اولا .. ساعة الولادة
فليس هناك دليل - فيما نعلم - يدل على مشروعية قراءة شيء من القرآن، أو الأدعية عندما يولد الطفل، سواء من قبل الأم، أو من قبل الأب، أو من قبل غيرهما، ولكن على أبوي المولود أن يحمدا الله ويشكراه، ويسألاه أن يجعل مولودهما صالحاً مباركاً، وقرة عين لهما.
ويستحب تبشير من ولد له مولود وتهنئته بذلك والدعاء للمولود بالبركة، فقد بشرت الملائكة إبراهيم وزوجه بغلام عليم، كما بشرت زكريا بيحيى عليهما السلام.
قال ابن القيم رحمه الله: فإن فاتته البشارة استحب له تهنئته، والفرق بينهما أن البشارة إعلام له بما يسره، والتهنئة دعاء له بالخير فيه بعد أن علم به".
وقال: ولا ينبغي للرجل أن يهنئ بالابن ولا يهنئ بالبنت، بل يهنئ بهما أو يترك التهنئة ليتخلص من سيئة الجاهلية، فإن كثيراً منهم كانوا يهنئون بالابن وبوفاة البنت دون ولادتها.
وللمرأة أن تدعو قبل ولادتها أو أثنائها أو بعدها بما أحبت مما يناسب حالها، ولا نعلم دعاء خاصاً بكل حالة من تلك الحالات، كما أنه ليس هناك دليل يثبت أن ساعة الولادة ساعة إجابة، إلا أنه إذا تعسرت الولادة فهي مضطرة، ودعوة المضطر مستجابة، كما قال تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) [النمل:62].
وليس هناك أية، أو حديث، أو دعاء معين ييسر عملية الإنجاب، وإنما ييسر ذلك عموم الدعاء، كما فعل زكريا فاستجاب الله له دعاءه، ووهب له يحيى على كبر، قال الله تعالى: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء:89-90].
ثانيا .. التأذين فى اذن الطفل اليمنى
فيستحب التأذين في أذن المولود اليمنى، لما رواه الحاكم عن أبي رافع قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة. رواه أبو داود والترمذي وقال حديث صحيح.
وأما الإقامة في أذنه اليسرى فقد جاء فيها حديثان لكنهما لا يثبتان.
الأول: من حديث الحسن بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى رفعت عنه أم الصبيان. رواه البيهقي في الشعب وأبو يعلي في مسنده وقال الألباني موضوع.
والثاني: عن أبي سعيد عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي وأقام في أذنه اليسرى. رواه البيهقي.
قال البيهقي بعد أن روى الحديثين وفي هذين الإسنادين ضعف.
وأما ما روي عن عمر بن عبد العزيز أنه كان إذا ولد له ولد أذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى، فقد قال عنه ابن حجر في التلخيص الحبير: لم أره عنه مسنداً، وقد ذكره ابن المنذر عنه. انتهى
وعليه، فإنه يؤذن في أذن المولود اليمنى ولا يقام ولا يؤذن في أذنه اليسرى، قال ابن قدامة في المغني: قال بعض أهل العلم يستحب للوالد أن يؤذن في أذن ابنه حين يولد.......
ثالثا .. تحنيك الطفل بالتمر
فتحنيك النبي صلى الله عليه وسلم للصبيان سنة متبعة.
قال النووي رحمه الله في شرح المهذب (8/424): السنة أن يحنك المولود عند ولادته بتمر، بأن يمضغه إنسان ويدلك به حنك المولود ويفتح فاه حتى ينزل إلى جوفه شيء منه، قال أصحابنا - يعني الشافعية: فإن لم يكن تمر فبشيء آخر حلو، ودليل التحنيك وكونه بتمر الحديث الصحيح. انتهى كلامه رحمه الله.
