إيضاحات
لبعض الآراء الاعتقادية للخوارج.وفيه مسائل.
وتشمل
المسائل الآتية :
خاض الخوارج – كغيرهم من الفرق – في مسائل
اعتقادية إلا أن الخوارج بصفة خاصة لم تصل إلينا أكثر أراءهم من كتبهم وإنما وصلت
إلينا من كتب أهل السنة وقد صح نقل أهل السنة وغيرهم من علماء الفرق الآخرين وقد
ذكرنا فيما مضى السبب في قبولنا لتلك النقول عن الخوارج وفيما يلي نذكر أهم
المسائل التي كان للخوارج فيما دور بارز :
1-
هل الخوارج يقولون بالتأويل أم بظاهر النص فقط
تعريف
التأويل في اللغة :
يطلق التأويل في اللغة على عدة معاني منها
التفسير والمرجع والمصير والعاقبة وتلك المعاني موجودة في القرآن والسنة قال الله
تعالى {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ}(117)
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في دعائه لابن عباس (( اللهم
فقهه في الدين وعلمه التأويل )) .
تعريفه
في الاصطلاح : عند السلف له معنيين :
1- يطلق بمعنى التفسير والبيان وإيضاح المعاني
المقصودة من الكلام فيقال تأويل الآية كذا ؛ أي معناها .
2- ويطلق بمعنى المآل والمرجع والعاقبة فيقال
هذه الآية مضى تأويلها وهذه لم يأت تأويلها .
والفرق بينهما : أنه لا يلزم من معرفة التأويل
بمعنى التفسير معرفة التأويل الذي هو بمعنى المصير والعاقبة فقد يعرف معنى النص
ولكن لا تعرف حقيقته كأسماء الله وصفاته فحقيقتها وكيفبتها كما هي غير معلومة لأحد
بخلاف معانيها .
3- وعند الخلف من علماء الكلام والأصول والفقه
هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح .
وهذا التأويل مرفوض عند السلف واعتبروه تحريفاً
باطلاً في باب الصفات الإلهية(118) وقد
ظهر هذا المعنى للتأويل متأخراً عن عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الصحابة بل
ظهر مع ظهور الفرق ودخلوا منه إلى تحريف النصوص وكانت له نتائج خطيرة إذ كلما
توغلوا في تأويله المعاني وتحريفها كلما بعدوا عن المعنى الحق الذي تهدف إليه
النصوص وبالنسبة لموقف الخوارج فإن العلماء اختلفوا في الحكم على الخوارج بأنهم
نصيون أو مؤولون.
1- فذهب بعضهم إلى أن الخوارج نصيون يجمدون على
المعنى الظاهر من النص دون بحث عن معناه الذي يهدف إليه وهذا رأي أحمد أمين(119) وأبو زهرة(120)
2- وذهب آخرون إلى أن الخوارج يؤولون النصوص
تأويلاً يوافق أهوائهم وقد غلطوا حين ظنوا أن تأويلهم هو ما تهدف إليه النصوص وعلى
هذا الرأي ابن عباس وشيخ الإسلام ابن تيمية(121)
وابن القيم(122).
3- ومن العلماء من ذهب إلى القول بأن الخوارج
ليسوا على رأي واحد في هذه القضية بل منهم نصيون ومنهم مؤولون كما ذهب إلى هذا
الأشعري في مقالاته .(123)
وهذا هو الراجح فيما يبدو من آراء الخوارج ولا
يقتصر الأمر على ما ذكره من اعتبار بعض الفرق نصيين وبعضهم مؤولين مجتهدين وإنما
يتردد أمر الخوارج بين هذين حكمهم على الخوارج كما يتضح ذلك جلياً في مواقف
الخوارج المختلفة .
ويبدو لي أن التأويل الذي نفاه الأستاذ أحمد
أمين والشيخ أبو زهرة رحمهما الله إنما هو التأويل الصحيح الذي يفهم صاحبه النص
على ضوء مقاصد الشريعة .
