لكن كيف توصلت إلى حقيقة الإسلام !
لقد قادني إليه البحث والدراسة، و يجب أن أعترف أنّ وجود بعض المسلمين معي في أقسام الدراسة جعلني أبحث عن سرّ التمايز بيننا، و كان هذا سببا لبداية بحثي عن المداليل القرآنية و ماذا يقول القرآن الكريم، وكنت على الدوام فضوليا أن أستزيد من معرفة الإسلام، و شرعت في التعمق و البحث عن كل ما له علاقة بالإسلام، و هذه البحوث التي قرأتها هيأتني أن أستقبل الإسلام نفسيا و أشعر تلقائيا أنني متجاوب فطريا ونفسيا وعقليا مع تعاليمه فقررت أن أسلم، لكن هذا الإسلام النظري لم يقنعني بتاتا، فقد أسلمت لكن بدون أن أمارس الشعائر الدينية، فقررت أن ألتزم بالإسلام نظريا و تطبيقيا فبدأت أؤدي الصلاة وأصوم و ما زلت كذلك إلى أن أموت،
عندما إستوعبت تفاصيل العقيدة والشريعة الإسلامية، ألم يؤثرّ عليك بعض المسلمين في الغرب من الذين ينتمون إلى الإسلام شكلا ويتجافون عنه عملا وسلوكا كما قال المفكر الإسلامي الشهيد سيّد قطب ّ !
صحيح جدا، كنت على الدوام أقول لماذا يفرط المسلمون في دين رائع ومتألق وديناميكي كالإسلام، وربما بالنسبة إليّ فقد إستوعبت مبدأ انّ الإسلام شيئ و المسلمون شيئ آخر، لكن بقية الغربيين يحاولون فهم الإسلام من خلال مسلكية المسلمين في الغرب، فإذا كانت هذه المسلكية خاطئة قرن الغربيون بين الإسلام و بين هذه المسلكية الخاطئة وعدّوها من الإسلام، لكن إذا كانت مسلكية المسلمين في الغرب في إيقاع واحد مع تعاليم الإسلام الحضارية و الراقية فإنّ ذلك سيساهم في تقديم رؤية رائعة وجيدة عن الإسلام، و شخصيا ما زلت أذكر كيف أنّ رجلا مسلما أثرّ في إلى أبعد الحدود فقد كنت أرى فيه الإسلام مجسدا على الأرض.
صحيح أننّي عاشرت بعض المسلمين الذين كانوا لا يختلفون مطلقا عن السويديين في مسلكيتهم الحياتية من إستهتار بالذنوب و المعاصي، لكني وعندما بدأت أعاشر الملتزمين بدينهم أدركت كم أنّ الإسلام عظيم و كم هو جميل ورائع ومتألق أيضا، وهذه العشرة الطيبة دفعتني إلى مزيد من الإلتزام بأحكام الشريعة الإسلامية ..
و أعتقد جازما أنّ أنسب طريقة لنشر الإسلام في الغرب هي أن يعي المسلمون في الغرب أنّ إلتزامهم بالإسلام الحضاري سيعكس جمالية الإسلام و هذا من شأنه أن يدفع الغربيين لإعتناق الإسلام لأنّهم يبنون نظريتهم عن الإسلام بناءا على ما يرونه في حياة المسلمين و تصرفاتهم في الغرب وليس بناءا على ما يقرؤونه ..
جوابك هذا يقودني إلى سؤالك عن مستقبل الإسلام في الغرب، و كيف ترى هذا المستقبل !
المستقبل لهذا الدين الإسلامي و أتصور أن مستقبل الإسلام في الغرب و في العالم مشرق للغاية، إنّ كل الإحصاءات والدراسات في الغرب والتي إضطلعّت بها مؤسسات ضليعة في البحث و الإستقصاء تبيّن أنّ الإسلام هو من أكثر الديانات نموا وإنتشارا في أوروبا و غيرها و أنّ نموه و إنتشاره سريع للغاية، وفي نظري فإنّ تقويم مسلكية بعض المسلمين في الغرب سيساهم في نشر الإسلام الصحيح ...
كما أن تقديم الإسلام بشكل حضاري و بالصياغة التي يستوعبه العقل الغربي من شأنه أن يسرّع في أن يصبح الإسلام سيدّ المعادلة في الغرب ...
كيف كانت ردّات فعل عائلتك و أقربائك عندما أصبحت مسلما ملتزما !
في الواقع أن عائلتي إستقبلت إسلامي بإيجابية كبيرة، ولم أجد رد فعل معاكس من قبلهم، نعم كانوا يطرحون عليّ أسئلة في هذا السياق عن الإسلام و ثقافته و أنا كنت أجيب على الدوام وأحاول إيصال الفكرة الصحيحة إليهم، و أنا أحمد الله كون أهلي إستقبلوا إسلامي برحابة صدر، ودعني أقول لك أنّ هناك أسرا إسلامية في الغرب لا تريد لبنيها أن تلتزم بالإسلام وهم يرفضون جملة وتفصيلا أن يكون أحد أعضاء الأسرة ملتزما كلية بالإسلام ...
وماذا عن إضطهاد المرأة المسلمة في فرنسا وحرمانها من إرتداء حجابها !
