انها تحدث كل عام، وعندما يصبح النهار أقصر، وتنخفض درجات الحرارة- توجه الإنفلونزا ضربتها.
والإنفلونزا شائعة جدا الى درجة ان من السهولة نبذ هذه الاصابة الموسمية ووصفها بانها «فيروس عابر».
وبالفعل فان الإنفلونزا تنجم عن الاصابة بفيروس، وان غالبية المصابين بها يتعافون من دون الحاجة الى علاج محدد.
الا ان الحقيقة ايضا تتمثل في ان آلاف الاميركيين يتوفون بسببها سنويا فيما يمرض الملايين الآخرون بسببها ويمتنعون عن التوجه الى اعمالهم او مدارسهم.
الإنفلونزا عدوى خطيرة .. إلا ان بالامكان درؤها وعلاجها
تضم عائلة الإنفلونزا مجموعة كبيرة من الفيروسات. واغلب الفيروسات تصيب الحيوانات.. من الخنازير الى الخيول والدجاج ومختلف انواع الطيور.
واكثر فيروسات انفلونزا الحيوانات تبقى في مواضعها الحيوانية تلك، الا ان انفلونزا الطيور يمكنها الانتقال نحو الانسان. ويثير هذا الفيروس مخاوف العلماء بسبب خطورته لدى انتقال عدواه الى الانسان.
وتقريبا فان غالبية العدوى التي يصاب بها الانسان تنجم عن سلالتين للانفلونزا البشرية هما فيروس «ايه» A و«بي» B.
والإنفلونزا «ايه» اشد خطورة. وقد احكمت لعبتها المقيتة بتمويه نفسها، وذلك بتغيير البروتينات على غلافها الخارجي، ونتيجة لذلك فان الاشخاص الذين تحصنت مناعتهم بعد الاصابة بالسلالة القديمة من انفلونزا «ايه» لا يملكون مناعة تجاه سلالتها الجديدة.
وهذا هو السبب الذي يدفع نحو التطعيم بلقاح جديد كل سنة.
وباء الإنفلونزا
الإنفلونزا مشكلة عالمية. ولأن سلالات مختلفة من الفيروس تظهر كل عام، فان اوبئتها تظهر سنويا.
وفي غالب السنوات، تظهر السلالة الجديدة في آسيا، ثم تنتشر عبر العالم نحو الولايات المتحدة.
وهذا ما يمنح العلماء الاميركيين فرصة للتدقيق في السلالات الوبائية وانتاج اللقاحات قبل وصولها.
وفي الولايات المتحدة يبدأ موسم الإنفلونزا من اوقات عيد الشكر في نوفمبر حتى اعياد الفصح في الربيع.
واغلب الحالات تقع في اشهر الشتاء. وفي سنة عادية يصاب بالعدوى نحو 10 في المائة من السكان بالإنفلونزا، ويدخل في المستشفيات نحو 200 الف مصاب، فيما يتوفى 36 الف اميركي بسببها. وقد يتضاعف هذا العدد اثناء حدوث الاوبئة الشاملة التي تظهر في كل 10 الى 15 سنة.
مشاكل الانتشار التنفسي
ينتقل عبر القطيرات المخاطية الصغيرة جدا التي تنتشر في الهواء اثناء السعال او العطاس او حتى الزفير.
ويصبح الاشخاص القريبون من المريض معرضين اكثر من غيرهم للاصابة بالإنفلونزا، وهذا هو السبب الذي يقود الى انتشارها بسرعة بين افراد العائلات، وبين اطقم المستشفيات، وفي المواقع التي يتشارك فيها الناس بأعمالهم ومعيشتهم. كما ينتقل الفيروس من يد الى اخرى.
الأعراض
الإنفلونزا تضرب ضربتها بسرعة. فبعد فترة من الحضانة تمتد يوما او يومين فقط، تبدأ الاعراض فجأة بالظهور.
واغلب المرضى يشعرون بالحمى، وتظهر لديهم حرارة عالية تقع درجاتها في نطاق 103-104 فهرنهايت (39.5- 40 درجة مئوية).
ويعاني كل مصاب تقريبا من سيلان الانف والتهاب الحنجرة. وبخلاف امراض البرد فان الإنفلونزا تظهر باعراض سعال قوي جاف.
كما ان آلام المفاصل قد تكون شديدة. والصداع، وحرقة العينن، والضعف العام والاجهاد الفائق، تزيد الامور سوءا.
وفي غالب الحالات، فإن الحرارة والالم الشديدين يخفان في فترة تمتد بين يومين الى خمسة ايام، إلا ان السعال قد يطول لاسبوع او اسبوعين، اما الاجهاد فقد يطول اكثر.
