاسبون أنفسهم ويخافون عليها من النار مع أنهم لم يقعوا فيما وقعنا فيه اليوم، ومع أن أعمالهم خير من أعمالنا، ومع أن الله قد رضي عنهم، فانظر إلى أبي بكر رضي الله عنه، الخليفة الراشد والمبشر بالجنة الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم، أنه أفضل الأمة بعد الأنبياء، وأخبر أيضاً أن أبواب الجنة الثمانية تفتح له، ومع ذلك كان يأخذ بلسانه ويمسك به ويقول: هذا الذي أوردني الموارد.. وكان أيضاً كثير البكاء والخشية والخوف من الله تعالى.
فإذا كان هذا حاله مع نفسه، فكيف بحالنا اليوم أخي الحبيب؟!
يقول عمر رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا فإن أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، يؤمئذ تعرضون لا تخى منكم خافية".
يقول بلال بن سعد رضي الله عنه: "لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى عظمة من عصيت".
فيا أخي: من هو الذي تعصيه؟! وبالذنوب تأتيه؟!
إنه الملك الذي لا شريك له، والأحد الذي لا ند له، كل شيء هالك إلا وجهه، فلن يطاع إلا بإذنه، ولن يعصى إلا بعلمه.. يطاع فيشكر، ويعصى فيغفر.. فما أحلمه على من عصاه!! وما أكرمه على من أمله!!.
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله.. وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله".
أخي الحبيب: تأمل في سرعة مرور الأيام، والشهور والأعوام، واعلم أن ذلك من عمرك، وأنك محاسب عن كل شيء عملته.
قيل لمحمد بن واسع: "كيف أصبحت؟ قال: ما ظنك برجل يرتحل كل يوم مرحلة إلى الآخرة".
وقال الحسن: "إنما أنت أيام مجموعة، كلما مضى يوم مضى بعضك".
وقال بعض الحكماء: "كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره؟! كيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله، وتقوده حياته إلى موته؟!".
قال الفضيل بن عياض لرجل: "كم أتت عليك؟
قال: ستون سنة
قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ
فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون
فقال الفضيل: أتعرف تفسيره؟! تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، فمن عرف أنه لله عبد وأنه إليه راجع، فليعلم أنه موقوف، ومن علم أنه موقوف فليعلم أنه مسؤول، ومن علم أنه مسؤول فليعد للسؤال جواباً
فقال الرجل: فما الحيلة؟
قال: تحسن فيما بقى يغفر لك ما مضى، فإنك إن أسأت فيما بقى أخذت بما مضى وما بقى.
أخي الحبيب: تأمل وتفكر في حال من سبق من الأمم السابقة، فإن الله عز وجل لا يعذب قوماً إلا بذنب أو بما كسبت وعملت أيديهم، فتأمل في هذه الآيات: {فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [الأعراف: 166]
{فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ} [الزخرف: 55]
{فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً} [الحاقة: 10]
{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [الشورى:30]
_________________
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين اماما
نورالاسلام الطبى
اقوى قسم لتطوير المنتديات ونشرها بمحركات البحث
اقوى برنامج حقيقى لجلب الزوار
منتدى طبى اسلامى منوع حصريات رياضيه تطوير مواقع برامج كمبيوتر
[/center]