وأما التأويل الذي يثبته للخوارج أصحاب الاتجاه
الثاني ويذمونهم به فهو حمل الكلام على غير محامله الصحيحة وتفسيره تفسيراً غير
دقيق .
2-
موقف الخوارج من صفات الله عز وجل .
هذه المسألة لم أجد فيما تيسر لي الاطلاع عليه
من كتب علماء الفرق بياناً لرأي الخوارج فيها بصفة عامة .
وقد ذكر الشهرستاني عن فرقة الشيبانية قولاً
لأبي خالد زياد بن عبدالرحمن الشيباني في صفة العلم لله أنه قال : (( إن الله لم
يعلم حتى خلق لنفسه علما ، وأن الأشياء إنما تصير معلومة له عند حدوثها )) . (124).
وأما بالنسبة لفرقة الإباضية بخصوصهم – فقد
تبين من أقوال علمائهم أنهم يقفون منها موقف النفي أو التأويل بحجة الابتعاد عن
اعتقاد المشبهة فيها كما تقدم .
وموضوع الصفات والبحث فيها يحتاج إلى دراسة
مستقلة وبالرجوع إلى أي كتاب من كتب السلف يتضح الحق فيها بكل يسر وسهولة .
وأما بالنسبة لما ذكر عن رأي زياد بن عبدالرحمن
أو الإباضية فلا شك أنه لا يتفق مع المذهب الحق – مذهب السلف – ولو كان الأمر يخص
زياد بن عبدالرحمن وحده لما كان له أدني أهمية ، ولكن الأمر أخطر من ذلك ، فقد
اعتقدت الجهمية ذلك . وبطلان هذا القول ظاهر والتناقض فيه واضح .
فإن صفات الله عز وجل قديمة بقدمه غير مخلوقة
وما يخلق الله من الموجودات فإنما يخلقه عن علم وإرادة ، إذا يستحيل التوجه إلى
الإيجاد مع الجهل ، ثم كيف علم الله أنه بغير علم حتى يخلق لنفسه علماً ؟ هذا
تناقض ظاهر .
3-
حكم مرتكبي الذنوب عند الخوارج
اختلف حكم الخوارج على أهل الذنوب بعد اتفاقهم
بصفة عامة على القول بتكفيرهم كفر ملة . وحاصل الخلاف نوجزه فيما يلي :.
1- الحكم بتكفير العصاة كفر ملة ، وأنهم خارجون
عن الإسلام ومخلدون في النار مع سائر الكفار . وهذا رأي أكثرية الخوارج .
وعلى هذا الرأي من فرق الخوارج : المحكمة
والأزارقة والمكرمية والشبيبية من البيهسية واليزيدية والنجدات . إلا أنهم مختلفون
في سبب كفره :
فعند المكرمية أن سبب كفره ليس لتركه الواجبات
أو انتهاك المحرمات وإنما لأجل جهله بحق الله إذ لم يقدره حق قدره .
وأما النجدات فقد فصلوا القول بحسب حال المذنب
، فإن كان مصراً فهو كافر ولو كان إصراره على صغائر الذنوب ، وإن كان غير مصر فهو
مسلم حتى وإن كانت تلك الذنوب من الكبائر وهو تفصيل بمحض الهوى والأماني الباطلة .
2- أنهم كفار نعمة وليس كفار ملة :.
وعلى هذا المعتقد فرقة الإباضية كما تقدم . ومع
هذا فإنهم يحكمون على صاحب المعصية بالنار إذا مات عليها ، ويحكمون عليه في الدنيا
بأنه منافق ، ويجعلون النفاق مرادفاً لكفر النعمة ويسمونه منزلة بين المنزلتين أي
بين الشرك والإيمان ، وأن النفاق لا يكون إلا يكون إلا في الأفعال لا في الاعتقاد (125).
وهذا قلب لحقيقة
النفاق إذ المعروف أن المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان نفاقهم في الاعتقاد لا في الأفعال،فإن أفعالهم كانت في الظاهر كأفعال
المؤمنين
أدلتهم
:
تلمس الخوارج لما ذهبوا إليه من تكفير أهل
الذنوب بعض الآيات والأحاديث وتكلفوا في رد معانيها إلى ما زعموه من تأييدها
لمذاهبهم وهي نصوص تقسم الناس إلى فريقين : مؤمن وكافر ، قالوا : وليس وراء ذلك
الحصر من شيء .
