خطبة من الأقصى في ذكرى هدم الخلافة ووجوب العمل لإعادتها

خطبة من الأقصى في ذكرى هدم الخلافة ووجوب العمل
لإعادتها

الخطبة الأولى

الحمد لله رب العالمين ،الحمد لله
الذي لا يحمد على مكروه سواه ، القائل] وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنكُمْ وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ
كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم
مِّن بَعْدِ
خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن
كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [ النور(55) ،واشهد
أن
لا إله إلا الله ، شهادة عبد مقر بالبعث والنشور ،راجيًّ من الله مغفرته ،
طامعا بجنة عرضها السموات
والأرض ، القائل] يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا
نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْكَافِرُونَ [ الصف8،واشهد أن
محمدا عبد الله ورسوله ، بلغ الرسالة
وأدى الأمانة ،ونصح الأمة حيث قال e" ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل
والنهار،
ولا يترك الله بيت مدرٍ ولا وبرٍ إلا أدخله الله هذا الدين، بعزّ عزيز أو
بذلّ ذليل، عزاً يعز الله به
الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر " رواه
أحمد .

أما بعد أيها الأخوة :-
من أراد زادا فالتقوى تكفيه ، ومن
أراد عزا فالإسلام يكفيه ، ومن أراد عدلا فحكم الله يكفيه ، ومن أراد
أنيسا
فذكر الله يكفيه ، ومن أراد جليسا فالقرآن يكفيه، ومن أراد واعظا
فالموت يكفيه ، ومن أراد غنى فالقناعة تكفيه
ومن أراد زينة فالعلم
يكفيه، ومن أراد راحة فالآخرة تكفيه ، ومن لم يكفيه كل هذا ... فالنار
تكفيه ، يقول تعالى
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
أيها الناس:-
إن حالكم لا يخفى
على احد من العالمين، الخير في امة محمد ? قائم إلى يوم القيامة، لكنها
تخلت عن مكانتها
بين الدول والشعوب لما تخلت عن تمسكها بكتاب ربها وسنة
نبيها ? ، امة المليار أصبحت كغثاء السيل
تنهشها دول الكفر من نصارى
ويهود ولا دينيون ووثنيون ، يستعبدها نظام بشري رأسمالي، فقدت مكانتها لما
فقدت
البوصلة التي كانت تسير عليها، ذُبحت على جميع الصعد ، في الدم والمال
والعرض والأرض ، هان
أبنائها لما رضوا أن يعيشوا بدون دولة وإمام ،
هانوا لما قبلوا بحدود ساكيس بيكوا ، أُكلوا لما أُكلت دولتهم
وغيبوا
لما غاب خليفتهم ،فأصبحوا كغثاء السيل.
أيها الناس :-
إن العالم
اليوم يرميكم عن قوس واحدة ، ويهلك الحرث والنسل ، فعلى الصعيد الاقتصادي
،لقد سرقوا
أموالكم الم يسرقوا نفطكم ، الم يسرقوا أرضكم ، الم يتاجروا
بدمائكم ، الم تسمعوا ماذا حصل في العالم
من أزمة اقتصادية سببها غياب
نظامكم الاقتصادي الإسلامي ، لكي يسود العالم فيغلق بيوت الربا المسماة
ببنوك
، ويقطع يد السارق ويمحق عن الوجود كل المختلسين ، الذين يجلسون على دفات
الحكم أو دونهمُ
ويعطي من أموال الأغنياء زكاة للفقراء لكي يطهرنا بها ،
الم يقل أمير المؤمنين عمر ? عام الرمادة، لما
قرقر بطنه من شدة الجوع،
قال لبطنه " يا بطن قرقر أو لا تقرقر فوالله لا تشبع حتى يشبع أطفال
المسلمين
تقرقع من الجوع، والله لن تأكلي حتى يشبع أبناء المسلمين "

أيها
الناس :-
وأما على الصعيد الاجتماعي ،فلقد أشاع الرأسماليون الرذيلة في
كل مكان ، ففتحوا بيوت العهر وجعلوا
المرأة سلعة وأهانوها اشد مما فعل
الجاهليون ، بدعواهم حقوق المرأة وحريتها ، ثم قالوا لكم إن الحجاب
رجعي
وتخلف، فدعوا إلى الزنا ثم قالوا يتعدد الرجال للمرأة الواحدة بدعوى
المساواة مع الرجال ، الم
يطرقوا كل باب عن طريق الإعلام ومناهج التعليم
ليفسدوا نساءنا، فحسبنا الله ونعم الوكيل.

