امة الله عضو متميز متقدم
الجنس : عدد المساهمات : 246 العمر : 39 الجنسيه : مصرية علم بلدك : تاريخ التسجيل : 07/07/2009 نقاط : 458 الاوسمة :
| موضوع: صلاة العيدين الأربعاء نوفمبر 25, 2009 8:34 pm | |
|
باب صلاة العيدين
اولا الدرس صوتياً :
اختر سيرفر واحد فقط من هنا
الدرس مفرغاً :
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا إنك سميع مجيب اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، صلى اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد.
موضوعنا اليوم - إن شاء الله تعالى- باب صلاة العيدين, نستمد من الله العون والتوفيق ونقول: قبل أن نقرأ الكتاب, سُمي العيد عيداً؛ لأنه يعود ويتكرر, العيدان- باب صلاة العيدين- العيدان تثنية عيد وسمي العيد عيداً؛ لأنه يعود ويتكرر ولأنه كان لكل أمة أعيادها التي تتكرر بمرور مناسبات مختلفة يحيون بها ذكرى هذا المناسبات ويحتفلون بها ويظهرون فرحهم وسرورهم بهذه الأعياد فإن ديننا دين الإسلام وهو الدين الحق بلا ريب ولا شك شرع لأتباعه ثلاثة أعياد فقط لا رابع لها: عيد يتكرر كل أسبوع وهو يوم الجمعة وعيدان في السنة وهما عيد الفطر المبارك وعيد الأضحى المبارك.
الأعياد في الإسلام- كما هو الظاهر من تشريعها ومن حالها ومن مناسباتها ومواقعها- مرتبطة بمناسبات شرعية عظيمة:
أما عيد الأسبوع وهو يوم الجمعة: فهو خير يوم طلعت عليه الشمس من أيام الأسبوع أفضل أيام الأسبوع على الإطلاق شرع الله - تبارك وتعالى- فيه للمسلمين عبادات عظيمة وخصه بخصائص كثيرة كما سبق الإشارة إلى بعضها في الدرس الماض؛ ولهذا ناسب أن يكون عيداً للأسبوع يهتم به المسلمون ويجتمعون على هذه الصلاة ويتقربون إلى الله - تبارك وتعالى- في هذا اليوم المبارك بأنواع من العبادات وما يترتب على اجتماعهم على هذه العبادة العظيمة من تعارف وتآلف وتكاتف وتراحم وفضائل وفوائد ومنافع كثيرة تترتب على هذا الاجتماع الكبير.
وأما عيد الفطر: الذي يختم به شهر رمضان المبارك فهو مرتبط باختتام هذا الشهر العظيم وما شرع الله في هذا الشهر من العبادات العظيمة من الصيام والقيام وقراءة القرآن وأنواع من العبادات يتقرب المسلمون بها إلى ربهم في ذلكم الموسم المبارك, ناسب أن يختم لهم هذا الشهر وهذا الموسم, هذه العبادات العظيمة ناسب أن يختم لهم بهذا العيد شكراً على نعمة الله بهذه العبادات وشكراً على ختام هذا الموسم وشكراً على ما أباح لهم من الطيبات التي يتمتعون بها في ذلكم العيد، وما يشرع في هذا العيد ويستحب من زيارات وصلة أرحام وتقارب وتآلف وإظهار للفرح والسرور بهذه النعمة.
وأما عيد الأضحى المبارك: فهو أيضاً مرتبط باختتام أيام العشر المباركة التي جعل الله العمل الصالح فيها أفضل من العمل في غيرها بل إنه أفضل حتى من الجهاد في سبيل الله (إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) كما ثبت ذلك في الحديث, يوم عيد الأضحى المبارك يوافق يوم الحج الأكبر الذي أكمل فيه الحجاج أهم نسكهم ويتقرب فيه الحجاج إلى الله - تبارك وتعالى- بذبح الهدي والقرابين؛ ولهذا شرع لجميع الناس في جميع الأمصار أن يتقربوا إلى الله- تعالى- في ذلكم اليوم بالأضاحي شكراً على تلك النعم وفرحاً بها وموافقة للحجاج الذين يتقربون إلى الله بأنواع الهدي والفداء.
وعلى هذا نقول: إن الأعياد في الإسلام أعياد عبادة وشكر وفرح وسرور ليست الأعياد في الإسلام عبادة فقط ولا عادة فقط وإنما هي تجمع بين خيري الدنيا والآخرة فلله الحمد على ما شرع وله الشكر على ما هدى، يتحقق في هذه الأعياد الشرعية من المصالح الدينية والدنيوية الشيء الكثير مما يدل على أن هذا الدين دين الإسلام بتشريعاته السمحة هو دين البشرية الصالح لكل زمان ومكان فهل يعقل الناس هذا؟
ليس في الإسلام عيد سوى هذه الأعياد الثلاثة الجمعة والفطر والأضحى, ليس هناك أعياد شرعية أو دينية غير هذه الأعياد لا بمناسبة غزوة ولا بمناسبة مولد أو انتصار أو جلاء أو استقلال لا عيد أم ولا حب ولا فرح ولا حزن ولا غير ذلك (قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة فوجد للأنصار عيدين يلعبون فيهما فقال: إن الله أبدلكم بخير منهما عيد الفطر وعيد الأضحى ) أخرجه الإمام أحمد وأبو داوود والنسائي وغيرهم عن أنس وصححه جمع من أهل الحديث.
أحببت أن أقدم بهذه المقدمة اليسيرة عن العيدين أو عن العيد في الإسلام وبعد هذا نسمع كلام المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما يتعلق بصلاة العيدين:
بسم الله الرحمن الرحيم, باب صلاة العيدين يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: (وهي فرض على الكفاية إذا قام بها أربعون من أهل المصر سقطت عن سائرهم, ووقتها من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال, والسنة فعلها في المصلى, وتعجيل الأضحى وتأخير الفطر, والإفطار في الفطر خاصة قبل الصلاة, ويسن أن يغتسل ويتنظف ويتطيب فإذا حلت الصلاة تقدم الإمام فصلى بهم ركعتين بلا أذان ولا إقامة يكبر في الأولى سبعاً بتكبيرة الإحرام وفي الثانية خمساً سوى تكبيرة القيام ويرفع يديه مع كل تكبيرة ويحمد الله- تعالى- ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- بين كل تكبيرتين ثم يقرأ الفاتحة وسورة يجهر فيهما بالقراءة).