ويقصد بالحديث حديث أنس رضي عنه الذي رواه مسلم قال: ذهبت بعبد الله بن أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولد قال: "هل معك تمر؟ قلت: نعم، فناولته تمرات فلاكهن، ثم فغر فاه، ثم مجه فيه، فجعل يتلمظ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انظروا حب الأنصار التمر". وباستحباب التحنيك قال عامة الفقهاء، ولا نعلم في ذلك خلافًا بينهم.
رابعا.. حلق رأسه والتصدق بوزنه فضة
فحلق شعر المولود الذكر في اليوم السابع من ولادته، والتصدق بوزنه ذهباً أو فضة او مايساوي ثمنها سنة،واختلف العلماء في حلق شعر المولود الأنثى، فذهب الشافعية والمالكية إلى أنه سنة كذلك قياساً على الذكر، ولعموم النصوص الواردة في سنية الحلق. وذهب الحنابلة إلى كراهة حلق شعر المولود الأنثى، ودليل السنية ما رواه أحمد والترمذي وصححه عن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى" كما يسن أن يتصدق بزنة شعره فضة ، لما رواه الترمذي عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن بشاة وقال: "يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة" وهذه الصدقة على الفقراء.
خامسا ..ذبح العقيقة
العقيقة هي الذبيحة التي تذبح للمولود، وهي سنة مؤكدة كما ذهب إليه جمهور أهل العلم. لما رواه مالك في موطئه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ولد له ولد فأحب أن ينسك عن ولده فليفعل. وقال صلى الله عليه وسلم: الغلام مرتهن بعقيقته، يذبح عنه يوم السابع ويسمى ويحلق رأسه. رواه أحمد و أصحاب السنن عن سمرة مرفوعا وصححه الترمذي.
ويذبح عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، لما رواه الترمذي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمرهم أن يعق عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة. ويسن أن تذبح يوم السابع للولادة، فإن لم يكن ففي الرابع عشر وإلا ففي الحادي والعشرين لما أخرجه البيهقي عن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العقيقة تذبح لسبع أو لأربع عشر أو لإحدى وعشرين. فإن لم يتمكن في هذه الأوقات، لضيق الحال أو غير ذلك فله أن يعق بعد ذلك إذا تيسرت حاله، من غير تحديد بزمن معين. إلا أن المبادرة مع الإمكان أولى.
ولايجزئ فيها إلا ما يجزئ في الأضحية، فلا يجزئ فيها عوراء ولا عرجاء ولا جرباء، ولا م**ورة، ولا ناقصة، ولا يجز صوفها، ولا يباع جلدها ولا شيء من لحمها. ويأكل منها، ويتصدق، ويهدي. فسبيلها في جميع الوجوه سبيل الأضحية.
والسن المجزئ في الأضحية والعقيقة إذا كانت من الإبل أن تكون مسنة وهي ما لها خمس سنين، ومن البقر ماله سنتان، ومن المعز ماله سنة، ومن الضأن ماله ستة أشهر. ولا يجوز أن يكون سنها أقل مما ذكر.
ولا يشترط أن يرى الوالد دم العقيقة وليس على ذلك دليل.
وذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يستحب طبخ العقيقة كلها حتى ما يتصدق به، وإن فرقها بدون طبخ جاز ذلك.
سادسا .. تسمية المولود
فإنه يسن تسمية الولد في اليوم السابع من الولادة، أو يوم الولادة نفسه كما ذكره النووي في الأذكار. ويسن أن يكون الاسم حسناً للحديث الذي رواه أبو داود والدارمي وابن حبان وأحمد: " إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فحسنوا أسماءكم ". وأفضل الأسماء عبد الله وعبد الرحمن، لخبر مسلم في صحيحه: " أحب الأسماء إلى الله تعالى عبد الله، وعبد الرحمن". وفي أبي داود: "وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة ". فمن هذه الأحاديث وما في معناها يستفاد الندب إلى التسمي بكل اسم يكون معناه حسناً كأسماء الأنبياء والملائكة، وأسماء الجنة وما فيها لحسن معناها.
