قصة قارون مع موسى عليه السلام
قال الله تعالى : " إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين * وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين * قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون * فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم * وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون * فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين * وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون * تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين " .
قال الأعمش عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كان قارون ابن عم موسى ، وكذا قال إبراهيم النخعي وعبد الله بن الحارث بن نوفل ، وسماك بن حرب وقتادة ومالك بن دينار وابن جريج وزاد فقال : هو قارون بن يصهب بن قاهث ، وموسى ابن عمران بن قاهث . قال ابن جرير : وهذا قول أكثر أهل العلم ، أنه كان ابن عم موسى ، ورد قول ابن إسحاق أنه كان عم موسى . قال قتادة : وكان يسمى المنور لحسن صوته بالتوراة ، ولكن عدو الله نافق كما نافق السامري ، فأهلكه البغي لكثرة ماله ، وقال شهر بن حوشب : زاد في ثيابه شبراً طولاً ترفعاً على قومه .
وقد ذكر الله تعالى كثر كنوزه ، حتى إن مفاتحه كان يثقل حملها على الفئام من الرجال الشداد ، وقد قيل إنها كانت من الجلود وإنها كانت تحمل على ستين بغلاً . . فالله أعلم .
وقد وعظه النصحاء من قومه قائلين : " لا تفرح " أي لا تبطر بما أعطيت وتفخر على غيرك " إن الله لا يحب الفرحين * وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة " يقولون : لتكن همتك مصروفة لتحصيل ثواب الله في الدار الآخرة ، فإنه خير وأبقى ، ومع هذا : " لا تنس نصيبك من الدنيا " أي وتناول منها بمالك ما أحل الله لك ، فتمتع لنفسك بالملاذ الطيبة الحلال ، " وأحسن كما أحسن الله إليك " أي وأحسن إلى خلق الله كما أحسن الله خالقهم وبارئهم إليك ، " ولا تبغ الفساد في الأرض " أي ولا تسئ إليهم ولا تفسهم فيهم ، فتقابلهم ضد ما أمرت فيهم فيعاقبك ويسلبك ما وهبك : " إن الله لا يحب المفسدين " .
فما كان جواب قومه لهذه النصيحة الصحيحة الفصيحة إلا أن " قال إنما أوتيته على علم عندي " يعنى أنا لا أحتاج إلى استماع ما ذكرتم ، ولا إلى ما إليه أشرتم ، فإن الله إنما أعطاني هذا لعلمه أني أستحقه ، وأني أهل له ، ولولا أني حبيب إليه وحظي عنده لما أعطاني ما أعطاني .
قال الله تعالى رداً عليه فيما ذهب إليه : " أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون " أي قد أهلكنا من الأمم الماضين بذنوبهم وخطياهم من هو أشد من قارون قوة وأكثر أموالاً وأولاداً فلو كان ما قال صحيحاً لم نعاقب أحداً ممن كان أكثر مالاً منه ، ولم يكن ماله دليلاً على محبتنا له واعتنائنا به ، كما قال تعالى : " وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا " وقال تعالى : " أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون " وهذا الرد عليه يدل على صحة ما ذهبنا إليه من معنى قوله : " إنما أوتيته على علم عندي " .
_________________
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين اماما
نورالاسلام الطبى
اقوى قسم لتطوير المنتديات ونشرها بمحركات البحث
اقوى برنامج حقيقى لجلب الزوار
منتدى طبى اسلامى منوع حصريات رياضيه تطوير مواقع برامج كمبيوتر
[/center]