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (وهي فرض كفاية أو فرض على الكفاية إذا قام بها أربعون من أهل المصر سقطت عن سائرهم).
حكم صلاة العيدين:
حكم صلاة العيدين في الواقع محل خلاف بين الفقهاء على أقوال ثلاثة:
القول الأول: أنها فرض كفاية وهذا هو الذي ذكره المؤلف -رحمه الله تعالى- وهو مذهب الحنابلة أن صلاة العيد فرض كفاية والمراد بفرض الكفاية: ما طلب فعله بغض النظر عن فاعله كالأذان، يعني: فرض الكفاية مطلوب من الأمة لا من الأفراد بأعيانهم مطلوب من الأمة مطلوب من الجماعة مطلوب من أهل البلد أن يقوموا بهذا الفرض إذا قام به بعضهم الذي يتأدى به الواجب سقط الإثم عن الباقين وإذا تركه الجميع أثموا؛ لأنهم مطالبون بفعله جميعاً.
وعلى هذا قالوا في صلاة العيد: إنها فرض كفاية إذا قام بها أربعون من أهل البلد سقط الفرض عن الباقين, وإنما قال المؤلف: ( إذا قام بها أربعون من أهل المصر) بناءً على ما هو المذهب في الجمعة والعيدين أنه يشترط لإقامتها أربعون من أهل البلد المستوطنين ويستدلون على ذلك بما جاء عن جابر -رضي الله تعالى عنه- من السنة- فيما معناه: (أنها لا تقام الجمعة إلا في الأربعين تقام الجمعة والفطر والأضحى) وقد سبق الكلام في هذا وترجح من خلال ترجيح المحققين من أهل العلم: أنه لا يشترط هذا العدد؛ لأنه ليس عليه دليل صحيح، وأن الجمعة والعيدين يمكن أن تقام الصلاة للجمعة أو للعيدين بثلاثة نفر إذا كانوا في بلد مستوطنين وعلى هذا نقول هنا: إنه لا يشترط العدد هذا العدد (أربعين).
الذي يدل على أن صلاة العيد فرض على الكفاية: عدة أدلة من الكتاب قول الله - تبارك وتعالى-: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾[الكوثر: 2]، قالوا: هذا أمر والمراد هنا صلاة العيد ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾، ومن الأحاديث:
- حديث أم عطية -رضي الله عنها- قالت: (أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نخرج لصلاة العيد حتى إنه أمر الحُيَّض وذوات الخدور أن يخرجن) يعني: لصلاة العيد (يشهدن الخير ودعوة المسلمين وأمر الحيض أن يعتزلن المصلى) هذا أمر قالوا: إذا كان النساء مأمورات بالخروج لصلاة العيد وهن لسن من أهل الاجتماع كما جاء في صلاة الجماعة (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن ) قالوا: إذا كان في الصلاة المفروضة الأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها, ومع هذا في العيد أمرها أن تخرج بل حتى أمر من لا تجب عليه الصلاة أن يخرج يشهد هذا الجمع ويشهد إظهار هذه الشعيرة ويشهد الدعاء ويُؤمِّن عليه ليشمله الخير العميم والرحمة العظيمة التي تتنزل- بفضل الله على ذلكم الجمع- قالوا: إذا كان النساء أمرن بالخروج فالرجال من باب أولى لأنهم هم أهل الاجتماع وهم أهل الجماع.
- دليل آخر من السنة: مواظبة النبي -صلى الله عليه وسلم- على صلاة العيد وهكذا خلفاؤه وهكذا سلف هذه الأمة لم تترك صلاة العيد مما يدل على أنها فرض كفاية.
قالوا أيضاً: إنها من شعائر الإسلام الظاهرة وشعائر الدين الظاهرة فرض كفاية مثل الأذان.
القول الثاني: أنها سنة مؤكدة وليست بفرض على الكفاية ولا بواجب على الأعيان وممن ذهب إلى هذا القول: المالكية والشافعية مستدلين بحديث طلحة في قصة الأعرابي لما سأل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة قال: (عليك خمس صلوات في اليوم والليلة قال هل علي غيرها؟ قال: لا.. إلا أن تطوع) قالوا: هذا الحديث يدل على أنه ليس هناك صلوات واجبة إلا الصلوات الخمس، وأجابوا عن الأحاديث أن المراد تأكيد الاستحباب.
القول الثالث: أن صلاة العيد واجبة على الأعيان وأنه لا يجوز التخلف عنها بدون عذر وممن ذهب إلى هذا القول: الإمام أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- وهو رواية عن الإمام أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية واستدلوا على هذا بالأحاديث السابقة, أحاديث الأمر بها ومواظبة النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها وأنها من شعائر الإسلام وحرص السلف على أدائها وعدم ورود ما يدل على أن أحداً منهم تركها، قالوا: وأما حديث الأعرابي فهو مما يتكرر في اليوم والليلة من الصلوات يعني: أنه لا يجب في اليوم والليلة إلا هؤلاء الصلوات الخمس وأما هذه فصلاة لها شأنها ولها استقلاليتها ولها موعدها وتاريخها من العام ولاشك أن النصوص الواردة تؤكد على صلاة العيد.
هذا فيما يتعلق بحكم صلاة العيدين والمؤلف -رحمه الله تعالى- مشى على ما هو مذهب الحنابلة أنها فرض على الكفاية واستدلوا على هذه الفرضية بالنصوص السابقة وقالوا: إن الذي يصرف الوجوب عن الأعيان إلى فرض الكفاية هو حديث الأعرابي.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- ووقتها من ارتفاع الشمس قدر رمح إلى الزوال) وقت صلاة العيد والدليل على هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يفعلها في ذلك الوقت وقد جاء ما يدل على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يفعل صلاة العيد أو يؤدي صلاة العيد بعد ارتفاع الشمس قدر رمح, هناك حديث أخرجه البخاري معلقاً بصيغة الجزم قال: (خرج عبد الله بن بسر صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في يوم عيد فطر أو أضحى فأنكر إبطاء الإمام) يعني: كأن الإمام تأخر عن هذا الموعد فأنكره (وقال: إنا كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- قد فرغنا ساعتنا هذه ) يعني: من الصلاة . الحديث أخرجه أبو داوود و ابن ماجة والبيهقي والحاكم وقال النووي: إسناده صحيح.