أيها الناس :-
أمريكا
بواحد وخمسون ولاية ، وآلاف من العرقيات والجنسيات والأديان ، وبنظام وضعي
يترأسهم حاكم
واحد وارويا بكل فرقتها تعمل على التوحد في دولة واحد،
الم يوجدوا سوقا مشتركتا بينهم ثم وحدوا
عملتهم،الم يرفعوا عوائق المرور
بين الحدود ، بفيزتهم – الشنجل- ثم لما كان الأمر متعلقا بكم، حاربوا
كل
من يحول أن يوحدكم في دولة وإمام ، فلما أزالوا دولتكم ، نصبوا على رقابكم
حكاما عملاء أجراء
عملهم الحيلولة دون توحدكم في دولة واحدة ، الخلافة
على منهاج النبوة، فزرعوا بينكم القوميات ونادا
بعضنا بالوطنيات، ورفعوا
لكل دولة علم يحارب لأجله، ثم زاد الطين بله أن يحارب أهل الوطن الواحد
فحرب
ضروس في اليمن بين المسلمين بحجة الوطن وأخرى في السودان وباكستان وحتى
هنا بفلسطين
فهل يحق لكل العالم أن يتوحد ولا يحق لنا أن توحد على كتاب
الله وسنه رسوله ? فربنا واحد ورسولنا
واحد،وقبلتنا واحدة وديننا واحد
أمرنا أن يكون لنا حاكم واحد،يقول الرسول?«إذا بويع لخليفتين فاقتلوا
الآخر
منهما» رواه مسلم.

أيها الناس :-
لم يَنَل احدٌ من الكفار من
شخص الرسول ? دون عقاب ، إلا في زماننا هذا ، أي بعد غياب دولتكم ،
شتم
الرسول ? - نحري دون نحرك يا رسول الله- فلم تحرك أنظمة السفهاء وعلماء
السوء ساكنا بحق
الدفاع الشرعي المطلوب وهو قتل من تعدى ، فهل سمعتم
موقف لأجدادكم اسمعوا يرحمكم الله ، سأل
الخليفة هارونُ الرشيد الإمامَ
مالك بن أنس في رجل شتم النبي ? وذكر له أن بعض المتفقهة أفتوا بجلده
فغضب
مالك وقال يا أمير المؤمنين: ما بقاء الأمة بعد شتم نبيها ?* من شتم
الأنبياء قُتل.

أيها الناس :-
دم المسلمين يستباح في كل البلاد ،
نذبح بفلسطين على يد يهود ،ويذبح مسلمو الشيشان على يد الروس
ويذبح
مسلمو العراق والأفغان على يد الأمريكان ، يذبح مسلمو نيجيريا على يد
النصارى ، لكن الطامة
الكبرى أن يذبح المسلمون على أيدي بعضهم البعض كما
يفعل بكثير من بلاد المسلمين ، فمن يقتل من
في اليمن ، ومن يقتل من في
السودان ، ولمصلحة من دُفِعَ مسلمو فلسطين للاقتتال ، وثالثة الأثافي ، إذا
أردنا
أن نتصالح فلا يكون إلا كما تريد دول الكفر ، فهلا أفقنا من كبوتنا وعملنا
على أن نتصالح في كل
مكان على أساس شرع الله لا الشرعية الدولية أو
المخططات الاستعمارية ، فلا نرمي بأنفسنا بأحضان
واشنطن أو لندن ، فلا
تقل يوما أن الروس أو الفرنسيون أصدقاءنا يرحمني ويرحمكم الله ..... ويا
فوز
المستغفرين استغفروا الله وانتم موقنون بالإجابة.

