من السؤل عن
تزوير حقيقة ميلاد السيد المسيح
تعاقبت السنين
على ميلاد يسوع، وما
زلنا لا نملك أيّ
وثيقة تاريخية عن حياة هذه
الشخصية الاستثنائية في التاريخ الروحيّ للإنسانية. وما زالت الأناجيل الأربعة التي
اعتمدتها الكنيسة تقف شاهداً وحيداً على ميلاده ومسيرة حياته البشرية ومحاولة
إثبات صلبه. وعلى الرغم من أنّ الكنيسة قد أقرّت في صُلب عقائدها أنّ
الأناجيل الأربعة قد كتبت
بإلهام إلهيّ، إلا أنّها لم تفلح في تقديم تفسير منطقيّ للتناقضات الواقعة بين هذه
الأناجيل، والتي من شأنها نفي عقيدة الإلهام الإلهيّ
نفسها.
هنا سؤال : إذا
كانت الأناجيل كتبت بالهام الهي لماذ اختلفت
النصوص
الحقيقة، إنّ
مشكلة التناقض بين هذه الوثائق التي تقف دون سند خارجيّ، لن تجد حلاً لها سواء
بالنسبة إلى المؤمن المسيحيّ أم بالنسبة إلى الباحث عن الحقيقة
التاريخية، إلا إذا نحن
استغنينا عن فكرة الإلهام الإلهيّ ونظرنا إلى مؤلّفي الأناجيل باعتبارهم
حَمَلة رسالة دينية لا باعتبارهم مؤرّخين يعملون على تقصّي الحقائق وفق مناهجنا البحثية
الحديثة
سؤال : ماهو
الإلهام الالهى إن السؤال يدل على الإجابة لكن حاشى لله أن يلهم هذا بنص وذاك بنص
أخر يعارضه
أوّل الأناجيل
وهو إنجيل مرقس
1ـ
لقد دُوّن أوّل الأناجيل وهو إنجيل مرقس نحو عام 70م، أي
بعد أربعين سنة على وفاة يسوع وسبعين سنة على
ميلاده؛
2ـ ودُوّن آخرها
وهو إنجيل يوحنّا بين عام
100 وعام 110م، أي بعد مضيّ نحو سبعين سنة على وفاة يسوع ونحو قرن كامل على
ميلاده
الهام الهي أم
قصص وروايات ماأنزل الله بها من سلطان
أ. هذا إثبات أنّ
مؤلّفي الأناجيل كانوا في حالة انقطاع تامّ عن الأحداث التي
يروونها، وأنّ كلاً منهم قد تقصّى وقائعه على طريقته الخاصّة، واختار منها ما يتلاءم
مع طبيعته الشخصية وثقافته
سؤال
: إن الذين كتبوا
الأناجيل هم بشر ليس مؤيدون من الله؟ولكن الفترة بين المسيح وكتابة الأناجيل زمن
كبير ؟ يعنى كتبة الأناجيل اعتمدوا على قصص ورويات سمعيه ؟ وهنا لا يغيب عنا عداوة اليهود والممالك للمسيح ولذالك دبروا
لقتله
ب. .