إن لم يعلم بالعيد إلا بعد الزوال صلوا من الغد, إن لم تثبت رؤية هلال شوال إلا بعد الزوال وهذا متصور ولا سيما في السابق وأنا أذكر قديماً قبل سنين أنه أحياناً ما يأتي الإعلان عن موعد ثبوت رؤية هلال شوال إلا في منتصف النهار قبل انتشار وسائل الاتصال ووسائل الإعلام المختلفة وفي ذلك حديث أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قالوا: (غم علينا هلال شوال فأصبحنا صياماً فجاء ركب في آخر النهار فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الناس أن يفطروا من يومهم وأن يخرجوا غداً لعيدهم ) رواه الإمام أحمد وأبوا داوود والنسائي والدارقطني وصححه جمع منهم البيهقي والخطابي والنووي والحافظ ابن حجر في بلوغ المرام.
يلاحظ هنا أن صلاة العيد لا تصلى إلا في وقت محدد وهو من ارتفاع الشمس قدر رمح إلى الزوال فقط، إنما لو لم يعلم بالعيد يعني: لم تثبت الرؤية إلا بعد الزوال فإنها لا تصلى حين العلم بالعيد, وإنما تؤجل إلى وقتها من اليوم الثاني وهذا مما تخالف فيه صلاة العيد الصلوات المفروضة، الصلوات المفروضة إذا لم يعلم الشخص أو نام أو نسي وتذكر فحالما يستيقظ أو حالما يتذكر أو حالما يعلم يجب عليه الصلاة فوراً بدليل (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك) ولذلك الفقهاء -رحمهم الله تعالى- قسموا الصلوات من حيث القضاء إلى أقسام قالوا:
القسم الأول: ما يقضى على صفته إذا فات وقته من حين زوال العذر وهذا في الصلوات الخمس.
القسم الثاني: ما لا يقضى على صفته إذا فات وقته مطلقاً وهو الجمعة؛ لأنها إذا فات وقتها لا تقضى على صفتها وإنما يصلى بدلها ظهراً.
القسم الثالث: ما لا يقضى أصلاً إذا فات وقته مثل صلاة الكسوف بل عمم الفقهاء على جميع ذوات الأسباب قالوا: ذوات الأسباب إذا فات وقتها لا تقضى.
القسم الرابع: ما لا يقضى إذا فات وقته إلا في وقته من اليوم الثاني وهذا هو صلاة العيد إذا فات وقتها هذا اليوم يصليها من الغد في نفس الوقت.
وهنا يجب أن ننبه -بناءً على هذا التقسيم- إلى أن هناك تصوراً خاطئاً عند بعض الناس, ما زال موجوداً للأسف يتصور البعض أنه إذا فات وقت صلاة فريضة على شخص ينتظر يصليها إذا جاء وقتها من الغد يعني: إذا فاتته صلاة الفجر تركها لم يصلها إذا استيقظ أو إذا زال عذره الذي منعه من الصلاة في الوقت يقول: ننتظر حتى يأتي وقت الفجر من اليوم الثاني فإذا جاء وقت الفجر من اليوم الثاني صلاها ثم صلى الفجر من اليوم الثاني. وهذا خطأ فاحش, لم يقل به أحد إلا في قضية العيد فيمكن أن يكون أُخذَ هذا وسرى على الصلوات المفروضة؛ خطأً وليس بصحيح.
قال المؤلف: (والسنة فعلُها في المصلى) البحث الآن في مكان صلاة العيد أين تصلى صلاة العيد؟ هل تصلى في المساجد؟ هل تصلى في الجوامع؟ هل تصلى خارج البلد في الصحراء قريباً من البلد؟ نعم الجواب هو الأخير السنة فعلها خارج البلد في الصحراء في مكان يعد لذلك وهو ما يعرف بمصلى العيد, والاسم المُصلَّى بالمناسبة أنا سمعت واحداً يوصف لواحد في الطريق قال: إذا جئت مَصْلَى العيد ويبدو أن ما فهم أن المقصود مَصلَّى العيد رأى اللوحة "مُصلَّى" وتوهم أنها "مَصْلى" فالعبارة هكذا مُصلَّى العيد يعني: المكان الذي تُصلَّى فيه صلاةُ العيد.
إذن: السنة أن تُؤدَّى صلاة العيد خارج البلد أولاً: ما الدليل؟ وثانياً: ما هي الحكمة من ذلك؟
الدليل فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وفعل خلفائه الراشدين فإنهم كانوا يصلونها في الصحراء وفي ذلك حديث أبي سعيد الخدري: (وأمرهم أن يخرجوا من الغد إلى مصلاهم) وكما في الحديث السابق معنا وكما في حديث أم عطية (أمرنا أن نخرج العواتق والحيض ويعتزل الحيض المصلى) وهذا يدل على أن هناك مصلى معداً لصلاة العيد خارج المدينة يخرج إليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام, حديث أبي سعيد (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى وأول شيء يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس على صفوفهم فيعظهم ويأمرهم..) إلى آخره.
هل تصلى صلاة العيد في المساجد أو في الجوامع؟ هذا بحث كان ينبغي أن يذكر الآن ولكن المؤلف- إن لم أكن واهماً- أخر البحث فيه أم لا ؟
لعله ما ذكر يا شيخ.
إذن: نبحث هذه القضية لأنها مهمة ولها ارتباط في هذه المسألة، ما حكم إقامة صلاة العيد في الجوامع؟
يقول الفقهاء -رحمهم الله تعالى-: بناءً على أن السنة أن تقام صلاة العيد في المصلى قالوا: تكره إقامة صلاة العيد في الجوامع بلا عذر، وعليه فإذا كان هناك عذر يمنع من الصلاة في الصحراء يعني: خارج البلد أو تشق معه الصلاة خارج البلد فإنه لكراهة, العذر مثل ماذا؟ قالوا: مثل المطر لو كان هناك مطر يبل الثياب, مثل الريح الشديدة الباردة, مثل الوحل وما أشبه ذلك أو الخوف لو فرضنا أن خارج البلد مخوف فيه خوف أو البلد عليها سور ولا يستطيع أحد أن يخرج أحد وهذا كان موجوداً في السابق فهذا يعتبر عذراً يزيل الكراهة.
