جواز النظر إلى المخطوبة
قال الشيخ بكر أبو زيد، حفظه الله: وهي كثيرة
رواها جماعة من الصحابة، رضوان الله عليهم، منهم أبو هريرة وجابر والمغيرة ومحمد بن
مسلمة وأبو حميد رضي الله عن الجميع.(حراسة الفضيلة ص63)
الحديث الأول:
عن جابر، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله
عليه وسلم: "إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر
إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل. فخطبت جارية، فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها
ما دعاني إلى نكاحها وتزوجتها" رواه أحمد وأبو داوود والحاكم، وقال: صحيح على شرط
مسلم.
ودلالة هذا الحديث على
وجوب تغطية
الوجه من وجوه:
1- أن الأصل هو تستر النساء واحتجابهن:
قال الشيخ التويجري، رحمه الله، في هذه الأحاديث بيان ما كان عليه نساء
الصحابة، رضي الله عنهم، من المبالغة في التستر من الرجال الأجانب، ولهذا لم
يتمكن جابر ومحمد بن مسلمة، رضي الله عنهما، من النظر إلى المخطوبة إلا عن طريق
الاختباء والاغتفال وكذلك المغيرة لم يتمكن من النظر إلى مخطوبته إلا بعد إذنها له
في النظر إليها.(الصارم المشهور ص94-95)
2- الرخصة دليل على وجود العزيمة:
قال الشيخ بكر أبو زيد، حفظه الله: الرخصة للخاطب برؤية المخطوبة دليل على
وجود العزيمة وهو الحجاب، ولو كن سافرات الوجوه لما كانت الرخصة.(حراسة
الفضيلة ص64)
3- صعوبة النظر إلى المخطوبة في عهد الصحابة، رضوان
الله عليهم:
قال الشيخ صفي الرحمن المباركفوري، رحمه الله: قول النبي، صلى الله عليه
وسلم: "فإن استطاع أن ينظر.. " يدل على أن النظر إلى النساء لم يكن سهلاً في ذلك
الزمان، بل كان يحتاج إلى حيل وتصرفات، ولو كانت النساء يخرجن سافرات الوجوه لم يكن
لاشتراط الاستطاعة والقدرة معنى.
4- حدود النظر في الخِطْبة:
قال الحافظ ابن حجر،
رحمه
الله، في الفتح (9/ 182): قال الجمهور لا بأس أن ينظر الخاطب إلى المخطوبة،
قالوا: ولا ينظر إلى غير وجهها وكفيها.
قال الشيخ أحمد شاكر، رحمه الله، في تحقيق المسند (14/ 236) عند حديث أبو
هريرة، رضي الله عنه، في رؤية المخطوبة: "وهذا الحديث وما جاء في
معنى رؤية الرجل لمن أراد خطبتها- مما يلعب به الفجار الملاحدة من أهل عصرنا عبيد
أوروبا، وعبيد النساء، وعبيد
الشهوات يحتجون به في غير موضع الحجة، ويخرجون به عن المعنى الإسلامي الصحيح أن
ينظر الرجل نظرة عابرة غير متقصية فيذهب، هؤلاء الكفرة الفجرة إلى جواز الرؤية
الكاملة المتقصية، بل زادوا إلى رؤية ما
لا يجوز رؤيته من المرأة، بل انحدروا إلى الخلوة المحرمة، بل المحادثة والمعاشرة،
لا يرون بذلك بأساً. قبحهم الله وقبح نساءهم ومن يرضى بهذا منهم وأشدهم إثماً في
ذلك من ينتسبون إلى الدين وهو منهم براء عافانا الله وهدانا إلى الصراط المستقيم.
الحديث الثاني:
عن موسى بن يزيد الأنصاري، عن أبي
حميد، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب أحدكم امرأة،
فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبتها، وإن كانت لا
تعلم" أخرجه الإمام أحمد (5/
424).
وجه الدلالة من الحديث ما يلي:
-أن رفع الجناح يدل على أن في كشفه
جناحاً وإثماً:
قال الشيخ صفي الرحمن المباركفوري، رحمه الله: إن رفع الجناح عن إظهار
التزين في هذه الحالة المخصوصة لأجل هذه المصلحة الخاصة دليل على أن في إظهار
التزين في عامة الأحوال جناحاً وإثماً.
وقال أيضاً: تقييد إباحة الشيء أو جوازه أو رخصته بحالة خاصة دليل على
تحريمه في الأصل، كما أن ما حرم تحريم الوسائل فإنه يباح للحاجة أو المصلحة
الراجحة. فجواز أو إباحة إظهار التزين- الذي يعده البعض كشف الوجه- للمخطوبة دليل
على تحريم إظهار تلك الزينة في عامة الأحوال.
وصنيع الفقهاء والمحدثين يرشدنا إلى
ما قلنا، فإن عامتهم بوبوا على أحاديث الخطبة بـ(باب جواز النظر إلى
المخطوبة) وأمثاله، فتقييدهم النظر
إلى المخطوبة بالجواز يشعر بأن النظر إلى المخطوبة غير جائز عندهم.(إبراز الحق
الصواب في السفور والحجاب ص56)
_________________
أخوكم في الله
فارس الاسلام
مدير منتدى فرسان التوحيد
http://www.forsanaltwhed.com/vb