اليوم نناقش من الناحية الطبية ضرورة وجدوى تناول الدهون، ذلك أنها أحد العناصر الغذائية الأساسية في ضمان قيام الجسم بعمله بطريقة طبيعية، ومن دونها لا يستطيع الجسم الحفاظ على حياته.
وهذه الأهمية ليس مردها فقط قدرة الدهون على تزويد الجسم بكمية عالية من الطاقة، مقارنة بالبروتينات والسكريات، ولكن للدهون أدوار مهمة في حصول عمليات امتصاص الجسم لمجموعات من العناصر الغذائية اللازمة لحياته.
وللدهون أيضا أدوار حيوية مهمة في عمل أعضاء الجسم، ولبناء أنسجة أعضاء على مستوى عال من الأهمية في الجهاز العصبي، وفي إنتاج مجموعات مهمة من الهرمونات.
وبالمقابل، يعلم الكثيرون أن ثمة حديثا علميا طبيا جادا حول تعليل سبب الإصابات بأمراض القلب والشرايين، وأنواع من السرطان والسمنة وغيرها، بأنها ناجمة عن «كثرة» تناول الدهون.
الدهون كلمة عامة، تشمل مجموعات من المركبات الكيميائية التي تذوب في مواد المذيبات العضوية organic solvents ولا تذوب في الماء، ومن ناحية التركيب الأساسي لها يتكون المركّب الدهني من الغليسرين المتحد مع ثلاثة أحماض دهنية.
وفي درجة الحرارة العادية، داخل الغرفة، قد تكون الدهون إما بهيئة سائلة وإما جامدة، وهي صفة تعتمد على بناء مركب الدهون وعلى مكوناته.
ومما تعارف الناس عليه إطلاق لفظ «الزيوت» على الدهون التي تكون في هيئة سائلة عند وضعها في درجة حرارة الغرفة العادية، بينما تسمى بـ«الشحوم» أنواع الدهون التي توجد في هيئة صلبة في درجة حرارة الغرفة، ولذا فإن كلمة «دهون» تشمل الزيوت والشحوم.
والمصادر الأساسية لحصول الإنسان على الدهون، التي يمكنه أن يتغذى عليها، هو إما الأطعمة الحيوانية وإما الأطعمة النباتية.
ومن أمثلة دهون الأطعمة الحيوانية: الزبد والسمن الحيواني، و«كريمة» القشدة، والدسم الموجود في الحليب ومشتقات الألبان، والأنسجة الشحمية الموجودة إما مختلطة بالعظم وإما متغلغلة داخل لحوم عضلاتها، أو في منطقة الظهر أو الذنَب من جسم الحيوانات البرية أو الطيور أو البحرية، وزيت كبد السمك.
كما أن من أمثلة دهون الأطعمة النباتية: زيوت كل من الزيتون والسمسم ودوار الشمس والذرة والكانولا والأرقان وجوز الهند والنخيل والفول السوداني، وكذلك تعتبر المكسرات مصدرا مهما وطبيعيا للحصول على الدهون النباتية في هيئة طبيعية خالصة.
أنواع الدهون وتصنيفها
ومن المهم بدرجة أساسية معرفة أن هناك أربعة أنواع من الدهون في الأغذية التي نتناولها، وأهمية هذه المعرفة ووضوحها جدا في ذهن أحدنا لها سببان:
الأول: أن التأثيرات الصحية للدهون على صحة أعضاء الجسم تختلف بحسب نوع الدهن. وعلى سبيل المثال، فإن تأثير تناول الدهون الموجودة في المكسرات على صحة شرايين القلب يختلف عن تأثير تناول الدهون التي في الشحم الحيواني.
الثاني: أن الأغذية تختلف في محتواها من أنواع الدهون. وعلى سبيل المثال، تختلف الدهون التي في زبدة الحليب الحيواني عن تلك الدهون في زيت الزيتون.
والأنواع الأربعة هي: الدهون المشبعة، والدهون الأحادية غير المشبعة، والدهون العديدة غير المشبعة، والدهون المتحولة.
ومما يجدر ذكره أن الكولسترول، كمادة كيميائية، يختلف في التركيب وفي الوظيفة والتأثير داخل الجسم عن عموم أنواع الدهون، ولكن لاعتبارات تتعلق بمصاحبة الكولسترول للدهون المشبعة في الأطعمة الحيوانية فقط، يُذكر الكولسترول مجازا مع الدهون.