هل هذه الكراهة تشمل جميع الجوامع حتى مكة والمدينة أو أن مكة والمدينة مستثناة؟ هذا محل بحث، أما المدينة فالظاهر من فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفعل خلفائه وقد كانوا في المدينة أنها غير مستثناة؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يخرج, يترك المسجد النبوي الشريف ويصلي في الصحراء في المصلى، لكن الناس توارثوا عبرالتاريخ أنهم يقيمون صلاة العيد في المسجد النبوي وأما مكة فلم يؤثر أنهم خرجوا لصلاة العيد في الصحراء, بل كانت تصلى في المسجد الحرام من قديم ولعل الحكمة- والله أعلم- فضل المسجد الحرام, فضيلته بينة واضحة وصعوبة الخروج من مكة ولا سيما أن الجبال تحيط بها وقد تكون الأماكن المناسبة بعيدة.
الحكمة من الصلاة في صلاة العيد خارج البلد: هو إظهار هذه الشعيرة لأنها من شعائر الإسلام الظاهرة ولاشك أن خروج أهل البلد جميعاً برجالهم ونسائهم وأطفالهم إلى خارج البلد إلى الصحراء والصلاة ثم سماع الخطبة وهذا يحرك القلوب ويشعر بأهمية هذه الصلاة وأيضاً أدعى إلى الخشوع والخضوع وطلب المغفرة والرحمة من الله- سبحانه وتعالى.
المؤلف قال بعد ذلك: ( وتعجيل الأضحى وتأخير الفطر) يعني: والسنة تعجيل الأضحى وتأخير الفطر يعني: يسن أن تعجل صلاة الأضحى وأن تؤخر صلاة الفطر ما الذي يدل على ذلك؟ قالوا: فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيه تعليل وهو أن الناس في الفطر محتاجون إلى تأخير الصلاة لماذا؟ لأن السنة أن زكاة الفطر تخرج قبل صلاة العيد كما جاء في الحديث (وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة) وأما الأضحى فلأنه تشرع المبادرة في الأضحية وحيث إن وقت الذبح لا يبدأ إلا بعد الصلاة فناسب أن تقدم الصلاة من أجل أن يرجع الناس إلى أضاحيهم ويبادرون بذك ولذلك قالوا: يستحب ألا يأكل إلا من أضحيته مما يستدعي المبادرة بالصلاة والمبادرة أيضاً بالذبح بعد الصلاة. مما يسن أيضاً الأكل قبل الذهاب إلى صلاة عيد الفطر وعدمه في الأضحى أما في الفطر فاقتداءً بالنبي حيث (كان لا يخرج قبل الفطر حتى يأكل تمرات يأكلهن وتر) كما في حديث أنس عند البخاري وغيره وكما في حديث بريدة (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي) والحديث صحيح.
قال: (ويسن أن يغتسل ويتنظف ويتطيب...) أشار المؤلف بهذا إلى مجموعة من سنن صلاة العيد من هذه السنن:
- الاغتسال لها، كما يسن الاغتسال للجمعة التطيب أيضاً, لبس الجديد التبكير إليها مشياً على الأقدام ويسن تأخر الإمام إلى وقت الصلاة لفعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهنا وجدت حديثاً للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- لقضية مرت معنا في الدرس الماضي وهي قضية: هل يشرع التبكير للإمام للجمعة أو لا يشرع؟ الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- يقول: لا يشرع له ذلك لفعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- حيث كان لا يخرج يوم الجمعة ويوم العيد إلا حين وقت الصلاة ويكون هذا مخصص للحديث يعني: أن التبكير مطلوب من المأمومين وأما الإمام فالسنة له ذلك.
- من السنن الدنو من الإمام وهذا أيضاً يترتب على التبكير.
- وأن يخرج من طريق ويرجع من طريق آخر اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه إذا خرج يوم العيد خالف الطريق يعني: يذهب من طريق ويأتي من طريق آخر وذلك في حديث جابر عند البخاري -رحمه الله تعالى- واختلف في الحكمة من ذلك فقيل: لإظهار هذه الشعيرة في أسواق الناس إلى الأسواق يعني: حينما يذهب من طريق ويرجع من طريق آخر تظهر هذه الشعيرة أمام الناس كلهم إنما لو كان يخصص طريق واحد يذهب الناس منه إلى مصلى العيد أطراف المدينة أو الشوارع الأخرى أو الطرق الأخرى قد لا تحس بهذا إنما إذا كان كل يخالف الطريق الذي يذهب منه يعني الذي يذهب معه يأتي من طريق آخر يكثر إظهار هذه الشعيرة في أسواق الناس وبعضهم قال: لا.. إن الحكمة- والله أعلم- تلمس حاجات الناس عندما يذهب من هذا الطريق الفقراء الذين يتعرضون للناس ويسألون أو المعروفون في بيوتهم ولا يسألون الناس إلحافاً عندما يمر بهذا الطريق يتذكرهم فيمنحهم مما أعطاه الله وعندما يذهب من الطريق الآخر أيضاً ربما يمر بأناس آخرين وهكذا.
وبعضهم قال: إن الحكمة- والله أعلم- أنه تشهد له الطرق أنه ورد أن الأرض تشهد بما يعمل عليها فقال: عندما يذهب من هذا الطريق يشهد له هذا الطريق وعندما يأتي من الطريق الآخر يشهد له الطريق الآخر. ولا يمنع أن تكون كل هذه الحكم ملاحظة في ذلك- والله أعلم.
من السنن في صلاة العيد التكبيرات الزوائد وهذه سيأتي بحثها- إن شاء الله- ورفع اليدين مع التكبيرات, الخطبتان للعيدين بعضهم يرى أنها سنة وسيأتي بحث ذلك.