المضاعفات
أخطر المضاعفات، التي تسبب الوفاة، هي ذات الرئة. والاطفال الصغار وكبار السن والمصابون بأمراض مزمنة يقعون في خانة الخطورة العليا. ولذلك فانهم بحاجة الى اجراء التطعيم باللقاح والمعالجة الطبية.
وفي بعض الحالات فان ذات الرئة قد تنجم عن الاصابة بفيروس الإنفلونزا نفسه.
وفي هذه الحالة فانها تصبح مشكلة مميتة تبدأ مبكرا بالعدوى بالفيروس ثم تتطور بسرعة مصاحبة باعراض السعال الجاف الحاد وتقطع التنفس.
اما ذات الرئة الناجمة عن اصابة بكتيرية فهي الاكثر شيوعا، والاكثر تقبلا للعلاج.
وهذه الاصابة الاخيرة تبدأ بعد الاصابة بالإنفلونزا، وبعد ان تبدو حالة المريض وكأنها تتحسن. فهنا تبدأ الحرارة بالعودة مجددا، وكذلك يأخذ السعال بالازدياد، ويشرع المريض بقذف بصاق قيحي ثخين (بلغم).
المضاعفات الاخرى للانفلونزا تشمل نوبات الربو، عدوى الأذن، التهاب القصبات التنفسية، التهاب الجيوب الانفية، التهاب القلب او العضلات الاخرى، والتهاب الجهاز العصبي.
التشخيص
ان غالبية الاصابات يمكن تشخيصها لانها تقع في موسمها، وعندما يكون الفيروس منتشرا بين السكان، والاعراض واضحة.
الا ان الاصابات الخفيفة من الإنفلونزا يمكنها ان تتشابه مع الامراض المعدية التنفسية الاخرى، التي توجه ضرباتها في الشتاء ايضا.
ويقدم الجدول المرفق تفصيلات عن الاعراض المصاحبة لمختلف تلك الامراض. ولكن عليك ان تتذكر استشارة الطبيب عندما يتعلق الامر بالتشخيص والعلاج.
ويعتمد الاطباء عادة على نتائج الفحوص السريرية لتشخيص الإنفلونزا. ولكن ان كانت الاعراض غريبة او شديدة جدا، او ان الإنفلونزا لم تظهر بعد بين صفوف السكان، فإن فحوصات خاصة قد تثبت نتائج التشخيص.
وتستخدم المختبرات في الغالب فحصا سريعا لرصد البروتينات الموجودة في فيروس الإنفلونزا عند اخذ مسحة من انف المريض، خلال دقائق.
ويتم اللجوء الى فحص الدم والاشعة السينية والفحوصات الاخرى في حالة حدوث مضاعفات.
الوقاية: النظافة
ان كنت قد طعمت بلقاح الإنفلونزا هذا العام او لم تكن، فهناك بعض الخطوات الوقائية البسيطة التي تساعد على حمايتك وافراد عائلتك:
- اغسل يديك. بأنواع من «جل» مصنوع من الكحول وهي الطريقة الافضل. احصل على تلك التي تحتوي على 60 الى 95 في المائة من الآيزوبروبانول isopropanol او الإيثانول ethanol.
والصابون العادي والماء يساعدان ايضا، وليس من الضروري استعمال ماء شديد الحرارة مع الصابون «المضاد للبكتيريا».
وقد تكون المناشف المضادة للبكتيريا مفيدة اثناء التنقل. اغسل يديك بعناية بعد ملامستها للاشخاص الآخرين من الذين ظهرت عليهم اعراض شبيهة بالانفلونزا.
- ابتعد بمسافة عن المرضى. فالإنفلونزا اكثر ما تكون معدية في حدود مسافة ثلاثة اقدام (90 سم) عن المصابين. وعند انتشار المرض، حاول التقليل من وجودك في مواقع مزدحمة.
- ارتدِ قناعا ان كنت في خانة المعرضين اكثر لخطر الاصابة، وليس بامكانك تحاشي الآخرين من ضحايا الإنفلونزا. ثبت القناع جيدا. حافظ عليه جافاً، ومن التلوث باللعاب. وقناع N95 التنفسي هو الافضل الذي يوصى به.
- احمِ الآخرين. لا تذهب الى العمل والمدرسة عند اصابتك بالإنفلونزا. استخدم منديلا ورقيا لتغطية فمك عند العطاس او السعال، وارمه في صندوق القمامة. ارتدِ القناع ان كنت مضطرا للاختلاط بالناس.