أسباب خروج
الخوارج.
في البحث عن الأسباب والعوامل التي أدت إلى
خروج الخوارج ، يختلف العلماء في هذا السبب أو ذاك ، وفي تحديد مدى فاعلية بعض
الأسباب ، والراجح أن أسباباً مجتمعة هي التي أدت بهم إلى الخروج ، ونوجز أهم
الأسباب فيما يلي :
1-
النزاع حول الخلافة:
وربما يكون هذا هو أقوى الأسباب في خروجهم،
فالخوارج لهم نظرة خاصة في الإمام معقدة وشديدة، والحكام القائمون في نظرهم لا
يستحقون الخلافة، لعدم توفر شروط الخوارج القاسية فيهم، أضف إلى هذا عدم الاستقرار
السياسي الذي شجعهم على الخروج، وإلى الحسد الذي كان كامناً في نفوسهم ضد قريش.
إضافة إلى أنهم فسروا الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما بأنه نزاع حول
الخلافة. ومن هنا استسهلوا الخروج على عليّ ومعاوية من بعده.
2- قضية التحكيم:
فقد أجبروا الإمام عليّ على قبول التحكيم،
وحينما تم ذلك طلبوا منه أن يرجع عنه بل ويعلن إسلامه، فرد عليهم رداً عنيفاً.
وهناك من يقلل من شأن هذه القضية كعامل في ظهور
الخوارج، ولا شك أن هذا خطأ، فقد كان التحكيم من الأسباب القوية في ظهورهم.
وقد رد بعض العلماء وشنع على من يقول من
المؤرخين وكتاب الفرق، بأن كان في قضية التحكيم خداع ومكر، كالقاضي ابن العربي في
كتابه العواصم من القواصم؛ حيث فصّل القول في هذا الأمر.
3- جور الحكام وظهور المنكرات:
هكذا كان الخوارج يرددون في خطبهم ومقالاتهم،
أن الحكام ظلمة والمنكرات فاشية، والواقع أنهم حينما فعلوا خرجوا أضعاف ما كان
موجودا من المظالم والمنكرات، حينما رأوا أن قتال المخالفين لهم قربة إلى الله
تعالى، وأن الأئمة ابتداءً بالإمام علي –مع عدله وفضله- ثم بحكام الأمويين
والعباسيين-كلهم ظلمة في نظرهم دون تحرٍّ أو تحقيق، مع أن إقامة العدل والنهي عن
المنكرات يتم بغير تلك الطريقة التي ساروا عليها في استحلال دماء مخالفيهم حكاماً
ومحكومين.
4- العصبية القبلية:
التي ماتت في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم
وزمن أبي بكر عمر رضوان الله عليهما. ثم قامت في عهد عثمان وما بعده قوية شرسة،
وكانت قبل الإسلام بين ربيعة- وأكثر الخوارج منهم- وبين مضر قوية، وقد قال المأمون
في إجابته لرجل من أهل الشام طلب منه الرفق بالخوارج: ((وأما ربيعة
فساخطة على الله منذ بعث نبيه من مضر، ولم يخرج اثنان إلا خرج أحدهما شارياً)).
وهناك أسباب أخرى عوامل اقتصادية؛ كقصة ذي
الخويصرة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وثورتهم الممقوتة على عثمان رضي الله عنه؛
حيث نهبوا بيت المال بعد قتله مباشرة، ونقمتهم على عليّ في معركة الجمل، ومنها
كذلك الحماس الديني الذي مدحهم به بعض المستشرقون كجولد زيهر حينما ذكر أن تمسك
الخوارج الشديد بالقرآن أدى بهم إلى الخروج على المجتمع، والمغالطة في قوله هذا
واضحة، فإن التمسك بالقرآن لا يؤدي إلى سفك الدماء بغير حق(25).
(25)
انظر تاريخ الطبري : 5/ 84 والكامل لابن الأثير : 3 / 344. وانظر : العقيدة
الشريعة في الإسلام لجولد زهير ص : 192 ، تاريخ المذاهب الإسلامية لأبي زهرة 10 /
69 ، الخوارج والشيعة لفلهوزن ، فجر الإسلام لأحمد أمين ص 262 ، وقعة صفين لنصري
بن مزاحم ص 573 .
_________________
أخوكم في الله
فارس الاسلام
مدير منتدى فرسان التوحيد
http://www.forsanaltwhed.com/vb