قال: (الخطبتان بعد الصلاة كخطبتي الجمعة) ويدل على الخطبتين حديث جابر: (خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم فطر أو أضحى فخطب قائماً ثم قعد قعدة ثم قام ) أخرجه ابن ماجة في سننه ولكن هذا الحديث ضعفه البعض. ثبت في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خطب خطبة ثم خص النساء بخطبة أخرى) قد درج العلماء أو أكثر العلماء على أن الخطبة للعيد خطبتان وليست واحدة وقد ذهب المؤلف إلى أن الخطبتين للعيد سنة وبعض أهل العلم يرى أنها ليست سنة وإنما هي تابعة يعني: إذا قيل بأن العيد فرض فهي هنا أيضاً فرض وكون الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب) لا يعني أن الخطبة ليست واجبة لأن الذين قالوا: إنها سنة استدلوا بهذا الحديث.
يقول: (فإذا حلت الصلاة تقدم الإمام فصلى بهم ركعتين بلا أذان ولا إقامة) يعني: أنه لا يشرع الأذان ولا "الصلاة جامعة" لصلاة العيد. البعض قال: إنه يشرع لصلاة العيد "الصلاة جامعة" كما يشرع لصلاة الكسوف ولكن الصحيح أنه لا يشرع ذلك لأنه لم يرد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر بالأذان لصلاة العيد ولا بالمناداة لها بـ"الصلاة جامعة" وهكذا لا تقام الصلاة لها.
قال: إذا كبر تكبيرة الإحرام كبر بعدها ست تكبيرات. المؤلف قال يكبر في الأولي سبعاً بتكبيرة الإحرام) يعني: تكبيرة الإحرام وست تكبيرات زوائد يسميها الفقهاء -رحمهم الله تعالى-: التكبيرات الزوائد وفي ذلك حديث عائشة -رضي الله تعالى عنه- (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: التكبير في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمس سوى تكبيرة القيام) رواه أبو داود وهو حديث حسن.
هل يشرع الذكر بين التكبيرات أم لا يشرع؟ ذهب بعض الفقهاء إلى أنه يشرع ذلك، المؤلف يقول: (يرفع يديه مع كل تكبيرة) وهذا سنة كما سبق, ويحمد الله- تعالى- ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- بين كل تكبيرتين وفي ذلك خبر أو أثر رواه الأزرم في السنن عن علقمة (أن علقمة وعبد الله بن مسعود وأبا موسى وحذيفة خرج عليهم الوليد بن عقبة قبل العيد يوماً فقال: إن هذا العيد قد دنا فكيف التكبير فيه؟ فقال عبد الله: تبدأ وتكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة فتحمد ربك وتصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك إلى أن قال: وتركع ثم تقوم فتقرأ وتحمد فتحمد ربك وتصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم تدعو ثم تكبر وتفعل مثل ذلك) وذكر في الحديث( فقال أبو موسى وحذيفة: صدق) هذا أخرجه البيهقي في السنن الكبرى قالوا: هذه الآثار عن هؤلاء الصحابة تدل على مشروعية حمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- بين التكبيرات الزوائد وليس في ذلك حديث مرفوع عن النبي -صلى الله عليه وسلم.
(ثم يقرأ الفاتحة وسورة يجهر فيهما بالقراءة) والسور التي تشرع في صلاة العيد جاء (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى﴾ و﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾) وجاء أيضاًًًً في حديث آخر (أنه كان يقرأ بـ ﴿ق﴾ وبـ ﴿اقْتَربَت﴾)( يجهر فيهما بالقراءة) لفعل الرسول -صلى الله عليه وسلم.
(فإذا سلم خطب بهم خطبتين, فإن كان فطراً حضهم على الصدقة وبيَّن لهم حكمها وإن كان أضحى بيَّن لهم حكم الأضحية. والتكبيرات الزوائد والخطبتان سنة ولا يتنفل قبل صلاة العيد ولا بعدها في موضعها ومن أدرك الإمام قبل سلامه أتمها على صفتها ومن فاتته فلا قضاء عليه فإن أحب صلاها تطوعاً إن شاء ركعتين وإن شاء أربعاً وإن شاء صلاها على صفتها )
هذا فيما يتعلق بالخطبتين والتكبيرات والتنفل في مكان صلاة العيد, الخطبتان سبق البحث في حكمهما هل هما سنة أو أن حكمهما حكم صلاة العيد بناءً على الخلاف في ذلك.
ويشرع استفتاح الخطبتين بالتكبير قلنا: الأُولى: بتسع تكبيرات والثانية: بسبع قبل الحمد قال بذلك جمع من أهل العلم والدليل على هذا حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة( السنة التكبير على المنبر يوم العيد يبتدئ خطبته الأولى بتسع تكبيرات قبل أن يخطب ويبدأ الآخرة بسبع) أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما وكذا البيهقي ولكن أعلَّ هذا الحديث بالانقطاع لأن عبيد الله تابعي وعللوا ذلك أيضاً قالوا: الوقت وقت تكبير يناسب أن يستفتح الخطبتين بالتكبير ولهذا افتتحت الصلاة بالتكبيرات الزوائد على غير المعهود في الصلوات لأن الوقت والحال حال تكبير.
وقيل: إن خطبتي العيد يفتتحان بالحمد كغيرهما من الخطب يعني: كالجمعة لأن الثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يفتتح خطبه بالحمد والثناء على الله ولعل الجمع بينهما له وجه: يحمد الله أولاً ثم يكبر.
قال المؤلف (يبين في الخطبتين ما يناسب الحال) يعني: قال: إن كان في الفطر بين حكم الصدقة ولكن المناسب- والله أعلم- أن يكون بيان حكم الصدقة ليس في العيد وإنما قبل العيد لأن زكاة الفطر تشرع قبل العيد فناسب أن يبين أحكام زكاة الفطر في آخر جمعة من رمضان، آخر جمعة من رمضان تبين فيها أحكام زكاة الفطر من أجل أن يعرف الناس الأحكام ويطبقوها إنما لو لم تبين لهم الأحكام لجهلوا وجاء العيد وقد فات الوقت فالفائدة تكون محدودة، أما في الأضحى فلا شك أن بيان الأضاحي وحكم الأضحية وبيان صفات الأضحية هذا مناسب لأن الأضحية لا تكون إلا بعد الصلاة.