ونأخذ من تلك الأدلة قوله تعالى :
1- {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ
كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ }(126).
2- {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ
اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}(127)
3- {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا
وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} (128)
إلى غير ذلك من الآيات .
ووجه
استدلالهم بالآية الأولى :
أن الله تعالى حصر الناس في قسمين : قسم ممدوح
وهم المؤمنون وقسم مذموم وهم الكفار ، والفساق ليسوا من المؤمنين ، فإذاً هم كفار
لكونهم مع القسم المذموم واستدلالهم هذا لا يسلم لهم . أن الناس ينحصرون فقط في
الإيمان أو الكفر .
فهناك قسم ثالث وهم العصاة لم يذكروه هنا ،
وذكر فريقين لا يدل على نفى ما عداهما والآية كذلك واردة على سبيل التبعيض بمن ،
أي بعضكم كافر وبعضكم مؤمن . وهذا لا شك في وقوعه ولم تدل الآية على مدعى الخوارج
أن أهل الذنوب داخلون في الكفر.
وأما
وجه استدلالهم بالآية الثانية :.
فقد زعموا أنها شاملة لكل أهل الذنوب ، لأن كل
مرتكب للذنب لابد وأنه قد حكم بغير ما أنزل الله . وقد شملت الفساق لأن الذي لم
يحكم بما أنزل الله فيجب أن يكون كافر والفاسق لم يحكم بما أنزل الله حين فعل
الذنب .
وهذا الاستدلال مردود كذلك لأن الآية واردة على
من استحل الحكم بغير ما أنزل الله . أما أن يدعى الشخص إيمانه بالله ويعترف بأن
الحق هو حكم الله فليس بكافر وإنما من أصحاب المعاصي حتى تقام عليه الحجة .
وأما
وجه استدلالهم بالآية الثالثة .
فهو أن صاحب الكبيرة لابد وأن يجازي – على
مذهبهم – وقد أخبر القرآن أنه لا يجازى إلا الكفور . والفاسق ثبتت مجازاته عندهم
فيكون كافراً .
وهذا الدليل مردود عليهم ، وينقضه أن الله
يجازي الأنبياء والمؤمنين وهم ليسوا كفاراً ، وبأن الآية كانت تعقيباً لبيان ذلك
العقاب الذي حل بأهل سبأ ، وهو عقاب الاستئصال ، وهذا ثابت للكفار لا لأصحاب
المعاصي .(129).
وأما ما استدلوا به من السنة على بدعتهم في
تكفير العصاة من المسلمين فقد أساءوا فهم الأحاديث وحملوها المعاني التي يريدونها
، ومن تلك الأحاديث ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه قال :
(( لا يزني
الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق
وهو مؤمن ، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن ))(130).
ولهم أدلة أخري نكتفي منها بهذا الحديث .
فقد فهموا من هذا الحديث نفى الإيمان بالكلية
عن من فعل شيئاً مما ذكر في الحديث ، وهذا لا حجة لهم فيه ، فإن الحديث – كما يذكر
العلماء – إما أن يكون واردا فيمن فعل شيئاً مما ذكر مستحلاً لتلك الذنوب أو أن
المراد به نفي كمال الإيمان عنهم ، أو أن نفي الإيمان عنهم مقيد بحال مواقعتهم
لتلك الذنوب .
ولو كانت تلك الكبائر تخرج الشخص عن الإيمان
لما اكتفى بإقامة الحد فيها . ولهذا فقد ذكر بعض العلماء أن هذا الحديث وما أشبهه
يؤمن بها ويمر على ما جاء ، ولا يخاض في معناها .
