معنى الاعتجار
معنى
الاعتجار
أولاً: المعنى اللغوي:
وذلك من خلال ثلاثة أمور:
1- قال ابن منظور في لسان العرب بعد
ذكره أقوالاً في الاعتجار: والعِجْرَة بالكسر نوع من العمة، يقال: فلان حسن
العِجرة، وفي حديث عبيد الله بن عدي الخيار: وجاء وهو معتجر بعمامته ما يرى وحشي
منه إلا عينيه ورجليه، الاعتجار بالعمامة هو أن يلفها على رأسه ويرد طرفها على
وجهه ولا يعمل منها شيئاً تحت ذقنه.
وقال ابن الأثير: "وفي حديث عبيد الله
بن عدي بن الخيار: (جاء وهو معتجر بعمامته، ما
يرى وحشي منه إلا عينيه ورجليه)، الاعتجار بالعمامة: هو أن يلفها على رأسه، ويرد
طرفها على وجهه، ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه". [النهاية في غريب الحديث والأثر
3/ 185]
2- قال محمد بن الحسن:
"لا يكون الاعتجار إلا مع تنقب، وهو أن يلف بعض العمامة على رأسه، وطرفا منه
يجعله شبه المعجر للنساء، وهو أن يلفه حول وجهه".
[المبسوط 1/ 31. انظر: عودة الحجاب 3/ 288].
3- ما قاله
ابن الأثير مؤيد بأشعار العرب، حيث قال الشاعر النميري [المصون في سر الهوى المكنون
40]:
يخبئن أطراف البنان من التقى ويخرجن جنح الليل
معتجرات
وقال الدكتور لطف الله
خوجة،حفظه الله: فإذا قيل: اعتجرت المرأة. دل ذلك على غطاء رأسها ووجهها، ولا يمُنع
من ذلك إلا بقرينة صحيحة.( الدلائل المحكمة على وجوب غطاء الوجه
ص78)
ثانياً:المعنى
الشرعي:
روى البخاري في باب قتل
حمزة بن عبد المطلب قصة ذهاب جعفر بن عمرو بن أمية الضمري وعبيد الله بن عدي الخيار
إلى وحشي في حمص ليسألاه عن قتل حمزة, وفيه أن جعفراً قال:"فجئنا حتى وقفنا عليه
بيسير, ثم سلمنا عليه, فرد السلام, قال: وعبيد الله معتجر بعمامته, ما يرى وحشي إلا
عينيه ورجليه" وبعد حكاية الحوار الذي دار بينهما, قال: جعفر:"فكشف عبيد الله عن
وجهه".(البخاري المغازي, قتل حمزة, فتح الباري[7/367])
قال الشيخ صفي الرحمن
المباركفوري, حفظه الله: فهذا يفيد أن معنى الاعتجار هو ستر الوجه بحيث لا يرى منه
إلا العينان.(إبراز الحق والصواب في مسألة السفور والحجاب ص48)
- الحق ما فهم الصحابيات:
قال الشيخ الشنقيطي، رحمه الله: وقد أثنت عائشة، رضي الله عنها، على تلك
النساء بمسارعتهن لامتثال أوامر الله في كتابه، ومعلوم أنهن ما فهمن ستر الوجوه من
قوله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} إلا من النبي، صلى الله
عليه وسلم؛ لأنه موجود وهن يسألنه عن كل ما أشكل عليهن في دينهن، والله جل وعلا
يقول {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ
إِلَيْهِمْ}. فلا يمكن أن يفسرنها من تلقاء أنفسهن.
الحديث الثاني:
عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: "كن
نساء المؤمنين يشهدن مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صلاة الفجر متلفعات بمروطهن
ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا
يعرفهن أحد من الغلس" متفق عليه. وقالت: "لو رأى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من
النساء ما رأيناه لمنعهن من المساجد كما منعت بنو إسرائيل
نساءها". وقد روي نحو هذا عن عبد
الله بن مسعود، رضي الله عنه.
الحديث الثالث: عن أم عطية، رضي الله
عنها، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد، قلن:
يا
رسول
الله إحدانا لا يكون لها جلباب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لتلبسها أختها من
جلبابها" متفق عليه.
وجه الدلالة
من الحديثين ما يلي:
1) عمل
الصحابيات، رضي الله عنهن، حجة:
قال الشيخ بكر أبو زيد، حفظه الله: ووجه الدلالة من هذا الحديث ظاهر، وهو أن
المرأة لا يجوز لها الخروج من بيتها إلا متحجبة بجلبابها الساتر لجميع بدنها، وأن
هذا هو عمل نساء المؤمنين في عصر النبي صلى الله عليه وسلم.(حراسة الفضيلة ص61)
قال الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله: والدلالة في هذا الحديث من وجهين:
أحدهما: أن الحجاب والتستر
كانا من عادة نساء الصحابة
الذين هم خير القرون وأكرمها على الله عز وجل، وأعلاها أخلاقاً وآداباً، وأكملها
إيماناً، وأصلحها عملاً، فهم القدوة الذين رضي الله عنهم وعمن اتبعوهم بإحسان، كما
قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَْوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَْنْصَارِ
وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ..}
فإذا كانت تلك طريقة نساء الصحابة، فكيف يليق بنا أن نحيد عن تلك الطريقة التي
في إتباعها بإحسان رضا الله تعالى عمن سلكها واتبعها! وقد قال الله تعالى:
{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ
غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ
وَسَاءَتْ مَصِيرًا}.
2) كل ما يترتب عليه
محذور فهو محظور:
قال الشيخ ابن عثيمين، رحمه
الله:
"الثاني: أن عائشة أم المؤمنين وعبد
الله بن مسعود، رضي الله عنهما، وناهيك بهما علماً وفقهاً وبصيرة في دين الله
ونصحاً لعباد الله، أخبرا بأن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لو رأى من النساء ما
رأيناه لمنعهن من المساجد، وهذا في زمن القرون المفضلة، فقد تغيرت الحال عما كان
عليه النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى حد يقتضي منعهن من المساجد.
فكيف بزماننا هذا بعد نحو ثلاثة عشر قرناً، وقد اتسع الأمر وقل الحياء وضعف
الدين في قلوب كثير من الناس؟! وعائشة وابن مسعود، رضي الله عنهما،
فَهِما ما شهدت به نصوص
الشريعة الكاملة من أن كل ما يترتب عليه محذور فهو محظور.
_________________
أخوكم في الله
فارس الاسلام
مدير منتدى فرسان التوحيد
http://www.forsanaltwhed.com/vb