بعد هذا قال: (ولا يتنفل قبل صلاة العيد ولا بعدها في موضعه ) حكم التنفل في مصلى العيد: أما إذا صُلِّيت العيد في المسجد فهنا يصلي قبلها تحية المسجد بلا إشكال؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال : (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركتين) وهذا يشمل وقت صلاة وغيرها وأما إذا كانت في المصلى فهنا الخلاف:
اختلف الفقهاء في هذ اختلافاً كبيراً فقيل: يكره التنفل قبل الصلاة وبعدها في موضعها للإمام والمأمومين, واستدلوا على هذا بحديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- (خرج إلى مصلى العيد وصلى العيد ركعتين لم يصلِّ قبلها ولا بعدها في موضعه) متفق عليه قالوا: هذا الحديث دليل على أنه لا تشرع النافلة في مصلى العيد لا من الإمام ولا من غير الإمام.
إلا أن الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- نظّر هذا - قال فيه نظر- لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان إماماً وإمام المسلمين هو الذي يؤم الصحابة والمسنون في حق الإمام أن يتأخر إلى وقت الصلاة فإذا جاء ابتدأ الصلاة وإذا انتهت الصلاة انصرف فلا يستدل بهذا الحديث على أنه لا تشرع الصلاة للمأمومين, صحيح يستدل به على أنها لا تشرع الصلاة قبل صلاة العيد وبعد صلاة العيد بالنسبة للإمام، وأما بالنسبة للمأمومين فليس في هذا الحديث دليل على ذلك، وبعض أهل العلم قال: إن في الجمعة مثلاً يختلف الحكم في الجمعة عن العيدين لأن في الجمعة صحيح أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يخرج وقت الصلاة فيؤذن المؤذن ثم يخطب -صلى الله عليه وسلم- ولكن جاءت أحاديث أخرى تدل على أن يصلى بعد الجمعة يعني: هناك راتبة بعد الجمعة بينما في العيد لم يرد إلا هذا- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يتنفل قبلها ولا بعدها- على كل حال لعدم الدليل الصريح في هذا حصل الخلاف الذي أشرت إليه قبل قليل:
القول الأول: أنه يكره التنفل قبل الصلاة وبعدها في موضعها للإمام والمأموم واستدلوا بحديث ابن عباس.
القول الثاني: أنها تكره الصلاة بعدها لا قبلها.
القول الثالث: العكس أنها تكره قبلها لا بعدها.
القول الرابع: أنها تكره للإمام دون المأموم عملاً بالحديث.
القول الخامس: أنه لا كراهة مطلقاً لا للإمام ولا للمأموم لا قبلها ولا بعدها؛ قالوا: لعدم الدليل الصريح الدال على ذلك وهذا هو مذهب الشافعي -رحمه الله تعالى- والشيخ ابن عثيمين رجح هذا القول.
قال المؤلف: (ومن أدرك الإمام قبل سلامه أتمها على صفتها ومن فاتته فلا قضاء عليه فإن أحب صلاها تطوعاً وإن شاء ركعتين وإن شاء أربعاً وإن شاء صلاها على صفته)
هذا البحث في حكم قضاء صلاة العيد، ذهب المؤلف -رحمه الله تعالى- إلى أنه لا يجب قضاؤها لا يجب وهذا حق ولكن إذا أحب أن يقضيها فلا بأس وبعضهم قال: يسن القضاء، وما هي كيفية القضاء؟ قال: أما إذا أدرك مع الإمام جزء من الصلاة فيصليها على صفتها, وأما إذا لم يدرك مع الإمام شيئاً من الصلاة بأن جاء بعد السلام فهو مخير إما أن يصلي ركعتين لا على صفتها لأن ركعتين كركعتين نافلة أو ركعتين على صفتها ما الفرق بين ركعتين على صفتها وركعتين ليست على صفتها؟
التكبيرات على صفتها يكبر التكبيرات الزوائد بعد تكبيرة الإحرام ست وبعد تكبيرة الانتقال وفي الركعة الثانية خمس وأما إذا قلنا: ركعتين على غير صفتها فركعتان لا تكبير فيهما. قال وإن شاء أربع) يعني: أربع ركعات.
الدليل: فعل بعض الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- عن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- (قال: من فاتته صلاة العيد فليصلِّ أربع) وإن شاء صلاها على صفتها (لأن أنساً -رضي الله تعالى عنه- كان يجمع أهله ويصلي بهم ركعتين يكبر فيهم) ولأنه قضاء فكان على صفتها كبقية الصلوات.
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- إلى أنه لا يشرع قضاء صلاة العيد إذا فاتت مطلقاً فقال:
أولاً: لم يرد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما يدل على قضاء صلاة العيد.
وثانياً: لأنها صلاة ذات اجتماع معين فلا تشرع إلا على هذا الوجه, فإذا فاتت على هذا الوجه فلا قضاء.
آخر بحث معنا في صلاة العيد هو ما يتعلق بالتكبير:
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- (يستحب التكبير في ليلتي العيدين ويكبر في الأضحى عقيب الفرائض في الجماعة من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق إلا المحرم فإنه يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى العصر من آخر آيام التشريق وصفة التكبير شفعاً: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد )
هذا البحث في التكبير, والتكبير يشرع في ليلتي العيدين: في ليلة عيد عيد الفطر المبارك وفي ليلة عيد الأضحى المبارك, وهناك تكبير مشروع لغير ليلتي العيدين بالنسبة لأيام العشر المباركة أيام عشر ذي الحجة وأيام التشريق.
والتكبير بالنسبة لليلتي العيدين يبتدئ من غروب الشمس ليلة العيد إلى الشروع في الصلاة والدليل عليه قول الله - تبارك وتعالى- في عيد الفطر ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ [البقرة: 185]، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (حق على المسلمين إذا رأوا هلال شوال أن يكبرو) هذا في الفطر وأما في الأضحى: فالتكبير نوعان: مطلق ومقيد.
المطلق: من أول أيام العشر المباركة إلى آخر أيام التشريق لقوله- تعالى: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ ﴾[الحج: 28]، قيل: هي العشر, قيل: هي أيام التشريق وقال: ﴿ وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ﴾[ البقرة: 203]، وهي أيام العشر, أيام التشريق لأن الله قال بعدها ﴿ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى ﴾، وهذا يدل على أن الأيام المعدودات في آية البقرة هي أيام التشريق والتكبير من الذكر.