وقال الزهري في مثل هذه الأحاديث (( أمروها كما
أمرها من قبلكم )) .(131)
وقد جاء في حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه قال :
(( ما من عبد
قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة . قلت وإن زني وإن سرق
ثلاثاً ثم قال في الرابعة : على رغم أنف أبي ذر )) قال : ((
فخرج أبو ذر وهو وإن رغم أنف أبي ذر )).(132)
والكلام في أهل الكبائر مبسوط في موضعه من كتب
التوحيد وكتب الفرق والمقصود هنا هو التنبيه على خطأ الخوارج فيما ذهبوا إليه من
تكفير أهل الذنوب من المسلمين مخالفين ما تضافرت النصوص عليه من عدم كفر مرتكبي
الذنوب كفر ملة إلا بتفصيلات مقررة في مذهب السلف .
4-
الإمامة العظمي
هذه هي مشكلة الخوارج الكبرى منذ نشأوا وطوال
عهد الدولة الأموية وزمن متقدم من عهد الدولة العباسية ، شغلتهم قضية الإمامة
عملياً ، فجردوا السيوف ضد الحكام المخالفين لهم ناقمين عليهم سياستهم في الرعية
من عدم تمكينهم من اختيار أمامهم بأنفسهم ثم سياستهم الداخلية في الناس وشغلتهم
فكرياً بتحديد شخصية الإمام وخصائصه ودوره في المجتمع ، وكانوا يظهرون بمظهر
الزاهد عن تولى الخلافة حينما يكون الأمر فيما بينهم وحربا لا هوادة فيها ضد
المخالفين لهم .
حكم
الإمامة عند الخوارج
الإمامة منصب خطير وضرورة اجتماعية إذ لا يمكن
أن ينعم الناس بالأمن وتستقر الحياة إلا بحاكم يكون هو المرجع الأخير لحل الخلافات
وحماية الأمة وقد أطبق على هذا جميع العقلاء .
أما
بالنسبة للخوارج فقد انقسموا فيها إلى فريقين :.
1- الفرق الأول : وهم عامة الخوارج .
وهؤلاء يوجبون نصب الإمام والانضواء تحت رايته والقتال نعه ما دام على الطريق
الأمثل الذي ارتأوه له .
2- الفريق الثاني : وهم
المحكمة والنجدات والإباضية فيما قيل عنهم . وهؤلاء يرون أنه قد يستغنى عن الإمام
إذا تناصف الناس فيما بينهم وإذا احتيج إليه فمن أي جنس كان ما دام كفئا لتولى
الإمامة (133).
ومن
مبرارتهم :
1- استنادهم إلى المبدأ القائل لا حكم إلا لله
، والمعنى الحرفي لهذا المبدأ يشير صراحة إلى أنه لا ضرورة لوجود الحكومة مطلقاً .
2- أن الحكم ليس من اختصاص البشر بل تهيمن عليه
قوة علوية .
3- إن الضروري هو تطبيق أحكام الشريعة ، فإذا
تمكن الناس من تطبيقها بأنفسهم فلا حاجة إلى نصب خليفة .
4- ربما ينحصر وجود الإمام في بطانة قليلة
وينعزل عن الأعلبية فيكون بعيداً عن تفهم مشاكل المسلمين فلا يبقى لوجود فائدة .
5- أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشر صراحة
ولا وضع شروطاً لوجود الخلفاء من بعده .
6- أن كتاب الله لم يبين حتمية وجود إمام وإنما
أبان وأمرهم شوري بينهم(134).
هذه مبرراتهم بالنفي ، فهل بقى القائلون
بالاستغناء عن نصب الإمام على مبدأهم ؟ والجواب بالنفي فإن المحكمة حينما انفصلوا
ولو عليهم عبدالله بن وهب الراسبي والنجدات حينما انفصلوا . تزعمهم نجدة بن عامر
وأما ما قيل عن الإباضية من أنهم يقولون بالاستغناء عن نصب الإمام(135) فإن مصادرهم التي تيسرت لي قراءتها
تذكر أن هذا القول إنما نسبه إليهم خصومهم بقصد الإشاعة الباطلة عنهم(136).