هذا أمر غير مقبول بتاتا، وقد أتفهم أن تقوم مجموعة بشرية متسلطة بحظر أفكار معينة أو تعاقب تيارات فكرية بعينها لكن أن يصل الأمر إلى حظر تعاليم السماء وعدم السماح للمسلم بأداء فرائضه ومناسكه، فهذا ظلم لا يعادله ظلم ..فلا يجوز مطلقا حرمان مؤمن من ممارسة معتقده ..
و في السياق ذاته كيف ترى ما قامت به جريدة يولاند بوستن الدانماركية التي إستهانت بالرسول محمد عليه الصلاة والسلام !
قمة السخافة، و أوج الإستهتار بالمقدسات، فالجريدة و رسوماتها ساقطة لا محالة .
ما هي الآليات المثلى لنشر الإسلام في الغرب !
المسلمون في الغرب أقليّة، يجب أن تنظّم هذه الأقلية نفسها، من خلال أن يرقى المسلمون إلى مستوى دينهم و أن يتعاطوا جديا مع دينهم و أن لا يدعوه وراءهم دهريا، فيجب أن يجعلوا القرآن أمامهم وخلفهم وعلى جوانبهم، و أينما داروا يجب أن تكون وجهتهم الإسلام، وهذا الإرتقاء إلى مستوى الإسلام سيشكّل أفضل وسيلة لنشر الإسلام بإذنه تعالى في الغرب ..
و يجب على المسلمين في الغرب أن يفكروا في تملك وسائل الإعلام من إذاعات وتلفزيونات وجرائد لأنّ ذلك سيسهم في تقديم صورة ناصعة عن الإسلام، عكس الصورة التي يحرص بعض الناس تقديمها عن الإسلام، و تملك المسلمين لوسائل الإعلام في الغرب أمر متاح ومباح في نفس الوقت .. وللإشارة فإنّ الغربيين لديهم فضول كبير لمعرفة الإسلام، و أنا شخصيا قبل إسلامي لم تكن لديّ تلك المعلومات الكافية عن الإسلام، ربما معلومات عامة، فلو كان للمسلمين وسائل إعلامية في الغرب ربما لأمكنني أن أصبح مسلما باكرا ..
ومثلما سيؤثّر إلتزام المسلمين في الغرب بإسلام على الغربيين و يجعلهم يبقلون على هذا الإسلام، فكذلك الأمر بالنسبة للمسلمين في العالم الإسلامي الذين يجب أن يتركوا الإختلافات المذهبية و التقاتل و التخاصم و الصراعات الدائمة المذهبية و السياسية، لأنّ وحدتهم و قوتهم ستجعل الغربيين لا يتسهينون بالإسلام و أمة الإسلام . وقد تخصصّ الإعلام الغربي في ملاحقة مثالب المسلمين و نقائصهم و صراعاتهم و يضخمها ليحرّف الرأي العام في الغرب ويقدم الإسلام على أساس أنّه قرين للتخلف و الديكتاتورية و الفقر والأمراض وما إلى ذلك ...
بإعتبارك غربيا وسويديا، كيف أصبحت ترى هذا الغرب عندما أصبحت مسلما ملتزما !
في كل حضارة يوجد مساوئ ومحاسن، وربما سأحتاج إلى وقت طويل لإحصاء كل ذلك، غير أنّ الإفراط في المادية و الإبتعاد عن الروح أدى إلى إنكسار كبير في الحضارة الغربية، ولأجل ذلك بدأ الغربيون المسيحيون يقبلون على الإسلام لأنّه دين المستقبل من جهة ولأنّه أجاب عن كل التساؤلات الوجودية المعقدة والمحيرة و رسم نهجا ساميا للحياة ..
وبصياغة غربية بسيطة فإنّ الإسلام هو دين العقل والمنطق، و العقل البشري عندما يتجرد عن الإيديولوجيا يكتشف تلقائيا عظمة الإسلام ...
وأنت شخصيا ماذا أعطاك الإسلام !
لقد أعطاني الله بالإسلام ذلك الشيئ الذي كنت أفتقده في حياتي و كنت أتمناه على الدوام، لقد عرفت من أنا و إلى أين وكيف ولماذا وما إلى ذلك من التساؤلات، لقد أرجعنى الإسلام إلى إنسانيتي و فطرتي و روحي ونفسي، لقد أدركت بالإسلام سرّ الحياة و سرّ الوجود وسرّ الممات و بعد الممات، وبعد أن كنت عبثيا شهوانيا إسترجعت هويتي الإنسانية بفضل الإسلام ..
لقد أعطاني الإسلام منهج حياة و أستطيع أن أقول أنا مسلم إذن أنا موجود، فقبل الإسلام كنت عدما لم أكن شيئا مذكورا ..والحمد لله ربّ العالمين الذي هداني إلى خطّ الإسلام .
شكرا لك سيبستيان على هذا الحوار الشيق و أتمنى أت تصل كلماتك هذه إلى المسلمين كافة في القارات الخمس ووفقك الله تعالى .
***** حاوره: الكاتب والمفكر يحي أبوزكريا abouzakaria10@hotmail.com
المصدر: نقلا عن موقع الجزائر تايمز
http://www.algeriatimes.net/news/algernews.cfm?ID=1778