وكان بعض النقاد يمتحن الرواة ويتأكد من محفوظاتهم ، فها هو ذا حماد بن سلمة يقول : (كنت أقلب على ثابت البناني حديثه وكانوا يقولون : القُصّاص لا يحفظون ، وكنت أقول لحديث أنس : كيف حدثك عبد الرحمن بن أبي ليلى ؟ فيقول : لا ، إنما حدثناه أنس ، وأقول لحديث عبد الرحمن بن أبي ليلى : كيف حدثك أنس ؟ فيقول : لا إنما حدثناه عبد الرحمن بن أبي ليلى) ولهذا كان حماد يقول : (قلبت أحاديث على ثابت البناني فلم تنقلب ، وقلبت على أبان بن أبي عياش فانقلبت) [35] .
الشرط الرابع : سلامة الرواية من العلة : والعلة : هي سبب غامض خفي قادح في صحة الحديث مع ظهور السلامة منه .ومعرفة الحديث المعل من أدق علوم الحديث وأغمضها ، ولهذا لا يستطيع تمييز العلل إلا الأئمة الجهابذة ، وذلك بجمع الطرق ، وتتبع مخارجها ، وعرضها على بعضها ، واستقراء أحوال الرواة ، وسبر متون الحديث ، ثم تطبيق المعايير النقدية التي وضعها المحدثون .الشرط الخامس : سلامة الرواية من الشذوذ :والشذوذ هو : التفرّد ، والحديث الشاذ هو : ما رواه المقبول مخالفاً من هو أوْلى منه ، لكثرة عدد أو زيادة حفظ .ومعرفة الحديث الشاذ من العلوم الدقيقة جداً ، حتى قال ابن حجر : (وهو أدق من المعلل بكثير فلا يتمكن من الحكم به إلا من مارس الفن غاية الممارسة ، وكان في الذروة من الفهم الثاقب ورسوخ القدم في الصناعة ، ورزقه الله نهاية الملكة)[36] .وتحت كل شرط من هذه الشروط الخمسة توجد تفاصيل وتفريعات كثيرة تراجع في مظانها ، وإنما المقصود الإشارة إلى دقة المحدثين في تمييز المرويات ، وحرصهم على بيان منازل الرواة .وكانت نتيجة ذلك أنهم أصبحوا حصوناً واقية ، ودروعاً حامية ، لا يستطيع عابث أو جاهل أو مفرط أن يُدخِل في سنة النبي - - ما ليس منها ، ولهذا قال الإمام الثوري : (لو همّ رجل أن يكذب في الحديث ، وهو في بيت في جوف بيت لأظهر الله عليه) [37] وها هو ذا إسحاق بن راهويه يقول : (أحفظ أربعة آلاف حديث مزوّرة . فقيل له : ما معنى حفظ المزوّرة ؟ ! قال : إذا مرّ بي منها حديث في الأحاديث الصحيحة فليتُهُ منها فَلْياً) [38] . ===========================(1) الكفاية : للخطيب البغدادي .(2) تاريخ بغداد : (4/419) وطبقات الحنابلة : (1/6) .(3) سير أعلام النبلاء : (11/373) .(4) تهذيب تاريخ ابن عساكر : (2/216) وتدريب الرواي : (1/51) .(5) شرح علل الترمذي : (ص 175) .(6) سير أعلام النبلاء : (10/618) وطبقات الشافعية الكبرى : (2/140) .(7) الكفاية : (ص212) .( المرجع السابق : (ص 213) .(9) تذكرة الحفاظ : (1/111) .(10) المرجع السابق : (1/111) والإلماع للقاضي عياض : (ص243) .(11) سير أعلام النبلاء : (5/276 277) .(12) الطبقات الكبرى : (7/229) والتاريخ الكبير : (7/182) .(13) تذكرة الحفاظ : (1/123) .(14) تقدمة الجرح والتعديل : (ص : 295) .(15) شرح علل الترمذي : (ص182) .(16) سير أعلام النبلاء : (11/123) وتهذيب : (6/3) .(17) تاريخ بغداد : (10/66) .(18) سير أعلام النبلاء : (11/123) .(19) تاريخ بغداد : (2/7) وطبقات الشافعية : (2/216) .(20) انظر القصة في تاريخ بغداد : (2/15 16) ووفيات الأعيان : (4/ 190) وغيرها .(21) الطبقات الكبرى : (7/448) .(22) أخرجه البخاري تعليقاً مجزوماً به : (1/194) .(23) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر .(24) مختصر الشمائل المحمدية : (ص125) .(25) تذكرة الحفاظ : (1/229) .(26) هدي الساري مقدمة فتح الباري : (6) .(27) مسلم في مقدمة صحيحه : (1/15) .(28) المرجع السابق .(29) كتاب المجروحين : (1/25) .(30) تهذيب الكمال : (1/165) .(31) مقدمة ابن الصلاح : (ص 282) .(32) نزهة النظر : (ص29) .(33) الكفاية : (ص 79) والخَرَبَة هي : العيب ، كما في النهاية في غريب الحديث : (2/78) .(34) مقدمة ابن الصلاح : (ص94) .(35) الجامع لأخلاق الراوي : (1/135 136) ، وانظر قصة امتحان يحيى بن معين للفضل بن دكين للتأكد من حفظه ، حيث أثقل عليه يحيى ، حتى رفسه فرمى به ، فقال يحيى : (والله لرفسته أحب إلّيّ من سفرتي) سير أعلام النبلاء : (10/ 148 149) .(36) توضيح الأفكار : (1/379) .(37) سير أعلام النبلاء (7 /248) .(38) تاريخ بغداد : (6/352) . =========================
تم بحمــــــد الله ....
منقـــــــــــــــول للإفــــــــــــــادة ....
من مقالات الأستاذ : أحمد بن عبد الرحمن الصويان
جزاه الله خيرا ً
نفعنا الله وإياكم بما جاء فيه والله المستعــــــــــــــان
_________________
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين اماما
نورالاسلام الطبى
اقوى قسم لتطوير المنتديات ونشرها بمحركات البحث
اقوى برنامج حقيقى لجلب الزوار
منتدى طبى اسلامى منوع حصريات رياضيه تطوير مواقع برامج كمبيوتر
[/center]