وأما تلك المبررات التي نسبت إلى من ذكرناهم
فلا شك أنها مبررات واهية ولا تكفي للقول بالاستغناء عن نصب الخليفة . أما القول
بعدم وجود الإنسان الكامل ، فإنه لا يمنع من نصب الإمام حيث يختار أفضل الموجودين
.
ومن التصور الساذج القول بتناصب الناس فيما
بينهم . وأما انعزال الإمام فإن مدار الأمر على التزامه بواجباته الشرعية وعدم
إيجاد الحجب بينه وبين رعيته ، وذلك مناط الحكم بضرورة وجود الإمام شرعاً وعقلاً .
وقد ذهبت الخليفة من الخوارج الإباضية إلى أن
كل إقليم أو حوزة يستقل بها أمامها فلا يجوز لإمام أن يجمع بين حوزتين (137) ويكون لهذا المناطق أئمة بعدد تلك
المناطق وهذا باطل ولا يتفق مع روح الإسلام وأهدافه لأن ذلك يؤدي إلى المشاحنات
والعداوة وتفريق كلمة المسلمين وحينما قرروا أن كل إقليم ينبغي أن يكون مستقلا عن
الآخر لا يخضع إقليم ولا منطقة لمنطقة أخرى تجاهلوا دعوة المسلمين إلى الاتحاد
الذي يكمن فيه عزهم وقوتهم .
شروط الإمام
وضع الخوارج شروطاً قاسية لمن يتولى الإمام
ومنها :.
1- أن يكون شديد التمسك بالعقيدة الإسلامية
مخلصاً في عبادته وتقواه حسب مفهومهم .
2- أن يكون قوياً في نفسه ذا عزم نافذ وتفكير
ناضج وشجاعة وحزم .
3- أن لا يكون فيه ما يخل بإيمانه من حب المعاصي
واللهو .
4- ألا يكون قد حد في كبيرة حتى ولو تاب .
5-
أن يتم انتخابه برضى الجميع ، لا يغنى بعضهم عن بعض .
ولا
عبرة بالنسب أو الجنس ، كما يقولونه ظاهراً دعاية لمذهبهم وفي باطنهم يملأهم
التعصب وكون الإمام ينتخب برضى أهل الحل والعقد ، هذا مبدأ إسلامي لم يأت به
الخوارج كما يقول بعض المستشرقين دعاية للخوارج .
ولم يلتفت الخوارج إلى ما صح من الأحاديث في
اشتراك القرشية لتولي الخلافة وتقديم قريش فيها عند صلاحية أحدهم لها .
ولم يشترط الشرع في الإمام أن يكون ليله قائماً
ونهاره صائماً ، أو أنه لا يلم بأي معصية ، أو يكون انتخابه برضي كل المسلمين من
أقصاهم إلى أدناهم ، لا يغنى بعضهم عن بعض في مبايعتهم له كما يزعمه الخوارج(138).
محاسبة
الإمام والخوارج عليه
يعيش الإمام عند الخوارج بين فكي الأسد – عكس
الشيعة – فالخوارج ينظرون إلى الإمام على أنه المثل وجهه الأعلى وينبغي أن يتصف
بذلك قولاً وفعلاً وبمجرد أقل خطأ ينبغي عليهن القيام في وجه ومحاسبته ، فإما أن
يعتدل وإما أن يعتزل .
ومن غرائبهم ما يروى عن فرقة البيهسية منهم
والعوفية ، فقد اعتبر هؤلاء كفر الإمام سبباً في كفر رعيته ، فإذا تركه رعيته دون
إنكار فإنهم يكفرون أيضاً(139) ،
ولا شك أن هذا جهل بالشريعة الإسلامية ، وعلى هذا فما تراه من كثرة حروبهم وخروجهم
على أئمتهم أو أئمة مخالفهم يعتبر أمراً طبيعياً إزاء هذه الأحكام الخاطئة .
وقد حث الإسلام على طاعة أولى الأمر والاجتماع
تحت رايتهم إلا أن يظهروا كفر بواحا . فلا طاعة المخلوق في معصية الخالق ، وينبغي
معالجة ذلك بأخف الضرر ، ولا يجوز الخروج عليهم ما داموا ملتزمين بالشريعة بأي حال
.