بعض أهل العلم يرى أن التكبير المطلق ينتهي بانتهاء عشر ذي الحجة ولكن الذي تدل عليه الأدلة وفعل الصحابة أن التكبير المطلق يبتدئ من أول دخول العشر إلى آخر أيام التشريق.
وأما التكبير المقيد: فيختلف الأمر أو الحال بالنسبة للحاج عنه بالنسبة لغير الحاج:
- بالنسبة للحاج: يبتدئ من ظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق.
- ولغير الحاج من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق.
النهاية واحدة للجميع للحاج ولغير الحاج, عصر آخر أيام التشريق؛ لأنه بغروب الشمس تنتهي أيام التشريق وأما بالنسبة للبداية بالنسبة للتكبير المقيد فالحاج يبتدئ من ظهر يوم النحر وغير الحاج من فجر يوم عرفة.
التكبير المقيد هو المقيد بالصلوات في أدبار الصلوات بحيث إذا سلم في صلاة جماعة وقال: استغفروا الله استغفروا الله استغفروا الله اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام, يكبر وبعضهم يقول: لا... يكبر حال السلام قبل الاستغفار وقبل هذا الذكر, ولكن الأنسب للصلاة أن يستغفر وأن يذكر هذا الاستغفار وهذا الذكر ثم يكبر.
عندنا الآن تكبير مطلق ليس معه تكبير مقيد وهذا من دخول العشر إلى ليلة عرفة هذا مطلق وليس معه مقيد وهل يوجد مقيد بدون مطلق؟ بناءً على القول الأول الذي يرى أن التكبير المطلق ينتهي بانتهاء العشر يكون بعد ذلك خاص بالمقيد.
وعلى القول الذي رجحناه وهو أن التكبير المطلق يمتد إلى آخر أيام التشريق يعني: إلى غروب شمس اليوم الأخير من أيام التشريق فيجتمع المطلق والمقيد بالنسبة للحاج من ظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق وبالنسبة لغير الحاج من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق؛ ولهذا نقول: متى يجتمع التكبير المطلق والمقيد؟ لقيل: بالنسبة للحاج من ظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق وبالنسبة لغير الحاج من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق.
صفة التكبير: ورد التكبير بعدة صفات منها شفعاً كما قال المؤلف: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
ومن الصفات أيضاً وتراً ثلاث تكبيرات: الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: بالنسبة للمرأة إذا ما استطاعت الخروج لصلاة العيد كأن يكون ولي أمرها منعها من الخروج فما الحكم إذا صلت في بيتها ؟
هذا سبق البحث فيه قبل قليل فيما يتعلق بمن لم يدرك صلاة العيد مع الإمام هل يقضيها على صفتها أم لا؟ يشرع له القضاء شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- يقول: إنه لا يشرع له قضاؤها ومن لم يأتِ ويصلِّ مع الإمام هذه الصلاة على هذا الوجه الذي شرعت له فإنه لا يصليها لا يشرع له ذلك وأكثر الفقهاء على أنه يشرع له ذلك وله أن يصليها إما على صفتها أو ركعتين لا على صفة صلاة العيد أو أربعاً هو مخير بين ذلك والأمر فيه سعة بحمد الله .
تقول: من نسي سجدة في أول ركعة من صلاة الفجر ثم صفقت له زوجته لكنه لم يسمع عدة مرات وأتم الركعة الثانية فماذا يعمل حيث إنه أتى بالسجدة بعد الصلاة وأتم ركعة أخرى فهل هذا العمل صحيحاً ؟
نعم, إذا فات ركنٌ من أحد الركعات في الصلاة ولم يتداركه حتى سلَّم فإن الركعة التي ترك منها الركن تبطل ويعوضها بركعة أخرى وحيث إن الأخ المسؤول عنه قد أتى بركعة أخرى فصلاته صحيحة - إن شاء الله تعالى.
عندنا في جميع المساجد يقرأ القرآن جماعة يوم الجمعة قبل الصلاة من طرف أغلب المصلين فما حكم هذه القراءة الجماعية كما أنه يومياً وعقب صلاة الصبح والمغرب يقرأ جماعة في المسجد حزب من كتاب الله- تعالى- فما حكم هذه التلاوة؟
بسم الله الرحمن الرحيم. المعهود والوارد من فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفعل الصحابة وفعل السلف أنهم كانوا يقرؤون القرآن ويتدارسونه فيما بينهم والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليه السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عندنه ) ولكن كل يقرأ بنفسه يعني: يجتمعون في المسجد ويقرؤون هذا يقرأ في المصحف وهذا يقرأ عن ظهر قلب وهذا يسبح وهذا يصلي وهذا يحمد أما أن يجتمع الناس حلقة ويقرؤون قراءة جماعية فهذا لم يرد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا إلا إذا كان المراد على سبيل التعليم يعني: يجتمعون ويقرأ واحد والآخرون يتابعونه تعليماً يعني يقرئهم القرآن يعلمهم في ذلك أما تعبداً وتلاوة فالمشروع هو فعل السلف وفعل الصحابة هو عدم الاجتماع على القراءة بصوت واحد وهذا الذي يظهر لي- والله أعلم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هناك سؤالان السؤال الأول: إذا لم يكن هناك مصلى للعيد خارج المدينة أو أن يمنع المسؤولون ذلك فما العمل؟
السؤال الآخر: درج بعض الناس في السنوات الأخيرة إظهاراً لشعيرة الصلاة في المصلى خارج المدينة أن يصلوا صلاة الفجر في جماعة تخرج جماعة المسجد من كل منطقة في المدينة تكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد وكلما مروا في طريق تبعهم ناس وازداد العدد يكبرون فيبدؤون مثلا بخمسين فرداً فيصلون إلى ألف أو ألفين حتى يصلوا إلى المصلى ومن كل مفترق كذلك فما الحكم في ذلك ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الواضح الآن الموجود المصليات في مدن المملكة أنها داخل البلد وتحيط بها البيوت يعني: ليس هناك فرق بين المساجد والمصليات والمسجد غير مكشوف فهل هناك الآن مزية للصلاة في المصلى دون المسجد في هذه الأماكن أو القرى التي يكون المصلى داخل القرية ليس خارج البلد؟
إذا قيل: بأن صلاة العيد فرض عين كما اختيار أبو العباس ابن تيمية فهل يعني هذا أن تأثيم من لا يصلي هذه الصلاة رجل كان أو امرأة وهل تكون صلاة العيد من الصلوات التي تكون واجبة الأداء غير واجبة القضاء يعني: هل يلزم من قول فرض عين أنه يجب قضاؤها في حال عدم أدائها ؟
السؤال الثالث: الإنسان إذا قيل بأن الأحاديث الواردة في هذا الباب عن الاغتسال من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تصح وأنها تصح من فعل ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- فهل تظل السنية باقية؟
يقول: إذا كان مصلى العيد خارج المدينة
هو كما بينا في الكلام عن فعل القضية أن السنة أن تصلى العيد في أماكن مخصصة لها خارج المدينة وليس بواجب يعني: ليس الأمر بواجب فإذا كان متيسراً فتصلى خارج البلد في مكان مخصص وهو مصلى العيد إظهاراً لهذه الشعيرة واقتداءً بالرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكن لا أعرف القول بأنه يجب الخروج وإنما هو مسنون فإذا تيسر فعل هذه السنة فالحمد لله وإذا لم يتيسر فتصلى في الجوامع والأمر- بحمد الله- فيه سعة هذا بالنسبة للسؤال الأول.