وبالنظر إلى أنّ اللاهوت المسيحيّ كان ينمو ويتطوّر خلال
هذه الفترة الفاصلة بين
الحدث وزمن تدوينه، فإنّ المفاهيم اللاهوتية المستحدثة كان لا بدّ لها من أن تفرض
نفسها على تفسير ذلك الحدث
ج. وفي ظلّ غياب السلطة الدينية المركزية وعدم استقرار اللاهوت
المسيحيّ في ذلك الوقت المبكّر، فقد كان على كلّ مؤلّف إنجيليّ، سواء فيما
يتعلّق باختياره لروايته أم في تفسيره لها، أن يصدر عن موقف شخصيّ
ورؤية خاصّة
به
فالحقيقة
الغائبة أن هناك فارق كبير بين الأنبياء والرسل . والعامة . فالنبي أو الرسول لايتكلم من عند نفسه بل كلامه من
عند الله وأما البشر عقولهم قاصرة ؟ ولى
هنا
سؤال إن
كان البشر لايخطؤن فما وظيفة الأنبياء والرسل ولماذا أرسلهم الله من
الأصل؟؟؟؟
ومن هنا
نبدأ
أسرة المسيح
كما ترويها الأناجيل
تعارض
رويات الأناجيل
يوسف
النجار
يقول إنجيل مرقس
1ـ
فإنجيل
مرقس الذي تجاهل قصّة الميلاد لا يأتي على ذكر مريم بالاسم إلا مرّة
واحدة عندما قال أهل الناصرة عن يسوع: أليس هذا النجّار ابن مريم (مرقس 6: 3 المقصود
هنا المسيح
2ـ
أمّا يوسف فقد تجاهله مرقس تماماً ولم يأت على ذكره لا من قريب ولا من
بعيد
يقول إنجيل متى
3ـ
وفي إنجيل متى أشار المؤلف إلى مريم بالاسم مرّة واحدة وأشار إلى يوسف
بصفته النجّار دون ذكر
اسمه،
عندما أعاد صياغة قول أهل الناصرة بخصوص يسوع ليغدو على الشكل
التالي: " أليس هذا ابن النجّار؟ أليست أمّه تدعى مريم؟ (متى 13: 55)
يقول إنجيل لوقا
4.
وفي إنجيل
لوقا يرد ذكر يوسف ومريم بعد قصّة الميلاد مرّة واحدة فقط ولكن دون ذكر اسميهما،
وذلك في قصته عن زيارة أسرة يسوع إلى أورشليم عندما كان في سنّ الثانية عشر،
وكيف افتقده أبواه ليجداه في الهيكل يناقش الشيوخ (لوقا 4:
16-22)
يقول انجيل
لوقا
5.
(لوقا 4: 23)وبعد ذلك تغيب
مريم تماماً، أمّا يوسف فيرد ذكره مرّة واحدة عندما قال أهل الناصرة عن
يسوع: أليس
هذا ابن يوسف؟ "
و نلاحظ
هناالأتى
. لوقا
قد تجاهل مريم حتى عندما
جاء إلى التعريف بأبوي يسوع
. إنجيل
يوحنا(1: 45 و6:
48)
وهو الإنجيل الثاني بعد مرقس الذي تجاهل قصّة
الميلاد، يرد ذكر يوسف بالاسم مرّتين في معرض الإشارة إلى يسوع على أنّه ابن يوسف
ولكن دون أيّ معلومات أخرى عن هذه الشخصية
الغامضة
.
(يوحنا 2: 1-5أمّا مريم فلم يرد ذكرها بالاسم، وإنّما بصيغة " أمّ يسوع " وذلك
في موضعين
فقط. فقد ورد ذكرها في مطلع الإنجيل في قصة تحويل يسوع الماء إلى خمر
في بلدة
قانا الجليل: " وفي اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل وكانت أمّ يسوع
هناك، ودُعي
يسوع وتلاميذه إلى العرس، ولمّا فرغت الخمر قالت أمّ يسوع له ليس لهم
خمر. فقال
لها يسوع: ما لي ولكي يا امرأة؟ لم تأت ساعتي بعد. فقالت
أمّ يسوع للخدم: مهما قال
لكم فافعلوه. في هذا الحوار الذي قدّمه لنا يوحنا،
لدينا دليل
على الدفء المفقود بين يسوع وأمّه، وذلك في قوله لها: " مالي ولكي يا
امرأة.
.