فإذا كان الاسم يقتضي تعظيماً أو تفخيماً فلا ينبغي التسمية به، لأن الله تعالى يقول: (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ) [النجم: 32] وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تسمية الغلام رباحاً أو نجيحاً، ففي صحيح مسلم عن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ولا تسم غلامك يساراً ولا رباحاً ولا نجيحاً ولا أفلحاً فإنك تقول: أثَمَّ هو؟ فلا يكون فيقول: لا".
وكذلك الاسم برة، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، فعن زينب بنت أبي سلمة أنها سميت برة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم، فقالوا بم نسميها؟ قال: سموها زينب " رواه مسلم. وقد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أسماء بعض زوجاته رضي الله عنهن، كزينب بنت جحش وزينب بنت أم سلمة وجويرية بنت الحارث المصطلقية، وكان اسم كل واحدة منهمن برة، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم.
و تحرم التسمية بكل اسم يختص به جل وعلا، مثل: الخالق، الرحمن، القدوس، الأول، الآخر، الباطن، ونحوها.
والتسمي باسم مضاف إلى اسم من أسماء الله مكروه كراهة شديدة مثل نور الله او نور الاله او ماشابه , فأن من سمى نفسه بمثل هذه الاسماء فقد زكى نفسه بذلك، ودل اسمه على كذب، وأوهم محذوراً .
ومما يكره -التسمي بياسين؛ لأنه اسم سورة من سور القرآن العظيم، وقيل إنه اسم من أسماء الله تعالى قال القرطبي : وقيل إنه اسم من أسماء الله قال مالك : روى عنه أشهب قال: وسألته: أينبغي لأحد أن يتسمى بياسين ؟ قال: - أي مالك - ما أراه ينبغي لقول الله عز وجل: يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [يس:1- 3].
وقال ابن القيم رحمه الله: ومما يمنع منه التسمية بأسماء القرآن وسوره، مثل: طه، ويسن، وحم، وقد نص مالك على كراهة التسمية بـ يس ذكره السهيلي، وأما ما يذكره العوام أن يس وطه من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم فغير صحيح، ولا حسن، ولا مرسل، ولا أثر عن صاحب، وإنما هذه الحروف مثل: ألم، وحم، الر، ونحوها
والأفضل للإنسان أن يسمي أولاده بأسماء الأنبياء والصالحين، والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، كما ذكره الفقهاء. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدل الاسم القبيح باسم حسن، كما روى أبو داود: " أنه غير اسم عاصية، وقال: أنت جميلة ".
وجماع الأسماء المكروهة والممنوعة يرجع إلى الأمور التالية
أن يكون فيها تعبيد لغير الله كعبد الرسول وعبد المطلب وعبد النبي
أن يكون مما هو مختص بالله من الأسماء، أو معرف بأل من الصفات، كالرحمن والعليم وملك الملوك.
أن يكون ذا معنى مذموم، كحرب ومرة وحزن.
أن يكون من الأسماء المائعة التي لا معنى لها كزوزو وميمي او اسماء نصرانية كنتالي و نيكول وغيرها.
ما فيه تزكية للنفس كبرة.
ولمزيد فائدة راجع كتاب ابن القيم (تحفة المودود)
سابعا .. الختان للذكر
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقص الشارب. متفق عليه. والفطرة في الحديث فسرها أكثر العلماء بالسنة، قال النووي رحمه الله: تفسير الفطرة هنا بالسنة هو الصواب. والسنة هنا هي الطريقة المتبعة، وقد اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة، كما ثبت ذلك في حديث متفق عليه، وقال الله تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل:123]، وقد اختلف الأئمة رحمهم الله في حكمه بعد اتفاقهم على مشروعيته، فقال الشعبي وربيعة والأوزاعي ويحيى بن سعيد ومالك والشافعي وأحمد وهو واجب، وشدد فيه مالك حتى قال من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته، ونقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سنة، حتى قال القاضي عياض الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة، ولكن السنة عندهم يأثم تاركها، فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب. وقال أبو حنيفة والحسن: لا يجب بل هو سنة