إمام
المفضول
اختلف الخوارج في صحة إمامة المفضول مع وجود
الفاضل إلى فريقين :
1- ذهب فريق منهم إلى عدم الجواز وأن إمامة
المفضول تكون غير صحيحة مع وجود الأفضل .
2- وذهب الفريق الآخر منهم إلى صحة ذلك وأنه
تنعقد الإمامة للمفضول مع وجود الأفضل ، كما هو الصحيح(140).
إمامة
المرأة
الإمامة مسؤلية عظمي وعبء ثقيل يتطلب سعة الفكر
وقوة البصير ة ويتطلب مزايا عديدة جعل الله معظمها في الرجال دون النساء ، ولا أدل
على هذا من اختيار الله عز وجل لتبليغ رسالته من جنس الرجال ، وقد أطبق جميع
العقلاء على أن الخلافة لا يصلح لها النساء .
ولكنا نجد فرقة من فرق الخوارج وهي التشبيبة
تذهب إلى جواز تولي المرأة الإمامة العظمى مستدلين بفعل شبيب حينما تولت غزالة –
زوجته وقبل أمه – بعده(141).
(117)
سورة الأعراف : 53 .
(118) كتحريفات
الجهمية .
(119) ضحى
الإسلام : 3/ 334 .
(120)
تاريخ المذاهب الإسلامية : 1/ 66 .
(121)
النبوات ص 89 .
(122)
النونية ص 85 .
(123)
مقالات الأشعري : 1/ 183 .
(124)
الملل والنحل 1/ 133 .
(125) نقلاً عن
الأباضية بين الفرق الإسلامية عن كتاب المقالات في القديم والحديث ص 315 وانظر
دراسات إسلامية في الأصول الأباضية . الأصل التاسع ص 60 .
(126)
سورة
التغابن: الآية( 2 )
(127)
سورة المائدة: الآية (44)
(128)
سورة سـبأ:آية (17)
(129)
انظر تفسير الفخر الرازي لهذه الآيات من
سورة سبأ. وانظر جامع البيان : 4/ 19 ، 30/ 226 ، وانظر تفسير الطبري : 6/ 252 ،
فتح القدير : 5/ 453 ، 2/ 45 .
(130)
أخرجه البخاري : 8/ 13 ، ومسلم 1/ 54 .
(131)
انظر شرح النووي لصحيح مسلم 2/ 41- 42 .
(132) أخرجه
مسلم : 1/ 66 .
(133) مقالات الأشعري
: 1/ 205 ، مروج الذهب : 3 / 236 .
(134)
آراء الخوارج للطالبي ص 125 ، عمان تاريخ
ص 123 .
(135)
كما يذكر لوريمر في كتابه دليل الخليج : 6
/ 3303 .
(136)
الأباضية بين الفرق الإسلامية ص 290 .
(137)
نقلاً عن آراء الخوارج صـ 128 . لكن عموم
الأباضية لا تجيز هذا حسب ما جاء في مدارج الكمال ص 172 .
(138)
مدارج الكمال للسالمي ص 171 ، تاريخ
المذاهب الإسلامية ص 1/ 71 التفكير الفلسفي 1/191 للدكتور عبدالحليم محمود ، آراء
الخوارج ص 121 ، عمان تاريخ يتكلم ص 126 .
(139)
مقالات الأشعري : 1/ 194 ، الطرماح بن
حكيم ص 55 الملل والنحل : 1/ 126 الفرق بين الفرق ص 109 التنبيه والرد للملطي ص
169 .
(140)
الفصل لابن حزم حزم 4/ 163 ، الأباضة بين
الفرق الإسلامية ص 462 آراء الخوارج لعمار الطالبي : 128 .
(141)
الفرق بين الفرق ص 110 .
_________________
أخوكم في الله
فارس الاسلام
مدير منتدى فرسان التوحيد
http://www.forsanaltwhed.com/vb