(متى 12: 46-50). وهذا
ما نلاحظه أيضاً في مشاهد لاحقة: " فبينما هو يكلّم الجموع إذا أمّه
وإخوته خارجاً
طالبين أن يكلموه، فقال له واحد: هو ذا أمّك وأخوتك واقفون خارجاَ يطلبون
أن يكلّموك.فقال
له: من هي أمّي ومن هم إخوتي؟ ثم مدّ يده نحو تلاميذه وقال: ها أمّي وها
إخوتي، لأنّ من يصنع مشيئة أبي الذي في السماوات هو أخي وأختي وأمّي ولعلّ في هذا
التعليق من قبل يسوع إشارة خفيّة إلى أنّ أسرته لم تكن بين
من يصنع مشيئة الله، ولم تكن قد آمنت به بعد. ويؤكّد لنا هذا ما أورده
إنجيل مرقس
من أنّ أسرة يسوع جاءت للقبض عليه لأنهم اعتبروه فاقد الرشد: "ولما سمع أقرباؤه
خرجوا ليمسكوه لأنهم قالوا إنه مختلّ." (مرقس 3: 21)
6
ـ
(مرقس 3: 31-35) وبعد بضع فقرات
من الإصحاح
نفسه يقول لنا مرقس: " فحينئذ جاء إخوته وأمّه ووقفوا خارجاً يطلبونه…
الخ ممّا
ورد عند متّى في المقتبس السابق ."
أيها العقلاء
أيعقل ذالك
.
فأسرة يسوع قد خرجت أوّلاً للقبض عليه،
وعندما عرفوا مكانه جاءوا ووقفوا خارج البيت
يطلبونه
.
(لوقا 11: 27-28كما نلاحظ الدفء المفقود
بين يسوع وأسرته في مشهد آخر صدر فيه عن يسوع تعليق مشابه لتعليقه آنف الذكر:
وفيما هو يتكلّم بهذا، رفعت امرأة صوتها من الجمع وقالت له: طوبى للبطن الذي
حملك وللثديين اللذين رضعتهما. أما هو فقال: بل طوبى
للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه.
ـ
(يوحنا 19: 25) بعد عرس قانا لا تظهر مريم في إنجيل يوحنا إلا في
مشهد الصلب: "وكانت واقفات عند صليب يسوع: أمّه، وأخت أمّه مريم زوجة
كلوبيا، ومريم
المجدلية.
.
سؤال ـ فأين كانت مريم خلال مدّة السنتين اللتين استغرقتهما
حياة يسوع التبشيرية في إنجيل يوحنا؟ ولماذا لم تكن بين
النسوة اللواتي تبعن
يسوع من الجليل ورافقنه في حلّه وتر حاله ؟
7ـ
وفي بقية أسفار العهد الجديد البالغ
عددها سبعة وعشرين سفراً، لا يرد ذكر يوسف النجار، بينما يرد ذكر مريم
مرّة واحدة
في سفر أعمال الرسل حيث يقول لنا المؤلّف في الإصحاح الأوّل بأنّ التلاميذ
في أورشليم
بعد صعود يسوع: "كانوا يواظبون على الصلاة مع النساء ومريم أمّ يسوع
ومع إخوته."
(الأعمال 1: 14)
.
وعلى الأرجح فإنّ هذا الخبر هو إضافة لاحقة على النص الأصليّ،
لأنّ مؤلّف سفر الأعمال هو لوقا نفسه الذي تجاهل في إنجيله وجود مريم
إلى جانب
يسوع خلال حياته التبشيرية، فهي لم تكن بين النسوة اللواتي تبعنه، ولم
تكن موجودة
عند القبض عليه ولا عند محاكمته ولا في مشهد الصلب، كما لم يرد ذكرها
بين الذين
شهدوا طهورات يسوع بعد قيامته. من هنا فإننا نستبعد أن يكون لوقا هو الذي
جاء بمريم
فجأة إلى مسرح الحدث، ثمّ جعلها تختفي ثانية بالطريقة التي ظهرت بها .