يقول عن عادة عندهم في بلدهم أنهم يصلون الفجر في جماعة ثم يخرجون مكبرين إلى مصلى العيد
الذي يظهر لي- والله أعلم- أنه إذا اتخذ ذلك عادة فإنه لا ينبغي لأنه على خلاف السنة وعلى خلاف الوارد وإنما يمكن أن ينبه الناس في خطب الجمعة وفي المساجد الأئمة يحثون الناس على الخروج إلى صلاة العيد ويبينون لهم فضلها والتأكيد عليها وما فيها من الفضائل وما في الاجتماع لها من الخير والبركة وشهود دعوة المسلمين, أما أن يسلك هذا المنهج بهذا الطريق الذي يسلكه من ذكر السائلُ فلا يظهر لي أنه مناسب والله أعلم.
يقول ويتساءل عن وجود المصليات داخل المدن
بالنسبة للمدن الكبيرة يعني يصعب جدا أن تجعل المصليات خارج العمران تماماً لأن المدن الكبيرة تزحف بسرعة وتنمو نمواً سريعاً كما هو مشاهد فيمكن في هذا اليوم نختار مكاناً لمصلى العيد خارج البلد لا أقول: بعد خمس سنوات وإنما بعد سنة يكون داخل البلد قد سبقه العمران مسافات شاسعة ولهذا من الصعوبة بمكان أن كل سنة أنتقل إلى مكان أبعد يعصب على الناس ويشق عليهم وتبتعد مصليات العيد عمَّن هم في داخل المدينة في وسط المدينة وأكبر مثال على ذلك في الرياض كان مصلى العيد مصلى العيد الآن قريباً من وسط البلد الذي هو المصلى الأساس أصبح الآن في قلب المدينة واستحدثت مصليات للعيد كانت خارج العمران في بعض الأحياء ثم تجاوزتها أحياء وأحياء فهذا من الصعوبة بمكان ويبقى بحمد الله إذا خصص مكان ومصلى للعيد وكما هو على صفته الآن غير مسقوف وغير محوط فيبقى الحكم له - إن شاء الله تعالى.
يقول: على القول القائل بأن صلاة العيد فرض عين هل يعني ذلك تأثيم من لا يصليها؟
هذا ما فيه إشكال الذين يقولون بوجوبها يؤثمون من تخلف وهذا هو معنى الوجوب.
الوجوب العيني: إذا تخلف عنه من يجب عليه هذا الواجب فإنه يأثم بتركه هذا تعريف الواجب أن يثاب على فعله ويعاقب على تركه وإذا قلنا: إن صلاة العيد واجبة عيناً على كل شخص فمعناه أنه يجب عليهم أداؤها ويأثمون بتخلفهم عنها, ولكن- كما سبق- الرأي الذي يقول: إنها فرض كفاية له وجه قوي لأن هناك أوامر كثيرة وتأكيداً على صلاة العيد وفيه أيضاً أحاديث تصرف هذه الفرضية إلى أنها فرض كفاية لأن المقصود إقامة هذه الشعيرة وربما يقال: يترتب على الوجوب العيني حرج على جميع الناس وعلى جميع الأمة.
يسأل عن الأحاديث الواردة في الباب
هذ ذكرناه أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما تقول أم عطية وأمر أكثر من أمر في قضية صلاة العيد فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومحافظته عليها وقول الله- تعالى- في سورة الكوثر: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾، هذه أوامر.
يقول: إذا جاء العيد أو تزامن العيد مع يوم الجمعة فهل تسقط صلاة الجمعة, هل تصلى ظهراً أم يسقط الظهر؟ كذلك وجزاكم الله خيراً
نعم هذا سؤال وجيه وللفقهاء بحث فيه يعني يتكلمون عن هذه القضية وقد حدث هذا أيضاً في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما أتذكر أنه على عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو على عهد أحد خلفائه شك مني أنه وافق العيد جمعة (فصلى بهم العيد ولما صلى قال في خطبته لمن هم خارج المدينة: من شاء أن يصلي الجمعة فليصلِّ وإل | |
|
ابنة اللجين عضو نشيط
الجنس : عدد المساهمات : 110 تاريخ التسجيل : 17/10/2009 نقاط : 154
| موضوع: رد: صلاة العيدين الخميس نوفمبر 26, 2009 6:16 am | |
| | |
|
امة الله عضو متميز متقدم
الجنس : عدد المساهمات : 246 العمر : 39 الجنسيه : مصرية علم بلدك : تاريخ التسجيل : 07/07/2009 نقاط : 458 الاوسمة :
| موضوع: رد: صلاة العيدين الخميس ديسمبر 03, 2009 4:21 pm | |
| | |
|