حقيقة
الروح القدس عند اليهود :
إن التوراة كتاب
اليهود المقدس ذكرت الروح مضافة إلى القدس وإلى الله وبدون إضافة
، فجاءت الروح بمعنى الوحي بالإلهام ،
1 إذ جاء في سفر
الخروج: (( وملأته من روح الله بالحكمة والفهم والمعرفة وكل صنعة
)) ،
2 وجاء في سفر
حزقيال : (( وحل عليّ روح الرب وقال لي : قل هكذا قال الرب
))
3 وأجعل روحي في
داخلكم ، وأجعلكم تسلكون في فرائضي وتحفظون أحكامي
وتعملون بها )) .
وجاءت الروح
بمعنى الثبات والنصرة التي يؤيد الله بها من يشاء من عباده المؤمنين
،
4 إذ جاء في سفر
التكوين عن يوسف عليه السلام : (( فقال فرعون
لعبيده هل نجد مثل هذا رجلاً فيه روح الله ، ثم قال فرعون ليوسف بعدما أعلمك الله
كل هذا، ليس بصير وحكيم مثلك)) ،
5 وجاء في سفر
المزامير على لسان داود عليه السلام : (( لا تطرحني من قدام وجهك ، وروح
قدسك لا تنزعه مني )) ، وقـول النبي إشعياء : (( أين الذي
جعل في وسطهم روح قدسه ، الذي سير ليمين موسى ذراع مجده ))
.
وجاءت الروح
بمعنى جبريل ـ عليه السلام
6 ـ إذ جاء في
سـفر أشعياء : (( ولكنهم تمردوا وأحزنوا روح
قدسه ، فتحول لهم عدواً وهو حاربهم
))
7. وجاء عن
داؤد عليه السلام : (( روح الرب تكلم بي، وكلمته على لساني )) ، وجاء في سفر دانيال :
(( وسمعت صوت إنسان بين أولادي فنادى وقال يا
جبرائيل فَهِّم هذا الرجل الرؤيا )) ، وفيه
أيضاً
8:
(( إذا بالرجل جبرائيل الذي رأيته في الرؤيا في الابتداء ... وقال يا دانيال إني خرجت الآن لأعلمك الفهم
)) .
وجاء أن الروح
تهب القوة والنشاط ،
9 إذ جاء في سفر
القضاة : (( فحل عليه روح الرب فشقه كشق الجدي وليس في يده شىء)) ،
10 وفيه أيضاً
: (( وحل عليه روح الرب فنزل إلى أشقلون وقتل منهم ثلاثين رجلاً وأخذ
سلبهم )) ، وفيه أيضاً : (( فكان عليه روح الرب وقضى
لإسرائيل وخرج للحرب )) .
كما جاءت الروح
بمعنى الريح ،
11 وبمعنى روح
الإنسان ، وبمعنى الخلق والإحياء ، وبغير ذلك من المعاني
.
والروح سواء
أكانت مضافة إلى الله ، أم إلى القدس ، أم بدون إضافة ،
فإن المعنى أنها صادرة عن الله تعالى ، كما تبين لنا ذلك من النصوص السابقة الدالة
على معنى حقيقة الروح ، وأنها لا تعني سوى ذلك .
واليهود أهل
التوراة يعرفون حقيقة معنى الروح ،
12 ويعرفون أن
الروح القدس هو الذي يأتي بالوحي إلى الأنبياء ، وأنه
جبريل عليه السلام ، وأنه ينفذ أوامر الله، لا يأتي بشيء من عنده ، وما هو إلا عبد
الله ورسوله ، وأحد خلقه من ملائكة الله المقربين
،
ولكنهم مع كثرة
نزوله بالعقاب عليهم لكثرة عصيانهم لله ، ومخالفة أمره ،
كرهوا ملاك الله جبريل ، وكرهوا اسمه ، واعتبروه عدواً لهم ، ومحارباً لهم
،
13 فقد ذكر سفر
إشعياء هذه العداوة التي ملأت قلوبهم ، ونطقت بها أفواههم ، إذ جاء فيه :
(( إحسانات الرب ، اذكر تسبيح الرب حسب كل ما كافأنا به الرب ، والخير
العظيم لبيت إسرائيل الذي كافأهم به حسب مراحمه وحسب كثرة إحساناته ، وقد قال حقاً
إنهم شعبي ، بنون لا يخونون ، فصار لهم مخلصاً ، في كل ضيقهم تضايق ، وملاك حضرته
خلصهم ، بمحبته ورأفته هو فكَهم ، ورفعهم وحملهم كل الأيام القديمة ، ولكنهم تمردوا
وأحزنوا روح قدسه ، فتحول لهم عدواً وهو حاربهم
هذه العداوة من
اليهود للروح القدس جبريل ـ عليه السلام ـ جعلتهم يكرهون ذكر اسمه ،
14 لذلك فقد
اهتم اليهود بسؤال الأنبياء عن الروح الذي يأتي بالوحي من السماء ، فإن كان جبريل
قاطعوا النبي ولم يسمعوا له ، فقد ثبت في صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه
، قال : سمع عبد الله ابن سلام بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو في أرضٍ
يحترف ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا
نبي ، فما أول أشراط الساعة ؟ وما أول طعام أهل الجنة ؟
وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه ؟ قال : أخبرني بهم جبريل آنفاً ، قال : جبريل
؟ قال : نعم ، قال : ذاك عدو اليهود من الملائكة ، فقرأ هذه الآية : ((
من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك )) ...
الحديث .
15 وروى الإمام
أحمد عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : أقبلت يهود إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، فقالوا : يا أبا القاسم إنا نسألك عن خمسة أشيـاء فإن أنبأتنا بهم عرفنا أنك
نبي واتبعناك ، فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه ، إذ قالوا : الله على ما نقول
وكيل ، قال : هاتوا ـ الحديث ـ إلى أن قالوا : صدقت ، إنما بقيت واحدة ، وهي التي
نبايعك إن أخبرتنا بها ، فإنه ليس من نبي إلا له ملك يأتيه بالخبر ، فأخبرنا من
صاحبك ؟
قال :جبريل ـ
عليــه السلام ـ قالوا : جبريل ذاك الذي ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا، لو قلت
: ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان ، فأنزل الله عز وجل :
(( قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك )) إلى قوله :
(( فإن الله عدوٌ للكافرين )) .
16 وساق ابن
جرير بسنده نحواً من هذا الحديث ، ثم ذكر روايات أخرى جاء
فيها زعم اليهود أن جبريل عدوهم ، وأنه يأتيهم بالشـدة وسفك الدماء ، والحـرب
والقتال .
فتبين أن هؤلاء
اليهود يعرفون حقيقة الروح القدس وأنه جبريل عليه السلام وهو المذكور في كتبهم
المنزلة على أنبيائهم .
_________________
أخوكم في الله
فارس الاسلام
مدير منتدى فرسان التوحيد
http://www.forsanaltwhed.com/vb