نسب
المسيح
كما ترويها الأناجيل
هذا
المأزق المتعلّق بنقص المعلومات عن حياة يسوع قبل ظهوره العلنيّ بعد اعتماده
بماء الأردن على يد يوحنّا المعمدان وهو في نحو الثلاثين من عمره، هو
الذي دفع
متّى ولوقا إلى ابتكار سلسلة نسب ليسوع تربطه بالملك داود، وإيرادهما
لقصّة ميلاد
لا تحتاج إلى الوثائق لأنّها تستخدم لغة ميثولوجية من أجل التعبير عن
حقائق إيمانية
لا عن حقائق تاريخية
نسب
المسيح فى
إنجيل متّى
8 يستهل متّى
إنجيله بمقدمة عن نسب يسوع من ناحية يوسف النجار،
فيعرض لنا سلسلة تبتدئ بإبراهيم الأب الأوّل للشعب العبرانيّ، وفي الوسط تمرّ
بالملك داود، ثمّ تنتهي بيوسف: " كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم:
إبراهيم وَلَدَ إسحاق، وإسحاق وَلَد يعقوب، ويعقوب وَلَد يهوذا وإخوته … الخ … وأليغازر
وَلَد متان، ومتان وَلَد
يعقوب، ويعقوب وَلَد يوسف رجل مريم التي وُلِدَ منها يسوع الذي يدعى المسيح. " (متى
1: 1-26)
نسب
المسيح فى
إنجيل لوقا
9
أمّا لوقا فلم يستهلّ إنجيله بسلسلة
نسب يسوع وإنما أطلعنا عليها بعد ابتداء يسوع بكرازته،
وذلك في الإصحاح الثالث
حيث نقرأ: ولمّا ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة. وهو على ما كان
يُظنّ: ابن
يوسف، بن هالي، بن متثات بن
لاوي بن ملكي …الخ .. " (لوقا 3: 23-24)
.
وبمقارنة بداية
سلسلة لوقا مع نهاية سلسلة متّى نجد أنّ يوسف النجّار عند لوقا هو: بن
عالي بن
متثات بن لاوي. أمّا عند متّى فهو: بن يعقوب بن متان بن عازر. أي إنّ متّى
ولوقا لم
يتّفقا من حيث البداية على اسم الجدّ المباشر ليسوع، ولا على أسماء
أصوله الأقربين،
ثمّ يتابع لوقا بعد ذلك سلسلته في خطّ مختلف تماماً عن متّى، حتى لكأنّنا أمام
سلسلتي نسب لشخصيتين مختلفتين تماماً، وذلك وصولاً إلى الملك داود حيث
تعود السلستان
إلى الاتّفاق وتصلان إلى إبراهيم، لأنّ كلا المؤلفين يعتمدان هنا سلسلة الأنساب
التوراتية المعروفة. وعند إبراهيم تنتهي سلسلة متّى بينما يتابع لوقا منفرداً
وصولاً إلى آدم: " بن إبراهيم، بن تارح، بن ناحور … الخ
.. بن شيت بن آدم، ابن
الله
.
وبذلك فإنّ سلسلة لوقا تقوّض نفسها بنفسها لأنّها ابتدأت بالقول: " وهو على
ما كان يُظنّ ابن يوسف بن هالي"، وانتهت بالقول: " بن
شيت بن آدم ابن الله؟ . وذلك
مثلما تقوّض سلسلة متّى نفسها أيضاً عندما انتهت بالقول: " ومتان ولد يوسف رجل مريم
التي ولد منها يسوع "، ولم تقل: " ومتان وَلَد يوسف،
ويوسف وَلَد يسوع
فإذا جئنا إلى رواية
الحبل العذريّ والميلاد عند كلّ من متّى ولوقا، وجدنا أنفسنا أمام قصّتين مختلفتين
تماماً ونحن نقول أنه يجب أن تكون جميع نصوص الأناجيل مطابقة لأن من المفروض أنه
كلام المسيح
_________________
أخوكم في الله
فارس الاسلام
مدير منتدى فرسان التوحيد
http://www.forsanaltwhed.com/vb