الخطبة
الثانية


الحمد لله رب العالمين منجي المؤمنين ومهلك الكافرين
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين المبعوث
هادياً ومبشراً
ونذيراً، آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ثم أما بعد عباد الله :-
في
الثالث من آذار لعام 1924 أعلن هدم دولتكم، فلقد مضى أكثر من 31412 يوما
مضى على هدم دولة الخلافة
أبا الفروض وتاجها ، لا تقام الأحكام إلا
بوجودها، فبوجودها يُقضى على الرذيلة والفاحشة،بها تصان أعراض
المسلمين
إذا ما استصرخ فيهم نساءها ،تحرر البلاد إذا ما احتل شبرٌ منها ، يدرك
خليفتها أن فعل المبضع في
الجسد أهون عليه من التنازل عن شبر من ارض
المسلمين ، توأد الفتنة في مهدها إذا ما حاول احد افتعالها،فيصالح
المسلمين
على كتاب الله وسنة نبيه ? ، فلا يقاتل المسلم المسلم بسيفيهما ، يعم
الأمن والأمان تحت ظلها ، يخشى
خليفتها من دابة لو عثرت ،يوحد المسلمين
دون حدود أو سدود ، فلا جواز سفر بين ولاياتها ، يُغلقُ بيوت الربا
ويُقيمُ
حدود الله ،فهو ظل الله في الأرض ،غاية غاياته مرضاة ربه ، وحمل الإسلام
إلى العالم عمله وحياته، يَخرج
المجاهدون تحت لوائها مهللين مكبرين الله
اكبر الله اكبر ... قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا،
فلا
يبقى بيت مدرٍ ولا وبرٍ إلا أدخله الله هذا الدين، بعزّ عزيز أو بذلّ ذليل،
عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل
الله به الكفر،يخاطب السحاب فيقول
:سيري أينما شئت أن تسيري فسيأتيني خراجك،فلا يأكل حتى نشبع،قبلته
البيت
الأسود –الكعبة-لا البيت الأبيض.
أيها الناس :-
روى الإمام مسلم في
صحيحة عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله ? يقول "من مات وليس في عنقه
بيعة
مات ميتة جاهلية" وفي المعجم الكبير للطبراني عن ابن عباس عن رسول الله ?
قال" من مات ليس عليه
إمام فميتته جاهلية" أو كما قال ?، الم يحذرنا
رسول الله ? ممن يمت دون بيعة إمام ، الم يغلظ الأمر حتى وصف
من يموت
دون إمام بميتة الجاهلية ، فاني أنصحكم يرحمكم الله أن ترضوا ربكم بالعمل
لإيجاد من يبايع على
السمع والطاعة ، فلقد أظل زمن الخلافة الراشدة
الثانية ، فلا تحرموا أنفسكم من شرف واجر العمل لها فتكونوا
كصحابة رسول
الله ? وتردون عليه الحوض .
أيها الناس :-
لقد وعدكم ربكم
بالاستخلاف والتمكين ، كما استخلف ومكن من قبلكم ، وحاشا وكلا أن يخلف الله
وعده، ثم
بشركم رسولكم الأمين أن القدس ستكون عاصمة الخلافة،فلقد أورده
ابن عساكر عن رسول الله ? قال "هذا
الأمر يعني (الخلافة) كائن بعدي
بالمدينة ثم بالشام ثم بالجزيرة ثم بالعراق ثم بالمدينة ثم ببيت المقدس
فإذا
كانت ببيت المقدس فثم عقر دارها* ولن يخرجها قوم فتعود إليهم أبدا
".
أيها الناس :-
إن سلسلة من الآيات تدلل بشكل لا لبس فيه إن فرضية
وجوب وجود ألحاكميه لله، وكذا الأمر في الأحاديث
لتدلل على عظمة الأمر
وأهمية العمل دون كلل أو ملل، فلو عرضوا علينا الدنيا دون دولة الخلافة
،فلتنقضي
هذه السالفة ولتقطع الرقاب دونها ، فإما الخلافة وإما الشهادة .
أيها
المسلمون :-
يقول الرسول ? " تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون *
ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة
على منهاج النبوة *
فتكون ما شاء الله أن تكون * ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها * ثم تكون ملكا
عاضا فيكون
ما شاء الله أن تكون * ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها *
ثم تكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون *ثم
يرفعها إذا شاء أن
يرفعها * ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت" رواه احمد.

عباد
الله ... أيها المسلمون الموحدون:-
يقول الرسول (إن الله يستحي من العبد
أن يرفع إليه يديه فيردهما خائبتين)
اللهم إنا ضعفاء فقونا بقوتك
اللهم
إنا مغلوبون فانتصر لنا
اللهم إنا مظلومون فانتقم لنا ممن ظلمنا
ربنا
لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على
الذين من قبلنا
ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا
وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين .
اللهم منزل الكتاب
ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزم امريكا ومن والاها وانصرنا عليهم .
اللهم
اعزنا بالاسلام واعز الاسلام بدولة الخلافة يعز بها اولياؤك ويذل بها
اعداؤك
اللهم ُمنَّ علينا بإمام عادل ينتقم للدماء المسفوحة، والأشلاء
الممزقة ، وأن ينتقم لآهات المكلومين وصرخات
المستضعفين .
اللهم يا
رب السماوات والأرض نسألك في ذكرى هدم دولة الإسلام أن تعيدها لنا دولة
قوية... دولة عظيمة...
نقهر بها أعدائك نقهر بها أعدائك يا عزيز يا جبار
يا منتقم يا من بيدك العزة يا من بيدك النصر عجل
لنا بالنصر يا ذا
الجلال والإكرام.
اللهم وانصر الجاهدين في كل مكان ...
اللهم وانصر
حملة دعوتك لإقامة دولتك ....
اللهم انصر الإسلام واعز المسلمين....
اللهم
خذ من دمائنا حتى ترضى
اللهم خذ من دمائنا وأموالنا حتى ترضى .
اللهم
عجل لنا باقامة دوله الخلافة ...
اللهم واجعلنا من جنودها وشهودها ...
اللهم
استعملنا ولا تستبدلنا
اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة وهذا الجهد وعليك
التكلان..

ذكرى هدم الخلافة : الثامن والعشرون من رجب 1342هـ

فعن
حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تكون
النبوة فيكم ما شاء
الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون
خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله
أن تكون ثم يرفعها إذا شاء
الله أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضّاً فيكون ما شاء الله أن يكون ثم
يرفعها
إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم
يرفعها إذا شاء
أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت


فاعملوا
لاعادتها مع العاملين فنعم الأجر العظيم


ايّها الإخوة الكرام
لو تعلمون طول معاناة الأمّة الإسلاميّة فلن تكترثوا لطول الخطبة
وستقرأون
كل كلمة بتمعنّ مقرون بفكر وإحساس وسيؤتي ذلك أكله عملا مقرونا
بالجدّ
فنحن خير امّة أخرجت للنّاس والخيرية مقترنة بالسعي .